السلام عليكم؛
مشاكل الفتاة العربية تلك التي تقض مضجع الدكتور أحمد عبد الله فهو كما يقول يتبع وصية الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أوصى بالنساء جزاه الله خيراً!!! الحاجة إلى الحب والحنان، العنوسة والطلاق، والبحث التائه عن المشاعر هنا أوهناك بمنطق أو بدونه، بعقلانية أو بمنتهى الغباء، كل فتاة تريد عشيقاً في الواقع أو النت، لا يهم، وقد تجد أو تقنع نفسها أنها وجدت وتغامر وتستمر، وتحتمل وتتوهم، وقد تكون في قناعة نفسها تعرف أن هذا كله هراء ومع ذلك تتبع-ربما- المثل القائل الحق الكذاب وراء الباب، أو ربما تجد أن بعض المشاعر الجميلة أفضل من انعدامها، وتقنع بالقليل والقليل بها غير قانع، وتمشي وتتعثر وتنهض، وكما قال الدكتور أحمد في إحدى مقالاته هي لا ترحم نفسها ولا تجد من يرحمها، هذا هو حال الفتاة العربية أو جزء كبير منهن كما استشفه من قراءتي للمشاكل على موقعكم أو مواقع أخرى.
وأعلم أن الدكتور أحمد اقترح حلولا مثل أن يكون هناك نشاطات اجتماعية ينخرط بها الجنسان مع مراعاة الضوابط الشرعية المعروفة، وهذا يعين كلا الطرفين على التخفيف من حدة الشهوة المستعرة من جهة، ويعطي الفتاة فرصة للتعريف بنفسها من جهة أخرى، بالإضافة إلى ما يقدم مثل ذلك للمجتمع من خدمات يحملها الشبان على كاهلهم، لكن المشكلة أن مثل هذا الحل الذي يبدو مثاليا غير متوفر في كثير من المجتمعات، ليس فقط في المجتمعات المنغلقة بل حتى في المجتمعات التي يقال عنها متحررة، والسبب أن النتيجة الحتمية للتحرر المطلق هو وجود التطرف والتشدد، وبالتالي ينعدم الوسط، أنا أتكلم من مجتمع متحرر، هنا الشباب إما منفلتون أو ملتزمون والملتزم لن يرضى أي تعامل مع الأنثى إلا من خلال الزواج. وزواج الملتزم سيكون من خلال أمه التي لن ترضى إلا بمقاييس ومعايير ترضيها، ولن يكون هناك مكانا للكثير من الفتيات اللواتي لا يملكن مثل تلك المعايير.
وتكون النتيجة هي التوهان في بحار البحث عن النصف الآخر، بحار تبدو بلا شواطئ والأمواج فيها بلا هوادة، ومع ذلك تقود الفتاة مركبتها الوهمية بمنتهى الذكاء كما تعتقد هي، وبمنتهى الغباء كما يعتقد الطرف الآخر.
أنا محتارة فعلا في أمر هذه الفتاة لا أستطيع أن ألومها لأن الحاجة للحب موجودة عند كل إنسان، ولا أستطيع أن أوافقها لأن الطريق الذي تمشي فيه نهايته الفشل وحصد المزيد من الخيبة، ولا أستطيع أن أقدم لها حلولا منطقية فهي مصدومة أو يائسة من الواقع. وأقترح عليها أن تعمل وتنسى نفسها في نشاطات دائمة لا تتوقف سواء دراسة أو عمل، ولكن هذا الحل لا تستطيع أن تقدمه للجميع، لأن هناك نفوس قوية وهناك نفوس لا تستطيع أن تقدم وتستمر بدون أن تجد بالمقابل من يقدم لها. وحتى من تكون تملك هذه القوة الآن ترى هل ستستمر أم أن قواها ستخور وتبور يوما ما؟
والحقيقة أن الرجل ليس بريئاً من كل هذه المصائب التي تقع فيها هذه الفتاة إن لم يكن أحد أسبابها الرئيسية، فهو مثلا قد يجد مثل هذه الفتاة التائهة بحثا عن الحب في الواقع أو على النت، فتراه يسايرها ويطمعها في البداية وتصدق المسكينة، ثم عندما تتطور الأمور وفق مجراها الطبيعي تكون النتيجة المعروفة وهي الهروب وما أسهله على الرجل وما أشقه على الفتاة، والمشكلة أن الرجل يقدم حججاً في منتهى الإنسانية أولها أنه لم يرد أن يجرح مشاعر هذه الفتاة ويشعرها أنها لا قيمة لها، يعني ما شاء الله حوله هو رقيق ولطيف يرفق بالقوارير يقول لرسول الله عليه الصلاة والتسليم سمعا وطاعة بما أمرت به من الرفق بالنساء!!!!!
