بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في البدء أهنئكم بزاويتكم، وأقدر جهودكم، وفي الختام أشكركم وأدعو لكم بالتوفيق والسداد. أحاول أن أكتب لكم معاناتي صراحة لعلي أنال نصائحكم الثمينة، أملا في السير نحو حياة ناجحة في تالي الأيام إن شاء الله.
تزوجت قبل 3 سنوات و6 أشهر، وذلك بعد أن استخرت الله وأخذت بالأسباب المادية للانسجام؛ فكان عمري 30 وعمرها 28، وكلانا من حاملي البكالوريوس ومن طبقة اجتماعية متشابهة ومتوسطة الغنى. والذي لم أضعه في حسباني هو أن أسرتي ستنهار في يوم من الأيام، أو أنني سأتعرض للانفصال، وذلك لأنني اتفقت مع زوجتي بعد العقد وقبل الزفاف على تفاصيل حياتنا العائلية، وما كنا نتحدث عن أمر إلا وأبدت إعجابها ووافقتني الرأي وكانت تعبر عن حبها وتقديرها لي إلى أبعد الحدود، وتقدم رأيي على رأي أهلها، وتفضل حبي على حبهم.
إلا أنه بعد الزفاف وبفترة قصيرة تغيرت الأحوال بسبب عدم التزامها بأهم الأمور التي اتفقنا عليها وهي عدم السماح للأهل بفرض آرائهم علينا والتدخل في شؤوننا فكانت تسمح لتدخل أهلها في حياتنا، كما أنها كانت تخرج أسرار البيت إليهم وتسمح لهم بمحاولة فرض نمط حياتهم علي. وكذلك فضلت أهلها وإخوتها علي وعلى أهلي ولم تهتم بالتوازن بين الطرفين.
من ثم بدأت المشاكل من حين إلى آخر حتى تعقدت وتطور الأمر إلى مواقف سلبية كرد فعل على مواقفها ومواقف أهلها، وهي بدلا من أن تلزم جانبي كما كانت في السابق، لزمت جانب أهلها، وهم بدلا من أن ينصحوها كي تهتم ببيتها وزوجها كانوا يحرضونها علي، وبدلا من أن يحببوا إليها بيتها وأسرتها الجديدة كانوا ينصحونها بما يعود عليها وعلي بالشر والأحقاد.
وحاولنا حل المشاكل، وهدأت الأمور بعض الشيء إلى أن رزقنا بولد ولله الحمد، ولكن بدلا من أن تهتم بولدها وبأسرتها أكثر، كانت تهمل الولد، ومن أوضح الأمور في هذا المجال أننا في بداية اتفاقنا على مستقبل أسرتنا أنه إذا رزقنا بالأولاد فلا بد أن تأخذ إجازة الأمومة وترعى طفلها.
إلا أنها وبتحريض من أهلها ألغت الإجازة وعادت إلى الدوام دون أن تبالي باتفاقها معي في السابق وإلحاحي عليها بالاستمرار في الإجازة وعدم إلغائها؛ فاستجابت لنصيحة أهلها ولم تلتفت إلى مصلحة الولد أو رأيي، وحصل بيننا شجار بسبب ذلك؛ فاتخذت هي مع أهلها هذا الشجار ذريعة للعودة إلى المشاكل السابقة وتقليب الصفحات الماضية للتوترات وسوء التفاهم، وفجأة جاء أهلها وطلبوا منها أمامي وفي يوم عيد من أيام الأضحى كي تغادر المنزل وتتركني فاستجابت لهم، مع أنني طلبت منها ألا تذهب معهم، ومع ذلك غادرت وتركتني، كما تركت الولد ولم تأخذه معها وعمره إذ ذاك 10 أشهر.
ثم طلبوا الطلاق فرفضت طلبهم لكوني أحبها رغم كل المشاكل حبا عميقا خالط دمي، ولكي لا نظلم الطفل البريء الذي أحبه حبا جما فيفتح عينيه على والدين منفصلين، ولكنهم أصروا على الانفصال وسدوا كل الطرق أمامي ورفضوا كل محاولاتي للإصلاح.
