إغلاق
 

Bookmark and Share

الشذوذ الجنسي والوسواس القهري: وسواس المثلية ::

الكاتب: أ.د وائل أبو هندي
نشرت على الموقع بتاريخ: 23/07/2008


كثيرا ما يدخل الشاب أو تدخل الفتاة على الطبيب النفساني بشكوى "أنا شاذ جنسيا أميل إلى نفس جنسي يا دكتور"... وعند السؤال عن ممارسة الشذوذ دائما يجيبون بالنفي القاطع لكنهم يبقون معذبين بشتى أنواع المشاعر والأفكار والمواقف التي تثبت لهم أنهم شواذ في ميلهم الجنسي....... فمنهم من يسقط في دوامة من التفكير والحيرة في توجهه الجنسي ومنهم من يرعبه أن قد يشعر بالاستثارة الجنسية في وجود أشخاص معينين من نفس جنسه، ومنهم من يزيد خطوة ليكتشف أنه أيضًا لا يثار بأفراد الجنس المغاير ومنهم من يصل حالهم إلى وجود مشاعر جسدية تسلطية Obsessional Bodily Feelings فمثلا يشعر الواحد بقشعريرة في الدبر أو بشعور خلفي ما في المؤخرة عند وجوده مع أو رؤيته لأحد الذكور... فيصبح ذلك دليلا لا يقبل الجدل في رأيه على انحراف ميله الجنسي.

الحقيقة أن الأفكار المتعلقة بالشذوذ الجنسي مثل فكرة "أنا شاذ/شاذة جنسيا" أو أنني "سأتحول إلى شاذ/شاذة جنسيا" -مثلها مثل أي أفكار- يمكنها أن تأخذ شكل الأفكار التسلطية، ورغم قلة الدراسات العلمية التي تعنى بدراسة محتوى الأفكار التسلطية إلا أن الوساوس الجنسية قَدْ تدُورُ حول عدة مواضيع. وقد أشارت أكثرُ من دراسةٍ أجريت على العرب إلى نسبةٍ مرتفعةٍ للأفكار التسلطية الجنسية مقارنة بالنسب الغربية، وإن كانت النسب العربية مختلفةً فيما بينها إلى حد ما ففي دراسة عكاشة (Okasha et al.,1991) التي نشرت عام 1991كانت النسبةُ 18% بينما كانت النسبةُ 48% في دراسته الأخيرة (Okasha,2001) التي نشرت عام2001، وفي المملكة العربية السعودية كانت الوساوس الجنسيةُ من أقل الوساوس انتشارًا في الدراسة (Mahgoub& Abdul-Hafez , 1991) التي نشرت عام1991أيضًا، وليس لدي علمٌ بدراساتٍ أحدث.. وتَتضمّنُ المواضيع الشائعة: الخيانة، زنا المحارم, عشق الغلمان، السلوك جنسي غير عادي، الأيدز، أو أفكارٌ تجمَع بين الدين والجنس،، وبالطبع أيضًا موضوع الشذوذ الجنسي.

ولما كان السلوك الجنسي يرتبط كثيراً بالعاطفة، وله مغزى، وأهمية دينية، فإنه يُصبحُ بسهولة مغناطيسا للأفكار الوسواسية في الناسِ المهَيّئين للوسواس القهري، وكذلك لما كانت مجتمعاتنا العربية قد شهدت في الفترة الأخيرة انفتاحا إعلاميا -دون استعداد له- خاصة فيما يتعلق بموضوع الجنس سواء الجنس الطبيعي أو الجنس الشاذ وكذلك التحرش الجنسي وغير ذلك، فإن أحد الأفكار التسلطية التي يبدو أنها أصبحت أكثر ورودا هي فكرة "أنا شاذ جنسيا".

