استشارة
كنت في السابق أحب شخص استمرت علاقتنا خمس سنوات وخلال هذه السنوات قام بخيانتي وتعرضت منه لأشد أنواع المعاملة السيئة لم أستطع تركه لأنني أحببته جداً أكثر من نفسي وبعد ذلك تركني وتزوج بأخرى ورجع لحياتي بعدها يريد مني الرجوع فرفضت لأنه متزوج برغم أنني ما زلت أحبه
ولكن قلت له أنني نسيته ولا أريد أي شيء يذكرني به فجن جنونه ولم يستوعب ما قلته فقال لي أنني لن أكون لغيره وقام بابتزازي بصور لي كان لازال محتفظاً بها منذ أن كنا على علاقة خفت كثيراً ولكن حاولت ألا أجعله يشعر بخوفي، استمر على هذا الحال سنة كاملة ولم ييأس من محاولاته آخر مرة منذ ثلاثة أشهر جاء أمام منزلي وأخذ يتصل بي ويبعث لي رسائل ولم أرد عليه هددني أنه لو لم أرد عليه أنه سيطرق الباب خفت كثيراً لأنه فعلها من قبل بقي أمام المنزل لوقت متأخر من الليل وأنا خائفه جداً أقفلت هاتفي الذي يعرفه ولم أفتحه أبداً منذ ذلك اليوم وبالأمس أتفاجئ بخبر وفاته
لم أعي ما حدث ولا أدري ما بي منذ سماعي للخبر جسدي يرتجف وشعري يتساقط وقلبي يؤلمني كثيراً أشعر بالأسف عليه بالرغم من أذيته لي إلا أنني لا زال داخلي شيء من الحب له حتى رغم ابتعادي عنه والآن أنا في حالة صدمة وأحتاج للمساعدة رجاءً
20/10/2022
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الكريمة "ميم" ... حفظها الله، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... وبعد،،،
مرحبًا بك على موقعك، نسأل الله أن يلهمك الصبر والسلوان، وأن يرحم الفقيد، ويغفر له، ويتجاوز عن سيئاته، عليك أولا –يا ابنتي– أن تتقبلي فكرة وفاته، وأن تضعي نصب عينيك أن الحياة يجب أن تستمر، ما تمرين به الآن شعور طبيعي تجاه فقدان شخص عزيز عليك، لكن يجب أن تخرجي من هذه الحالة المسيطرة عليك، وأن تبدئي حياتك من جديد
ابنتي الكريمة: رسالتك موجعة، تتوجع أحرفها مثلك، وتصرخ باحتياجاتك التي لم تتم تلبيتها، ولا إشباعها بطريقة صحية، فاحتياجك للحب، والقبول، والاهتمام، وتعطشك لهذا الذي –ربما لم تشعري به منذ طفولتك – اتجه بك لطريق معوج لإشباعه عبر هذا الشاب المتلاعب، الذي عرف نقطة ضعفك، ومكث طيلة خمس سنوات بدون أن يتقدم لك رسميًا، لكي تصبحي "زوجة في النور"، بل خانك وتزوج بأخرى.
ومع تقديري لمشاعرك يا ابنتي وتفهمي لحقك في الحب، والحياة، والزواج، وإشباع احتياجاتك النفسية والعاطفية والجسدية، لا أرى أن من يؤثر العلاقة في "الظلام" لـخمس سنوات، ولا يكتفي بذلك بل يتركك إلى أخرى، ويظل يتلاعب بمشاعرك، ويتلاعب الآن بمشاعر الأخرى، فهل كنت تنتظرين منه القيام بعلاقة سوية يعد عودته إليك، أو لو أصبح زوجا لك في المستقبل!؟
لاشك أن تعلقك به كان تعلقا "مرضيا"، وكان يستغل هذا التعلق، فيذهب ويجيء، يحضر ويختفي، لأنه يضمن حبك، ووجودك، وانتظارك لما أوهمك به من حب ووعود لم، ولن ينفذها، ما أراه أن هذه العلاقة كانت علاقة مؤذية، نعم، هذا ليس حبًا يا ابنتي، بل علاقة مؤذية وسامة، فالحب مواقف، وجدية، وفرح، وصون لك، وثقة، واطمئنان، وأمان، فأين ذلك كله من هذه العلاقة التي كان يملؤها الاستغلال، والخوف، والتهديد، والاندفاعية في السلوك؟
يا ابنتي، أنت "تستحقين" حياة تشبع احتياجك للحب، "تستحقين" رجلًا، جادًا، يقدرك، ويصنع معك حياة، ويقيم علاقة في "النور"، فعلاقات الظلام هذه نهايتها، وما أراه أن تحمدي الله على أقداره، أنت لا تعلمي الغيب، فماذا لو عاش هذا الرجل وجعل حياتك جحيما، فالله اختار الخير لك وله، وسيكتب الله لك السعادة مع غيره – بإذن الله – واعلمي أنه لم يكن لك، حتى لو عاش لأن الله لم يكتبه لك، ليس من نصيبك، نصيبك سوف يسوقه الله لك بالدعاء وحسن الظن بالله
ابنتي الكريمة: إن مثل اختفاء هؤلاء المتلاعبين يعني اختفاء الشر، ونجاتك، وحفظ الله لك، فأدركي حكمة الله هذه يا ابنتي من وفاته، ابدئي صفحة جديدة من حياتك غير مزيفة ولا خادعة، صفحة جديدة لا تسمحين للدخول فيها للمتلاعبين، والأشرار، ومهما حدث لك من ألم حالي يا ابنتي، لتأثرك بخبر وفاته، سيزول مع الوقت، وهو أفضل بكثير من ألم الارتباط برجل متلاعب، وسيبدلك الله بخير منه، تأملي قوله الله سبحانه: "وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم".
لا زلت –يا ابنتي– في أول طريق حياتك، وقد مررت بتجربة علمتك الكثير، وكما يقال الضربة التي لم تقتلني تقويني، فقد أصبحت لديك خبرة وتجربة بأن لا تجعلي قلبك مرتعا للفاسدين، بل احتفظي بقلبك ومشاعرك وعفتك وطهارة ضميرك لمن يستحق هذا الحب الحقيقي بالحلال، الأمر انتهى، احمدي الله على النجاة والستر، ابتعدي عن الشباب المتلاعب والعلاقات المؤذية، ركزي بتطوير مهاراتك، وانشغلي بما يفيد، واختلطي بصديقاتك، اطو هذه الصفحة من حياتك، واجتهدي في نسيانها، فنحن بحاجة إلى الكثير والكثير من الغفران والتسامح والتعافي من العلاقات المؤذية، لكي نبقى على قيد الحياة،
وبالله التوفيق .