أنا فتاة في العشرين من عمري، أعاني من مشكلة قد تكون غريبة ولكنها تنغص علي حياتي.
مشكلتي سيدي الطبيب هي الاندفاع بمشاعري وعواطفي حيال أي أحد، بمعنى أنه مثلاً إذا قابلت فتاة وتحدثت معي بطريقة رقيقة أو هادئة أشعر أنها أحبتني وأندفع وأحبها حتى إذا قابلتها مرة أو مرتين دون أن أعاشرها وأعرفها على حقيقتها.
مثال على ذلك جاءت فتاة تعلمني مادة دراسية وتكبرني بأربعة أعوام، كانت دائمًا متفائلة ودائمًا تضحك فاندفعت إلى حبها وأحببتها حبًّا كبيرًا رغم أنني لم أقابلها سوى خمس مرات ولا أدري هل أحببت تفاؤلها أم انطلاقها أم أحببتها لشخصها؟ المهم أنني أحسست أنني أحبها وأشتاق إليها وتخيلت أنها أحبتني، وعندما تحدثت إليها تليفونيا ظننت أنني سوف أسمع لهفتها عليّ كما كنت متلهفة أنا أن أسمع صوتها، ولكنها تحدثت إلي بطريقة باردة فشعرت بالحزن الشديد حيال ذلك.
وفتاة أخرى تصغرني بسبعة أعوام قابلتها ثلاث مرات، وعندما قالت إنها تحبني اندفعت إلى حبها وأحببتها حبًّا كبيرًا، وبدأت أشتاق إليها وأشعر بالحزن الشديد عندما تبتعد عني. ومثال آخر عندما طلب ابن عمي الزواج مني وأخبرني أبي بذلك وأقنعني به؛ لأني كنت لا أوافق عليه، وعندما حدثني أبي عنه وأقنعني به شعرت أنني أحبه وأريد أن أراه دائمًا رغم أنني لم أره إلا قليلاً رؤية خاطفة، أي أنني لم أجلس معه، وأتحدث إليه ولا أريد أن يؤثر هذا على حكمي عليه أثناء الخطبة.
ورغم أنني أندفع بمشاعري هكذا فإنني لا أحب أن يعرف أحد أنني أحبه بل بالعكس أحب أن أسمع منه أنه يحبني ولا يستطيع الاستغناء عني، وأنا لا أصرح له بحبي، وبهذه الطريقة لم أستطع أن أكون صداقات إلى الآن، إما أنني أندفع في حب الفتاة ولا أستطيع أن أسيطر على مشاعري، أو أحب الفتاة ولا أصرح لها بحبي، وأحب ألا أظهر ذلك، بل أحب أن أظهر أنني ثقيلة عليها وأتركها تتعذب بحبي ثم تمل الفتاة مني وتتركني.
والغريب في شخصيتي أنني عندما كنت في المدرسة وقابلت رفيقة وأحببتها حبًّا كبيراً تجدني يومًا أعاملها بحب ويوما آخر أشعر أنني لا أطيقها وأعاملها بجفاء، وهكذا حتى تمل مني وتتركني، حتى إنه ذات يوم قالت لى رفيقة إنها تحبني أكثر من الآخرين وكان من المفروض أمام هذا الكلام أن أحافظ عليها وعلى مشاعرها، ولكني في اليوم الثاني كأني لم أسمع شيئا وتركتها وذهبت لأخرى.
سيدي الطبيب، ما هذا التناقض في شخصيتي وكيف أستطيع أن أسيطر على مشاعري حيال أي أحد يتحدث إليّ سواء البنات أو الأولاد؛ لأنه لا يمكن أنه كلما تحدثت إلى فتاة بصورة رقيقة تخيلت أنها أحبتني وأندفع أنا في حبها؟ ساعدني أيها الطبيب أن أحل هذه المشكلة كي أستطيع أن أعيش حياة سوية وأستطيع أن أعرف من يحبني ومن لا يحبني ولا أندفع بمشاعري حيال أحد، مع العلم أنني سيدي الطبيب طيبة القلب ولا أكره أحدا، وهل عندما أحب ألا أعترف لأحد بحبي له وأتركه يتعذب يكون هذا غرورا أم ماذا؟؟ وكل هذه الأشياء أفعلها دون قصد ثم أندم عليها بعد ذلك.
