بداية أشكركم على موقعكم المتميز دائما ونصائحكم المفيدة، أنا متزوجة منذ حوالي شهرين ونصف.. علمت من تجارب من هم حولي بالزواج أن أصعب أيام في الزواج هي السنة الأولى؛ لأن كلا من الطرفين بحاجة إلى التعود على الآخر بشكل أكبر.. وكنت مستعدة لهذا الأمر.. ولم أحاول تغيير هذه الحقيقة إلا أنني قررت أن أحاول تخفيفها على الأقل، وأن أحاول دائما أن أجعل من المشاكل البسيطة فرصة لحب أكبر.
لكن يبدو أنني صدمت بالواقع الأليم.. أنا أحب زوجي كثيرا، ومستعدة أن أفديه بروحي فعلا وليس قولا.. أوثره على نفسي، لكن هناك مشكلة أحاول أن أتعامل معها بحكمة وهدوء، لكنني أشعر بالضعف أحيانا وبحاجة لنصحكم ومساعدتكم لي .. أشعر بزوجي أحيانا يحبني.. وكثيرا ما يردد أنه يخاف علي من كل شيء، ويشعر بأنني طفل صغير بين يديه، وأنني هدية له من الله يشعر بمسؤولية أن يحافظ على هذه الهدية، لكن مؤخرا حدث بيننا خلاف، لم أعرف أنا سببه.. فجأة رأيته عابسا ولا يريد التحدث معي.. غاضبا.. واستمر الأمر أكثر من 4 أيام وهو على هذه الحال.. أصبحت أشعر أنه يتهرب من أن ننام معا.
ويظل نائما على التلفاز حتى الصباح.. تعبت ليلا وكان تعبي شديدا لدرجة أنني لم أستطيع أن أصل إليه، فوقعت على الأرض وظللت أنادي عليه لكي يستيقظ، وبكيت، بكيت، بكيت، أظن أن الحي كله سمعني وهو لم يسمعني.. لأول مرة أشعر أن قلبي قد انكسر بسببه.. فلقد أهملني كثيرا.. أشعر بحبه لأهله واهتمامه بهم أكثر مني.
أنا أحب أهله كثيرا، وهم كذلك، ولا أطلب أن لا يحبهم بل بالعكس، لكن لا أجد وقتا لنا لنكون معا؛ فمعظم الأحيان بعد العمل نذهب إليهم ليقضي الوقت حتى ساعة متأخرة من الليل، ونرجع إلى البيت متعبين!! لا حديث.. لا تواصل.. ننام من التعب.. وهكذا.. إذا صارحته بإهماله لي فإنه يغضب، ودائما ما ينتهي النقاش بأنني على خطأ!!
أخبرته أنني لا أحب أن أنام وحدي، وأحب أن أكون بجانبه.. شعرت أنه تعامل مع الموضوع بسخافة.. هو لا يعلم مدى تأثير الموضوع بالنسبة لي، كنت أرى فيه حنانا لأهله لا أراه معي.. لماذا؟! لا أعرف.. أنا متأكدة من حبه لي وليس لدي شك، ولكن لدي شك بأن هناك شيئا اختلف، وأن حبه لي ما عاد قويا!!
ما زلت أقول إنني أحبه ولا أحتمل فراقه وبعده عني.. لكني أفقد ما أستطيع أن أوصله له.. إنني بحاجة لمزيد من الحنان والاهتمام، ولا أريد لحياة ما زالت في بدايتها أن تسير كما تسير العلاقة بين زوجين قضيا من السنين ما قضيا.. أعلم أن الحياة مشاغل ومتاعب وهموم ومسؤوليات، لكني لا أريدها أن تقضي علينا ونضيع لأجلها حياتنا وسعادتنا وننسى أنفسنا.. لا أعرف ماذا أفعل؟
كيف يمكن أن أوصل له أن الموضوع مهم بالنسبة لي؟ ربما أنا مقصرة في بعض الأمور.. ربما لا أدري فهو لم يخبرني!! أتمنى أن أجعله أسعد إنسان في العالم.. لكني بحاجة إلى حنانه وإلى رعايته.. كيف أستطيع أن أوصل له ذلك دون أن أجرحه أو أشعره بالتقصير!! كما أني لا أريد أن أدخل أي طرف بيننا، وأريد أن أرجع لأراه بعيني كما كنت أراه سابقا يملأ قلبي حبا وشوقا إليه.. أنا أشتاق إليه وهو جالس بجانبي، حتى بعد الزواج!! هو دائما يقول لي لن يكون الحب كما كنا في فترة الخطوبة.. لن نشتاق لبعضنا كالسابق.. لماذا أنا ما زلت أحمل نفس الشوق وأكثر أحيانا.. وحبي له وخوفي عليه يزداد؟!
