السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
جزاكم الله خيرا على ما تقدمونه من خدمة للمجتمع, أنا لدي مشكلة وأحببت أن أستشيركم فيها.
أنا سيدة في الأربعين من عمري متزوجة من عشرين عاما, تزوجت في إحدى دول الخليج حيث عشت هناك 17 عاما وكانت حياتي تتسم بالهدوء وكنت أحيا مع عائلتي حياة يملؤها الحب والحنان والدفيء وكل ما هو جميل في هذه الحياة....
كان زوجي رجلا حنونا وعطوفا علي وكانت حياتنا مستقرة لأبعد الحدود وعندما تواجهنا أي مشكلة نتفاداها بعلاقتنا المتينة وصلابة موقفنا المشترك وقد رزقنا بثلاثة أولاد وبنت وكنا نحيا بطريقة شبه مثالية, لقد كان زوجي موظفا في إحدى الدوائر الحكومية في ذلك البلد وفي ذات يوم جاء بخبر كان كالصاعقة بالنسبة لنا وهو الاستغناء عنه من العمل, هنا بدأنا نعد ونحضر أنفسنا لنجمع أغراضنا وما يلزمنا للعودة إلى بلدنا في إحدى البلدان العربية.... ومن هنا بدأت المأساة..
كانت عائلة زوجي التي تعيش معنا في البلد الخليجي ترفض عودته إلى بلده الأصلي وكم حاولت إقناعه بأن يبقى هناك لكنه رفض وبإصرار بحجة أنه يملك البيت ليعيش في بلده وأي عمل سيعمل به سيستطيع أن يحصل بسهولة منه على لقمة العيش وتحمل مسؤولية عائلة بأربع أولاد ومن هنا بدأت مشكلتي.
عندما كنت أعيش في الغربة كنت أتمنى وأحلم بذلك اليوم الذي سأعيش فيه ببيتي بين أهلي وعائلتي وإخوتي وكنت أتصور وقتها عندما يتحقق هذا الحلم سأكون أسعد إنسانة في هذا العالم...... لكن سرعان ما اصطدمت بالحقيقة.... ما إن بدأت بالاستقرار بعد أن رتبت أمور بيتي وانتهينا من إجراءات تسجيل الأولاد في المدارس بدأت ولادة مشاكل من نوع جديد لم أكن أتخيلها بيوم من الأيام كان زوجي إنسانا غريبا وبدأت أشعر وكأنه إنسان آخر غير الذي عشت معه سنين طويلة تبلغ ال 17 عاما.....
من أين أبدا؟؟
أولا هو ليس بيده صنعة ليعمل بها أو مهنة أو شهادة عالية شاءت الظروف بأن يقوم ببناء معمل مع والدي حيث كان والدي على أبواب الانفصال في العمل مع إخوانه ليستقل بنفسه ليؤسس معمل بسيط وقاموا سويا بشراء قطعة الأرض ليبدؤوا..
زوجي له حصة ووالدي ثلاث حصص وما كادوا ليصلوا إلى نهاية التأسيس ليحدث ما لم يكن بالحسبان أن يصاب والدي بجلطة دماغية تضرب عنده مركز النطق وواجهنا الفترة الأولى من مرضه بصعوبة بالغة..... وبعد تدخل أحد الأطراف وهو من أقارب أبي ليستمر العمل مع زوجي خاصة أنه لا يعرف أمور هذا العمل من تجارة وخلافه فهو طول حياته موظف. وعندما دخل هذا الشخص لم يحدد زوجي حدود العمل التي يريدها هو والمتعلقة به مما جعلني أعتقد أن زوجي إنسان سلبي وجعل هذا الشخص يتصرف كما يحلو له دون مراجعته أبدا مع أنه يعمل معه وله حصة في المعمل...
