إغلاق
 

Bookmark and Share

بيدي لا بيد عمرو.. ::

الكاتب: حبيب الرحمن
نشرت على الموقع بتاريخ: 06/12/2005

 
بيدي لا بيد عمرو..هل آن للشعوب العربية أن تقولها؟

غريب أمر ذلك الشعب العربي الكبير، الممتد والممدد على طول الأرض ما بين المحيط والخليج، إنه رغم الخلاف العريض بينهم في أمور كثيرة تعد عند شعوب أخرى أمورا مصيرية، إلا أن ما يكاد يجمع عليه إجماعا صامتا فيما بين أفراده هو الخنوع وسقوط الهمة، إلا من شراذم متناحرة لا تعدم قلة الفهم والتعصب!

نعم.. بلادنا -يا سادة- بلاد بليدة خاضعة، فمنذ أن أطبقت عينيها وخلفت وراءها حضارتها الباهرة لم تستفق، ولست أظنها بمستفيقة حتى يعود الكون أدراجه إلى العصور الغابرة حيث الظلام والهمجية، فهو جو -فيما يبدو لي- ترتاح له ويلائمها
!

إن بلادنا العربية على اتساعها تجمع على الخضوع والاستسلام للسلطة، أيا كانت أشكال تلك السلطة؛ سلطة سياسية، أو اجتماعية، أو اقتصادية، أو حتى دينية، إنها وللأسف الشديد لا تملك من الجرأة ما يفي بأن تحكم من أمر نفسها شيئا في أي شيء..

فقراراتها السياسية توجهها قيادتها السياسية، التي دائما ما توصف بالحكيمة، والتي لم تنتخبها الشعوب وبالتالي فليس لها حق عزلها، إلا بالاغتيال، أو بحرب مساندة من قوى الخير الأحمر، أو أن يموت (موتة ربنا) فذلك أدهى وأمر!

قيادات لا ترى لغيرها الحق في ممارسة القيادة، لأنهم في اعتقادها غير راشدين، لا يستطيعون أن يقوموا بأعباء المناصب، ولذلك فهم يرون لأنفسهم البقاء أبد الحياة في مناصبهم
!

قيادات تحب أن تحمد بما لم تفعل، وترى فيما تقدمه مما هو واجب عليها صدقة واجبة الحمد وإحسانا يؤهلهم للبقاء أبد الدهر!

قيادات يرث بعضها بعضا، ليس في المناصب والمواقع فقط، وإنما في الأخلاق والفعال أيضا، كأنما نزل فيهم قول الحق: أتواصوا به؟!

بل هم قوم طاغون!

إنها قيادات تسبها الشعوب وتلعنها.. ولكن في أعماق السريرة!

وليس الخوف هو القضية الكبرى لشعوبنا، وإنما الأدهى من ذلك هو أنهم بينما يسبونها في أعماقهم فإنهم يصدحون ليل نهار بانتخابها مدى الحياة، حتى إنك لتقرأ ذلك على المحلات؛ نعم.. نعم (لفلان).. مدى الحياة!

فذلكم النفاق.. فذلكم النفاق!

أما القوالب الاجتماعية، والتي تتقولب فيها ما بين عشية وضحاها، فهي قوالب مفروضة عليها؛ من الداخل أو من الخارج، بقصد أو بدون قصد، لا إعمال للعقل فيها، بل يكفي أن يقوم فلان أو فلانة بفعل كذا وكذا؛ لتجد شعوبا عريضة يمارسون ذلك في الصباح الباكر، كأنما يتسابقون أيهم أحسن عملا!

ثم بعد ذلك يصير الثابت على مبدئه والقابض على فكرته هو الشاذ الذي يحتاج إلى مراجعة!

أنماط اجتماعية غريبة.. شذوذ في كل شيء، في الأخلاق والمعاملات والمبادئ والقيم.

واقتصادها منهوب مسلوب، كلحم على وضم، تمنع من خيراتها، وتحرم من مواردها، ثم إذا رمي لها فتات الفتات صاحت وهللت، وأحبت أعداءها وباركت لاعنيها!

أما فتاواها الدينية فحدث ولا حرج، فإن غالبها لا يخلو من تعصب أو هوى، والأحكام -ويا للعجب- تتناثر فوق مساحات شاسعة ما بين الحل والحرمة، ويا لعذاب ذلك المتأرجح فوق تلك المساحات الشاسعة التي لا تخلو من آية تفسر على غير وجهها أو حديث موضوع أو آثار ما أنزل الله بها من سلطان!

أحكام الله ورسوله نزلت بينة واضحة، ثم ها نحن نحتاج لدين آخر حتى يفسر لنا ذلك الكم الرائع من الآراء والأهواء!

ما هذا البلاء؟! ثم ما هذا البلاء؟!

ألم يأن لشعوبنا العربية، التي لم تفلح مخططات أعدائها في القضاء على خصوبتها.. أن تقطع يد عمرو، ثم تهب في وجه المتحكمين في مصائرها صارخة: بيدي.. لا بيد عمرو!

اقرأ أيضا:

يوميات رحاب: أحداث الإسكندرية..
مسرحية الإسكندرية.. فوضوية الاستهزاء
برنامج ((على البحر)) البذاءة تعلن عن نفسها!
نحن وهُم.. والبون الشاسع 




 


الكاتب: حبيب الرحمن
نشرت على الموقع بتاريخ: 06/12/2005