هل أنا الخطأ؟ هل عالمي خيالي ورومانسي فوق الطبيعي؟!
هل فعلا ما أنا فيه سخافة ولا يستدعي النقاش؟ لا أعلم!!
15/11/2022
رد المستشار
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت "نوال" حفظها الله...
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،، أهلا وسهلا بك على موقعك، ونحن نرحب دائما بأسئلتك واستفساراتك
الأخت الكريمة: ربما كنتِ من بين نساء كثر، في بقاع العالم كافة، ممن يشتكين من اهتمام الزوج بأهله، ما يوقظ لديهن تساؤل: كيف أجعل زوجي يهتم بي أكثر من اهتمامه بأهله؟ ما الحل؟
بداية – عزيزتي – عليكِ أن تكوني واقعية؛ إذ من الصعب، إن لم يكن من المستحيل أن يقدّم أحد، أي أحد، زوجته على أهله، وحتى إن حدث هذا لبعض الوقت، فإنه سرعان ما سيتراجع لحساب الأهل.
توقفي قليلاً لتصارحي ذاتكِ بشيء ما: هل ستكونين مرتاحة حين يهمل زوجكِ أهله؟ وهل الزوج الذي يتجاهل أهله لصالح الزوجة هو رجل محطّ ثقة؟ لذا، كوني واقعية وابحثي عن التوازن، لا أن تكوني أنتِ المسيطرة على اهتمام الزوج فقط... عليكِ بقليل من التنازلات؛ إذ لا تستقيم الحياة الزوجية من دون تنازلات تعلمينها تماماً، قد يحدث أن يعدكِ الزوج بمشوار خاص بكما، ويتراجع عن هذا إن استدعته والدته لأمر عاجل، لا تجعلي من ذلك مشكلة كبيرة، تذكّري أن بوسعكِ الخروج معه في اليوم الذي يليه، وهكذا.
انتهجي – يا عزيزتي – الحوار الهادئ دوماً لا الصِدام والصراخ والنقد المستمر،الحوار الإيجابي والبنّاء من شأنه دوماً حل الأمور ودفعها نحوالأمام، بعكس التشنج والقسوة واستخدام الألفاظ القاسية والانفعالات، حاوري زوجك بهدوء والفتي نظره لكونكِ زوجة وحبيبة وتحتاجين مزيداً من الاهتمام ... وعليك أن لا تفسري كل اهتمام من الزوج بأهله بأنه مناكفة لكِ وقلة اهتمام بكِ وعدم حب، قد يكون الأمر مرتبطاً بظروف أهل زوجكِ، عليكِ أن تضعي في حسبانكِ أن ظروف أهل الزوج قد تكون متردية ومتعبة، وأن يكون أحد والديه مريضاً وهكذا، لعل هذا يذكّرك بضرورة ألا تطلبي هذا الطلب من الأساس وهوأن يكون اهتمامه بكِ أكثر من أهله، ولماذا المفاضلة بين الطرفين من الأساس؟!
أختي الكريمة: بوسعكِ أن تحظي بكثير من الاهتمام والحب، وبوسعكِ دوماً استخدام العقل والمنطق والحوار الإيجابي والهادئ لاستعادة اهتمام الزوج بكِ حين تشعرين أنه تراجع وأن أموراً أخرى تشغله، تقاربكِ مع عائلته من شأنه أن يجعلكِ قريبة أيضاً، لا تضعي حداً فاصلاً وتتصرفي كما لو كنتِ نداً لعائلته وخصم ومنافس، تذكري أن لا أحد يهجر أهله لحساب الزوجة، لذا، كوني من الذكاء بألا تضعي ذاتكِ في موضع المفاضلة من الأساس... وعليكِ كذلك التركيز على مكامن النقص لديكِ، لعل اهتمام الزوج المفرط بأهله نوع من الهروب من علة تكمن لديكِ، من قبيل العصبية المفرطة مثلاً وكثرة الصراخ وعدم اهتمامكِ بمظهركِ وانشغالكِ بالعمل، على حسابه هو، يجدر بكِ إعادة تقييم حياتكما الزوجية أصلاً، واستذكار مكامن النقص والمواقف التي تصرفتِ بها بطريقة غير مناسبة، فأفضى هذا لمزيد من اهتمام الزوج بأهله على حسابكِ أنتِ.