وبعد فترة من عدم التفاهم مع أبي الذي هو صاحب العمل قرر هذا الشخص بيع المعمل لأنه وضع في بداية دخوله نقودا فيه لم تكن كثيرة ولكنها كافية ليأخذ قرار ويؤثر على والدي وعندما باع أول ماكينة أخذ زوجي النقود دون أن يتفوه بأي كلمة أو يرفض أو يعترض بأنه يريد إكمال وبعدها انقطع عن العمل وسافر 3 أشهر لتجديد الإقامة وبهذا التصرف زاد يقيني أنه سلبي ولا يعرف أن يتصرف بشكل صحيح....
أعرف جيدا بقرارة نفسي أن زوجي يجد صعوبة كبيرة في التأقلم مع ظروفه الجديدة بكل أشكالها سواء البلد أو العمل أو الناس الجدد ولكنه يرفض الاعتراف بهذا. ورغم أني أحاول جاهدة مساعدته لتجاوز هذه الصعوبات غير أن ذلك لا يعود علي إلا بالمزيد من الانفصال العاطفي بيني وبينه.... فأصبح كثير الانتقاد لي لأي تصرف وطول ال 17 عاما لم يوجه لي أي انتقاد ولم أجد منه إلا التشجيع الدائم لكل شيء.. أما الآن اختلف كل شيء وكأنه إنسان آخر... مع أني أتحمل كل مسؤوليات بيتي وأقضي حاجيات البيت إلا أنه يشدد علي إذا ما فكرت بقضاء أحد الواجبات الاجتماعية من زيارات واجبة وليست للتسلية أو للترفيه مع أني بحاجة لها كثيرا.
إنني أتساءل هل هذا خطأي لأنني عودته منذ أن أتيت إلى بلدي أني موجودة له وللأولاد فقط .مع أنني أنا كما أنا في علاقاتي الاجتماعية سواء عندما كنت هناك في الغربة أو هنا. ويجدر بي القول أن الزيارات هنا تكاد تنعدم وكانت أكثر في الغربة وهنا ينتقد وهناك لم يكن يعترض أبدا بل يشجع ويتعاون ووصلت الأمور إلى فقدان لغة الحوار بيننا فأنا كثيرا أحاول التفاهم معه بموضوعية حول ما يقابلنا من ظروف لكنه لا يتجاوب ويرفض دوما الكلام وكل من يفاتحني بهذه المواضيع يجد آرائي منطقية وصحيحة وممكن أن تطبق على أرض الواقع ونجد من خلالها الكثير من الحلول للمشكلات التي تواجهنا مما يزيد في حيرتهم لعدم تقبله لهذه الآراء أو مساعدتي لتطبيقها مما يزيد في حيرتي وتشتتي وألمي وطول صبري.....
وكثيرا ما أشعر أنني في وسط بحر دون وجود أي مجال للنجاة. وأشعر أن الحائط الذي كنت أستند عليه قد تهدم... أو بالأحرى جبل كان قويا وراسخا وحنونا ولم يعد موجدا الآن أريد أن أعرف السبب ما الذي يحصل .لماذا فقدت زوجي رغم أنه يعيش معي. لماذا لم أعد أشعر بحبه أو عطفه أو حنانه.... أصبح شخصا نكديا غريبا منتقدا لا يبدي أي رعاية أو اهتمام أو تعاون للإنسانة التي منحته شبابها وحياتها..
كثيرا ما أشعر بالانهيار والإحباط المتكرر لفشلي في إعادة تلك العلاقة الجميلة الوردية التي كانت موجودة.... ومع أنني أحاول جاهدة أن أعمل كل ما بوسعي ليجتاز ونجتاز معه هذه المرحلة القلقة من الحياة دون أي خسائر ودون أن أخسر زوجي أو عائلتي أو وصحيح أنا على أبواب الأربعين لكني مازلت أحتاج لحنان كبير وعطف كبير من الإنسان الذي عشت معه أجمل أيام عمري..
هل من المعقول أن تضيع كل المشاعر التي كنت أعتقدها دائمة بسبب أي ظروف أو يكون وجودها مرهونا بظروف عمله المستقرة؟؟؟!!!
