تاريخ اضطراب الوسواس القهري(5) ::
الكاتب: أ.د مصطفى السعدني
نشرت على الموقع بتاريخ: 17/02/2007
تاريخ اضطراب الوسواس القهري(4)
المهم دعونا نستمع إلى ما يرويه ابن خلدون عن هذا الموضوع الاجتماعي النفسي الطريف، ورأيه في أصحاب الأموال المهوسين بجمع التحف والكنوز والأشياء النادرة:
الفصل الرابع: في أن ابتغاء الأموال من الدفائن والكنوز ليس بمعاش طبيعي اعلم أن كثيراً من ضعفاء العقول في الأمصار يحرصون على استخراج الأموال من تحت الأرض ويبتغون الكسب من ذلك. ويعتقدون أن أموال الأمم السالفة مختزنة كلها تحت الأرض مختوم عليها كلها بطلاسم سحرية لا يفض ختامها ذلك إلا من عثر على علمه واستحضر ما يحله من البخور والدعاء والقربان. فأهل الأمصار بإفريقية يرون أن الإفرنجة الذين كانوا قبل الإسلام بها دفنوا أموالهم كذلك وأودعوها في الصحف بالكتاب إلى أن يجدوا السبيل إلى استخراجها.
وأهل الأمصار بالمشرق يرون مثل ذلك في أمم القبط والروم والفرس. ويتناقلون في ذلك أحاديث تشبه حديث خرافة من انتهاء بعض الطالبين لذلك إلى حفر موضع المال ممن لم يعرف طلسمه ولا خبره فيجدونه خالياً أو معموراً بالديدان. أو يشارف الأموال والجواهر موضوعة والحرس دونها منتضين سيوفهم. أو تميد به الأرض حتى يظنه خسفاً أو مثل ذلك من الهذر.
ونجد كثيراً من طلبة البربر بالمغرب العاجزين عن المعاش الطبيعي وأسبابه يتقربون إلى أهل الدنيا بالأوراق المتخرمة الحواشي إما بخطوط عجمية أو بما ترجم بزعمهم منها من خطوط أهل الدفائن بإعطاء الأمارات عليها في أماكنها يبتغون بذلك الرزق منهم بما يبعثونهم على الحفر والطلب ويموهون عليهم بأنهم إنما حملهم على الاستعانة بهم طلب الجاه في مثل هذا من منال الحكام والعقوبات. وربما تكون عند بعضهم نادرة أو غريبة من الأعمال السحرية يموه بها على تصديق ما بقي من دعواه وهو بمعزل عن السحر وطرقه فتولع كثير من ضعفاء العقول بجمع الأيدي على الاحتفار والتستر فيه بظلمات الليل مخافة الرقباء وعيون أهل الدول. فإذا لم يعثروا على شيء ردوا ذلك إلى الجهل بالطلسم الذي ختم به على ذلك المال يخادعون به أنفسهم عن إخفاق مطامعهم.
والذي يحمل على ذلك في الغالب زيادة على ضعف العقل إنما هو العجز عن طلب المعاش بالوجوه الطبيعية للكسب من التجارة والفلاحة والصناعة فيطلبونه بالوجوه المنحرفة وعلى غير المجرى الطبيعي من هذا وأمثاله عجزاً عن السعي في المكاسب وركوناً إلى تناول الرزق من غير تعب ولا نصب في تحصيله واكتسابه. ولا يعلمون أنهم يوقعون أنفسهم بابتغاء ذلك من غير وجهه في نصب ومتاعب وجهد شديد أشد من الأول ويعرضون أنفسهم مع ذلك لمنال العقوبات. وربما يحمل على ذلك في الأكثر زيادة الترف وعوائده وخروجها عن حد النهاية حتى تقصر عنها وجوه الكسب ومذاهبه ولا تفي بمطالبها. فإذا عجز عن الكسب بالمجرى الطبيعي لم يجد وليجة في نفسه إلا التمني لوجود المال العظيم دفعة من غير كلفة ليفي له ذلك بالعوائد التي حصل في أسرها فيحرص على ابتغاء ذلك ويسعى فيه جهده.