هل فكرتِ أن تكوني والأهل شيئاً واحداً، بقدر المستطاع؟ بمعنى ألا تعزلي ذاتكِ عن عائلته، انخرطي في أوساطهم؛ لعلكِ بذلك تحصلين على الإهتمام ذاته الذي تلقاه عائلته منه، ولربما يكون اهتمام الزوج بأهله هونوع من الدفاع القلِق عما يراه من جفاء بينكِ وبينهم، لذا، تداركي الأمر من خلال التقارب مع أهله والانخراط في أوساطهم الاجتماعية وملازمته حين يكون لدى أهله.. ربما يعود سبب اهتمام الزوج بأهله الى عقدة لازمته منذ الطفولة، كأن تكون طريقة والدته هي التشكيك في ولائه دوماً، فبعض الآباء والأمهات يفلحون في ابتزاز الابن والابنة عاطفياً، ولا تكون النية سيئة حتماً، بقدر ما تكون محاولة منهم لضمان ألا ينصرف الأبناء عن الاهتمام بهم.. وقد يعود تعلق الزوج بأهله خاصة أمه لجميل يحمله لها منذ طفولته فقد يكون في صغره تعرض لمرض وتنمر ووقفت الأم معه وتعرض الزوج لقسوة الأب فيتعلق تلقائيا بأمه كمصدر للأمان
أيضا قد يكون وضع أهل الزوج سيئاً على صعيد ما، وهو ما يستدعي منه إعطاؤهم الكثير من الاهتمام، كأن يكون أحد الوالدين مصاباً بمرض عضال وأن الوضع المالي لأهل الزوج متردٍّ جداً، وأن تكون لدى شقيقات الزوج مشاكل كثيرة من قبيل طلاق وقضايا وما إلى ذلك.. وقد يكون الأمر مرتبطاً بمحاولة إثبات شيء للعائلة ولكونه لم يفضل ذاته عن ذواتهم، لربما يحاول الزوج إثبات شيء لأهله، كأن يحاول القول لهم إنه وإن تزوج فإنه لم ينسَ الأهل وأن الزوجة لن تصرف اهتمامه عنهم، قد يكون اهتمام الزوج بأهله نوع من رسائل الطمأنة التي يرسلها لهم، لا سيما إن كان مشكوكاً في برّه لهما قبل ذلك، كأن يكون والداه قد شهدا معه تجربة مريرة في العناد والتمرد، ويرغب الآن بالتكفير عن الأمر.. ولربما يعود الأمر لحمّى التنافس التي تظهر بين الأبناء بعد زواجهم؛ لأجل البرهنة على من هوالأكثر براً بوالديه، يحدث هذا كثيراً خصوصاً في أوساط الأشقاء الذكور.
وقد يكون السبب مرتبطاً بكِ أنت، أي محاولته الفكاك من أجواء البيت؛ نظراً لعصبيتكِ وسلبيتكِ ولكونه لا يلقى الحنان الكافي لديكِ، وأنكِ لا تقدمين الاحترام الكافي له داخل البيت وخارجه، وأن تكوني منشغلة عنه مع أهلكِ وفي مسؤولياتكِ الوظيفية والأكاديمية والاجتماعية، هذا التجاهل للزوج والتصرف بسلبية حياله قد يجعله يبحث عن الاهتمام والحنان المفقودين لدى أهله إن لم يجده لديكِ
وقد تكونين أنتِ من وضع ذاته موضع الند والمنافِس مع عائلة الزوج، كأن تكوني قد خيّرته مراراً بينكِ وبين أهله، وأن تكوني قد أبديتِ تذمركِ من تعلقه بأهله من خلال استخدامكِ ألفاظاً غير لبقة... أيضا، قد تكونين أنتِ من أخطأ منذ البدء حين وضعتِ أهلك مثلا في اعتباركِ قبل الزوج، يكون هذا من خلال المبالغة في التواصل مع أهلكِ وإطلاعهم على التفاصيل كلها، وقضاء الوقت لديهم، ومحاولة جذب الزوج ناحيتهم، عوضاً عن تركه ليمضي وقته مع أهله، قد تخلّف هذه الممارسات التي تخالينها بسيطة قد تخلّف لدى الزوج كماً هائلاً من العناد والرغبة في إثبات العكس، من باب البرهنة على الانتصار وعدم الانصياع لرغبة الزوجة وسيناريوهاتها وبغض النظر عن السبب الذي يدفع الزوج للاهتمام بعائلته، فليس بالضرورة أن يعني اهتمام الزوج بأهله أنه لا يحب الزوجة وأنه لا يضعها في الحسبان، وسأساعدك بعض الطرق التي بوسعكِ اتباعها؛ لأجل استرداد اهتمام الزوج بكِ:
- اصنعي مفاجآت لطيفة ولفتات يحبها، من قبيل ترتيب دعوة على العشاء وخروج للسينما وإجازة قصيرة لكما، وهكذا.
