يوميات رحاب: كبار السن ::

الكاتب: د.رحاب سيد عبد الله
نشرت على الموقع بتاريخ: 16/05/2005

بسم الله الرحمن الرحيم،
أكمل والدي منذ عام وستكمل الوالدة هذا الشهر سنوات عمرهم الستين...بإذن الله.. أكرمهما الله وكل والدينا أجمعين..
ودوما كنت أعجب من هذا المسمى.. يقال أن (فلان ما عاش).. أقول وأتساءل..
يعني إيه ما عاش؟؟؟ من واضع هذه الكلمة.. ؟؟؟ وماذا أراد بها قصدا؟؟ وما مدلولها؟؟

هل يقصد.. خلاص الرجل عاش بقى كفاية عليه؟؟؟ أم يقصد.. أنه بالفعل مات عطاؤه قاصدا ب (ما) حرفا نافيا...
لا أعرف وكل مرة أفكر في الكلمة ولا أجد ما يشفي غيظي من الكلمة .. أشعر بغيظ أكثر.
احتباسنا في مفاهيم وكلمات يجري اللسان بها من غير فهم ولا دراية وكأنها المسلمات من أمثلة كلمة عانس.. سن اليأس..طفل معاق.. متخلف عقليا.. وهكذا..

يحتل كبار السن عندي مكانة في قلبي كبيرة تجمع ما بين الإجلال والإكبار والاحترام والحب والتقدير وغيرها.. وأعجب من مجتمعاتنا التي تنحي الشخص بعد بلوغه الستين وهو في أوج غزارة علمه وثقل خبرته.... التنحية عن العمل بثقله راحة ولكن تنحيته عن الحياة حكما عليه بالموت..
حسنا أن نقلل من أعبائهم في أعمالهم ولكن لا ننحيهم صارفين أنظارنا وأسماعنا عن فعل السنين ..

0لماذا لا يستفاد من أولائك ومن خبراتهم ومن تفرغهم؟؟
0لماذا لا يكون التواصل بين الأجيال؟؟
0لماذا لا يختلط الدم الحار بآخر بارد؟؟
0لماذا لا يجتمع التك نولوجيا مع التك تيك الرصين؟؟
مما يضحك ويبكي أن يعيش المرء فينا لحظته.. فيصدق في أبديتها .. ولا يعي إن هو قصر في مد حبال الوصل مع أساتذته سيقطع من بعده نفس تلك الحبال معه....

أذكر هنا أنه في إحدى قاعات الجامعة كانت زميلتي تناقش رسالة الماجستير توطئة لحصولها على الدرجة العلمية .. وكان الحضور يتوالون على القاعة سواء أكانوا من الطلبة حيث كنت أو من الأطباء كبارا أو صغارا.. وأخذ الكل يتخذ مكانه .. جلست في صف متأخر برغم فراغ الصفوف الأولى لكي يجلس الأساتذة الأفاضل فيها فهم أولى وأحق..ولكن ما حصل للأسف أن اجتمع الدكاترة من جميع الأعمار وجلسوا في هذه المقاعد واضطر أحد الأساتذة المتفرغين - بلغ سن الستين - للجلوس بجانبي في المقاعد الخلفية..

وعجبت للأساتذة الصغار الذين لم يكلف الواحد منهم خاطره وألقى على كبير السن التحية..
وعجبت أكثر أن زميلتي تهب للوقوف تحية واحتراما لمن منهم على الكرسي ولم تلقي للآخر بالا..فليس في يده درجات ولا دياولوا!!!
فابتسمت كعادتي بمرار.. وقلت في نفسي.. اليوم عاش وباكر.. ما عاش.. و...

مودتي

rehab_maganin@yahoo.com

اقرأ أيضاً على صفحتنا تقارير وأخبار :
يوميات رحاب: في مترو الأنفاق. /  يوميات رحاب: مخاض بلا ولادة  /  يوميات رحاب:عم علي وزوجته عزيزة. يوميات رحاب: الصبر .. الجميل  /  يوميات رحاب: ليلة الزفاف /   يوميات رحاب: الخوف..وأسئلة تحتاج للإجابة..، يوميات رحاب : النظارة حرام .. !!  / يوميات رحاب: القناعة كنز /  يوميات رحاب: ذهبت سعاد..  /يوميات رحاب: في الفيوم  /  يوميات رحاب: النطق بالشهادة.  / يوميات رحاب: عن الازدواجية واللون/ يوميات رحاب: العمل التطوعي / يوميات رحاب: سنن الفطرة.. / يوميات رحاب: العالمانية / يوميات رحاب: المنغولي / يوميات رحاب بتحبني ولا لا  / يوميات رحاب: في الصيدلية / يوميات رحاب الزواج العرفي؟ ولا الزنا؟!  / يوميات رحاب: الزواج الثاني / يوميات رحاب: علشان خاطر عيونك يا آدم