ولهذا فأكثر من تراهم يحرصون على ذلك هم المترفون من أهل الدولة ومن سكان الأمصار الكثيرة الترف المتسعة الأحوال مثل مصر وما في معناها. فنجد الكثير منهم مغرمين بابتغاء ذلك وتحصيله ومساءلة الركبان عن شواذه كما يحرصون على الكيمياء. هكذا يبلغنا عن أهل مصر في مفاوضة من يلقونه من طلبة المغاربة لعلهم يعثرون منه على دفين أو كنز ويزيدون على ذلك البحث عن تغوير المياه لما يرون أن غالب هذه الأموال الدفينة كلها في مجاري النيل وأنه أعظم ما يستر دفيناً أو مختزناً في تلك الآفاق. ويموه عليهم أصحاب تلك الدفاتر المفتعلة في الاعتذار عن الوصول إليها بجرية النيل تستراً بذلك من الكذب حتى يحصل على معاشه فيحرص سامع ذلك منهم على نضوب الماء بالأعمال السحرية لتحصيل مبتغاه من هذه كلفاً بشأن السحر متوارثاً في ذلك القطر عن أوليه. فعلومهم السحرية وآثارها باقية بأرضهم في البراري وغيرها.
وقصة سحرة فرعون شاهدة باختصاصهم بذلك وقد تناقل أهل المغرب قصيدة ينسبونها إلى حكماء المشرق تعطى فيها كيفية العمل بالتغوير بصناعة سحرية حسبما تراه فيها وهي هذه: يا طالباً للسر في التغوير إسمع كلام الصدق من خبير دع عنك ما قد صنفوا في كتبهم من قول بهتان ولفظ غرور واسمع لصدق مقالتي ونصيحتي إن كنت ممن لا يرى بالزور فإذا أردت تغور البئر التي حارت لها الأوهام في التدبير صور كصورتك التي أوقفتها والرأس رأس الشبل في التقوير وبصدره هاء كما عاينتها عدد الطلاق احذر من التكرير ويطا على الطاءات غير ملامس مشي اللبيب الكيس النحرير ويكون حول الكل خط دائر تربيعه أولى من التكوير واذبح عليه الطير والطخه به واقصده عقب الذبح بالتبخير بالسندروس وباللبان وميعة والقسط والبسه بثوب حرير من أحمر أو أصفر لا أزرق لا أخضر فيه ولا تكدير ويشده خيطان صوف أبيض أو أحمر من خالص التحمير والطالع الأسد الذي قد بينوا ويكون بدء الشهر غير منير والبدر متصل بسعد عطارد في يوم سبت ساعة التدبير
يعني أن تكون الطاآت بين قدميه كأنه يمشي عليها. وعندي أن هذه القصيدة من تمويهات المتخرفين فلهم في ذلك أحوال غريبة واصطلاحات عجيبة وينتهي التخريف والكذب بهم إلى أن يسكنوا المنازل المشهورة والدور المعروفة بمثل هذه ويحفرون بها الحفر ويضعون فيها المطابق والشواهد التي يكتبونها في صحائف كذبهم ثم يقصدون ضعفاء العقول بأمثال هذه الصحائف ويطالبونه بالمال لاشتراء العقاقير والبخورات لحل الطلاسم ويعدونه بظهور الشواهد التي قد أعدوها هنالك بأنفسهم ومن فعلهم فينبعث لما يراه من ذلك وهو قد خدع ولبس عليه من حيث لا يشعر وبينهم في ذلك اصطلاح في كلامهم يلبسون به عليهم ليخفى عند محاورتهم فيما يتناولونه من حفر وبخور وذبح حيوان وأمثال ذلك.
وأما الكلام في ذلك على الحقيقة فلا أصل له في علم ولا خبر. واعلم أن الكنوز وإن كانت موجودة لكنها في حكم النادر على وجه الاتفاق لا على وجه القصد إليها. وليس ذلك بأمر تعم به البلوى حتى يدخر الناس غالباً أموالهم تحت الأرض ويختمون عليها بالطلاسم لا في القديم ولا في الحديث. والركاز الذي ورد في الحديث وفرضه الفقهاء وهو دفين الجاهلية إنما يوجد بالعثور والاتفاق لا بالقصد والطلب.