ويعتبر الخوف من الشذوذ الجنسي (المثلية) -كعرض نفسي- أحد الأعراض التي وثقت منذ الربع الأول للقرن العشرين على الأقل حيث وصف أحد الأطباء النفسانيين ما أسماه هلع الشذوذ الجنسي الحاد Acute homosexuality panic وهو متلازمة أعراض تحدث في الرجال أو النساء تحت تأثير عزلهم في مجموعات من نفس الجنس لفترات طويلة... ورغم إرجاع هذا الطبيب الأعراض إلى ما سمَّاه التوق الجنسي الملح Sexual Cravings والخارج عن السيطرة ورؤيته للمتلازمة ضمن أعراض الذهان.... ورغم أن المتلازمة نفسها لم تعد تماثلها الحالات النفسية التي يقابلها الأطباء النفسانيون هذه الأيام، ولا عادت تستخدم في شرح المقاربة الفكرية لمفهوم وأعراض الذهان، رغم ذلك كله فإن المخاوف من أن "أكون شاذا" أو "أتحول رغما عني إلى شاذ"... أو "لدي مشاعر تقول بأنني شاذ" أو غير ذلك -مما يطول شرحه- من المخاوف ظل يوثق على مدى العقود ضمن اضطرابات كاضطراب الفصام أو اضطراب الهلع وربما غيرها... ويبدو أن أكثر ما يبدو مشتركا في صورة الخوف من الشذوذ الجنسي الإكلينيكية هو الرعب الشديد والحيرة البالغة التي تصبغ صورة سلوكيات المريض وأفكاره ومشاعره.

وعلامات الحالات المَوْصُوفة هنا هي الخوف التسلطي (الوسواسي) من فكرة أن أكون شاذا جنسيا أو فكرة أني سأصبحُ شاذّا جنسياً، أو الصورِ العقليةِ التسلطية (من النوع المقتحم intrusive ) غير المرغوبةِ ولا المقبولة من الشخص والتي تدل أو تشير إلى الشذوذ الجنسي بشكلٍ أو بآخر، ويتخذ الشخص ذلك دليلا بشكل أو بآخر على كونه شاذا جنسيا أو يحبُّ الشذوذ الجنسي، أَو الخوف الوسواسي من أن آخرين أو الآخرين قَدْ يَعتقدونَ أنه شاذّ جنسياً. وقد تقتصر الأعراض على أحد الصور السابقة أو أكثر من واحدة أو توجد الثلاث صور مجتمعة.

ولما كان مرضى الوسواس القهري غالبا ما يتمَيَّزُون بالشَكِّ، فإن الشخص المهيأ للوسوسة سَيَتأمّلُ الفكرَةَ أَو الصورَ المُزعجةَ، ويكابد أي مكابدةٍ محاولا أن يجد إجابات لما سيَظْهرُ من الأسئلةِ، ويُقرّرُ أجوبةً محتملةً، وبعد ذلك يَشْكُّ في الأجوبةِ. والشخص المهيأ للوسوسة كذلك سيظل َيُريدُ دليلا بشكل مستمر ليطمئن أنه ليس شاذا جنسيا، وغالبا يمارس أفعالا قهرية لتَقليل القلقِ، فتجده يَسْألُ الآخرين للاطمئنانِ، و/ أَو يَتفادى الأشياءَ أَو المواقف التي تَزيد القلقَ، أو يفعل ما يطمئنه أن سلوكه الجنسي وميله الجنسي ما يزال غير شاذ بعد، فنجد من يداوم على دخول المواقع الجنسية الغيرية ويمارس العادة السرية ليطمئن أنه يثيره الجنس المغاير ككل الناس، وأحياناً يُدركُ هذا الشخص بأنّ المخاوفَ متطرّفة لكنه في أوقاتِ أخرى يرى المخاوف عقلانية جداً.

فمثلا قَدْ تبْدأُ المشكلة بفكرةٍ عابرة "أن فردًا معيّنا يَبْدو جذّابا"... ثمّ يَبدأ الشخصَ باسْتِجْواب نفسه عن معنى هذه الفكرة. "لماذا تكونُ عِنْدي هذه الفكرة، ثمّ هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يعني هذا أنني شاذ/شاذة جنسيا؟ وبسبب استجابة الرعب الوسواسي من الفكرة فإنها تتحول إلى فكرة تسلطية (أو حدث عقلي تسلطي) ثمّ يَبْدأُ الشخص بالبَحْث عن الأفكارِ أَو الأفعال التي تُؤكّد أَو تُكذّب صحة هذه الفكرة التسلطية.

