إغلاق
 

Bookmark and Share

تجربتي مع ما يسمى بالوسواس القهري ::

الكاتب: أنس باحسس
نشرت على الموقع بتاريخ: 02/09/2006

الدكتور وائل أبو هندي المحترم.
لقد زرت موقعكم المشرف, وأحببت أن أضيف مشاركة أعتقد أنها ستفيدكم إن شاء الله, عسا أن تنشروها في موقعكم

إخواني وأخواتي جميعا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, أحببت هنا أن أنقل لكم تجربتي مع ما يسمى بالوسواس القهري وكيف استطعت التغلب عليه بعون الله تعالى.

أولا وقبل أن أبدأ, أعرف أن الكثير ممن تتوارد لديهم أفكار ووساوس قهرية يعتقدون أن الخلاص من هذه الأفكار أو نسيانها هو شيء مستحيل وهنا أقول إن هذا الكلام فيه شيء من الصحة وشيء من الخطأ فالعلاج من الوساوس القهرية لا يكون بإرغام النفس على نسيانها وإنما يكون بتعليمها كيفية التعامل معها حين ورودها, ومن هنا تكمن فكرة العلاج لهذه الأفكار. قبل أن أبدأ بالشرح عن العلاج دعوني أذكر بعض الحقائق عن الوسواس القهري:

الوسواس القهري ليس هو المرض؛ نعم فغالبا ما تظهر الوساوس القهرية بعد صدمة نفسية أو اكتئاب أو خوف أو قلق نفسي, هذه هي البيئة الخصبة لنمو الوساوس وللقضاء على الوساوس يجب فهم هذه الحقيقة جيدا.

ما من داء إلا وله دواء؛ نعم, هذه هي الحقيقة الثابتة التي قالها نبينا صلى الله عليه وسلم بان الله لم ينزل من داء إلا وأنزل معه الدواء, لذلك تأكد يقينا أن ما تعانيه له دواء, ولكن ينزله الله عليك في الوقت المناسب.

طرق العلاج:
طريقة العلاج برأيي ليست طريقة واحدة, فكما يغير الوسواس طرقه للتأثير على الشخص فإن العلاج له طرق علاج متعددة, ومجموع هذه الطرق تشكل العلاج إن شاء الله من هذه الوساوس

أولها وأهمها:
- الالتجاء الانكسار والدعاء للشافي القادر على كل شيء.

- حاول أن تبدأ أولا بعلاج ما تعانيه من حالات نفسية مرافقة للوساوس مثل الاكتئاب أو الخوف أو القلق, حاول سماع مجموعات الأشرطة الصوتية للدكتور صلاح الراشد التي تختص بهذه الأمور فلقد كان لها الأثر الكبير علي.

- اشغل لسانك دائما بذكر الله عز وجل, أكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله, ففيها شفاء من أمراض عدة أبسطها الهم.

- ذكر الله عز وجل الدائم يجعل النفس والعقل يعملان بشكل طبيعي ومتوازن.

- حين ورود الوساوس القهرية على تفكيرك, حاول الانشغال بشي آخر بتفكيرك, أعلم أن عقلك لن يتقبلها بداية, لكن صدقوني تكرار هذه العملية يجعل العقل ينتقل لا إراديا من تفكير الوساوس إلى أفكار أخرى وهو ما نريد.

- لا تحاول الخوض في الوساوس وإن فعلت فلتكن مرة واحدة فقط لتقنع نفسك أنها أفكار سخيفة ولا تؤثر في الواقع على شيء.

- إذا كانت وساوسك القهرية نحو شتم شيء معين أو الذات الإلهية فحاول أن تحور اسم من تسب, مثال أضف حرف أو كلمة مناسبة للاسم الذي تشتمه, بهذه الصورة يصبح من تشتمه هو شخص آخر فلا يؤثر في نفسك هذا الشتم.

