الإحباط واليأس
تسيطر عليّ حالة من اليأس والإحباط معظم الوقت، وهذه الحالة المزاجية ملازمة لي منذ طفولتي ربما في عمر الخمس سنوات أذكر ذلك، كنت متفوق دراسيا ويصفني الجميع بالذكاء الشديد ولكن كنت أفتقد الكثير من المهارات الاجتماعية والتفاعل مع أقراني وربما أشعر بالجبن أحيانا والخوف من كل شيء في صغري كلما تقدمت في العمر أشعر بفقداني لكثير من الأشياء وأشعر بالإحباط، بدأت هذه المشاعر تؤثر علي كثيرا وأشعر أنه لا فائدة في الحياة ما دمت إنسان غير اجتماعي وأشعر بالفشل ففقدت الاهتمام بالدراسة رغم ذلك تخرجت من الجامعة وتعبت جدا في الحصول على عمل مناسب وكثيرا ما أقارن نفسي بغيري ممن كانوا أقل تفوقا أو ذكاء مني وأشعر بالفشل
أنا أصلي وأحافظ على الصلاة ولكن أكره وجودي وأتمنى أن لم أولد وكثيرا ما أندم على زواجي وإنجابي وأتمنى أن يموت أولادي وهم صغار حتى لا يقابلوا صعوبات في الدنيا ويتعبون في الدنيا ثم تكون نهايتهم الموت وربما النار فما الفائدة في الحياة ونحن نرى الموت والقتل والحروب والجوع والأمراض وتلك الأفكار تقودني لأكره الكون بما فيه وربما أقول في نفسي أين الله ولما يفعل ذلك بنا فما الفائدة أن يخلقنا الله ونتعب في الحياة هكذا وتكون النهاية النار للبعض أي مصحلة في ذلك
أتناول كثيرا دواء البروزاك وأشعر أحيانا بتحسن وتوقف هذه الأفكار لكن إذا قابلني أي موقف محبط (فقدان وظيفة أو فشل في مشروع...) سرعان ما أعود
لا شك أن هذه المشاعر تؤثر على الدافعية والحماس وقدراتي العقلية
وهذا بالطبع يؤثر على عملي ودخلي
24/5/2019
رد المستشار
للسائل نقول أن ما تصفه من أعراض هي متلازمة تعرف باضطراب عسر المزاج المزمن، وهو نوع من الاكتئاب الذي قد لا يؤدي إلى توقف حياة المريض نهائيا ولكنه ينغص عليه حياته ويعوق استمتاعه بها وبالجوانب الإيجابية الكثيرة فيها، فعلى سبيل المثال يذكر السائل كثيرا من الجوانب الإيجابية في حياته كذكائه وتفوقه ونجاحه في عمله ونجاحه في تكوين أسرة وأنه رزق بأطفال وكل هذه نعم كبيرة يبحث عنها كثير من الناس فلا يجدونها، ومع ذلك فإن الحالة المزاجية السلبية التي يعاني منها السائل تمنعه من رؤية هذه الجوانب الإيجابية ومن استغلال الفرص المتاحة له في الحياة، حتى أنه يرى الوجود في الدنيا في حد ذاته مشكلة لأنه قد يؤدي إلى دخول النار بدلا من أن ينظر إليه كفرصة للخلود في الجنة (سواء بالنسبة إليه أو لأبنائه).
ومن أعراض هذه الحالة المزاجية أيضا أنها تؤثر سلبا على تركيز الشخص ونشاطه وحيويته وقدرته على العمل والإنتاج وتملأ ذهنه بالأفكار السلبية التي لا فائدة ترجى منها ولن تغير من الواقع شيئا، فالأمنية التي تتمناها بأن تكون غير موجود لن تغير من حقيقة أنك موجود بالفعل، والأولى أن تفكر كيف سترتقي بوجودك هذا وتحقق الغاية المطلوبة منه من عمل نافع وصالح يرتقي بك إلى الحياة الطيبة في الدنيا والجزاء الحسن في الآخرة، وهي كلها مهام سهلة وميسورة وليس من المستحيل تحقيقها بنسب نجاح معقولة بشرط عدم الإسراف في المثالية،
وأخيرا فإن هذه الحالة المزاجية السبية وتوابعها المذكورة مرتبطة بمستوى إفراز بعض المواد في المخ كالسيروتونين ومن المفيد تناول العقاقير المنظمة لإفراز هذه المواد كالبروزاك أو غيره بانتظام لضمان الحصول على الفائدة المرجوة منها كما أنه من المفيد أيضا الانتظام في جلسات للعلاج المعرفي السلوكي للتدرب على تحدي الأفكارالسلبية واستبدالها بأخرى إيجابية ومشجعة على العمل والتحرك للأمام
والله المستعان
واقرأ أيضًا:
اضطرابات وجدانية: عسر مزاج Dysthymia