زبالٌ ناجح خير من وزير فاشل
R03;أود استشارتكم بأمر يشغلني ويكاد يخنقني:
في بداية شبابي كنت أُعرف بدراستي القوية والمثابرة وكنت دائما متميزة ولكن ما إن أصبحت في الـ15 من العمر أصبحت امتيازاتي قليلة رغم أني كنت أثابر أحيانا كثيرة، إلا أنني أهبط وأعجز... وأذهب لأنتقي أوقات الفراغ للحديث مع الأصدقاء والترفيه الدائم عن النفس. وهذا علما أنه قبيل هذه الفترة لم أكن أملك أية صداقات وعززت كومة الأصدقاء في هذه الفترة والتي لا أجد منهن سوى القليل اليوم.
ولكن ومع كل هذا كنت أجبر نفسي على الدراسة في فترة الامتحانات فأنجح في إحداها وأخفق في أخرى، ولكني لم أحبط كثيرا..... ولكن هبت عاصفة اليأس عندما وصلت إلى آخر مرحلة هناك أتت الامتحانات النهائية فلم أجد نفسي لا مثابرة ولا صاحبة عزيمة فأخفقت ولم أنجح في أهم المواضيع، وجاءت ساعة الندم لكني قلت لنفسي لا عليكِ فلدي فرصه أخرى لتبديل الوضع إذ أني أصغر جيلي بسنه فأمامي سنه تحسين الوضع.
وها هو الوقت قد حان لأعادة الامتحانات لكني لم أبدل تنقصني العزيمة، الطاقة، الإيمان بأني سوف أنجح.... أغتاظ لأن الجميع قد نجح...... لا أملك الدعم لأنني أنا التي أوصلت بنفسي إلى هذه الهاوية! في كل مرة أستيقظ صباحا ألوم نفسي وفي كل ليلة أبكي ولا أحد يدري بي.
زيادة على ذلك ومع كل هذا فقد سئما والداي مني..... وأشعر بإحباط وكآبة فإني غير قادرة. أنا مولعة في أن أتعلم علم النفس ولكن لأتعلمه يجب علي أن أحصل على علامات عالية أبي يقول لي لا تتكلمي كلاما في الهواء وتبني آمالا في الهواء لن تتعلمي هذا الموضوع.. تعلمي أي موضوع وهذا هو.
لكني لن أتنازل عن طموحي وأحلامي لا تقولوا لي أن أرضى بالواقع.... لا...... أنا ممتازة وأستحق أن أتعلم موضوعا أحبه لكني خائفة أريد حلا....... أريد أن أحقق أحلامي رغم أني كل ما أسمع أبي يوبخني ويقول أنني لن أتعلم وأترقى لأن علاماتي ليست جيدة ولكني أريد. لكني في نفس الوقت يائسة كيف أبدأ؟؟ ومن أين؟؟؟ ماذا أفعل لأشعر أنني مليئة بالحيوية وأني ناجحة وأني سوف أقبل في الجامعة؟؟؟
أود أن أقول أيضا أنني أعرف نفسي أني أموت بسرعة وهذا يعني أنه في كل مرة أنوي فعل شيء أقوى في البداية وأتكاسل بسرعة من أبسط الأشياء، كما أنني لا أقوى أن أستيقظ باكرا رغم أن هذا الأمر نقطة الخلاف مع أمي وكذلك لقد بدأت أصلي مرارا ومرارا أنقطع عن الصلاة... رغم أني أعلم أنه عندما أصلي أريح بالي.. هل تفهم قصدي؟
أنا لا تصميم لدي.... أموت من هذا الأمر، كيف أغيره؟؟؟ أشعر بأني مليئة بالأفكار الجميلة في داخلي لكنني أخسرها كم أكون سعيدة إذا واظبت على الصلاة ومعرفة ديني لكني لا أستطيع... كم من مرة بنيت لي جدول أيام لكي لا يذهب يومي سدى..... لكنه يذهب أدراج الرياح، كم من مرة خططت كيف سأدرس لكني لا أعمل بشيء مما أخططه أو أنويه!
إني أنفجر ساعدوني أنا على مفترق طرق حاد وخطر. يا ليتني أكتب برنامج عمل وأعمل به.
والسلام عليكم.
19/01/2007
رد المستشار
ابنتي "نور"؛ تحية طيبة وبعد
حقيقة تضايقت من رسالتك يا نور، وذلك لأنها ذكرتني بواقعنا المر، وبواقع شريحة من شباب وشابات أمتنا، وذخيرتنا للمستقبل، كما قلبت علي المواجع والآلام. وسامحوني واعذروني في أن أقول ذلك الكلام الموجع الصعب، واعذروني أن أكرر ما كتبته سلفاً في كتابي: "تأكيد الذات"، والموضوع يا نور يا ابنتي جد خطير، وأنت لست على مفترق طرق حاد وخطر كما تقولين، وليست المشكلة هي عمل برنامج عمل مناسب تذاكرين وفقاً له، ولكن المشكلة يا ابنتي هي أنك لا تعرفين الأهم من المهم، والمشكلة أيضاً هي عدم وجود تحمل للمسئولية، وعلى كل المستويات!!
