السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
قبل البدء بسرد مشكلتي أحب أن أشكركم جزيل الشكر على مجهودكم الكبير في احتواء المشاكل، وفي التواصل المستمر معنا ومقالاتكم التي توسعت في كثير من المجالات التي تزيد من ثقافتنا ولا نزكي على الله أحدا.
حاولت كثيرا أن أرسل لكم بمشكلتي ولكني كنت أتأخر؛ حيث إن الموقع لا يستقبل غير عدد محدد من الرسائل.
أريدكم أن تنقذوني وتفهموني؛ لأن قصتي طويلة جدا فأنا فتاة أبلغ من العمر 21 عاما ونصف العام، وحاليا أدرس في إحدى كليات القمة بمصر، وبقي لي عامان لكي أتخرج بإذن الله... عندما كنت في طفولتي (عندما كان سني لا يبلغ 5 سنوات) تعرضت لاغتصاب طفولي من ابن الجيران الذي كان في نفس عمري، ولكن لم يحدث أمر يهين عذريتي، وكان يقنعني أن كل الناس يمارسون الجنس ويخبرني أنني إن لم آت معه لسطح المنزل فسيخبر أمي بما حدث ويجعلني أنا المتهمة في شيء أظنه عيبا فقط ليس إلا... كنت لا أفقه شيئا، حتى رأتني أمي... وما زلت أذكر ذلك الموقف عندما كانت تجري ورائي وتنهال عليَّ ضربا جراء ما حدث ولم تتفهم براءة موقفي وسني... فأنا لم أفعل شيئا.
وعندما أتممت السادسة كان أبي يعمل ببلد خليجي فسافرنا له، وذات مرة استيقظت ليلا، فإذا بابي وأمي في وضع خاص وتوقفت وأنا في اندهاش كبير مما رأيت فنهرني أبي وقال لي: "اخرجي... اخرجي". وأقنعني أنه كان يداوي أمي، ولم أصدقه ولكني سكت وكنت أفهم أي كلمة كان يداعب بها والدتي أو هي تداعبه بها ويظنان أننا صغار لا نفهم... صدقت وقتها كلمة ابن الجيران بأن كل الناس هكذا، وبدأت ألعب بيدي في أعضائي حتى سبب لي التهابا وأخذتني أمي للطبيب وانتهى الأمر ولم أعد لأفعل ذلك ... لم نسافر إلى مصر إلا وأنا في العاشرة من عمري، وعندما رأيت ابن الجيران تذكرت ما حدث وأحسست بكره كبير تجاهه وكنت أخاف منه مع أنه لم يكن يتعرض لي في ذلك السن ... وسافرنا مجددا، وبدأت أكبر وعندما بلغت لم أكن أعلم معنى الحيض وأثَّر ذلك في نفسي كثيرا... ما الذي يحدث وما معنى أني كبرت وأفكار وأوهام لا أريد تذكرها.
كان أبي وأمي صاحبي تربية محافظة وشديدة ولم يكن منهما من يصادقني، ولكنهما كانا لا يبخلان علي ولا على إخوتي بأي شيء أبدا... كنت أريد أن أفعل مثلما تفعل الفتيات من سني من التجمل والنظافة الشخصية وغيره، ولم أر سبيلا إلا أن أطلب من صديقاتي وكنت أفعل ما أريد بدون علم أهلي... كانت أمي تحرجني بقولها إني قد بلغت أمام أي إنسان، وكنت طوال عمري لم يمدحني أحد ولم يثنِ علي، كنت دائما معتقدة أنني لست جميلة ولا رقيقة ولا محبوبة، وكانت عقدتي أني سمينة بعض الشيء، كنت أكره شعري وأكره شكلي وأكره بيتنا البعيد عن قلبي نسبيا، لم أكن أحب سوى صديقتي التي كانت مخبأ أسراري وحياتي ... كنت طيلة فترة مراهقتي وأنا أرى الجنس في كل مكان وفي كل كلمة، حتى أني ذات مرة كنت في الصف الثالث الإعدادي وسمعت صوت أبي وأمي يتهامسان وذهبت لأرى وليتني ما رأيت... تتكرر أمامي تلك المواقف التي أكرهها منذ طفولتي حتى أني كنت أحلم دائما بأني أمارس الجنس مع أطفال صغار وأحيانا مع أخي الصغير، وكنت أفزع من النوم، وأحيانا كنت أستيقظ لأرى يدي داخل ملابسي الداخلية، كنت أخاف من نفسي ومن كل شيء، حتى أنني كنت أكره أن أغسل ملابس إخوتي مع أمي كي لا ألمس ملابسهم فقط لأنهم أولاد.
