السلام عليكم
لا أعلم من أين أبدأ مشكلتي أنا إنسانة متزوجة، وأم لطفل، أحب زوجي، وهو يوفر لي كل ما أحتاجه، ولله الحمد يحبني ويخلص لي، ولكن عيبه الوحيد بأنه إنسان كثير الكلام واستفزازي لدرجة لا يمكن لأحد أن يتصورها، وأنا إنسانة رومانسية جدا، وهو لا يمت لهذه الرومانسية بشيء؛ لذا التفت لأكوِّن علاقة مع أحد الرجال من خلال الهاتف فقط، ولا أستطيع الآن تركه .
ضميري يؤنبني على عدم علم زوجي بهذا الشيء، وأنا أعيش في صراع نفسي والشخص الذي أكلمه في الهاتف يعاملني كأخت له، حيث يحيطني بحنانه، ولا يطلب مني شيئا غير أن أكون مرتاحة بحياتي ومبسوطة فقط، وهو لا يحملني ما لا أطيق فقط يشعرني بوجودي.. فما الحل برأيكم هل أسمع نداء العقل والضمير؟ أم أسمع نداء القلب؟.
أنا حائرة جدا جدا، وخائفة أن يعلم أحد بهذا الشيء فأنا جدا مرتاحة بوضعي الراهن بيتي، وعائلتي الصغيرة، وزوجي المتفهم الذي يوفر لي كل شيء إلا الشعور والإحساس والشفافية التي أنشدها.. هل أستمر بعلاقتي مع ذلك الشخص، حيث أعتبره أخا ألجأ له وقت الحاجة وهو كذلك، ولا شيء أكثر، حيث الشخص الآخر هو متزوج أيضا.
ما هو رأي الشرع والدين؟ ونفسيا هل أنا أعاني من مشكلة نفسية؟ أرجو الرد السريع، حيث هذه المشكلة لها أكثر من ست سنوات، وأريد حلا لها، وحاولت السؤال بهذا الشيء، ولكن لم أجد أحدا سوى الكتابة لكم، اليوم فأنا في أتم السعادة لأني وجدت من سوف يستمع لي لأني تعبت من سماع أصوات داخلية تؤنبني وتجعلني مذنبة حينا، وحينا أراها تقول لي: سيري في هذا الطريق، وتقول لا بد أن تجدي أحدا يسندك في أوقاتك العصيبة.
هناك أوقات يسافر فيها زوجي، ولكن لا أحاول فيها خيانته أو خيانة بيت الزوجية، وأضع الله نصب عيني، ولا أفكر في تلك الأفكار الغريزية نهائيا فزوجي غير مقصر معي بشيء، ولكن أريد أحدا أشكو له بعض همي.. حيث إن والدي متوفى، وليس لدي إخوة كبار وأحتاج لرأي سديد في كثير من الأمور.
والله ثم والله لم أحاول العبث بسمعتي أو سمعة زوجي، ولا أن أتصرف تصرفا أحمق نهائيا أرجو المشورة، حيث هذا الأمر يقلقني كثيرا، ويؤرقني وينسيني النوم في كثير من الليالي مع العلم بأني إنسانة محافظة على صلواتي، ومؤدية لجميع الفرائض دينيا واجتماعيا محبوبة جدا من الجميع، أرجو الرد السريع، وجزاكم الله كل خير.. أختكم دنيا.
15/7/2023
رد المستشار
الأخت الفاضلة.. تسألين عن الحكم الشرعي لعلاقتك بهذا الرجل الآخر عبر الهاتف، لمعرفة الحكم الشرعي يمكنك الرجوع قسم الفتوى بموقعنا، أو طرح هذا التساؤل والإجابة عليه بصراحة: هل يمكنك أن تخبري زوجك -المحب لك الذي لا يألو جهدا في إسعادك والذي لا يقصر في حقك – بأنك على علاقة برجل آخر عبر الهاتف، أكدي له أن هذا الآخر للحب والعواطف فقط، وأن المتع الجسدية خاصة به فقط، وأنك لم تتورطي في أي ممارسات تشينك أو تسيء إليه؟ هل تستطيعين فعل ذلك؟.
ستقولين إن خوفك من غيرته ستمنعك؛ إذًا أخبري أمك أو أختك أو إحدى القريبات أو الصديقات؛ هل يمكنك ذلك؟! بالطبع لا؛ والدليل على ذلك أنك تعانين منذ ست سنوات، ولم تجدي ملجأ لك سوانا لأنك تخاطبينا من وراء حجاب الإنترنت، إن سرا تخفينه في صدرك ولا تستطيعين أن تبوحي به لأقرب الناس لهو من الإثم والرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- يخبرنا أن: "الإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس"، أنت تشعرين أن ما تفعلينه خطأ، ولكنك جئت تلتمسين عندنا راحه لضميرك ونفسك اللوامة، وكان بودنا أن نحقق لك هذه الأمنية، ولكننا لا نستطيع أن نخالف الشرع والقيم والضمير، ثم من هو هذا الرجل -الذي تصفينه بأنه أخ لك- ورغم ذك يسمح لنفسه بأن يبادل امرأة متزوجة كلمات الحب والهيام؟ هل هذا أخ أم ذئب بشري يستمتع بعلاقة آثمة خارج إطار الزواج وبدون أي مسؤولية عليه؟!