وأيضاً فمن اختزن ماله وختم عليه بالأعمال السحرية فقد بالغ في إخفائه فكيف ينصب عليه الأدلة والأمارات لمن يبتغيه. ويكتب ذلك في الصحائف حتى يطلع علي ذخيرته أهل الأمصار والأفاق فهذا يناقض قصد الإخفاء. وأيضاً فأفعال العقلاء لا بد وأن تكون لغرض مقصود في الانتفاع. ومن اختزن المال فإنما يختزنه لولده أو قريبه أو من يؤثره. وأما أن يقصد إخفاءه بالكلية عن كل أحد وإنما هو للتلف والهلاك أو لمن لا يعرفه بالكلية ممن سيأتي من الأمم فهذا ليس من مقاصد العقلاء على الإطلاق.
وأما قولهم: أين أموال الأمم من قبلنا وما علم فيها من الكثرة والوفور فاعلم أن الأموال من الذهب والفضة والجواهر والأمتعة إنما هي معادن ومكاسب مثل الحديد والنحاس والرصاص وسائر العقارات والمعادن. والعمران يظهرها بالأعمال الإنسانية ويزيد فيها أو ينقصها. وما يوجد منها بأيدي الناس فهو متناقل متوارث. وربما انتقل من قطر إلى قطر ومن دولة إلى أخرى بحسب أغراضه والعمران الذي يستدعيه. فإن نقص المال في المغرب وإفريقية فلم ينقص ببلاد الإفرنج، وإن نقص في مصر والشام فلم ينقص في الهند والصين. وإنما هي الآلات والمكاسب والعمران يوفرها أو ينقصها مع أن المعادن يدركها البلاء كما يدرك سائر الموجودات ويسرع إلى اللؤلؤ أعظم مما يسرع إلى غيره.
وكذا الذهب والفضة والنحاس والحديد والرصاص والقصدير ينالها من البلاء والفناء ما يذهب بأعيانها لأقرب وقت. وأما ما وقع في مصر من أمر المطالب والكنوز فسببه أن مصر كانت في ملك القبط (الفراعنة) منذ آلاف أو يزيد من السنين وكان موتاهم يدفنون بموجودهم من الذهب والفضة والجواهر واللآلئ على مذهب من تقدم من أهل الدول. فلما انقضت دولة القبط. ولما ملك الفرس بلادهم نقروا على ذلك في قبورهم وكشفوا عنه فأخذوا من قبورهم ما لا يوصف: كالأهرام من قبور الملوك وغيرها.
وكذا فعل اليونانيون من بعدهم وصارت قبورهم مظنة لذلك لهذا العهد. ويعثر على الدفين فيها في كثير من الأوقات. أما ما يدفنونه من أموالهم أو ما يكرمون به موتاهم في الدفن من أوعية وتوابيت من الذهب والفضة معدة لذلك فصارت قبور القبط منذ آلاف من السنين مظنة لوجود ذلك فيها. فلذلك عني أهل مصر بالبحث عن المطالب لوجود ذلك فيها واستخراجها. حتى إنهم حين ضربت المكوس على الأصناف آخر الدولة ضربت على أهل المطالب (يقصد من يبحثون عن كنوز الفراعنة). وصارت ضريبة على من يشتغل بذلك من الحمقى والمهوسين فوجد بذلك المتعاطون من أهل الأطماع الذريعة إلى الكشف عنه والذرع باستخراجه. وما حصلوا إلا على الخيبة في جميع مساعيهم نعوذ بالله من الخسران فيحتاج من وقع له شيء من هذا الوسواس أو ابتلي به أن يتعوذ بالله من العجز والكسل في طلب معاشه كما تعوذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك وينصرف عن طرق الشيطان ووسواسه ولا يشغل نفسه بالمحالات والكاذب من الحكايات. "والله يرزق من يشاء بغير حساب".
ولم يفت داوود الانطاكي عالم الأعشاب والأدوية الضرير (1541 – 1599م) صاحب تذكرة داوود الشهيرة بوصفات الأدوية للأمراض المختلفة أن يدلوا بدلوه في علاج الوسواس القهري؛ فقد ذكر أهمية حليب البقر لعلاج الوسواس (داود الانطاكي،1937،ص 239) بالإضافة إلى غلي أزهار القطن في الماء ثم شرب المزيج الناتج.. ومن المعروف عن لبن البقر احتوائها على مادة التريبتوفان والتي لها تأثير مهدئ ومزيل للوسواس كما أن أزهار القطن غنية بمادة السيروتونين والتي تعتبر إحدى نواتج عملية الأيض لمادة التريبتوفان سالفة الذكر.