ظللت هكذا، وأكتم ذلك في قلبي إلى أن منَّ الله علي بالإيمان وأنا في الصف الثالث الثانوي والتزمت واقتربت إلى الله كثيرا وصرت لا أعشق أحدا مثل ربي وحده، وكنت دائما أناجيه وأعيش بحبه أحلى حياة وازددت قربا من أهلي لأرضي الله، ووجدت من حلاوة الإيمان ما لم أجده في حياتي، وكنت قد حججت بيت الله الحرام 11 مرة ولكن تلك المرة لم أذق مثلها في حياتي، أحسست أنني قد اغتسلت فعلا من أي ذنب اقترفته في حياتي، وبعد الانتهاء من الثانوية العامة بالبلد الخليجي سافرت إلى مصر وعشت وحيدة في بيت مغتربات لأدرس بالجامعة ومرت أول سنة جامعية بسلام وتعلمت الكثير من الصديقات الجدد والعالم الجديد الذي أراه ... في السنة الثانية والثالثة مرضت بالاكتئاب النفسي لبعد أهلي وغربتي عنهم ووحدتي وظروفي غير المستقرة وسذاجتي التي كنت دائما اصطدم بها تنطلق من أفواه من أعرفهم لتلقى في وجهي كالقذائف... وفي أول السنة الجارية تمت خطبتي لإنسان يكبرني بـ4 سنوات (تخرج من الكلية العام الحالي) وهو تقي وملتزم ومرهف الحس ومتفهم جدا ومحترم وإنسان لا يحب إلا المثالية والحق يقوله ولو كان ذلك ثمنه حياته.
كنت أعيش معه حياة جميلة كلها حب وتفاهم واحترام، وأحببته لأنه عوضني واحتواني وكان دائم التشجيع لي، وعلمني الكثير حتى صرت أدرك من ذي قبل بالحياة، ولم أعد بسذاجة أول الدراسة، علمني ألا أترك حقي مهما كان صغيرا طالما أن الحق معي وأني لا أغضب الله، وسعدت بذلك لأنه كثيرا ما كنت أهين نفسي بسكوتي واستسلامي ويأسي للناس ... كانت له ثقافة عالية جدا في أي موضوع، كان له من عذوبة الحديث والمعلومات الجيدة ما يزيد إعجابي واقتناعي ورضاي عنه، وكان دائم الاعتراف بأن ذلك ما كان بشطارة منه وإنما هي نعمة وهبة من الله عز وجل، ويمكنني أن أدعو الله بمثل ذلك... كان لا يتكاسل عن خدمة أي إنسان يطلب منه أمرا حتى ولو سهر عليه وأضاع النوم وراحة بدنه من أجل خير لله فقط، وكان يقول إن الله يريده أن يفعل الخير وجعل طلبات الناس وسيلة لذلك فلا يجب أن يتأخر... مر على خطبتنا الآن حوالي عام وبعض الشهور ومن حوالي 3 شهور وقعت أنا وهو في فاحشة الزنا مرتين وأول مرة تبنا وعدنا مرة أخرى (ولكني ما زلت بكرا الآن) للأسف ويا له من أسف، وبعدها أحسسنا وكأننا نكره بعضنا البعض وأننا مثل المنافقين وكنا نبكي بدل الدموع دما، كنا نعض أصابع الندم وكنا ندعو الله ألا يتوفانا ولا يزوجنا لبعضنا إلا وهو راض عنا، كنا ندعو الله أن يثبتنا ويعيننا ويعفو عنا.
