السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالب جامعي أدرس في فلسطين، أمنيتي أن أحصل على علامات عالية في الجامعة، ولكن أنا أقوم بالدراسة المنتظمة يوميا ولكن دون ناتج، قال لي الكثير: "لا يوجد عندك تركيز أثناء الدراسة؛ ولهذا أنت لا تحصل على علامات عالية".. فلا أدري ما الحل؟ لا أعلم إذا كانت طريقة دراستي خاطئة أم ماذا؟ مع العلم أنني كنت من الطلبة المجتهدين في الدراسة ومن الأوائل (أيام المدرسة).
هذه المشكلة جعلتني أحلم ليلا بدراستي وجعلت حياتي صعبة جدا، لا أعلم إذا كان تخصصي إلكترونيات تطبيقية غير ملائم لي، أصبحت نفسيتي سيئة للغاية بسبب العلامات المتدنية التي لم أكن أراها سابقا، دراستي في الجامعة تمثل لي المستقبل، وكنت أحب أن أكمل الماجستير في دراستي الجامعية، ولكن العلامات المتدنية التي لا أتقبلها منعتني؛ لأنني أعتقد أن العلامة العالية في الجامعة هي التي تؤهلني للحصول على العمل وإكمال دراسة الماجستير.
كذلك أعاني من ضيق في التنفس كثيرا خاصة في الليل، ولا أستطيع النوم عندما أحاول النوم إلا بعد ساعات عديدة، أي أنني أعاني من الأرق، وأعاني من مشكلة التفكير اللاإرادي طوال يومي تقريبا، ولا أعلم إذا كان وسواسا قهريا أم ماذا؟ وأنا على استعداد لكتابة كل ما يدور في خاطري.
شكرا لكم
واقبلوا فائق الاحترام.
7/3/2007
رد المستشار
الأخ العزيز أهلا وسهلا بك، وشكرا على الثقة بصفحتنا استشارات مجانين.
من الواضح يا أخي أنك تتحدث عن تغير طرأ على حالتك الذهنية والمعرفية بسبب اضطراب نفسي ما، قد يكون اضطراب القلق وقد يكون اضطراب الاكتئاب، وقد يكون خليطا منهما، وربما يكون وسواسا؛ فقولك أعاني من التفكير اللاإرادي لا يكفي لكي نشخص اضطراب الوسواس القهري، المهم أن ذلك التغير أثر على قدرتك على التحصيل الدراسي؛ فتغير مستواك بعدما كنت من المجتهدين المتفوقين، وتدنت علاماتك الدراسية.
وفيما يتعلق بتأثير ذلك على إمكانية مواصلة الدراسات العليا، فما أظنه هو أن من الممكن لكل خريج أن يحصل على الدراسة العليا إذا دفع رسوما معينة، بمعنى آخر لا داعي للقلق بهذا الشأن.
وسنركز بعد ذلك على الأعراض النفسية التي تشير إلى نوعية اضطرابك النفسي، فبينما تضع أنت لنا الأحداث وكأن تدني علاماتك الدراسية هو السبب في اضطرابك، أعتقد أنني أميل إلى العكس، أي أن أعراض الاضطراب المتمثلة في كثرة الانشغال والقلق فيما يتعلق بالدراسة، إضافة إلى الحرص أكثر من اللازم على تحصيل العلامات، كل ذلك أدى إلى عدم القدرة على التركيز مثلما قال لك بعضهم، ونتج عن ذلك سوء الأداء في الامتحانات، وبالتالي تدني العلامات؛ ما زاد أعراض القلق لديك سوءا.
ولعل أهم ما يرجح كفة القلق في حالتك هو الأرق المسائي (أي في بداية النوم) والشعور بضيق الصدر والذي تصفه بقولك: "كذلك أعاني من ضيق في التنفس كثيرا خاصة في الليل"، إضافة إلى الأحلام المتكررة المتعلقة بالنجاح أو الفشل في الدراسة والانشغال طوال اليوم فيما تسميه بالتفكير الاجتراري.
وقد تكون هناك بعض علامات الاكتئاب ظهرت بالفعل وأغفلتها أنت، أو ربما هي بادئة في الظهور بسبب عواقب القلق وطول المعاناة منه، فعدم القدرة على التركيز والأرق، وكذلك الانشغال قد يكون أيضًا علامة على وجود الاكتئاب، وقد تكون أنت في الأصل شخصية قلقة، وهكذا يكون اكتئابك ممزوجا بأعراض القلق، وهنا أحيلك إلى ردودنا السابقة على استشارات مجانين تحت العناوين التالية:
عسر المزاج، والاكتئاب
الاكتئاب الدائم أم عسر المزاج؟
عسر مزاج مبكر البداية؟أم اكتئاب مضاعف؟
النسيان والذاكرة والتركيز
وأما فيما يتعلق بطريقتك في المذاكرة وهل هي خاطئة أم ماذا؟
فنحن طبعا لا نعرف ما هي طريقتك في المذاكرة، هل تبقى ساعات تبحلق في الورق مثلا دون أن تفهم شيئا؟ أم أنك سرعان ما تنسى ما تفهمه أو تحفظه؟ لا ندري تحديدا طريقتك، ولكننا نعرف من خلال إفادتك أنك استطعت سابقا أن تتفوق وتلتحق بالتالي بدراسة الإلكترونيات التطبيقية التي نعتقد أنها تحتاج لعلامات عالية كي تسمح لك بالالتحاق بها، واقرأ:
الذاكرة والتركيز بداية ملف
لكن المهم هنا هو أن تكون مدركا لوجود فارق بين المطلوب من الطالب في مرحلة ما قبل الجامعة والمطلوب منه في مرحلة الجامعة، فبينما تعتمد الدراسة قبل الجامعية في معظم بلداننا على قياس قدرة الطالب على حشو رأسه بالمعلومات وتكون المواد الدراسية محدودة الكم بما يصلح لذلك الغرض، تعتمد الدراسة الجامعية غالبا على قياس قدرة أخرى هي القدرة على التجميع وفهم العلاقات بين المتغيرات المختلفة وكيفية القياس والتطبيق.
صحيح أن دراسة الإلكترونيات التطبيقية ستحتاج منك إلى حفظ بعض المعادلات أو القوانين، لكن المؤكد أنك تحتاج إلى الفهم والتركيز أكثر مما تحتاج إلى الحفظ، فإذا كنت تعتمد محاولة الحفظ سبيلا وحيدا للمذاكرة فقد تكون هنا المشكلة.
ولكن الواضح يا أخي هو أنك ستحتاج إلى التقييم المباشر من قبل طبيب نفسي متخصص؛ لأن الأعراض التي وصفتها لنا تشير إلى وجود اضطراب نفسي يحتاج إلى تشخيص دقيق ثم إلى خطة علاجية مناسبة له، وسواء كانت الدراسة سببا أو نتيجة أو كليهما فعليك التوجه إلى أقرب طبيب نفسي،
وأهلا وسهلا بك دائما فتابعنا بالتطورات.