التأثر بالأصدقاء، السلام عليكم بعد التحية؛
أنا فتاه ابلغ من العمر 28 عاما، تم عقد قراني منذ اقل من سنة على شاب لم أعرفه غير مدة قصيرة قبل عقد القران.
مشكلتي تتلخص في أمرين أساسيين في حياتي:
1-أني أتأثر تأثر شديد جدا حينما اسمع مشكلات أصدقائي وزملائي مع زوجاتهم أو مع أزواجهم حيث إنني أرى نفسي في نفس الموقف يوما ما ومقهورة وفي منتهى الضعف وزوجي يعاملني أقسى معاملة ويهينني أمام أولادي و ابدأ في دوامة اكتئاب نفسي وأكره الحياة وأتعامل مع نفسي كأنني أصبحت في هذا الموقف وأن كل الرجال خائنين وأني لن أرى السعادة يوما ما،
مما يعكس معاملتي لزوجي فأصاب باللا مبالاة وكأن النتيجة دائما واحدة، وأبدأ في اتهامه بأنه قاسى القلب وأنه يعاملني معاملة سيئة، أما بالنسبة لزوجي فهو يتهمني بأنني أريد الحياة دائما وردية ولا أستطيع تحمل أي مشكلة ولو كانت تافهة وأني أغضب على أقل شئ وأبدأ بالشك فيه وفي سلوكه وكأنني أرى فيه صورة من أزواج صديقاتي، مما جعله يتهمني بأنني لا أحبه وأكره الزواج منه وأني نادمة على الزواج منه وأنني إذا عاد بي الزمان فلن أتزوجه أبدا.
2- المشكلة الثانية أنني نشأت يتيمة الأب ورباني زوج والدتي ولكنى حينما كبرت أصبح مجرد صورة أمام الناس فقط كأب، فحينما تحدث أي مشكلة بيني وبين زوجي أتخيل نفسي بلا ظهر ولا حماية وأن زوجي مستغل موقفي في أنه لا رجل في حياتي غيره وأبكي بكاء شديد جدا وأصبحت أبكي كثيرا جدا جدا على حالي كالأطفال،
مع أني أحب زوجي ولكنى لا أرى إلا مساوئه مع أنه يتمتع بأخلاق كثيرة حميدة، ويحبني حبا كبيرا ولكنه عصبي جدا ولا يحتملني إلا نادرا وحينما نتشاجر يكون قاسيا على أحيانا في رده عليه، ولكنه حينما تصفى الأمور بيننا أشعر انه إنسان حنون جدا وأن كل ما قاله من وراء قلبه، وهو اعترف لي بذلك كثيرا.
*ملحوظة: زوجي كان يعمل في أمريكا و قرر العودة إلى مصر لنتزوج وبعد ما تزوجنا بشهرين قرر العودة إلى أمريكا لفترة حتى يجد عملا في مصر حيث أن الظروف الاقتصادية في مصر صعبة جدا، ولكنه الآن قرر العودة ثانية إلى مصر ولكن بعد بضعه شهور حتى يكون قد تمكن من ادخار مبلغ يعيننا على بداية حياتنا بدون مشاكل مادية بإذن الله.
رد المستشار
الأخت الكريمة: يخطئ من يتصور أن الحياة الزوجية إبحار دائم في بحور السعادة والهناء، ويخطئ من يتصورها معركة حربية بين ندين كل منهما يريد أن ينتصر على الآخر، فالحياة الزوجية كما أرادها المولى عز وجل شركة بين طرفين، العقد بينهما ميثاق غليظ وأساس هذه الشركة قائم على المودة والرحمة والسكن، وهدف هذه الشركة بداية هو تلبية احتياجات أفرادها العاطفية والروحية والجسدية، وتوفير المناخ الصحي والآمن لنشأة الصغار، والنظرة السريعة إلى مجتمعاتنا تبين لنا مدى الخلل الموجود في نظام الأسرة عندنا،
بدءا من مفهوم وتصور الأسرة ومرورا بغياب فقه وتصورات كيفية تكوين الأسر والإلمام الجيد بضوابط الاختيار وانتهاءً بالتعاملات والعلاقات بين الزوجين وكيفية إدارة شئون الحياة والإبحار بسفينتها في بحر متلاطم الأمواج، وغياب الفهم والفقه والوعي بهذه الأمور هو ما أنتج أسرا مختلة النظم، تكاد تتصدع من داخلها بما تنوء به من أسباب الانهيار الداخلي، ولا مفر لنا إن أردنا أن نصلح جوانب حياتنا الاجتماعية من أن نتعلم ونعى ونفهم فقه العلاقات الزوجية،
وبالطبع لا أعنى بفقه العلاقات الزوجية الاقتصار على الفهم والعلم الشرعي، ولكنني أعنى المعنى الواسع والشامل للفقه، وتداركنا لهذه الأمور وهذه الأخطاء لازم وضروري إذا أردنا لحياتنا الاجتماعية أن تصلح وتصبح أكثر قدرة على مواجهة أنواء الحياة.