- لا تهمليه وتعتبري اهتمام الزوج بأهله ذريعة لكِ لإهمال مسؤولياتكِ الزوجية
- لا تجعلي ذاتكِ في موقع المنافِسة مع أهل الزوج، من الأساس، بل كوني صديقتهم واستقطبيهم لصفكِ، وأظهري لهم كثيراً من الود والاحترام، كوني ذكية في التعامل معهم ولا تقللي من مكانتهم في حياته خاصة علاقته بأمه، فلوحاولتِ التقليل من أهله سيحاول أن يقلل من وجودك أكثر، ويزيد اهتمامه بأهله أكثر كرد فعل على استهتارك بأهله .
- لا تضعي ذاتكِ موضع المفاضلة مع والدته، تذكري أن لا أحد يختار الزوجة على حساب الوالدة والأهل لذا، تجنبي منذ البداية أن تدخلي في هذه المنافسة،على العكس من ذلك، أشعريه دوماً بالأمان وبأنكِ لا تفكرين بهذه الطريقة ولا ترغبين بخطفه من والدته
- كلما قدمتِ الاحترام أكثر للأم أمام زوجك كلما كسبتِ ثقة زوجك خصوصا إن كانت والدة زوجك ممن يحاول إفساد العلاقة بينك وبين زوجك، فتعاملك باحترام معها يجعل زوجك يثق فيكي أكثر ولن يتأثر بما تقوله الأم فالفعل دائما أصدق من الكلام مهما كان من يتحدث قريب منا
- حاولي التحدث بإيجابية عن أمه وامدحيها بقدر ما تستطيعين حتى ولو لم تكن تستحق هذا المدح، ولكن عندما يرى الزوج أن زوجته تمدح والدته سيتقرب إليها أكثر وستحظى باحترام أكبر
- بوسعكِ أسر الزوج ووالدته باللفتات اللطيفة، أي من خلال شراء الهدايا بين الحين والآخر، وتحضير أطباق تحبها الوالدة، واستذكار المناسبات التي تحبها، والحرص على دعوتها في المناسبات العائلية، واحترامها والتودّد إليها والسؤال عنها على الدوام
- عدم التدخل نهائيا بين الزوج وعائلته فالرجل عكس المرأة، فالمرأة عندما تقع بمشكلة تحب أن يكون أحد بجانبها بينما الرجل يحب أن يحل أموره لوحده وأن يكون له مساحته الخاصة
- كلما اهتممتِ بزوجك أكثر كلما حظيتِ بنصيب الأسد في علاقتك معه، فالرجال بطبيعتهم يحبون الاهتمام، وحتى تستطيعين كسب زوجك أعطيه حب أكثر وشجعيه بكل أمر يقوم به
الأخت الكريمة: كلما أظهرتِ الاحترام لأهل زوجك كلما أحبكِ أكثر، ولنكن منصفين، الأهل مهما كانوا على خطأ يبقون هم من ضحوا لأجلنا وعشنا معهم عمرا، فلا نستطيع نزع إنسان من طفولته ومراهقته وبلوغه وهو مع أهله. نستطيع أن نحب ولكن دون التحريض ومحاولة تخريب العلاقات
أسأل الله أن يهدي لك الحال، وأن يصلح لك البال، وأن يسخر الله لك زوجك وأهله، يضع محبتك في قلوبهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وبالله التوفيق.