ومن المرضى من يكتشف فجأة أنه أصبح أكثر حساسية لوجود الأفراد من نفس جنسه وأنهم أصبحوا يشغلونه أكثر ماذا يلبسون وكيف يتصرفون.. إلخ، وبعد ذلك يَستعملُ هذا الانشغالِ الجديد كتأكيد بأنه قَدْ يَكُونُ شاذا/شاذة جنسيا.

ومن المرضى من يبدأ في مراقبة نفسه وتفحص مشاعره بحثا عن علامات الإثارةِ الجنسيةِ في حضورِ شخصِ جذّابِ من نفس جنسه، وغالبا ما يؤدي به تفحص الذات في ذلك الموقف المشحون بالقلق إلى أن يسيء تأويل أحاسيسه الجسدية الطبيعية كأحاسيس جنسية، كما يسيء فهم قلقَه كبرهان على انجذابه جنسيا إلى نفس جنسه، بل هو قد يتساءل هل يرى الآخرون عليه علامات الشذوذ الجنسي؟، وكثيرا ما يلي ذلك شلال من الأفكار المشوّشة منطقيا مثل: "كَيْفَ أَصبحت أنجذبُ للرجالِ وكنت أَحبَّ النِساءَ دائماً؟" . أنا لا أَستطيعُ أَنْ أَكُونَ شاذَّا من المحتمل. لكن لماذا أُفكّرُ بالرجالِ دائماً الآن؟ وهو ما لا يَعْني إلا أنني شاذ"... وتَبْدأُ دورة الشَكِّ مرة أخرى.

وبينما يلجأ كثيرون من مرضى الوسواس القهري إلى طلب الطمأنة من الآخرين، فإن من أصعب الأمور على مرضى وسواس الشذوذ الجنسي عدم استطاعتهم طلب الطمأنة من الآخرين، باستثناء الطبيب النفساني أو طبيب أمراض الذكورة أو طبيبة أمراض النساء لا تجد القلة من المرضى الذين يبوحون من يطمئنهم... وهناك بالطبع أعداد أكثر لا يبوحون بمصيبتهم أصلا لأنهم يخافون من مجرد الحديث عنها...

وربما في السنوات الأخيرة ومع إتاحة شبكة الإنترنت وانطلاق العديد من المواقع التي تقدم خدمة الاستشارات النفسية وجد كثيرون ممن لا يستطيعون البوح في الواقع مخرجا للبوح على شبكة الإنترنت... ونستطيع أن نؤكد بناء على الخبرة أن أعداد من باحوا على الإنترنت في بلادنا العربية أكبر بكثير ممن تجرؤوا وباحوا بين يدي طبيب نفساني أو طبيب ذكورة أو طبيب نساء، ولعل الموقع الذي قمت بتأسيسه وما أزال أشرف عليه على شبكة الإنترنت هو صاحب الفضل في تنبيهي لمشكلة وسواس الشذوذ الجنسي، فمنذ بدايات موقع مجانين أواخر سنة 2003 ونحن نستقبل استشاراتٍ صنفت:
نطاق الوسواس OCDSD وسواس قهري؟ شذوذ؟
وأخرى وُضِعت تحت تصنيف: نفسجنسي: قلق مثلي Homosexual Anxiety
من بين هؤلاء من كان لهم الفضل بعد الله في وضع عيوننا على مشكلة فريدة بحق انتقل تفكيرنا فيها من مرحلة التفكير في وجود علاقة ما بين الشذوذ الجنسي كمرض والوسواس القهري كمرض... وتساءلنا عن دراساتٍ تبين وجود ومعنى هذا التواكب المرضي.... وبالطبع لم نجد لأن الشذوذ الجنسي لم يعد يدرس كمرض في الطب النفسي الرسمي الحديث،..... وأصبحت لا ترى الحديث عنه بوصفه مرضا أو عاهة قابلة للعلاج أو على الأقل محاولات العلاج إلا في طبعات كتب الطب النفساني القديمة، أما كتب الطب النفسي السائد الحديثة فلا تجد حديثا فيها عن الشذوذ الجنسي إلا تحت عناوين مثل مشكلات الشواذ أي المشكلات التي يواجهونها في علاقاتهم بالآخرين سواء مع أمثالهم من الشواذ أو غيرهم في مجتمع ما زال يرفض إعطاءهم حقوقهم.. في حين أن الطب النفسي السائد Main Stream Psychiatry يعطيهم حق الاعتراف بهم كمجرد نوع مختلف من الناس!!