ومن الثابت علميا في الوقت الحالي استخدام العقاقير المنشطة للسيروتونين في الدماغ لعلاج اضطراب الوسواس القهري (الماس والماسا). مثل الكلوميبرامين.. (انافرانيل)(Leonard,et al 1991)، والفلوكستين (بروزاك). (Jenike, 1991)(Stoll et al., 1992) والسيتالوبرام (سيبرام).. والفلوفوكسامين (فافيرين) (Goodman et al., 1989).. والباروكسيتين (سيروكسات).. والسيرترالين (لوسترال) (Wiener & Lamberti, 1993 ).
ويقول ابن البيطار في مؤلفه الفريد: الجامع لمفردات الأدوية والأغذية": عن البذور اليابسة للكزبرة أنها تنفع مرضى الوسواس بكميات قليلة، وكذلك اليسير من التفاح بأنواعه المختلفة. أنس النفس: الشريف: هذا النبات ذكره ابن وحشية في كتابه وسماه "إسكاطامن" هو نبات ينبت في كل عام، ورقه يشبه ورق الجرحير يثبت في أماكن خصبة، وله زهر أصفر وهو حار يابس إذا رعته الغنم أدر لبنها (أي زاد إنتاج لبنها)، وإذا شرب لبنها حليبا أو مطبوخاً وجد شاربه من فرح النفس والطرب ما يجده شارب الخمر من الفرح وطرد الهم من غير أن يدركه سكر، وإذا دق الغض من هذا النبات وصنع من طبيخه شراب كان مفرحاً للنفس نافعاً من الوسواس السوداوي". ولفظة الوسواس السوداوي يطلقونها غالباً عندما يصاحب الوسواس اكتئاب شديد. رقم 168 بجامع ابن البيطار [ج1ـص 63] : { أنـس النفـس } [Sium latifolium 1].
وعلق لوكليرك على ترجمته الفرنسية لمادة هذه المفردة بقوله: نجهل ماهية هذا النبات. وقد حرف المترجمون الألمان اسم "إبن وحشية، وهو مترجم كتاب "الفلاحة النبطية إلى العربية. وترجم Galland إسم {أنس النفس} ب familiaris animae .../هـ......[1] أغلب الظن عند لوكليرك أن هذا النبات هو نوع من فصيله الصليبيات، لذا فإنه وضع مصطلح " Crucifère ? " [ = نبات "صليبي" ونقطة استفهام] كعنوان لهذه المادة ولم يحدد له أسما خاصا به، وهذا يوافق قول الأنطاكي الذي يقول أن لا فرق بين هذا النبات ونبات {الجرجير = }.
والمعروف أن {الجرجير} ينتمي إلى فصيلة الصليبيات Crucifères. ونص تعريف الأنطاكي لهذه المفردة بتذكرته هو:"نبات لا فرق بينه وبين {الجرجير} إلا أن ورقه غير مشرف، وزهره ليس بالأصفر، وأصله مربع إلى سواد ما، ويحيط بزهره أوراق بيض تميل مع الشمس كـ{الخبازى} وتتحرك عند عدم الهواء كـ{الشهدانج}، ومنابته بطون الأودية ومجاري المياه. وكثيرا ما يكون بأرض مصر وأطراف الشام... وحاصل القول فيه أنه يفعل أفعال الشراب الصرف حتى أن ذلك يظهر في ألبان المواشي إذا أكلته، ويدر الفضلات كلها، ويسر وينشط ويقوي الحواس ويزيد في الحفظ، ويعصر في العين فيقطع البياض.....وهو يضر الكلى ويصلحه العسل.