كنا نعيش أياما ضنكا بما اقترفنا، وكنت لا أستطيع الصلاة لأن الموقف كان لا يفارق عيني فكنت أحس كأن الله لا يريد مني أي شيء، وكان ذلك بمثابة طعنات في قلبي -فأنا أحب الله حقا-، كنا ندعو الله ونستجير به بآية في القرآن "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك". كنا نبكي ونقول يا رب آمنا بك فاغفر لنا وسامحنا على عدم الوفاء بحقوق الإيمان كاملة وكان ما يصبرنا أن موعد الزفاف قد اقترب. (كنا سنتزوج في شهر يناير المقبل) وليست إلا شهور قليلة لكي نصلح ما حدث عسى الله أن يغفر لنا ولم نخبر أحدا بما حدث خوفا من بطشهم ولكي لا نفضح أنفسنا فقد ستر الله علينا... ولكن منذ أسبوعين انفصلنا بسبب ظلم أهله ومشاكلهم الزائدة فهم تراجعوا عن دفع مصاريف الزواج كما وعدوا واعتمدوا على حب أبي لابنهم وأننا بفضل الله نعيش في مستوى مادي عالٍ، فيمكننا التكفل بالزواج كله، قرر أبي أن ننفصل برغم علمه بأن خطيبي بالنسبة لي هو الهواء الذي أتنفسه وأنني أعشقه وأحبه ولا أتحمل حزنه أو ألمه طرفة عين... هو روح فؤادي.
أبي كرهه ويقول إنه لن يوافق عليه أبدا، فكلهم كذابون، وعائلته مفككة، وهو أكيد مثلهم (أبي يقول ذلك وهو يتألم لأجلي جدا جدا، ولكن لا يريد مذلتي لهم أبدا) ولكن خطيبي رأى منهم ظلما أحسده فيه على صبره عليهم، فكم من مرات فرقوا بينه وبين إخوته وفضلوهم عنه وكرهوا كلمة الحق من لسانه... هو أصغر إخوته فله أخ أكبر متزوج وهو (دلوعة بابا) وأخ أوسط وهو (دلوعة ماما) وهو مع الله وكفى بالله وكيلا، وعدوه بألا يحمل للزواج هما ولا لمسؤولية مصاريفه وسيوفرون له المال كما وفروه لأخيه الكبير المتزوج الذي كان يعمل بمرتب عالٍ، وبالرغم من ذلك لم يدفع مليما في زواجه (وتأكدت بنفسي من والدته)، وحتى أخوه الأوسط (خطب مرتين وعقد مرة وطلقها - إنسان مستهتر جدا) اشتروا له شقه فخمة منذ شهر بمبلغ مرتفع جدا، وعندما قال لهم: "وأنا فين مش تجوزوني أنا الأول؟ أنا شكلي وحش قدام أهل خطيبتي".. قالوا له: "مفيش فلوس أخوك الأولى نعملك إيه؟"!!
سكت هو وقال "مش مهم أنا.. وأكيد هما هيدوني قليل بس مش مهم ربنا هيبارك". ولكي لا أخسر أهلي وأغضب أبي المريض الراقد في المنزل لا يدري عن الحياة شيئا فأمه الآن مديرة المنزل والمتحكمة في كل شيء... كان لأبيهم شركة -باسم أولاده الثلاثة- ولما مرض أكثر في الفترة الماضية اتفقوا أن يبيعوها وحدثت مشاكل كثيرة وكبيرة من أجل ألا يجعلوا خطيبي يأخذ حقه كاملا، وخططت والدته أن تشتري حقه وبالفعل وافق على ذلك وأعطته 90 ألف جنيه ووعدته أن تساعده بالقليل وتم الأمر من أجل فقط أن يبدأ في التحرك للزواج وكي يسعد أبي بأنه يفعل شيئا جديا بالرغم من علمه أنه الخسران ولكن ما باليد حيلة، واكتشفنا أنهم نصبوا عليه وباعوها بـ800 ألف جنيه ليس بـ 400 كما كانوا يقولون، والمفروض أن حق كل واحد فيهم حوالي 270 ألف جنيه وبذلك كسبت هي 180 ألف جنيه بدون أي تعب.