بعد ذلك حكمت المحكمة بالانفصال إلا أنها حكمت ببقاء الولد عندي؛ حيث رأت المحكمة أن ذلك خير للولد وأصلح؛ كونه لا يعرفهم ولا يعرف حتى والدته؛ لأنهم تركوه ولم يسألوا عنه، كما أن والدته مشغولة بالدوام، وغير متفرغة للولد؛ فهذه كانت نتيجة تجربتي التي لم أكن أتصورها في يوم من الأيام وما عمرت إلا لمدة عامين.
كما أنني اصطدمت أشد الاصطدام بأن من اخترت أخته زوجة لي واخترته خالا لأولادي حيث كان صديقي الحميم، لم أكن أتصور أن يكون هذا الشخص وزوجته وراء أغلب المشاكل التي حدثت لي مع أختها، وأن يكون الشخص الذي تسبب في هدم أسرتي.
وما أعانيه الآن هو:
1- أنني بهذا الانفصال أحس بأن شخصيتي انهارت، ولا أدري كيف أخطط لحياة جديدة وفقدت توازني، فلا أدري ولا أقدر على بناء شخصيتي من جديد.
2- أحس بداخلي -رغم كل مواقفها السلبية ومواقف أهلها- بحب كامن عميق نحوها وبشوق دفين إليها، إلا أن هذا الشعور يصطدم بالتفكير العقلاني الذي يقرر استحالة لمّ الشمل معها مرة أخرى، كما يصطدم بالواقع حيث مواقفهم القاسية نحوي ونحو الولد، فأتعذب باصطدام شوقي وحبي وعاطفتي مع الواقع والعقل.
3- ذكريات عامين من الزواج بحلوها ومرها محفورة في ذاكرتي، فأشتاق لحلوها وأتألم لمرها، ولا أدري كيف الخلاص من هذه الذكريات أو كيف السبيل إلى نسيانها.
4- أني أعيش في حيرة من أمري، هل أتزوج مرة أخرى أم لا؛ فأكون مرة متفائلا، وأعود متشائما، وأقدم على التفكير أحيانا بتجربة ثانية، ولكن ما إن أتذكرها هي إلا وأحجم. كيف يا ترى ستكون الثانية معي ومع الولد، فهي كانت تقول بأنني حياتها ودنياها ومع ذلك هدمت حياتها وحياتي.. فيا ترى كيف تكون الثانية وكيف الوثوق بأنني لا أتعرض للتجربة ذاتها.
5- وإذا ما قررت عدم الزواج خشيت على نفسي من الإرهاق النفسي؛ حيث من خلال الزواج كان الباب مفتوحا لصرف الشهوة في الحلال. أما وقد سد هذا الباب فإنني أقع في الاستمناء أحيانا إخمادا لنار الشهوة فأتعذب بعده أيما عذاب لارتكابي المعصية.
6- فأنا أعيش في حيرة واكتئاب وضيق وتعب نفسي لا يعلم مداها إلا ربي، وأصبحت قواي الجسدية والعقلية ضعيفة جدا. كما أنني أسرح في صلاتي كثيرا، وما أن تفوتني الجماعة فأصلي منفردا إلا وقد سهوت في صلاتي مرات ومرات.
أرجو منكم الأخذ بيدي إلى واحة الأمان وشاطئ الأمان، وأن تدلوني على طريق النجاح وسلوك طريق السعادة من جديد، وأرجو المعذرة إن أطلت عليكم، وجزاكم الله خير الجزاء.
30/11/2022
رد المستشار
شكراً على مراسلتك الموقع وتمنياتي لك بتجاوز هذه المحنة.
روايتك تكشف عن خلافات زوجية كان يمكن تجاوزها ولكن ذلك لم يحصل لسبب واحد فقط عدم وجود رابط قوي بين الطرفين وعدم استعدادك واستعدادها للتضحية. بالطبع هناك روايتها أيضاً وقد تكون تفاصيلها غير ما ورد في روايتك. لكن الطلاق حصل وربما لمطلقتك أهداف أخرى في الحياة تسعى لتحقيقها.
نصيحتي لك أن لا تفكر بالرجوع اليها وتترك ذلك جانباً الآن، النقطة الأهم هو أن تتفاهم معها حول رعاية الطفل وتواصلها معه بصورة مستمرة.
تمر الآن بفترة حداد وهذا يحصل في كل قضية الطلاق. تحرص الآن على تنظيم حياتك وتربية طفلك وتتجاوز فترة الحداد. بعد ذلك أنت الوحيد الذي يتخذ القرار بالزواج ثانية أم لا.
وفقك الله.