وكان بعد ذلك أن تواصل ورود استشارات من شواذ مثليين غالبا من الرافضين لشذوذهم (لأنه غير متماشٍ مع الأنا لديهم Ego-Dystonic Homosexuality ) وفي نفس الوقت لديهم أعراض وسواس قهري واستشارات من خائفين من أن يكونوا شاذين مثليين ويشتكون في نفس الوقت من أعراض وسواس قهري، وفكرنا لبعض الوقت في محاولة دراسة التواكب المرضي بين الشذوذ الجنسي والوسواس القهري،... ثم بعد ذلك بدأت تتوالى الاستشارات التي تلقي الضوء أكثر ناحية الوسوسة التي تتمحور حول الخوف من أن أكون شاذا مثل استشارة: ليس شذوذا جنسيا بل وسواس قهري متابعة....

وتواكب ذلك مع مرضى حقيقيين يذكرون مثلا أن الرعب ينتابهم حين يشعرون شعورا جنسيا في المؤخرة (في حالة الذكور) أو استثارة جنسية زائدة بوجه عام في أي من الجنسين، وأن ذلك كثيرا ما يحدث في حضور أفراد من نفس الجنس... ومن بينهم من كانت الطامة الكبرى في حياته كما يلي:
عندما قرأ بعض الاستشارات على مجانين التي يرسلها شاذون ويذكرون فيها أن تعرضهم للتحرش الجنسي في الصغر من أشخاص من نفس جنسهم أدى بهم إلى اتخاذ سبيل الشذوذ مسارا لنشاطهم الجنسي.... أصابه الرعب حين تذكر أنه تعرض أيضًا للتحرش الجنسي في صغره وسقط في دوامة ما يثبت أنه شاذ جنسيا ومقابلته بما يثبت أنه ليس شاذا جنسيا... وهو ما زال يقرأ ردود الاستشارات على مجانين ويطمئن كلما قرأ رد مستشارٍ على مشكلة تتعلق بحكاية التحرش في الصغر وعلاقته بالكبر... لكن القلق ما يلبث أن يعاوده من جديد؟ هل أنا شاذ؟ إذا لم أكن شاذا فهل أنا مجنون؟ ولماذا يثيرني الرجال؟ ولماذا تعاودني الوسوسة بهذا الموضوع من حين لحين؟ كل ذلك لا يعني إلا أنني شاذ! أو في طريقي للجنون!

ومنهم من كانت صورة عقلية تسلطية للعضو الجنسي الذكري تفرض نفسها عليه فيراها على ثوب والدته أو سرير أخته... فيظن في البداية أنها تعني أنه يشتهي تلك المحرمة عليه ثم يتغير المحتوى بعد كثير من العذاب إلى أنه يعني أنه شاذ جنسيا... فيسقط في دوامة الأفكار مع وضد... ثم دوامة الأفعال القهرية دخولا على المواقع الإباحية من كل صنف (مثلي وغيري، أو شاذ وطبيعي) ليقارن معدل الإثارة الذي يجده.. ثم بعد ذلك أصبح لزاما عليه أن يمارس الاستمناء على صور في المواقع الغيرية فيكون بذلك قد أثبت أنه يثار أكثر من المواقع الغيرية أي أنه ليس شاذا... فيطمئنه هذا الفعل القهري قليلا.. إلا أنه لا كميةَ من الاطمئنان كافيةً أبداً لشخص موسوس لأن الحقيقةَ الكاملةَ لا يُمْكن أنْ تُحْصَلَ عليها. ولأنَّ الشخص الذي يحمل تُشخيصُ وسواس قهري في كثيرٍ من الأحيان َيَشْكُّ في التشخيصِ نفسه ويأتيك سائلا أو يتصل مستعطفا أرجوك يا دكتور هل أنت متأكد أنها وساوس؟؟؟ وكثيرون يبقون في هذا العذاب.