خطيبي كان يعاني من روماتيزم في القدم وكان لا يقدر على المشي بكثرة فاستخار الله أن يشتري سيارة بالتقسيط ودفع فيها 40 ألف جنيه والفلوس لم تكفِ لإتمام باقي مصاريف الزواج، ووالدي كان مستعدا للمساعدة، ولكنه أحس بأنه يبيعني بالرخيص من وجهة نظره، وأنهم بذلك لم يتعبوا في شيء، هم معهم الفلوس وما يهين أبي أنه لم يكن ليفكر في الأمور المادية ولكنهم اتفقوا ووعدوا وعلى ذلك اهتم أبي أن يأتي بأفضل ما عنده ولكنهم أخلفوا الوعود والمواثيق ... هم أناس لا يخافون الله ويحبون المال حبا جما ولو على حساب ابنهم، "كان عايز يشتري راجل زي ما بيقولوا" ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، ولكننا الآن تواعدنا أن أكمل أنا دراستي وأن يجتهد هو ويحل مشكلة فرش الشقة وهو الآن يعمل ليل نهار كي يفي بوعده لي ولكي يأتي بعد السنتين وهو متكفل برعايتي ماديا وليس بالاعتماد على أهله الذين أوقفوه عن المبادرة بالعمل بدعوى أنهم سيتكلفون بكل كبيرة وصغيرة.
أريدكم أن تقولوا لي ماذا أفعل؟ لم أعد أتحمل فراقه، ولا هو يقدر على تحمل فراقي؛ فهو لا يملك من الأصدقاء زميلا ولا أهلا ولا أقرباء يحتوونه، لذلك كنت أنا بالنسبة له كل الدنيا ومازلت كذلك أيضا، نار الغريزة الجنسية تقتلني وأحس بذلك أيضا في كلماته عندما يحدثني عن وجعه من تأخر زواجنا وانفصالنا، أريده ولا أستطيع، وكذلك هو، فكرت أن آخذ أعشاب نسيان العشق (أكيد المراد بها العلاقة الخاصة) ولم أعرف وسمعت عن العلاج بالأدوية "وبرضو معرفتش أجيبه منين" ... نخاف الله ولا نريد أن نعود أبدا مهما حدث، لا نريد، صار وحيدا وأصيب بمرض الاكتئاب النفسي الذي يعاني منه قبل خطبتي بسبب ظلمهم طيلة حياته، ودخل باب الأطباء النفسيين مجددا والأدوية والعلاجات التي لا تأتي بأي نتيجة ويتعالج من قرحة المعدة والاثني عشر التي لا يملك مصاريف العملية لكي يتعالج منها، وعندما طلبها من أهله قالوا له "واحنا نعملك إيه؟ روح اشتغل وهات لنفسك وامشي من هنا". تركوه في أشد محنة مرت به -لأنه كان خلاص بدأ يرتاح أنه "هيعيش معايا بعيد عنهم.. بدل ما يحتووه ويكونوا جمبه ويصبروه". حتى إنه يعيش في شقة مفروشة بالإيجار حاليا بعيدا عن أهله الذين لا يسألون حتى عن أخباره، وهو حديث التخرج ولا يعمل الآن في وظيفة ولكن رحمة الله الذي رزقه بالعقل الراجح والفكر الصائب الواعي صار يعمل في كل شيء لكي يفي بوعده لي وفتح عليه الله برزق واسع، وإن شاء الله سيفتتح شركته بالتخطيط الذي خططه بفضل الله وسينجح وسيعود لي، وأثق أن الله سيهدأ ثورة أبي تجاهه وسيوافق عليه و"هيرجع لي أحسن من الأول إن شاء الله".