ثم تعال ننظر للأمر من زاوية مختلفة: ماذا لو علمت أن لزوجك حبيبة يبثها كلمات الغرام والهيام أو الأخوة عبر الهاتف؛ والحججة موجودة فأنت لا تبادلينه هذه الرومانسية؟ هل تقبلين ذلك؟ وهل ستتحملين نار الغيرة التي تتأجج في صدرك؟ فلماذا تحرمين عليه ما تحلينه لنفسك؟!
أفيقي أختي الحبيبة.. فست سنوات من علاقة خارج إطار الزواج -حتى وإن كانت عبر الهاتف فقط، وحتى لو كانت كما تصفينها علاقة بريئة- أمر جلل، والشيطان –لعنه الله بتدبيره- يريد لهذه العلاقة أن تستمر؛ ولذلك يحافظ عليها بريئة وطاهرة أمام عينيك لأطول فترة ممكنة؛ وذلك لعلمه بأن نفسك تعاف الفاحشة، وأن اقترابك منها قد يدفعك لقطع هذه العلاقة؛ وهو يريد لك أن تستمري في إثمك لتحصدي أكبر قدر من الذنوب، وإصرارك على هذه المعصية حتى -وإن كانت في نظرك بسيطة- يحولها إلى كبيرة من الكبائر "فلا صغيرة مع الإصرار ولا كبيره مع الاستغفار"، وهذا الشيطان لعنه الله بمكره ودهائه يحاول أن تظل العلاقة على هذا الحال أطول فترة ممكنة؛ ولكن من أدراك أن هوى نفسك لن يتدخل في لحظة ضعف وتجدين نفسك تنزلقين إلى ما لا ترضاه أي امرأة عندها بقية من دين وحياء .
أفيقي أختي الحبيبة، واصعدي بسرعة لقمة الجبل، ولا تحاولي أن تضعي قدميك ثانية على المنحدر؛ فإن من يبدأ في الانحدار يصل حتما إلى الهاوية وإن طال به الزمان، أفيقي قبل أن تجدي نفسك مثل إحدى النساء، التي تورطت في الفاحشة مع من كانت تعتبره ملجأ وملاذا لها، وعندما قضى وطره تهرب منها وتركها تُلاقي الأمرَّين من عذاب الضمير، وتلعن نفسها كل ثانية، ولا تستطيع أن تتعايش مع زوجها تعايشا سويا، وتتمنى الموت ليريحها من كل هذا العذاب.
أفيقي قبل أن تنزل بك صاعقة تفيقك؛ وهذه الصاعقة قد تكون أمرا من اثنين: إما أن تتورطي فيما ذكرته لك، أو أن يعلم زوجك بما حدث، وساعتها ستخسرين كل شيء، البيت والزوج المحب والأبناء وقبلها احترامك لنفسك ورضاك عنها، وأهم من كل ذلك رضا ربك عنك، وتجرع كؤوس الندم على ما فات.
أيقظي نفسك اللوامة واستمعي لها؛ فما تفعلينه لا يقره شرع ولا دين ولا يتوافق مع الفطرة السليمة، أفيقي فست سنوات من المعصية أمر عظيم، واقطعي علاقتك بهذا الرجل فورا، ولا تحادثيه ثانية تحت أي ظرف، واجعلي ملاذك الله سبحانه وتعالى، قفي بين يديه، اسأليه العفو والمغفرة واطلبي منه العون والقوة على شيطانك وعلى هوى نفسك، وابحثي فيمن حولك عن صحبة صالحه من الصديقات ليكُنَّ ملجأ وملاذا لك، أو تواصلي معنا دائما عسى أن يمن الله علينا ويجعلنا عونا لك على الشيطان، والتمسي الحب في عيون أولادك، واحتمي بزوجك ومدي جسور الود بينكما.
كلماتي بعد ذلك لك ولكل النساء اللاتي يعانين من الفراغ العاطفي، ومن جفاء الأزواج ومن غياب الرومانسية في حياتهن، هذه المشكلة تنبع من أن الكثير من الرجال كزوجك لا يحسنون ذلك، ولا يدركون أهميته في حياة الزوجة، وكلمة "أحبك" ثقيلة جدا على ألسنتهم ويتصورن أن العطاء المادي يغني الزوجات، ويُعتبر وسيلة كافية للتعبير عن العواطف ومكنونات النفوس، لكل من تعاني من هذا عليها أن تُعلِّم زوجها الحب، وأن تكون هي البادئة بالكلمات واللمسات والنظرات، وأن تتشبه بالقطة التي تتمسح بصاحبها حتى تنال منه لمسة حانية ، وأن تستغل كل ذكائها لتحريك الجبل الساكن ، ولتطرق طرقات متوالية ولكن بحكمة لتفتت الحجر ، ولتستغل لحظات اللقاء الزوجي في التعبير عن الحب والشوق بكل دهاء وحنكة الأنثى التي من وسائلها الزينة والتعطر واللمسات والكلمات والإقبال مع قليل من الدلال، والخلاصة أن تعمل على تحول هذه الدقائق زادا عاطفيا لها ولزوجها.
أختي.. زوجك وأسرتك وعشك الجميل أبقى لك وأنفع من هذا الآخر، وكلنا ثقة في حسن تقديرك للأمور، وتابعينا بالتطورات.
التعليق: تأكدت من مذهب المالكية، ولا تفطرين بإدخال الإصبع عندهم، وتستطيعين تقليدهم وهي رخصة كي تقضي ما سبق