ولما كنا نتحدث عن حالات وسواس قهري محتواها هو حدث أو أحداث عقلية تسلطية تتعلق بالشذوذ الجنسي الشخصي وفعل أو أفعال قهرية تهدف إلى التأكد من أو نفي أو إثبات تلك الفكرة أو الحدث العقلي التسلطي، ومن أشكال الأفعال القهرية التي تشيع بين مرضى هذا النوع من الوسواس:
- النْظرُ إلى الرجالِ أَو النِساءِ أَو إلى الصورِ الجذّابةِ للرجال أو النساء (أي من أفراد الجنس المماثل)، لتفحص ما إذا كانت مثيرة جنسياً، ومن ذلك ما أشرنا إليه من تصفح مواقع الإنترنت الجنسية المختلفة.
- يُلاحظُون ويراقبون أنفسهم في المواقف الاجتماعية: كيف يتصرّفُون بشكل طبيعي جنسيا مع أفراد الجنس الآخر ويتساءلون هل هم "يستمتعُون حقاً".
- يُلاحظُون أنفسهم للتأكد من إذا ما كانت بعض سلوكياتهم مثلا "نظراتهم"، أو كلامهم، أو طريقة مشيهم، أَو إيماءاتهم تشبه سلوكيات الشاذين جنسيا؟؟.
-
يُراجعُون بشكل قهري ويُحلّلَون المواقف التي يكونون فيها مَع أفراد من الجنس المماثل للتأكد من كونهم لم يتَصرّفوا كشاذين جنسيا.
- يُدقّقُون في ردودَ أفعال الآخرين نحوهم لتَقْرير ما إذا كانوا يتصرّفُون بشكل ملائم جنسيا، أَو إذا ما كَانوا يُنْظر إليهم باستغراب.
- تَجَنُّب الوَقوف قريبا من أعضاء نفس الجنسِ.
- لا يَقْرأُ أَو يَنْظرُ إلى المواد الفيلمية، أو التقارير أو الأخبارِ، أو الكُتُب، أَو المقالات ذات العلاقة بالشذوذ أو الشواذ.
- تحاشي الكلماتَ "شاذّ" "شاذّ جنسياً"، أَو أيّ تعبير آخر ذي علاقة.
- يحاول بشدة ألا يَنْظرَ أَو يَتصرّفَ بشكل قد يبدو مخنثا (إذا كان رجلا) أَو عَلى نَحوٍ مذكر (إذا كانت امرأة)، ولا يَلْبسُ بطريقة قد تَجْعلُ ملابسه تبدو مخنّثةً (إذا كان رجلا) أَو مذكرةً (إذا كانت امرأة).
- لا يَتحدّثُ عن القضايا أَو المواضيعِ ذات العلاقة بالشذوذ مَع الآخرين.