ما يؤسفني حقاً هو أن طبيباً نفسياً ومفكرا ومهتما بالمرأة العربية مثل الدكتور أحمد عبد الله يوافق على مثل ذلك!! ولا يقول كلمة واحدة تشعر هكذا إنسان بهول ما قام به... لقد قرأت كتابك يا دكتور أحمد عبد الله بعنوان يسألونني في مشكلات الشباب وهمومهم....في الصفحة 318 يعرض أحد الشباب قصته كيف تعرف على فتاة على النت ثم تطورت العلاقة ثم تخلص منها ويقول في ثنايا استشارته: "أنا لا أريد أن أقطع علاقتنا فجأة وهي متعلقة بي، فيحدث ما لا يحمد عقباه... وتشعر أنها لا تنفع في هذه الحياة... إلى هذا الكلام الذي تعرفونه جيداً ثم نجد الدكتور أحمد لا يعقب سوى بالشكر ويكتفي بنشر الرسالة كما جاءت من صاحبها... وكنت أتمنى منه أن يعقب على هذه النقطة بالذات... لماذا يستدرج الشاب فتاة ما للحديث معه ويعلقها به ثم بعد ذلك يقول فعلت ذلك رحمة وإنسانية... ثم عندما لا يستطيع الاستمرار لسبب ما... وهو يعلم منذ البداية أنه لن يستمر... يترك هذه الفتاة وليحصل لها ما يحصل... هو ليس له أي دخل بالعكس هو كان ملاكا منزلا من السماء ويستحق الشكر!!!! لأنك يا دكتور شكرته على رسالته في تعقيبك.
سؤال أخير أريد أن أسأله: إلى أي درجة تحتاج الفتاة فعلا إلى الحب من الجنس الآخر؟ هل هي حاجة لا يمكن الاستغناء عنها؟ هل هي فعلا بهذه الأهمية حتى تستحق كل هذا العناء وهذا الاضطراب؟ وهل هذه المشكلة محصورة في مجتمعاتنا العربية أم أنها موجودة في كل المجتمعات ولكنها أكثر حدة عندنا. شكرا لكم وآسفة على الإطالة ولم أكن أقصد الهجوم على رمز من رموز مجانين ولكني قلت ما أريد قوله بصراحة... وآسفة على ذلك.
19/8/2005
رد المستشار
يسعدني مثل كل كاتب أن أجد من يتابعني فيما أنشر ورقيا أو إليكترونيا، من الواضح لكل من يقرأ لي أنني فعلا مهتم بأوضاع الفتاة والمرأة العربية، وكذلك الأسرة والمجتمع والأمة كلها، وبدأت مؤخرا بكتابة شيء للرجال، والله الموفق، فأهلا بك وسهلا.
هل الفتاة فقط هي التي تبحث عن المشاعر؟! هل أتسرع إذا قلت أن بقية الأسطورة الشائعة تقول أن الشاب أو الرجل يبحث عن الجنس؟!
في الحقيقة الطرفان يبحثان عن علاقة بالجنس الآخر، والبعض يبحث عن علاقة من نفس الجنس كما تعرفين، فالبحث في الأصل هو عن "علاقة" بشريك. وفي تفكيري وتصوري ومحاولاتي لوصف حلول مبدئية أجتهد في أن أصدر عن أصول الإسلام كما أفهمه من مصادره، ومن فهم من احترم عقولهم واجتهادهم من علمائه الثقات، وكذلك فإن معرفتي وخبراتي بالواقع المحيط بي محليا ودوليا لها رافد هام في تكوين الآراء التي أكتبها، ولا أجد نفسي مختلفا مع الكثير مما في سطورك، إذا تركنا بعض التفاصيل مثل قولك: وزواج الملتزم سيكون من خلال أمه... الخ، فكلامك هنا يتحدث عن صورة معينة فقط، وليست هي الصيغة الوحيدة في مجتمع "الملتزمين"!!!
وتختلف حاجة الناس إلى الحب من حيث درجة هذه الحاجة، وليس من حيث المبدأ، لأن كل البشر يحتاجون إليه، ولا أعتقد أنني أريد أن ألوم الفتاة أو أوافقها، إنما أرصد تخبط حركتنا –رجالا ونساء– في مرحلة تشتت وتغيير، واختلال ثوابت تعودت أجيال سابقة عليها، وعجز عن توليد صيغ تعمل بفاعلية في واقع جديد ومضطرب .
ولمن يقرأ إنتاجي كله أو أغلبه سيعرف بسهولة كبير أنني أرصد تخبط وتردد الشاب كما الفتاة، والرجل كما المرأة، ويرد في هذا على ذاكرتي الآن أمثلة من قبيل: لا تقليدي ولا هاتفي: ماذا يريد الرجال ومبدأ: اللاعلاقة: قصة ملتزم، وغيرها كثير، ولعلي أعود إلى الإجابة التي تذكرينها في الكتاب لأراجع ملابسات السؤال والجواب، مع رفضي المبدئي أن أعتبر الفتاة دائما ضحية لمشاعرها، أو بحثها عن الحب، وكأن الفتى دائما هو الذئب الذي يخدع، فليس في الوقع قطعان ذئاب ولا حملان، إنما تيه نتخبط فيه إلا فيه إلا من رحم ربك، وقليل ما هم، وأعجب لمن نجا، وكيف نجا!! تحياتي