"بس أنا تعبانة جدا جدا، ساعدوني أرجوكم خلاص تعبت مش قادرة أصبر على فراقه كحبيب وإنسان قريب لقلبي ومش عايزة أخون أهلي وأكلمه هاتفيا من وراهم وخصوصا أني كنت في النور بقى هنزل للظلمة زي الحرامية؟" ... وفي الوقت نفسه مش قادرة أصبر عن إشباع غريزتي اللي طول عمري (كنت) بكرهها، مقدرتش أحمي نفسي وأصون عفتي وكرامتي، أنا حزينة جدا على كل حاجة، أنا والله مش داعرة ولا هو داعر والله العظيم.. والله العظيم احنا كويسين بفضل الله مش بفضل مننا، والحمد لله مش بنظلم حد ولا بنأذي حد وبنعمل خير لربنا يا رب يتقبله وبنحب ربنا ورسولنا ودينا بنحاول ننشره أكتر بين الناس ومش عايزين غير حاجتين اتنين مفيش غيرهم؛ إن ربنا يرضى عننا وإنه يزوجنا لبعض عشان نعيش مع بعض وهو تمسكه بارتباطنا ببعض أكتر مني لأنه اتحرم من الحنان طول حياته، دا كان أيام بينام في الشارع من ظلمهم، وحتى أيام الامتحانات كان مرض بالإنفلوانزا، ودرجة حرارته كانت 41 ونزلت وسابته وراحت شغلها ولا كأنه ابنها، بس ربنا مش بيسيب حد، ولما راح اللجنة دكتورة المادة لما شافته قعدت جنبه وهو بيحل عشان تطمنه والحمد لله نجح رغما عنهم كلهم.
"لو كنت أقدر أحكي لكم على تفاصيل كنت حكيت بس اعذروني واعذروا كلامي اللي بالعامية شوية وبالفصحى شوية والتمسوا لي كل عذر لأني فاض بي وحاسة أني بنهار معاه ومش عارفين نعمل إيه الصبر مر والفترة طويلة والفراق صعب.. صعب.. صعب".
ساعدوني أنا محرجة من أكلم أي حد، وما فيش غيركم بعد ربنا
أرجوكم ساعدوني جزاكم الله خيرا.. شكرا.
28/10/2022
رد المستشار
الأخت العزيزة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
هناك الكثير من التناقضات في ثنايا الرسالة تجعل من يقرؤها ربما يتشكك أو يتعجب أو يغضب، وقد تكون هذه التناقضات راجعة إلى محاولاتك تزيين الصورة في كثير من الأحيان فتختلط الصورة الموضوعية بالصورة المتخيلة، إضافة إلى ما تقومين به من تبريرات كثيرة تجعلك في صورة الضحية وتجعل خطيبك أو من كان خطيبك في صورة الشهيد (وكلاكما ليس كذلك) ... كما تجعل تلك التفاصيل أهله في صورة الشياطين.. وكلها صور مبالغ فيها، وقد تعرضت لتشوهات عديدة هدفها أن تجدي نفسك وتجدي خطيبك في موضع البراءة وتسقطي كل الأخطاء والخطايا على أسرته.. وهذا قد يريحك ويريحه لبعض الوقت من عذابات الضمير، ولكن تأتى الحقائق في النهاية وتقف متحدية كل محاولات التستر والتعتيم والتغييم.
ولنبدأ من طفولتك وأنت تمارسين بعض الأشياء الجنسية مع ابن الجيران وأنت تعرفين أن هذه أفعال "قلة أدب" ومع هذا تستمرين فيها تحت زعم أنه هددك بأن يقول لوالتك أنك فعلت "قلة أدب" .. ولست أدرى كيف يتأتى لطفل في الخامسة أن يقوم بهذا الابتزاز وكأنه مجرم سيكوباتي محترف في الإجرام.
ثم تأتي مشاهدتك لوالديك وهما يمارسان العلاقة الخاصة مرتين، على الرغم من أنهما ملتزمان ومحافظان ومتحفظان في مثل هذه الأمور.. على أي حال فما حكيت عن حدوثه له دلالة مهمة وهو أنك مشغولة بالمسائل الجنسية منذ سن مبكرة، وقد حاولت في بعض المراحل نسيانها أو كبتها أو كرهها، ولكنها كانت رابضة في أعماق أعماقك، وبدأت تظهر في فترة البلوغ في صورة ولع بالنظافة الشخصية وبعض الأشياء التي كنت تفعلينها بمساعدة زميلاتك.
