إغلاق
 

Bookmark and Share

منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري مشاركة8 ::

الكاتب: أ. رفيف الصباغ
نشرت على الموقع بتاريخ: 28/02/2010


منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري مشاركة 7

أرسلت زهره (20 سنة، سورية) تقول:

السلام عليكم والرحمة... عندي مشكله صغيرة مع صديقة لي أحبها في الله وهي أختي وأمي الكبيرة وأحبها كثيرا في الله فقط ولا أريد منها أي شيء وهي كذلك هي كانت معي بالمدرسة وسافرت لدولة أخرى للعيش هناك وأثناء زيارتي لها أشعر بشيء غريب وهو المذي ولا أدري ما سببه هي بعض الأحيان تقرب مني وتحضني وهذه الأثناء ينزل وأنا تفاديت معها هذه القصة لتفادي هذا لعل فيه شيء من الخطأ ومع العلم أنها أخت لي ليس أكثر وهي أمي الثانية والله، وبعد فترة أصبحت هذه القصة مثل وسواس أفكر فيها دائماً وخوفي من نزول المذي معها بالذات وصرت أدقق بكل كلمة وأنا لا أدري ماذا أفعل أنا أحبها في الله ونحن نتعاون على طاعة الله ونتسارع إلى الطاعة وتشجيع بعض يعني لا أدري هذا الشيء جعلني أشك بكل شيء وأي كلمة أو أي فكرة تنزل المني ليس معها فقط بأي شيء أراه فماذا رأيك يا أستاذي الكريم الرجاء الرد على موضوعي بسرعة لو سمحت وشكراً لك......

وأيضاً حصلت لي هذه المشكلة كان عندي امتحان وأنا كنت متوترة جدا جدا ونزل لا أدري إذا كان صحيح نزل ولكن أنا شعرت به وبقوة أيضا فهذا من ماذا أنا متضايقة جدا من هذه الحال أرجو المساعدة وشكراً.

15/2/2010

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
ما الذي تخافين منه يا زهرة؟ وما الذي يسبب مشكلة عندك؟ أتخافين أن تصبحي شاذة لا سمح الله؟!! أم تعتقدين أنك اقترفت كبيرة من الكبائر، وأنك أصبحت من المغضوب عليهم والضالين، إذ نزل منك المذي؟؟
وحينها أخذ قلبك يطرق بشدة والتوتر يمسك بخناقك إذ إنك في قعر جهنم حقًا ولا سبيل لتوبتك... وصرت تصرخين مخاطبة نفسك: كيف حصل منك هذا أيتها المجرمة؟؟ أهكذا أصبحت مثل منعدمي الأخلاق... مثل الشواذ... مثل من انغمسوا في المعاصي؟؟
فأخذت نفسك تدافع عن كبريائها وتقول: أنا ما فعلت شيئًا... أنا بريئة!!
ولكن... يا للهول!! ما هذا الذي نزل مني؟!! إذن أكيد أنا ذات أخلاق منحطة!! لا...لالا.. أنا صالحة وأحب صديقتي في الله فقط...
وفي ظل هذا الصراع، غرقت في بحر من الوساوس خوفًا على أخلاقك....
أريد أن أسألك يا زهرة: أنت ملاك أم إنسان؟

أنت بالطبع إنسان! والإنسان خلقه الله، وجعل من طبيعة جسمه أن يفرز أشياء مختلفة ولكل مفرز وظيفة تحقق له فائدة ما، كالعرق، والمني، والمذي، وتختص المرأة بمفرزات مختلفة تراها ولها وظيفتها في جسمها....
فهل هناك ذنب للإنسان أن خلقت له هذه الأشياء؟؟ طبعًا لا!
الآن: متى يتعلق الذنب بخروج المذي، أو المني؟
الجواب: عندما يثير شهوته التي تتسبب بخروجهما عن طريق غير مشروع...
ومتى يكون الطريق غير مشروع؟
عندما يقصد وبملء إرادته إثارة شهوته بغير شريك حياته.

