لعب جنسي في الطفولة، ومصدر للألم في الكِبَر
عندما كنت في الطفولة (عمري عشر سنوات، في الصف الرابع الابتدائي) لعبت مع صديقي في الصف مثل أغلب الأطفال في المدارس لَعِبًا جنسيًّا ممَّا جعلني في نفس الفترة (عشر سنوات أيضًا) قُمْتُ باللَّعِب مع أطفال يصغرونني بكذا سنة لَعِبًا جنسيًّا أيضًا، ولكنِّي سُرْعَان ما توقفت بعد تكرارها كذا مرة، وأحسست بالذنب، وحكيت لأُمِّي كل المواقف بالتفاصيل، ولم أُعَاوِد تلك التصرفات السيئة، ثم نسيت ذلك الموضوع.
إلى أن اصبح عمرى ١٩ عامًا، ثم تذكرته فجأة، وأصبح يَعْصُرُ قلبى عَصْرًا، وألوم نفسي بشِدَّه وأحس وأشعر بالضِّيق، دائمًا مُتَذَكِّر ذلك الموضوع ولا أنساه أبدًا، ولكني أعلم أنَّه كان في الطفولة، وأن تصرُّفاتي تلك لم تكن عن دِرَايَة، وأنِّي لا أُحَاسَب عليها، ولكنِّي أشعر بالذنب وألوم نفسي.
هل هذه التصرفات شيء طبيعي؟ وهل تستحق كل ذلك الألم والحزن والضيق؟ أم أنَّه لَعِب أطفال وفضول؟.. مع العلم أنَّنِي كنت طفلًا مُهَذَّبًا جدًّا، ومُصَلِّي، ومُتَفَوِّق دراسيًّا حتى الآن... وأنا طالب في كلية الطب، ولكن هذا الموضوع يؤَثِّر على دراستي.
أريد أن أعرف سبب أنِّي فعلت هذا، وهل هذا طبيعي أم لا، وهل يستحق أن ألوم نفسي...
أرجو الرد، وشكرًا.
12/3/2021
وأرسل بعد 3 أيام يقول:
لعب جنسي في الطفولة، ومصدر للألم في الكِبَر
مشكلتي بدأت حينما حدثت لي بعض الاضطرابات النفسية، والَّتي أدَّت إلى أن أتذَكَّر ذكريات الطفولة الجنسية التي لم أكن أعمل لها اعتبار وكانت تافهة بالنسبة لي، ولكني عندما تذَكَّرْتُها قلبت حياتي رأسًا على عَقِب، ودائمًا في حزن وتوتر وقلق بسبب هذه الذكريات، وهي أنِّي عندما كنت في الصف الرابع الابتدائي (وعُمْرِي ١٠ سنوات) طلب منِّي صديقي فعل بعض الأفعال الجنسِيَّة مثل اللمس والرؤية (دون أي شيء تاني لأنِّي لم أَكْن أَفْقَهُ أيَّ شيءٍ من ذلك)، وبسبب الفضول فعلت هذا مرتين تقريبًا، ولكنّني شعرت بتأنيب الضمير والحزن، وحكيت لوالدي الاثنين، فنَهَرَنِي أبي وأُمِّي وأخافاني وبكيت.
هذا الموقف كله جعلني فيما بعد ألعب لَعِبًا جنسيًّا مع أطفال قرايبي أصغر منِّي (بخمس سنوات أو أكثر) أيضًا باللَّمس والتَّحَسُّس، ومرة لمسته بشِفَّتِي أو كِدْتُ أن ألمسه ولم أفعل (لا أتذكر الحقيقة)، ذلك لأنَّنِي لم أكن أفقه ما هذا... أنا لم أكن أعرف أنَّ هذا تحرُّشًا أو أي شيء من هذا، ولكنِّي سُرْعَان ما توَقّفت عن هذا فى نفس الفترة (عشر سنوات أيضًا) ولم أُكَرِّرْهُ.
ولكن عندما أتذكر تلك الذكريات أحس بأني شخص قبيح، رغم أنَّني كنتت طفلًا قِمَّة في الأخلاق والدين والتفَوُّق والدِّراسة، وأنا طول عمري مُلْتَزِم دينيًّا _الحمد لله_ ومتفوق، وأنا أدرس بكلية الطب، ولكنِّي كنت سعيدًا، حتَّى تذكرت تلك الذكريات التي أشعر بسببها وكأنَّني قبيح أو مُتَحَرِّشًا، ورغم أنني كنت طفلًا وأعلم أني لا أُحَاسَب ولكن تلك الذكريات تُزْعِجُنِي كثيرًا وتُنَغِّصُ عليَّ حياتي، وحينما أُصَلِّي أو أقرأ القران أشعر بأنِّي منافق، أو أقرأ آيةً فيها وَعِيد أو شيء مثل هذا أشعر بأنِّي سأُعَذَّب... أعلم أن تلك وساوس، ولكنِّني مُنْزَعِج كثيرًا ولا أعلم ما الحل.
