ربما ندري أو لا ندري وبقصد أو غير قصد، نكتب عن العقل العربي وكأنه مريض أو يعشعش فيه إضطراب، وأن ما يحصل في الواقع العربي بسبب العقل العربي لا غير. والمقصود بالعقل العربي أدمغة العرب وعقولهم وما ينجم عمّا تحتويه من سلوكيات وتفاعلات. وفي هذا التعميم والتبسيط، إجحاف وظلم ولا موضوعية، وانتهاك لحرمات الوجود البشري وجوهره الإنساني. فإذا صحت هذه الأقوال والادّعاءات والرؤى والتصورات، فهل يعني أن العقل الصيني أفضل والعقل الأوربي أفضل؟
تعالوا ننظر إلى الصين في بداية القرن العشرين، وسنرى كيف كانت ولماذا حققت انتقالة حضارية نوعية، وكذلك الهند وبعض دول أوربا.
ألم تكن دولة العراق ومصر أكثر تقدما من الصين؟!
ألم يكن العقل العربي يمتلك قوة وقدرة معرفية وعلمية ذات قيمة حضارية بالقياس إلى ظروفه الزمانية والمكانية؟
فالنقلة النوعية التي حصلت في العالم هي في النصف الثاني من القرن العشرين وخصوصا في عقوده الأخيرة. وما جرى في العراق -على سبيل المثال- أنه دخل في مضطرب سياسي بسبب ما يملكه من النفط، فبعد سقوط النظام الملكي دخل العراق في دوامة عاصفة من الصراعات والحروب ولا تزال في ذروتها، مما حرم البلاد من الاستثمار بعقول أبنائها. ولو أن الصين والهند واليابان عاشت المضطرب الذي عاشه العراقيون والعرب، لكان حالهم أسوأ من أحوالنا بكثير جدا.
إن العلة في الكرسي وليس في العقل العربي، الكرسي المأجور الذي ينفذ خطط تدمير البلاد وسبي العباد، فمنذ أكثر من نصف قرن والوطن تدور فيه طواحين الإهلاك والترويع والتفريق والتهجير والتدمير. فعن أي عقل تتحدثون؟
فالعقل العربي باهر متميز في أرجاء الدنيا إلا في وطنه الذي يُحرم من النشاط فيه.
ولهذا فلا بد من إعادة النظر بهذه الطروحات السلبية الهادفة لترسيخ مفاهيم الشعور بالانهزامية والخسرانية، والركون للتبعية والإذعان وفقدان الثقة بالنفس والحاضر والمستقبل، فهذه كتابات عدوانية تساهم في تنفيذ مشاريع تدميرية!!
واقرأ أيضاً:
مَن سرق العرب؟!! / التديّن والفساد!! / القرار صائب والتنفيذ خائب!! / القرارات ومحكمة الزمن؟!!