نأتي إلى مشكلتك:
هل كنت قاصدة لما جرى عندما حصل معك ذلك أول مرة؟ وهل استرسلت في مشاعر لا تحل لك؟ وانتبهي إلى كلمة (استرسلت)، لأنه لو أتتك المشاعر دون قصد فلم تسترسلي معها فلست بمذنبة!
نعود إلى السؤال وجوابه: إن كنت غير قاصدة فلا ضير في الأمر، واعتبري أن شيئًا لم يكن، فأمرٌ خلق الله الإنسان عليه، ولم يذنب الإنسان بالتسبب به، غير جدير بإضاعة الوقت فيه، ومن يفعل ذلك فهو كمن يفكر دائمًا بشعوره عندما تتضور معدته جوعًا، ويعتبر نفسه مذنبًا كلما جاع!!
وإن كنت قاصدة: فالإنسان خطاء، ولا يمكننا أن نمحو هذه الصفة عنه. أيقول لك نبيك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: ((كل ابن آدم خطاء)) وتريدين أن تغيريي ذلك، وتطالبينه أن يكون معصومًا!!
طيب، ما الذي نفعله عند الخطأ؟ نستغفر ونتوب، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له!... ثم إنك ابتعدت عن احتضانها لك وهذا جيد، لكن: قفي عند هذا الحد...
يقول العلماء: إن من حيل إبليس في صد العبد عن ذكر الله تعالى، أن يشغله بذكر ذنوبه، فيلتهي بذلك عن ذكر الله!! فلا يخدعنك الشيطان بشغل ذهنك بذنبك، أو بما يخرج منك، أيعقل أن يضيع الإنسان عمره في التفكير بما يخرج من قبله ودبره؟؟

امنعي نفسك عن قصد المعصية،، ثم لا يضرك بعد هذا ما خطر في قلبك، أو ما نزل وخرج منك، فكل هذا لا مؤاخذة عليه، لأنه خارج عن الوسع ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها.
فمهمتك الآن، أن توقفي تساؤلاتك: لمَ نزل؟ وكيف؟ وأن تطرديها فور وردها وتتصرفي بشكل طبيعي، وتشغلي نفسك بالذكر وبما يقربك من الله تعالى فهو خير لك من التفكير بالمذي والمني والودي....
أمر آخر أنبهك إليه وأطلبه منك:
وهو أن تكوني مسرورة عندما يقذف الشيطان في ذهنك بعض الأفكار المثيرة!!

ستقولين: يا سلام ما هذا الكلام العجيب؟!!
سآتيك بالكلام... إن الإنسان الذي تأتيه دواعي الشر يا زهرة فيعرض عنها، ولا يستجيب لها، ثوابه أكبر بكثير من الذي لا تأتيه هذه الأفكار أصلاً. لهذا كلما قذف الشيطان في ذهنك شيئًا فهو يعطيك فرصة للتقرب من الله تعالى!!
ففكري جديًا فيما أقوله لك... ينبغي أن تفرحي! وأن تمدي لسانك إلى إبليس وتقولي له: (وسوس ما شئت... فوساوسك لا ذنب لي بها... وأنا لن أطيعك وأتقرب إلى الله تعالى بعصيانك وعدم الالتفات لكلامك). وحينها يشد إبليس شعره، ويحثو التراب على رأسه، وييأس من إغوائك وشغلك عن الذكر بهذه الطريقة فيتركها، وتسلمين منها!!
عودي الآن فعاملي صديقتك بشكل طبيعي، وإن خطر لك خاطر فافرحي لأنك تتقربين إلى الله تعالى بمخالفته، ثم ارمي كل شيء من ذهنك فلا خوف منه ولا ضرر، وتابعي عملك وحياتك وأعمالك بسرور وراحة تامة...

وطبعًا لن أجيبك عن سؤالك الأخير، فبما أنك غير مذنبة بنزول المذي منك أثناء الامتحان، فلينزل ما شاء أن ينزل...، وليصعد ما شاء أن يصعد!!!
هذا، وإجابتي كلها من أولها لآخرها مبنية على تسليمي لك بأن ما ينزل منك هو المذي الذي يرى عند الشهوة....
وإلا فمن المحتمل جدًا أن يكون ما ترينه هو المفرزات الطبيعية التي تكون عند المرأة، وتكون مخاوفك كلها مبنية على الأوهام، وعلى احتمالات من اختراع الشيطان!!
تابعي مسيرتك إلى الله تعالى واثقة مطمئنة، وكوني يقظة لحيل الشيطان، حتى لا يصطادك ويتغلب عليك...
ونصيحتي لك حتى لا تتعبي: لا تطالبي نفسك بالمثالية والملائكية، فأنت إنسان، والإنسان ضعيف، يفعل ما بوسعه، ويطمع بكرم الله تعالى وعفوه... عافاك الله تعالى من كل ما يصدك عنه، ووفقك.



الكاتب: أ. رفيف الصباغ
نشرت على الموقع بتاريخ: 28/02/2010