أريد أن أعرف لماذا فعلت هذا فى الطفولة رغم أنِّي كنت ملتزمًا جدًّا جدًّا وأُصَلِّي وأحفظ القران وكل شيء؟ وهل موقف صديقي في المدرسة هو السبب في ذلك اللَّعِب مع الأطفال الأصغر مِنِّي بهذه الطريقة؟ وهل من المُفْتَرَض أن أحزن على تلك الذكريات (فتلك الذكريات تُؤَثِّر كثيرًا على مذاكرتي)؟
الذي يُحْزِنُنِي أيضًا أنَّني شعرت بأنِّي خَالَفْتُ تربيتي، وخالفت تربية أُمِّي وأبي لي، وأنِّي خالفت كلام الله، رغم أنِّنِي في الطفولة لم أتعَرَّض لأي مُثِيرَات جنسية سوى ذلك الموقف مع صديقي، مع العلم أنه كان يَفْقَه عَنِّي تلك الأشياء، وأنَّنِي لم أَكُن أفهم أي شيء من تلك الأشياء لأنَّه لم يُكَلِّمُني أحد في تلك المواضيع من قبل... أرجوكم ردُّوا عليَّ، أرجوكم لأن تلك الذكريات ستَقْتُلُنِي.
15/3/2021
رد المستشار
بادىء ذي بِدْءٍ نُحَيِّيك على التواصل مع هذا الموقع المُتَجَدِّد والمفيد للزائرين فيه، فقد قرأت شكوتك باهتمام، وكان بطبيعة الحال من الواجب عليَّ عرض مُقَدِّمَة بالضرورة عن أسباب السلوكيات الجنسية عند الأطفال.
فقد يكون أول ما يتبادر إلى الذهن أن من أسباب السلوكيات الجنسية عند الأطفال هو تعرُّض الطفل لاعتداء جنسي، وهو أحد الأسباب بالفعل، ولكن هناك أسبابًا عديدة أخرى مثل ضعف أو انعدام التَّوْعِيَة الجنسية والتَّعَرُّض للمواد الجنسية في وسائل الإعلام والأسر غير الآمنة التي تمارس التربية التي تعتمد على الإيذاء البدني والجنسي، أو البيوت التي يتَعَرَّض فيها الأطفال للإهمال، ويَسُودُها العنف تجاه الطفل أو بين الزوجين، وأيضًا رَدِّ فعل الوالدين تجاه السلوك أو بعض الظروف المحيطة بالطفل كميلاد إخوة جُدُد، أو التَّعَرُّض للاعتداء الجنسي الذي يجعل لدى الطفل نشاطًا جنسيًا زائدًا، حيث يقوم بسلوكيات سيئة مُقَلِّدًا أو مُجْبَرًا وليس بغريزة حقيقية.
وغالبًا ما تكون السلوكيات الجنسية مصحوبة بمشكلات سلوكية أخرى كالعدوانية، والاندفاع، وضعف العلاقات مع العائلة والأصدقاء.
وبالعودة إلى شكوتك فقد اتَّضَح أنك من الشخصيات التى لديها سمات وسواسية، والتي تتمَيَّز بِلَوْم النفس على سلوكيات تعلم بالضرورة أنك لن تُسْأَل عنها لكونك صغيرًا أثناء القيام بها، بل بالعكس كنت فى حاجة للفهم والتوضيح، ولكن كَوْنُك طفل صريح ومُطِيع وخائف مِمَّا قمت به وأردت أن ترفع عنك وَخْزَ الضمير سرعان ما توقفت بعد تكرارها كذا مرة، وأحسست بالذنب، وحكيت لأُمِّك كل المواقف بالتفاصيل، ولم تُعَاوِد تلك التصرفات السيئة، ثم نسيت ذلك الموضوع واتجهت للتَّدَيُّن والإحساس بالمراقبة (كونك أَطْلَعْتَ والدتك بالمشكلة) والاجتهاد، ومن ثم التفوق الدراسي والحرص عليه.
ولكن هيهات مع الضغوط الدراسية، وخصوصًا مُتَطَلِّبَات دراسة الطب مِمَّا يؤَدِّي إلى ضعف قوة الأنا، ويتظاهر عليك الضمير بالتَّأنيب على ما اقترفته سابقًا، رغم عِلْمِك بعدم المسؤولية عنه طبقًا للحديث الشريف: "رُفِعَ القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يَبْلُغ، وعن المجنون حتى يعقل" (رواه الإمام أحمد في مُسْنَدِه)، وكان ذلك فى صورة اجترارات وسواسية.
لذا عليك التَّوَجُّه لأقرب طبيب نفساني كي يتبَيَّن تشخيص الحالة، ويُوَضِّح لك الصورة كاملة، ويساعدك على التَّغَلُّب على تلك العَوَارِض السلبية والتي قد تُؤَثِّر سلبًا على حياتك أكاديميًّا أو صحيًّا أو اجتماعيًّا.... ولك خالص الدعاء براحة البال والتوفيق.