والإكثار منه يورث وجع المفاصل "...../هـ، ...والملاحظ هنا أن محقق تذكرة الأنطاكي، د.رمزي مفتاح ـ كلية الطب، قصر العيني ـ قد عَرّف هذا النبات بأنه Sium latifolium من فصيلة الخيميات في تحقيقه لمفردة {انس النفس} هذه عند الأنطاكي وقال في كتابه "إحياء التذكرة في النباتات الطبية والمفردات العطارية" ـ الطبعة الأولى ـ1953 ـ ص 110 : "Sium latifolium: اسمه الشائع {كرفس الماء} أو {جرجير الماء} او {قرة العين}، ويعرف في الإنجليزية والفرنسية باسم Sium. وله أسماء أخرى خاصة بكل لغة منهما. فهو في الإنجليزية Water parsnip وWater parsley . ويسمى في الفرنسية Ache d?eau، وAche aquatique .
وبذوره منقطة كالخردل، وهو مدر للبول ،وبذوره مهيجة للقوة الجنسية لاحتوائها على الفسفور والكلسيوم بشكل خاص. وإذا رعته الغنم أكثر لبنها، ويقال أنه يصبح مسكرا"./هـ .... ونجد في نفس الكتاب، في التعريف باسم {قرة العين} ـ ص 507 ـ :"{كرفس الماء} ـ {جرجير الماء} Sium latifolium من الفصيلة الخيمية Ombellifères . وهو يشبه {الجرجير} العادي في خصائصه، والمعروف أنه يدر لبن الغنم، ومن شرب منه سكر كأنه شرب خمرا.
ومن العجيب الذي لا يخطر على بال باحث أن أصل اسم {أنس النفس} محرف عن الاسم الأصلي باللغة الهيروغليفية وهو {أنست} أو {أناس}. وحبوب هذا النبات تسمى أيضا {أنست}. وقيل في تعريف هذا النبات عند قدماء المصريين أنه نبات حولي ينبت في الأماكن الخصبة الغزيرة الماء، وورقه يشبه ورق الجرجير، وله زهر أصفر إذا أكلته الغنم أدرّ لبنها، وشرب هذا اللبن حتى إذا طبخ يفرح النفس.
وظاهر أن اسم {أنست} أو {أنست} تحول إلى {أنس النفس}، وهذا كثير الحدوث، وطبيعي لكي يكتسب الاسم معنى مفهوما مثل {شم النسيم} مثلا، فهو عيد فرعوني، وأصل اسمه {أوشيم} "./هـ... انتهى ما نقل عن د. رمزي مفتاح....... أما عن الأصل اليوناني للاسم Sium أو Sion، فنجده في كتاب "تفسير كتاب ديسقوريدس" لابن البيطار، بالرقم 111 بالمقالة الثانية، ونص مادته: "{سِــيُـــنْ} [1] وهو {قرة العين}، ويقال له {كرفس الماء}. وغلط من جعله {القلام}، وذكره جالينس في المقالة الثامنة"./هـ انتهى...
ويقول محقق الكتاب، إبراهيم بن مراد ـ من كلية الآداب بتونس ـ بهامش الصفحة [1] = Sion ، وهو Sium latifolium عند أحمد عيسى بالرقم 11 بالصفحة 70 " ./هـ...انتهى... والملاحظ هنا أن أحمد عيسى ذكر فعلا اسم Sium latifolium بالرقم 11 من الصفحة 170، فذكر له اسم {كرفس الماء}، و{قرة العين} و{جرجير الماء} وذكر له بالإضافة إلى الأسماء التي ذكرها رمزي مفتاح أسما فرنسيا خاصا بهذا النوع هو اسم Berle وهو الاسم الوارد في المعجم اللاتيني ـ الفرنسي مقابل Sion وSium . ولم يذكر أحمد عيسى اسم {أنس النفس}.
ذلك أن {أنس النفس} عند أحمد عيسى هو نبات آخر، إنه نبات Hypericum perforatum L.، ومن الأسماء التي أوردها له أحمد عيسى هنا: ـ هوفاريقون ـ هيوفاريقون ـ فاريقون [يونانية] ـ أُنْــس النفــس ـ مؤنس الوحش ـ حشيشة القلب ـ من فصيلة Hypericacées [بالرقم 14 صفحة 96 من المعجم]. /هـ... والملاحظ كذلك أن مصطلح {أنس النفس} لم يرد في كتاب "المصطلح الأعجمي في كتب الطب والصيدلة العربية، تأليف: إبراهيم بن مراد ـ الطبعة الأولى 1985 ـ دار الغرب الإسلامي، بيروت ـ لبنان. /هـ... ....
