وبعدين طيب؟
أصبح من الواضح عدم وجود نظام في مصر يمكن من طريقة العيش في حياة هادفة منتجة صحية و سليمة فكريا ونفسيا وكل شيء، كباقي الدول الأجنبية أو حتى الدول العربية الآن، أنا هنا أتحدث عن النظام بأكمله المتمثل في الأخلاق والقوانين والعادات والإجراءات وما إلى ذلك، إذا لا يوجد نظام أو سيتم في مصر وهذا واقع وليس افتراض، فما العمل إذا؟
أن نترك هذا البلد أم ننتظر من يوجد النظام أم يبقى الحال على ما هو عليه؟
12/8/2005
رد المستشار
رسالتك من أهم الرسائل التي وصلتنا رغم قلة كلماتها وسطورها، وهي هامة لأنها تنتبه إلى أن التصرفات الفردية الإيجابية أو السلبية تظل أقل خطورة وتأثيرا من غياب "نظام" تسير عليه الأمور ويضبطها.
وفي تاريخ الإنسانية فإن فكرة الدولة نشأت أساسا لتكون راعية وحارسة على نظام "ما" يرتضيه الناس، أو حتى يتكيفوا معه، وفي حالتنا فإن النظام القائم ليس سوى الفوضى والعشوائية والظلم والفساد في صورة مركبة ومتكررة تتفاقم يوما بعد يوم، والتخبط هو عنوان حياتنا غالبا.
والقيم جزء من النظام ونحن نعيش لحظة اضطراب في القيم على مستوى العالم كله، ومحليا وإقليميا، فنحن نتحول من نظام اجتماعي وثقافي تقليدي قديم إلى آخر لم تتضح معالمه، والدولة لا تعتبر نفسها مسئولة عن موضوع القيم هذا، فقط تركته، كما تركت غيره، لجهود الناس وحريتهم في تحديد ما يريدون من قيم طالما ابتعدت عن السياسة،
أو تهديد العرش وربما يكون الأمل الوحيد الباقي أن يستعيد الناس القدرة والمبادرة في غدارة أنفسهم وحركتهم وحياتهم غير منتظرين لعون من جهة أو هيئة رسمية، فإن حدث فلا بأس، ولكن أن يمتلك الناس فرصة متاحة، ويتعاونوا في تخطيط أو تنفيذ حلول وعمليات جزئية تساهم تدريجيا في تكوين ما أسميته أنت "نظام"، وهذه العملية لتكوين نظام من الأساسي، وليس بشكل فوقي نفتقده، أو يفشل حاليا حيثما كان، ويحضرني مثال مشروع خطوط السيارات الميكروباص الأهلية التي فرضت نفسها كوسيلة مواصلات للملايين، ولم تجد الحكومة مفرا من التعاون معها لأنها تحل أزمة، فهل لدينا إبداع لإدارة أفكار مشابهة؟!!
هل نحن راغبون حقا في إصلاح أحوالنا؟! وهل نحن قادرون على إدارة حوار مجتمعي واسع ومتقدم، واتخاذ خطوات عملية ممكنة للتعامل مع مشكلات مثل الأمية والبطالة، واختلال قيم الأسرة والمعرفة والحرية؟؟!
لقرون عديدة ممتدة كانت الأمة تدير نفسها من خلال أنظمة للتكافل والصحة والتعليم، وطوائف للحرف والمهن، وأساليب للفصل في النزاعات بين الناس، وفكرة الدولة الحديثة جديدة علينا، ومن قبلها كنا نعيش وننتج ونبدع، فهل يمكنننا استعادة روح هذه المرحلة؟! وهل يمكننا استثمار بعض المعطيات الجديدة مثل الإنترنت في الحوار، وفي نقل المعارف؟ مجرد بدايات أفكار.