فلو قلت يا "نور": أنا لا أرغب في مواصلة التعليم، فالتعليم في بلادنا هو نظام حشو للدماغ بفكرة تافهة من هنا وموضوع غبي من هناك!!، وأرغب في تعلم الخياطة مثلاً، وسأكون بإذن الله صاحبة دار عربية لصناعة الأزياء النسائية العالمية!، فصدقيني يا نور ومن قلبي: سأشعر برفرفة في قلبي من الفرح لأنني وجدت واحدة من بناتي تعرف طريقها وهدفها في الحياة، فليس مهم أبداً أن أكون طبيبة لمجرد أن يقول الناس في الشارع الدكتورة خرجت والدكتورة دخلت!!!.
فبصراحة وفي نظري أن "أم أحمد" التي تخدم في المنازل أفضل منها، لأن أم أحمد تنتج وتفيد المجتمع وتكد وتتعب بأمانة وشرف كي تربي أبناء صالحين منتجين للمجتمع، بينما زميلتي الطبيبة تلك والتي تخدمها "أم أحمد" - كما تخدم غيرها- كان نتاجها للمجتمع ولد مدمن تالف وبنت كل همها هو أن تنفق أموال والديها على المظاهر الفارغة!!، وصدق من قال: "اكفي القدر على فمها تطلع البنت لأمها".
لابد يا "نور" أن يكون لديك رؤية مستقبلية في صورة معادلات بسيطة، ومسار واضح في الحياة مثلاً:
أريد أن أكون عالمة نفس متميزة في إحدى الجامعات المصرية =
1- اجتهاد في المذاكرة ليل نهار، وألا يشغلني عنها شيء، كي أحصل على الإعدادية وأدخل ثانوي عام.
2- اجتهاد في المذاكرة بالقسم الأدبي حتى أحصل على الثانوية العامة بمجموع يمكنني من دخول كلية الآداب قسم علم النفس.
3- اجتهاد وصبر ومثابرة كي أحصل على تقدير جيد جداً سنوياً على الأقل كي يُتاح لي عمل دراسات عليا بعد الحصول على ليسانس الآداب قسم علم النفس.
4– المثابرة على عمل ماجستير ودكتوراه في علم النفس، وأن يكون ذلك الهدف أهم من الزواج وأهم من تحقيق الثروة في عمر مبكر وأهم من..... وأهم من.....
والآن هل حبك يا "نور" لعلم النفس أهم من الزوج وأهم من تكوين أسرة وأهم من إنجاب أطفال، فإذا كان لديك العزم يا نور فستكونين بإذن الله من خيرة عالمات النفس العرب؟؟!!.
وأما إن كان في ذهنك أن تكوني كل ما ذكرت، ولا يهمك من علم النفس إلا معرفة سطحية ووظيفة بشهادة جامعية وحسب فاستمري في القراءة على الإنترنت وأعدك أن تحصلي على تلك المعرفة وبمجهود أقل وأن تكوني في نفس الوقت ربة أسرة وأما لأطفال وعندك زوج يتولى أمورك ويقود أسرتك وينفق عليك، وهذا أيضاً اختيار جيد ولكن تذكري أن عليك مسئولية خدمة هذا الزوج وحسن تربية الأبناء كي تؤدي دورك في الحياة على أحسن وجه ممكن.
نور يا ابنتي أعتقد أن لكل شيء ثمنا في هذه الحياة، وقبل أن أحدد "هدفي الأكبر" لما أريد في مستقبل حياتي لابد وأن أعرف شيئين وبوضوح شديد:
1- ما هي إمكانياتي التي أمتلكها وأقدر عليها لتحقيق هذا "الهدف الأكبر".
2- ما هو المطلوب بالضبط لتحقيق هذا الهدف الأكبر وبالتفصيل.
وبعد ذلك تذكري أن الحياة لا تعطي لأي منا كل شيء فإن أعطتنا الصحة والسعادة فقد لا تعطينا المال والغنى، وإن أعطتنا المال والغنى والذرية فقد لا نحصل على الصحة الجيدة، وهكذا الحياة يا ابنتي؛ لذا لابد أن نعرف جيداً ونحدد ماذا نريد وفقاً لقدراتنا والإمكانيات المتاحة لنا.
أما ما كتبته أنت يا "نور" فهو سراب في سراب وغير واضح المعالم، وآخره لخبطة مثل أوله. وكما قلت من قبل وأكرر: "زبال ناجح خير من رئيس وزراء فاشل".
وإن كنت في حاجة لطبيب نفسي أو أخصائية نفسية تساعدك على معرفة قدراتك وإمكانياتك وأحسن المجالات التي يمكنك العمل فيها مستقبلاً فلا مانع، وذلك لأن تحديدك "للهدف الأهم" في حياتك هو وسيلة لزيادة عزيمتك وتصميمك على النجاح والتفوق وتأكيدك لذاتك في الحياة. وكما قيل: "إذا حسُن البدء حسُن الختام"؛ فاللهم أحسن خواتيمنا جميعاً.