وبالرغم من خاصية هذا النبات فإن ابن سينا لم يذكر اسم {أنس النفس } في اللوح الثامن والأربعون من كتابه "الرسالة الألوحية" ـ [تحقيق د. محمد سويسي ـ الدار العربية للكتاب ـ عدد 83 ـ 50 ـ 300] ـ وفيه أربع وأربعون مفردة من الأدوية التي تنفع في الخفقان وتسر النفس وتقوي القلب وتفرحه وتذهب الوحشة، ومن بينها "هيوفاريقون" الذي قال عنه "ينفع من الوحشة" ./هـ.... وتجدر الإشارة كذلك أن ابن البيطار لم يدرك العلاقة الموجودة بين {سِــيـُـن} أو {هيوفاريقون} و{أنس النفس} إن كانت هناك علاقة. ويبقى الباب مفتوحا أمام الباحثين في المعاهد المختصة لإبراز الحقيقة، بعد تغذية النعاج بكلا النباتين والتأكد من تأثير ألبانها، وتحليل هذه الأخيرة للتأكد من المواد الفعالة بها، ومدى صحة ما روي عن هذه الألبان، عند قدماء المصريين واليونان، * لحسن بنلفقيه 8 - مايو – 2005 (موقع على الإنترنت).
ومما زاد من حيرتي بعد أن وجدت صعوبة كبيرة في معرفة نبات "أنس النفس"؛ ما كتبه ابن البيطار عن نبات آخر مشابه هو "الثلب" حيث يقول: "ثلب: الشريف: ذكره ابن وحشية بالعربية وهو نبات ينبت بنفسه في شطوط الأنهار، ويقترب من المياه، وله ورق مستطيل كأنه ورق "الازادرخت"، وهو يرتفع مقدار قامتين، وخشبه يشبه خشب لحية التيس، حار يابس إذا جفف ورقه ودق مغلف به الشعر منع سقوطه، وحسن قوته، وإذا علقت عروقه على الخد نفع ذلك في وجع الضرس غير المتآكل وسكن وجعه، وإذا ضمد بورقة الورم السوداوي الجاسي سكنه ولينه، وإذا دق ورقه مع خمر وضمد به الورم السرطاني حلله وأذهب جساءه، ويوافق الذين بهم الوسواس السوداوي إذا ضمد به اليافوخ، وينبغي ألا يترك أكثر من 24 ساعة ثم بنى فربما أزال الوسواس البتة". أنتهى كلام ابن البيطار.
وأنا هنا أترك المجال مفتوحاً للباحثين في مجالات علوم النبات وصيدلة النباتات الطبية للبحث عن الاسم الحالي لهذا النبات وفحص فوائده في علاج الوسواس وغيره. وللحديث بقية............ المصادر: داوود الأنطاكي(1937) . تذكرة أولى الألباب والجامع للعجب العجاب، القاهرة، المطبعة العثمانية، ص239 .
Leonard, H. L., Swedo, S.E., Lenane, M.C., Rettew, D.C., Cheslow, D. L., Hamburger, S.D. Rapoport, J. L. (1991). A Double-blind desipramine substitution during long-term clomipramine treatment in children and adolescent with obsessive-compulsive disorder. Archives of General Psychiatry, 48(10) 922-927.
Stoll, A. L., Tohen, M., Baldessarini, R. J. (1992). Increasing frequency of the diagnosis of obsessive-compulsive disorder. American Journal of Psychiatry, 149(5) 638-640.
Jenike, M. A. (1991). Severe hair loss associated with fluoxetine use. American Journal of Psychiatry, 148(3) 392.
Goodman, W. K.,Price,L.H., Rasmussen,S.A., Delgado,P.L., Heninger,G.R.,& Charney,D.S.(1989). Efficacy of fluvoxamine in obsessive-compulsive disorder. Archives of General Psychiatry,46(1)36-44.
Wiener K & Lamberti J.S.(1993). Sertraline and mental retardation with obsessive-compulsive disorder. American journal of Psychiatry,150(8)1270-1272.
الكاتب: أ.د مصطفى السعدني
نشرت على الموقع بتاريخ: 17/02/2007
|
|