والبداية تكون بتعلم فقه وضوابط الاختيار، فالتصور السائد أننا في علاقاتنا الزوجية نتعامل مع ملائكة تمشى على الأرض هو تصور منقوص، وليس له أي أساس من الصحة والواقع أننا نختار من العيوب في شريك حياتنا ما يمكننا أن نتعامل معه ونتأقلم عليه، فانظري إلى زوجك وحاولي أن تقيميه على هذا المحك، وتعرفي على عيوبه، وحددي استراتيجية التعامل معها، فلو كان زوجك عصبيا كما تقولين فحاولي أن تتعرفي على الأشياء والتصرفات التي تثيره مع الحرص قدر المستطاع على تجنب هذه المثيرات،وهكذا يمكنك تحديد أسلوب للتعامل مع كل عيب من عيوب زوجك ومحاولة التأقلم مع هذه العيوب.
حاولي أن تجعلي فترة العقد فترة لبناء جسر التفاهم والمودة بينكما بحيث تمدكما هذه الفترة بالزاد لمستقبل الأيام،تعرفي جيدا على طباعه، على ما يحب وما يكره، حاولي أن تقرئي صفحات كتابه، وكوني له كتابا مفتوحا،احرصي على أن تأتى كل ما يحب قدر المستطاع وأن تتجنبي كل ما يكره. ولا تجعلي قصص الأصدقاء كابوسا يعكر عليك صفو حياتك، ولكن اجعلي هذه الحكايات بمثابة الخبرات المضافة إلى خبراتك الحياتية،
اعكفي على كل قصة وحكاية وحاولي أن تحللي جوانبها المختلفة، ولا تعتبري كل ما يقال مسلم به لأن خبرتنا في التعامل مع المشكلات الزوجية أثبتت لنا أنه لا يمكن الحكم على أحد طرفي العلاقة دون النظر إلى الطرف الآخر وملابسات القصة،ودورك هنا لا يعتبر دور القاضية أو المحققة ولكنني أريدك أن تحللي جوانب القصة محاولة رسم صورة للأحداث والمبررات التي دفعت أحد الطرفين للتصرف بهذا الأسلوب أو ذاك.
لا تشغلي بالك بغياب والدك عن الحياة وغياب دعمه عنك، ولكن كوني قريبة من زوجك بحيث يكون هو لك سندا ودعامة.
واعلمي أنه في مشاكل الحياة اليومية والعادية لا يفضل للزوجة – وكذلك الزوج – أن تلجا لأهلها حتى لا توغر صدورهم على زوجها، والأمر طبعا يختلف لو تطورت المسائل بينهما بحيث احتاجا للتحكيم، فلا تقدري البلاء قبل وقوعه، وإذا حدث لا قدر الله خلاف يستدعى تدخل الأهل فسييسر الله لك من يكون بجانبك سواء كان عم أو خال أو غير ذلك من الرجال. إذا شعرت أن الأمور لا تتحسن وأنك على حالك من القلق والتوتر فقد يكون من المفيد أن تراجعي الأخصائي النفسي.
الأخت الكريمة: لا يسعنا إلا أن ندعو الله أن يهدئ من روعك، وأن ببسر لك الخير كله، كما نقول لك: "بارك الله لكما وبارك عليكما وجمع بينكما في خير".