ومن المهم الإشارة هنا إلى أن الأطباء النفسانيين غير ذوي التخصص في التعامل مع حالات الوسواس القهري كثيرا ما يفشلون في تشخيص حالات مرضى وسواس الشذوذ الجنسي فقَدْ يَنْسبونَ الأعراضَ إلى أمنيةِ غير واعيةِ، إلى شذوذ جنسي مستتر، أَو إلى أزمة هوية جنسية. مثل هذا التشخيص الخاطئ غالبا ما تصيب بالهلع مريضا موسوسا بأنه شاذ وغالبا مكتئبا أيضًا....، والحقيقة أن إعطاء رد من الطبيب النفساني لمريضٍ يشتكي من أنه يخاف أن يكون شاذا جنسيا أو أنه سيصبح شاذا جنسيا على طريقة أنجب الأطباء النفسانيين الحاليين -من غير ذوي الخبرة في اكتشاف الوسوسة- والذي يقول فيه: اسمع... يا... الميل إلى نفس الجنس ليس مرضا إنما هو انحراف طبيعي للسلوك الجنسي الإنساني... ورغم ذلك فليس كل من يجد في نفسه ميلا للجنس المماثل يرضى بذلك هناك من يكون الميل الجنسي المثلي لديهم متماشيا مع الأنا Ego-Syntonic وهناك من لا يكون متماشيا عندهم مع الأنا Ego-Dystonic... وقد تكون منهم..... هذا الرد كفيل بأن يجعل وسواس الشذوذ الجنسي أسوأ آلاف المرات ويستطيع أن يفقد المريض كل ثقة في نفسه (وربما ينجرف فعلا في محاولات الشذوذ).... وهو جريمة في حق عباد الله مرضى وسواس الشذوذ بلا شك... عافا الله الجميع

لكنني مع شديد الأسف لا نستطيع كثيرا أن نلوم عليه الطبيب النفساني لأنه ليس كل طبيب نفساني يقابل مرضى وسواس قهري كثيرين ويستمع لكل منهم ويفكر في أقوالهم وأفعالهم... معظم الأطباء النفسانيين كيميائيون يكتبون عقاقير.. ودمتم.

ومن المهم ونحن في مرحلة يتواجد فيها تياران على الأقل من الأطباء النفسانيين تيارٌ يتبع الأسلوب الغربي في الممارسة النفسية فيرى أن وجود الشاذ جنسيا في عيادته أو مكان عمله كطبيب نفساني لن يكون لمناقشة مسائل تتعلق بتوجهه الجنسي كشاذ وإنما بكل شيء غير ذلك في الحياة، ومن بين ما يسبب لهؤلاء الشواذ الاكتئاب من وجهة النظر تلك رفض المجتمع لهم... وتيار آخر من الأطباء النفسانيين لا يستطيع العمل في غير إطار ديانة العميل ويرفض استبعاد دور الدين كقوة علاجية كبرى لا يصح إهمالها مادام الغرض هو راحة النفوس "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. ويرى في الشذوذ الجنسي مرضا قابلا للعلاج في إطارٍ معرفي سلوكي.... من المهم أن نضع بعض النقاط التي تساعد من يريد من العاملين في المجال النفسي الاجتماعي أن يستجوب عن الفرق بين مريض بوسواس الشذوذ الجنسي ويود التخلص منه، وبين المصاب بمرض الشذوذ الجنسي ورافض له من داخله لا غير متماشٍ عنده مع الأنا Ego-Dystonic ... وكيف يتعذب هذا لأنه أيضًا يصون نفسه، وبين نوع ثالث هو المصاب بمرض اللواط وراض به وسعيد!... والجدول التالي هو ترجمة وتحوير لجدول مقارنة وضعته باحثة أمريكية (Williams, 2008) بحيث يناسبنا كما قمنا بإضافة عمود ثالث وضعناه بين العمودين المترجمين يوضح وضعية صاحب الميل الجنسي الشاذ غير المنسجم مع الأنا.