وحين تمت الخطبة رأيت خطيبك –كما وصفته في البداية– رجلا مكتملا ومثاليا في كل شيء (أو هكذا أحببت أن ترينه)، وبما أنه هكذا فقد اندفعت نحوه بكل مشاعرك بلا تحفظ، ولم تنتبهي أن ما بينك وبينه ليس إلا خطبة وأن الخطبة لها حدود وأنها لا تتيح هذا التوغل في العلاقة إلى الحد الذي وصفته أنت نفسك بالزنا.. ولست أدري كيف وقعتما في الزنا وأنت ما زلت بكرا حتى الآن.. فيبدو أن ثمة غموضا لديك حول مفهوم الزنا (والذي يعني إيلاج العضو الذكرى في العضو الأنثوي، أو التقاء الختانين، أو تغييب الحشفة أي رأس العضو الذكري في فرج الأنثى) .. وكذلك حول مفهوم البكارة في عرف الناس وهو بقاء الغشاء دون تمزق.
وفى الحقيقة.. فإن البكارة لدى البنت لا تعني فقط احتفاظها بالغشاء ولكن تعني احتفاظها بعفتها وطهارتها وكرامتها ونظافتها، وأنا أرى أنك قد فرطت في كل هذه الأشياء، ولأن ضميرك يؤلمك فقد كتبت سطورا كثيرة في هذه الرسالة تدافعين بها عن نفسك وعن خطيبك أمام ضميرك وأمام من يقرأ الرسالة، بحيث تظهر الصورة على أنك مظلومة وضحية وأن خطيبك شهيد.. وهذا غير صحيح على الإطلاق... فخطيبك الذي توقف عن إتمام زواجه منك ذهب واشترى سيارة بأربعين ألف جنيه، كانت كفيلة بإتمام الزواج، وقد تعلل هو.. أو تعللت أنت بأنه يحتاج للسيارة لأنه يعاني من روماتيزم في قدميه (ولا نعرف في الطب حالة من الروماتيزم لدى شاب في هذا السن تستعصي على العلاج ولا يكون لها حل إلا أن يركب سيارة بأربعين ألف جنيه).
ألا ترين أن في هذا خداعا كبيرا لك، ولو سلمنا جدلا بأنه في حاجة ماسة إلى سيارة.. ألم تكن تكفى سيارة بعشرين ألفا ليتبقى لكما عشرون ألفا أخرى تكملان بها الزواج (ألم تري بعد سفه هذا الشاب المدلل)... أنت قد وصفت خطيبك في البداية بأنه "مرهف الحس ومتفهم جدا ومحترم وإنسان لا يحب إلا المثالية، والحق يقوله ولو كان ذلك ثمنه حياته.. كنت أعيش معه حياة جميلة كلها حب وتفاهم واحترام، وأحببته لأنه عوضني واحتواني وكان دائم التشجيع لي وعلمني الكثير حتى صرت أدرك من ذي قبل بالحياة، ولم أعد بسذاجة أول الدراسة.. علمني ألا أترك حقي مهما كان صغيرا طالما أن الحق معي وأني لا أغضب الله، وسعدت بذلك لأنه كثيرا ما كنت أهين نفسي بسكوتي واستسلامي ويأسي للناس، كانت له ثقافة عالية جدا في أي موضوع، كان له من عذوبة الحديث والمعلومات الجيدة ما يزيد إعجابي واقتناعي ورضاي عنه وكان دائم الاعتراف بأن ذلك ما كان بشطارة منه وإنما هي نعمة وهبة من الله عز وجل ويمكنني أن أدعو الله بمثل ذلك.. كان لا يتكاسل عن خدمة أي إنسان يطلب منه أمرا حتى ولو سهر عليه وأضاع النوم وراحة بدنه من أجل خير لله فقط وكان يقول إن الله يريده أن يفعل الخير".
وبعد كل هذه الأوصاف الإيجابية نجد أن سلوكه في حياته عكس ذلك تماما فهو لم يستطع التأقلم مع أسرته فكيف سيستطيع التأقلم مع المجتمع الأكبر، وقد خدعوه وأخذوا منه حقه –حسب زعمك أو زعمه- فكيف تقولين إنه علمك ألا تتركي حقك ولا تستسلمي؟! ولم يستطع أن يقنع والدك برجولته فكيف ترينه رجلا مثاليا؟! وهو فوق ذلك لا يعمل حتى الآن ومع هذا أنت تمنين نفسك بأنه سيفتتح شركة وسيعمل كذا وكذا... وهى أشياء معلقة في المستقبل حتى الآن.