أريد أن أسأل سؤالا آخر سيدي الطبيب، هل عندما أمسك يد صديقتي التي أحبها عندما تكون جالسة بجانبي أو تمشي معي يكون هذا شيئا شاذا أو غريبا؛ لأني عندما أمسك يدها أشعر بالحب والحنان، وقد رأيت قبل ذلك صديقتين تمسكان يدي بعضهما وهما جالستان في الفصل؟ وشكرا.
13/11/2022
رد المستشار
صديقتي...
ما هوالحب بالنسبة لك؟
قبل أن يكون هناك حب بين الناس لا بد وأن تكون هناك صداقة.... وكلمة صداقة أصلها صدق.... صدق في التعامل والتواصل.... هذا يتطلب وقتا طويلا وتعامل في شتى مجالات الحياة.
الحب يتطلب معرفة واهتماما واحتراما ومسؤولية بالتبادل بين الطرفين، ونموا في هذه الأشياء من خلال التعامل المستمر... ما تشعرين به هو نوع من الارتياح ممزوج برغبة أن تكوني محبوبة وربما أن تمارسي شيئا من المشاعر التي تعطيك الإحساس بالحنان أو تطمئنك على نفسك أنك إنسانة تستحق الحب.. من ناحية أخرى يبد وأنك لا تصدقين أنك تستحقين الحب وبالتالي تبعدين عن يقبلون عليك وتبعدينهم عنك.. تريدين حلاوة الحب بدون مسؤوليته.. تريدين أن يحبونك ولا تريدين أن تحبينهم حقيقة.. تريدين شكلا معينا لعلاقة الحب ولكنه شكل مبهم غير محدد وكأن المهم هو إطلاق كلمة حب على الموقف بلا أساس أو منطق.
تتحدثين عن الحب بينك وبين الفتيات وكأنه الحب بينك وبين شخص مذكر.. هذان نوعان مختلفان من الحب.. حب بنات جنسك هو حب الصداقة والأخوة والزمالة.. حبك لشخص من الجنس الآخر هو حب الصداقة والأخوة والزمالة أيضا ويزيد عليه احتمال حب الزواج وشراكة الحياة.
تقولين: "ومثال آخر عندما طلب ابن عمي الزواج مني وأخبرني أبي بذلك وأقنعني به؛ لأني كنت لا أوافق عليه، وعندما حدثني أبي عنه وأقنعني به شعرت أنني أحبه وأريد أن أراه دائمًا رغم أنني لم أره إلا قليلاً رؤية خاطفة، أي أنني لم أجلس معه، وأتحدث إليه ولا أريد أن يؤثر هذا على حكمي عليه أثناء الخطبة."
لماذا لا توافقي عليه؟ لأنك لا تعرفينه.. كيف أقنعك أبوك به؟ ما الذي تعنينه بأنك لا تريدين أن يؤثر هذا على حكمك عليه أثناء الخطبة؟
مشاعر الحب التي تتحدثين عنها هي مشاعر مزيفة غير قائمة على أي شيء سوى أن تطلقي وصف الحب على الموقف.. الحب بناء قوي ويحتاج إلى أساس قوي يبدأ بحبك لنفسك بدون غرور أو كبر أو أنانية.. اللهفة التي تريدينها ليست علامة صحيحة على الحب الصحي السليم وإنما مجرد مظهر من المظاهر المتعارف عليها أنها علامة أكيدة على الحب ولكنها كثيرا ما تكون علامة مزيفة.
ماذا تريدين لنفسك في الحياة ولماذا؟ حاولي أن تكوني لنفسك شخصية تحبينها أنت أولا قبل أن تبحثي عن حب الآخرين.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب