السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أولاً: أحب أن أبدي إعجابي بهذا الموقع، وهذه هي المرة الأولى التي أكتب فيها إليكم، وأود أن أجد الحل عندكم؛ فأنا فتاة في العشرينيات من عمري، وأنا في حيرة كبيرة من أمري.
وحكايتي باختصار شديد هي أنني قد تعرفت على شاب عبر الشات، وكان في غاية الأدب والاحترام معي، وقال لي بعد أن تعارفنا إنه يريد أن يرتبط بي بعد الذي سمعه عني، وإنه يكون في غاية السعادة عندما يحدثني، وكان في كل مرة نتحدث فيها يريد أن يعرف موقفي أنا منه، ولكني كنت لا أرد عليه ردًّا صريحا؛ فأنا في داخلي حيرة كبيرة؛ ففي أوقات أشعر أنه قريب مني، وأوقات أشعر بالخوف منه؛ خشية من أنه ربما يكذب عليّ ويلعب بمشاعري، وخاصة أنني ليس لي أي تجارب سابقة، وأنا لا أعرف ماذا أفعل؟
وأيضا أريد أن أسأل هل هناك أشياء يشعر بها الإنسان عندما يحب إنسانا آخر؟ وكيف له أن يعرف أنه يحبه؟
ولكم جزيل الشكر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
26/11/2022
رد المستشار
منذ فترة غير قصيرة وأنا أدرس -من خلال التجارب الواقعية- العلاقات العاطفية بين الجنسين وتطورها ومصيرها.
ووجدت أن أغلب الحالات تبدأ بدافع الاستمتاع بمشاعر الحب الجميلة، وقضاء وقت لطيف مع الجنس الآخر.. ثم تستمر الأمور هكذا حتى تنتهي "دورة الحب" .. ولا مانع أن يتخلل المشهد بعض الوعود "الكاذبة" بالزواج، وأقصد بكلمة "كاذبة" أنها لا تتعدى مستوى الكلام، ولا تتحول إلى خطوة حقيقية لإتمام الارتباط.. وهذه الحالة يمكن أن نسميها: "الاستمتاع الصريح" أو الواضح الذي لا يرتدي أقنعة.
بينما في حالات أخرى يضمر الشاب في داخله نية حقيقية للزواج، وتظل هذه النية معلقة ومؤجلة حتى يأخذ وقتًا كافيًا ليتعرف على فتاته المرشحة لتكون شريكة حياته، ويتأكد من حبه لها وحبها له، ويستمتع أيضا بقضاء وقت لطيف معها، ثم يقرر في النهاية أن يتزوج بها فعلا، أو أن يتراجع وهو عندئذ لم يخسر شيئًا -من وجهة نظره- فهو قد "استمتع" بالقصة أيضًا، ولكنه "يغلف" هذا الاستمتاع بنية للزواج، ويمكن أن نسمي هذا "الاستمتاع المغلف" أو "ذو القناع".
وربما تلاحظين أنني في الحالتين تحدثت عن الشاب وليس عن الفتاة؛ لأن قرار الزواج -في الحقيقة- بيده هو؛ فهو الذي "سيدفع" نفقات الزواج من هدايا ومهر ومسكن الزوجية، وهو الذي "سيدفع" نفقات ما بعد الزواج؛ حيث هو مسؤول عن زوجته وأولاده، كما أنه بالإضافة للمدفوعات المادية "سيدفع" معنويا -حريته واستقلاله لزوجة تحاسبه كل يوم: أين كنت؟ وإلى أين ستذهب؟ بعد أن كان طليقا حرا قبل الزواج؛ لذلك فإن فكرة الزواج بالنسبة له "ثقيلة الظل" إلى حد ما بعكس الفتاة التي لن تدفع شيئًا، كما أنها ستنتقل إلى ولاية زوجها التي هي أخف قمعا -كما تتصور- من ولاية أبيها!!
أردت من خلال هذه المقدمة الطويلة أن أقول:
إن هذا الشاب هو أحد اثنين؛ إما أنه يتسلى ويريد الاستمتاع، وإما أنه ينوي الزواج بعد أن يدرسك لفترة كافية يقرر بعدها أن يتزوج بك أم لا.
فإن كانت الأولى فلا داعي للاستمرار -إلا إذا كنت أنت أيضا تقبلين التسلي والاستمتاع بعلاقة خارج إطار الزواج لا يرضى عنها الله أو العرف- سواء كانت على الشات أو غيره.
أما إذا كانت الثانية.. فإن الشات قد لا يكون هو الوسيلة المثالية ليدرس كل طرف الآخر، خاصة إذا لم يكن هناك تعارف بينهما خارج الشات.. فعندما يكون التعارف عن طريق الشات فقط فإن مساحة الوهم والتدليس تكون كبيرة جدا، ولعلنا تحدثنا عن هذا بالتفصيل في مشكلة سابقة بعنوان: "كلام الشات مدهون بزبدة!".
وهنا أقول لك:
أنت لم تذكري لنا أي بيانات عنك أو عن هذا الشاب.. وهل أنتما من نفس البلد؟ وما مدى التوافق الاجتماعي والثقافي والديني بينكما؟ فهذه كلها عوامل لا يمكن تجاهلها عند الإقدام على الارتباط.
أدعوك يا ابنتي لشيء من الحسم والوضوح؛ إما أن تقطعي هذه العلاقة الوهمية، وإما أن تستمري، ولكن على بينة من أمرك إذا قدم لك هذا الشاب تصورًا واضحًا عن مشروع ارتباطه بك.. بدلاً من أن تصبحي فريسة للاستمتاع الصريح أو المغلف.