وسواس الشذوذ الجنسي
Homosexuality OCD
شذوذ غير منسجم مع الأنا
Ego-Dystonic Homosexuality 
شذوذ منسجم مع الأنا
Ego-Syntonic Homosexuality 
يشعر أنه يثار جدا بأفراد الجنس المعاكس يأسف جدا لأنه يثار بأفراد الجنس المماثل يشعر أنه يثار جدا بأفراد من الجنس المماثل
فكرة الانشغال بعلاقات مع نفس الجنس لا تغريه بل ربما مخيفة له فكرة الانشغال بعلاقات مع نفس الجنس تبدو غالبا مخيفة له فكرة الانشغال بعلاقات مع نفس الجنس تبدو مغرية ومثيرة له
يشْعرُ بقلق تجاه العِلاقاتِ الرومانسيةِ مَع الجنس المماثل يشعر بقلق تجاه العِلاقاتِ الرومانسيةِ مَع الجنس المماثل يبحث عن العِلاقاتِ الرومانسيةِ مَع الجنس المماثل
غالبا/ربما معظم خبراته الجنسية المتخيلة أو الواقعية كانت مع الجنس المعاكس ربما معظم خبراته الجنسية المتخيلة أو الواقعية كانت مع الجنس المعاكس غالبا معظم خبراته الجنسية المتخيلة أو الواقعية كانت مع الجنس المماثل
بشكل رئيسي يرجع قْلقُه حول أفكارِه في الجنس المماثل لأنه لا يريدُ الاسْتِسْلام لكونه شاذ جنسيا، ولا أن يعيش حياة غير طبيعية. بشكل رئيسي يرجع قْلقُهُ حول أفكارِه في الجنس المماثل لأنها تثيره وهو يريدُ لا يريد الاسْتِسْلام لميوله الشاذة بشكل رئيسي يرجع قْلقُهُ حول أفكارِه في الجنس المماثل لرد فعل الناس حول شذوذه، وربما اهتمامات دينية
لا يستطيع وقف التفكير في مشكلة انجذابه للجنس المماثل، والأفكار أو الصور تسبب له خللا في انتباهه هو أحيانا ما يفكر راغبا في علاقاته مع الجنس المماثل، لكنه كثيرا ما يحارب ويحاول وقف الأفكار. هو غالبا ما يفكر راغبا في علاقاته مع الجنس المماثل، لكن يستطيع إذا أراد وقف الأفكار
يشعر بالقرب العاطفي من شريك من الجنس المغاير يشعر بالقرب العاطفي من شريك من الجنس المماثل لكنه يرفض ذلك ويحاول التخلص منه يشعر بالقرب العاطفي من شريك من الجنس المماثل
يشعر بالقلق عندما يراه أفراد من الجنس المماثل جذابا بشكل أو بآخر يشعر غالبا بالأسى عندما يراه أفراد من الجنس المماثل جذابا بشكل أو بآخر يشعر بالسرور عندما يراه أفراد من الجنس المماثل جذابا بشكل أو بآخر
لديه تخيلات وأحلام بعلاقة جسدية مع الجنس المغاير لديه تخيلات وأحلام بعلاقة جسدية مع الجنس المماثل غالبا ما تزعجه وأخرى مع الجنس المغاير يتمناها لديه تخيلات وأحلام بعلاقة جسدية مع الجنس المماثل
يُحاولُ أَنْ يَتعلّمَ أكثر حول قضايا الهويةِ الجنسيةِ للاطْمِئْنان بأنّه لَيس شاذا. يُحاولُ أَنْ يَتعلّمَ أكثر حول قضايا الهويةِ الجنسيةِ للتخلص من مشكلته. يحاولُ أَنْ يَتعلّمَ أكثر حول قضايا الهويةِ الجنسيةِ ليفهم نفسه أكثر.

المراجع:

1. Okasha A. ; Raafat M.; Seif El-Dawla A; & Effat S. (1991) : Obsessive Compulsive Disorder in Different Cultures “An Egyptian Perspective” Egyptian Journal of Psychiatry 1991 14: 15-30.
2. Okasha A. (2001) : OCD : A Transcultural Approach from an Egyptian Islamic Perspective, In :Okasha A. and Maj , M. (Editors) Images in Psychiatry An Arab Perspective. WPA , Scientific Book House ,Cairo.
3. Mahgoub , O. M., and Abdul-Hafez , H. B. (1991) : Pattern of Obsessive Compulsive Disorder in Eastern Saudi Arabia . British Journal of Psychiatry. Vol. 158, page 840-842.
4. Williams M. (2008): Homosexuality Anxiety: A Misunderstood Form of OCD. In: Leading-Edge Health Education Issues. Editor: Lennard V. Sebeki, pp. 195-205



الكاتب: أ.د وائل أبو هندي
نشرت على الموقع بتاريخ: 23/07/2008