الابنة العزيزة... إنني أرى محاولات خداع كثيرة بينك وبين نفسك وبين خطيبك وبينك، وتحت أستار الكلمات الطيبة تقومان بعمل خطايا هائلة، وفى مثل هذه الأشياء لا يكفي الندم لتصحيح الخطأ ولا تكفي النوايا الحسنة لتقولا لأنفسكما نحن على حق.. والآخرون هم الظالمون ... لقد ظلمت نفسك كثيرا وفرطت في أشياء غالية، وكنت طول الوقت تبررين وتنتحلين الأعذار لك ولخطيبك حتى باتت الرؤية الصحيحة بعيدة عن عينك.
أنا لست ألومك لمجرد اللوم ولا لأزيد من ألمك، ولكنى أتمنى أن تفيقي.. فخطيبك ليس هذا الملاك الطاهر وليس هذا الشهيد الحي، بل هو في الواقع شخص فشل في الحفاظ على حقوقه وفشل في الحفاظ على عفتك وكرامتك، وفشل في الحفاظ على الخطبة وفشل في إكمال الزواج.. كما أنه أخذ ما حصل عليه من مال ليلهو به في سيارة يشتريها، وكان أولى به أن يتم الزواج بثمنها خاصة في الظروف التي أشرت إليها.. هذا الرجل أخذ منك ما لذ له وتركك نهبا للضياع.
أنا أعتقد أن القصة الحقيقية -بعيدا عن تصوراتك وتخيلاتك وتبريراتك الطيبة أو الساذجة- هي أن خطيبك أخذ منك ما يريد، وربما يحتاج لأن يأخذ أكثر.. وأصبح غير متحمس لإتمام الزواج من فتاة فرطت في نفسها بهذه السهولة، فهو ينظر إليك الآن كموضوع جنسي وليس كموضوع زواج ... أنت أيضا مشغولة ومهمومة بإشباع رغبتك الجنسية وتنسين كيانك كفتاة ملتزمة لها علاقة قوية بربها ولها كرامتها، وبدلا من أن تزدادي فرارا إلى الله حين أخطأت.. بدأت تبتعدين عنه وتتعللين بأن الله لا يريد منك أي شيء وأنت في هذه الحالة.
أرجو أن تفيقي حتى تستطيعي إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأن تتوقفي عن لقاء هذا الشاب حتى يأتي هو ويثبت جديته في الاقتران بك بماله أو بمال أهله، وأن تتريثي حتى تجدي أنه يحقق نجاحا حقيقيا على أرض الواقع، وليس وعودا وأحلاما يسوقها إليك ليأخذ ثمنها من شرفك وكرامتك، كذلك يجب عليك ألا تدافعي عنه وتبرري أخطاءه.. وأنا أظن أن هذا ربما يكون بعيدا عن الحقيقة، فما أراه أنه أصغر إخوته وأنه يحتاج لمن يفعل كل شيء له أو بالنيابة عنه، وأنه يستمتع بالأشياء دون أن يتحمل مسؤوليتها.
عودي إلى ربك مرة أخرى واستعيدي العلاقة الجميلة التي تحدثت عنها في بداية دراستك الجامعية، وعودي إلى أسرتك وإلى دراستك وإلى صديقاتك الفضليات وابحثي دائما عن الصحبة الطيبة واستشعري حلاوة الحياة النظيفة الطاهرة في رحاب الله وبجوار الصالحين والصالحات.
وإذا ألحت عليك رغباتك التي استيقظت في غير موعدها وتحركت في غير مكانها وتطلعت إلى من لا يستحقها، فيمكنك السيطرة عليها بالانغماس في العبادات (وخاصة الصيام) وأعمال الخير.
وإذا لم تستطيعي مع كل هذا فهناك بعض الأدوية التي تهدئ من ثورة هذه الغريزة يصفها لك أحد الأطباء النفسانيين... وإذا صدقت توبتك وابتعدت عن مصدر الخطيئة فإن الله يوفقك لكل خير ويفتح لك الأبواب الحقيقية وليس أبواب الوهم والسراب والخداع.
"ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب".
ويتبع>>>>>: خطايا خلف ستائر الخداع.. م