أعتقد أنه يجب أن تبقى وتقوى مع الأيام كي نستطيع من خلالها مواجهة الظروف لا أن تكسرنا الظروف، أنا مازلت أحتاج دعم زوجي ليساعدني لأصل بأولادي إلى بر الأمان وخاصة أنهم أصبحوا في مراحل حرجة من العمر ويحتاجون كل الاستماع والتفاهم وأن تكون طاقاتنا موجهة لهم.
لقد أصبحت خائفة جدا عليهم وأخاف أن أكون عاجزة أمامه لعدم تقديمي لهم ما يحتاجون من سكينة وهدوء بال وطمأنينة كي يجتازوا مرحلة المراهقة دون أي رواسب نفسية تعيقهم عن ممارسة حياتهم بشكل طبيعي، لقد عشت طفولة وحياة قلقة عند أهلي بسبب مشاكل أبي وأمي التي انتهت بزواج أبي ولا أريد لهذا أن يتكرر مع أولادي.
أنا لا أخاف أن يتزوج علي لأن هذا مستحيل وأنا متأكدة من ذلك فهو يعرف من أنا وماذا أقدم.... أحيانا أعترف أن الذي وصل له زوجي هو بسبب شعوره بعدم الاستقرار بالبلد وبطريقة العمل هنا وبطريقة الحياة بشكل عام هنا.. هل من سبيل لاستعادة حياتي وزوجي وتحقيق أهدافي بحياة هادئة مستقرة؟ هل يوجد أمل أن تعود حياتي كما كانت بل وأفضل؟
كم أشتاق لها، أرجو أن تناقشوا كل جزئية وأنتظر ردكم بفارغ الصبر،
R03;ولكم كل الشكر والامتنان.
23/02/2007
رد المستشار
حضرة السيدة "تولين" حفظك الله؛ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لقد قرأنا وبإمعان قصتك الطويلة، وتأسفنا مثلك على غروب شمس سعادتك في الوقت الراهن.
رأيُنا يا سيدة "تولين" بأن كل الزيجات وبدون استثناء تمر في عدة مراحل منها السعيدة والهادئة ومنها الصاخبة والمشوبة بشيء من التوتر. فكما شكرنا في حالة الرخاء، علينا الشكر والعمل على الحلحلة للمشاكل في حالة الشدة لأن قوة الإنسان وبراعته تبين في الحالات الصعبة وليس في الحالات السهلة.
يقول الباري عز وجل "(أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ) (العنكبوت:2) ويقول عز وجل (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ) (البقرة:155).
إذاً لا يمكن بلوغ المراتب العليا بدون النجاح في الامتحانات. وأنت الآن أمام واحد من هذه الامتحانات حيث نتمنى لكِ النجاح.
أختي الكريمة: في هذه المرحلة تبلغين ذروة الحاجة إليك، فهذا الرجل طالما بادلك الحب والحنان والرعاية، بات اليوم أسير المشاكل وهو يدعوكِ لأن تقفي إلى جانبه، تخففين عنه، وتشجعينه للنهوض من جديد. وإذا لم تجدي عنده تجاوباً، أقل الإيمان يكون بتركه وشأنه دون إضافة مشاكل زوجية وعائلية على مشاكله في العمل.
اليوم إذا ما سألنا الأولاد عن رأيهم، إننا نسمع رد معظمهم بأنهم بحاجة إلى حنان الأم وعطف الأب ورعاية الاثنين معاً. فإذا كان أحدنا غير قادر، فعلى الشريك الآخر أن يملأ الفراغ ويقوم بالحِمل بمفرده حتى تعافي الشريك.
سيدتي الكريمة لقد حُفت الجنة بالمكاره وحُفت الدنيا بالطيبات السهلة.
إننا نجد أن عنوان الحل لكافة مشاكلك الحالية هو الصبر بالإضافة إلى الاستعانة بالله عزّ وجل والتضرع والصلاة ."إن مع العسر يسراً".
كما وننصحك بقراءة كتاب الحياة الزوجية حقوق وواجبات(4)، المنشور على موقعنا.
نتمنى لكِ النجاح.
السلام عليك ورحمة الله وبركاته.
ويتبع >>>>>>: أريدها زهرة متفتحة عبقة