- إن طريقة تحوير اسم من تشتم كان لها بالغ الأثر في نفسي وكيف أني أدركت أني مجرد أتلفظ بكلمات ليس لها معنى مما جعل عقلي يحد من التفكير بالوساوس تدريجيا, فبعد أن كانت الوساوس تراودني بشكل متواصل يوميا, أصبحت تأتيني لمرة أو مرتين يوميا, ولا أمضي أكثر من ثانية أو ثانيتين وما ألبث أن أصرفها عن تفكيري مما أعتبره والحمد لله بأنه علاج.

- إن الحالة النفسية لها تأثير كبير على تذكر الوساوس لذا اعلم أنك إذا كنت في حال فرح وتفاؤل فإن هذه الأفكار سيكون أثرها محدودا جدا عليك، والعكس صحيح.

أتمنى أن أكون قد نقلت لكم تجربتي للاستفادة منها, رجائي لكم هو الدعاء لي ولجميع من ابتلي بهذه الوساوس بأن يخلصنا الله منها ويجعلها على أعدائه الذين يحاربونه سرا وعلانية, قولوا آمين وابتسموا للحيا، أنس با حسس.

إذن أهلا بك وبمشاركتك، هذه بالفعل مشاركة طيبة بطريقة في العلاج المعرفي لبعض أشكال الأحداث العقلية التسلطية التي تأخذ شكل أفكار السبِّ والشتم، ومثل هذه الطرق المعرفية في التعامل مع الأحداث العقلية التسلطية هي في الأصل راجعة لنا نحن المسلمين فبهذه الطرق وغيرها كان تعامل علمائنا في زمن الحضارة الإسلامية وهذا ما تجده متناثرا في كتابات ابن سينا وأبي زيد البلخي وغيرهما، إلا أن التأريخ الطبي الغربي المتحيز يرجع اكتشاف هذه الطرق العلاجية إلى المعالجين الغربيين وفقط منذ سبعينيات القرن الماضي.

أنا أتفق معك تماما في كل ما ذكرت إلا أن لي تحفظا واحدا هو أن الأمور كثيرا ما تكونُ أشق على المريض من أن يستطيع مجابهتها بمثل جلدك وإصرارك بارك الله فيك، ولا أقصد هنا أن الطريقة التي أشرت إليها صعبة وإنما أقصد أن أغلب المرضى يحتاجون دعما عقَّاريا ليبدؤوا في استخدام قدراتهم المعرفية السلوكية في التعامل مع الأحداث العقلية التسلطية، وصحيح أن هناك عديدا من البرامج المعرفية السلوكية لعلاج الوسواس القهري دون عقَّاقير لكن قليلين جدا من من عرفت من المرضى من يستطيع تطبيقها دون دعم عقَّاري، ومن أمثلة تلك البرامج ما نشرناه على مجانين على أربعة أقسام يمكنك تتبعها من القسم الرابع.

بالرغم من ذلك وما قد يستنتج منه من أهمية استخدام عقَّاقير الماس أو الماسا، إلا أنني أؤكد هنا كما أؤكد دائما أن التحسن في حالات الوسواس القهري إذا نتج عن العقَّاقير وحدها فإنه غالبا ما يكونُ مرتبطا بالبقاء على تلك العقاقير، بينما التحسن الناتج عن العلاج المعرفي السلوكي هو غالبا تحسن دائم لأن المريض كما أشرت بارك الله فيك يتعلم كيف يتعامل مع الأحداث العقلية التسلطية فلا يسقط في براثن الوسوسة.

سعدت جدا بمشاركتك يا أنس وأهلا بك من بلد حبيب.
أ.د.وائل أبو هندي

واقرأ أيضًا:
علاج وسواس الوضوء والصلاة معرفيا وسلوكيا
علاج الأفكار الوسواسية
الانتكاسات المرضية لمرضى الوسواس القهري
الوسوسة في المذاكرة: علاج سلوكي



الكاتب: أنس باحسس
نشرت على الموقع بتاريخ: 02/09/2006