السلام عليكم
أخيرا استطعت الوصول لكتابة استشارتني لكم، أنا فتاة في العشرين من عمري، مشكلتي أنني أشعر أنني بدأت أكره أبي، والسبب هو تصرفاته؛ فأنا منذ الصغر تربيت على الخوف من المستقبل لِمَا رأيته من أبي من سب وضرب لأمي وأخي، وكان ينالنا جانب من هذا، أنا وأخواتي، في حالة اعتراضنا على ما يفعله مع أمي.
أما الآن، ومنذ بضع سنوات؛ فلم يحدث ضرب، ولكنه يثور دائمًا على أتفه الأسباب، ويتلفظ بألفاظ لا تصح أبدًا، مع العلم أننا من أسرة محترمة، ونعيش في مستوى فوق المتوسط، وأبي -يا للعجب- خارج البيت مع باقي البشر إنسان خلوق جدًّا ومتعاون، ومقدر للمواقف!!
هذا أبي الذي لم أستطع أن أكرهه في الماضي، ولكني بعدت عنه؛ فلم أشعر في يوم من الأيام برغبة في أن أستشيره فيما يخصني، أو أن أفتح له قلبي في مشكلة حتى وإن كنت في أمس الحاجة له بجانبي.. وخلال هذه الأيام، بدأ يزداد الموقف سوءًا؛ حيث إنه يعطي اهتمامًا أكثر وأكثر لكل مَنْ حولنا من أقارب ومعارف وجيران، أما نحن فلا، لدرجة أنه إذا أهان أحد كرامتنا، فإنه يتقرب من هذا الشخص أكثر ويفرض على أمي أن تتقرب هي الأخرى.
وما زاد الأمر سوءا أنه إذا أصاب أحد منا أي مكروه لا يطيقنا؛ فلقد سمعت أمي تقول له: "إني مريضة"، فرد هو قائلاً: "والله الواحد قرف، كل حياتكم قرف"، حينها لم أدر ماذا أفعل؟ هل أواجهه بما أشعر؟ ولكنى لا أستطع خوفًا من إقامة مشكلة تصل إلى سمع الجيران كما يحدث دومًا.
أنا الآن أشعر شعورًا يقهر قلبي قهرًا عظيمًا؛ وهو أنه ليس لنا -أنا وأخواتي- سند أو حام في الدنيا غير الله وحده، فأمي امرأة طيبة، لا تستطيع أن تقف في مواجهة أحد، مستسلمة للغاية. والحياة لا تخلو من الأزمات؛ فمن سنجده بجانبنا إذا واجهتنا مشكلة؟
24/10/2022
رد المستشار
مرحبا بكم يا "حنين!
في الحقيقة أشعر بالانزعاج عندما أرى الابن أو الابنة في احتياج لأحد والديه وهو غير مدرك لأهميته لأبنائه، وعلى كل حال فكثير من الأسر لا تمارس فيها الأبوة والأمومة كما ينبغي، وهذا أقرب لأن يقال عليه شبه طبيعي في كثير من الأسر، أو كما ذكرت الحياة لا تخلو من الأزمات.
والدك ليس في أفضل حالاته كأب وليس هو الأسوأ كذلك، ربما العصبية التي تبدو عليه وقلة العاطفة نحوكم لديها أسباب عنده ربما تتعلق بطريقة تنشئته أو توافقه مع والدتك أو ضغوط الحياة أو عدم فهمه الجيد لبعض الأمور واحتياجاتكم النفسية. لا أريدك أن تركزي كثيرا على كلماته ومعانيها فالتوتر يجعل الشخص يتلفظ بما هو غير جيد، وأنت الآن طالبة جامعية تنطلقين نحو حياة أكثر استقلالا، فخذي من والدك ما يتاح لك، وعبري عن احتياجاتك له من وقت لآخر لكن بطريقة "أنا أحتاج أن أجلس بجانبك.. أريد أن تحكي لي عن شغلك.. لم أحب طريقة غضبك نحو ماما.. شعرت بالتوتر حين فعلت ذلك وكان من الممكن فعل كذا... هذا في حال رغبتك في التواصل معه.
مهما فعل والدك سيظل والدك وصاحب فضل وعليه حق المصاحبة بالمعروف والبر ما أمكن، أما شعورك نحوه فأنت غير محاسبة عليه وهذا طبيعي لأنك لم تتلق العاطفة التي تجعل في قلبك عاطفة نحوه لذا تقبليه كما هو، وحافظي على خطتك في الحياة، وتفهمي أن هذا الحال هو جزء من مجتمعنا إلى حد ما، ولا تقارني كثيرا بين احتياجاتك ومقدار ما تم تلبيته، فالحياة مراحل فقد تكون مرحلة تمرين ها وأنت غير راضية تماما، فتأتي مرحلة تجعلك أكثر رضا عن نفسك، ولا ترصدي كل تصرفاتك والدك غير الجيدة فلديه ما يبرر له فعل ذلك وأقل هذه المبررات أنها طريقة تفكيره، المهم ألا تعتبري هذا سبب يترتب عليه فقد الكثير، تقبلي شعور القهر ولا تتصرفي أو تتكلمي كأنك مقهورة، تقبلي وجود شعور الغضب ولا تتصرفي إلا بالطريقة التي تجعلك تشعرين أنك ابنة صالحة قادرة على تجمل بعض المواقف الضاغطة.
ولا تضعي نفسك ووالدتك في صندوق واحد، ربما هناك سوء توافق مع والدتك وربما تجدين في أبيك شيئا جيدا لك عنده، وفي كل الأحوال هو يتصرف بأفضل طريقة يدركها وأنت حياتك مع الأسرة القادمة أقل من الفائتة فعن قريب سيكون لك حياة مستقلة فاستعدي لها بدراستك وعملك وهواياتك وتعلمك عن الأمومة والتربية والنجاح في الحياة.
ودمتم بخير