الوسواس القهري
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، أبلغ من العمر 17 سنة أعاني وأتعذب بشدة بسبب الوسواس والشك أنني كفرت أو أشركت، لقد عرفت حديثا أن الاعتماد على الأسباب شرك وأنا كنت أعرف هذا لكني لم أفهم ما معنى الاعتماد على الأسباب فمثلا إن طبخت ولم أقل توكلت على الله أكون أشركت أو مثلا أراد شخص ما أن يغض بصره ولم يستعن بالله ولم يدعه يكون قد أشرك ، وهل يجب علي أن أتوكل على الله عندما أرتدي ملابسي أو أكتب أو أعمل ماسك أو أمسك الموبايل إذا دايما أنسى أتوكل على الله ولا أعرف كيف!!
بعد أن تأكدت أنه شرك حزنت واكتئبت وكنت أتناول الفطور وكان القرآن بجانبي حملته وكانت يداي ملطختان بالزيت وعندما علمت أن هذا لا يجوز لم أفعل شيئا كنت حزينة للغاية وغاضبة لكن القرآن كان مغلفا في غلاف بلاستيكي فهل كفرت وأيضا إخواتي يغضبونني لأنهم لا يهتمون بكراسة التربية الإسلامية تعبت منهم ومن أفعالهم وإهمالهم وفي نفس اليوم تكاسلت عن تبديل مكان كراستهم مع أني أعلم أن أخي الصغير سيذهب ويحضره ويلعب به لكني لم أفعل وأحضره أخي كنت حزينة ومحطمة نفسيا وكسولة ولم أفعل له شيء كنت أبكي لأنني كفرت تعبت وتحطمت.
فهل أنا كافرة أنا دائما موسوسة في الرياء والآن وأنا أكتب لكم أشك أني أود أن تعرفوا أني حزينة لأني قلت لكم أني حزنت بسبب الكفر وكنت أود أن أشارككم بعض الأشياء لكن عند كتابتها شككت أنها رياء فهل إذا مسحتها لا أقع في الرياء أي هل إذا شك شخص ما أن فعله رياء وتراجع عنه يكتب عنه ذنبه أم يعفو عنه الله لأنه تراجع لا أحب أن أضحك أو أن أعيد الصلاة أو أن أسجد سجود السهو لكي لا يقول لي أهلي أن صلاتي سيئة أو مبعثرة أو أن يروا صلاتي غير صحيحة وكذلك تركت الكثير من الحركات في الصلاة لكي لا يرى أهلي أن صلاتي سيئة فهل هذا شرك أعاني من وسواس في الصلاة حيث أني أكرر سورة الفاتحة وسبحان ربي الأعلى دائما لأني أشك هل قلتهم أم لا وكذلك وسواس في الطهارة والاستنجاء
حياتي أصبحت عذابا هذا كله حدث عندما عرفت أن الإنسان يمكنه أن يكفر تعبت من هذه الحياة وبصراحة لا أعرف كيف أثبت على إسلامي! كيف يستطيع الناس الثبات على إسلامهم حقا لا أستطيع وأظن أني سأدخل النار! أتمنى أن تساعدوني لأني تعبت
1/12/2022
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "مروى"، وأهلًا سهلًا بك على موقعك مجانين
أما سؤالك الأول عن معنى الاعتماد على الأسباب، فبيانه هو التالي: إن الله تعالى خلق الكون وجعل له قوانين يسير عليها، ومن هذه القوانين: أن ربط بين الأشياء، بحيث يكون أحدهما سببًا للآخر في حياتنا التي نعيشها. فالسم سبب من أسباب الموت، والطعام سبب للبقاء على قيد الحياة، والدواء سبب لحصول الشفاء، وهكذا... وقد أمرنا الله تعالى بالأخذ بالأسباب، فمن تمام طاعتنا له أن نأخذ بالأسباب كما أمرنا، فنتناول الطعام والشراب، ونبتعد عما يؤدي إلى الموت، ونتناول الأدوية حين المرض... كل هذا يعتبر طاعة لله تعالى.
ومع اتخاذنا للأسباب علينا أن نعلم أن هذه الأسباب ليست مؤثرة بذاتها، وإنما الله هو الذي يخلق النتيجة، أي ليس الدواء الذي يشفي، وإنما الله يخلق الشفاء عندما نتناول الدواء. وليس الطعام هو الذي يجعلنا نحيا، وإنما الله تعالى يمدنا بالحياة عندما نطيعه ونأكل. وليس السم هو الذي يقتل، وإنما الله تعالى يقبض أرواحنا عندما نتناول السم. فهذه الأسباب عدم في تأثيرها لولا أن الله تعالى يخلق النتائج عندما نعمل بها. فالله تعالى هو من ربط الأسباب بمسبَّباتها (أي بما ينشأ عنها).
ومن الأمثلة على ذلك: أن النار لم تحرق سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما ألقي فيها، مع أنها عادة تحرق! وذلك لأن الله تعالى لم يخلق الاحتراق عند ملامسة النار له عليه السلام، بل قال: ((قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ)) [الأنبياء:69] فكانت النار كما أرادها الله تعالى، وانفك الارتباط بينها وبين الإحراق... فإذا اعتقد الإنسان أن الطعام هو الذي يحييه، ونسي أن الله هو الذي يمده بالحياة فقد اعتمد على الأسباب، كذلك إذا اعتقد أن دراسته هي التي تجعله ينجح وليس توفيق الله تعالى، فقد اعتمد على الأسباب، وكثيرًا ما نسمع عن طالب ذكي من أوائل مدرسته، يدرس بجد، ثم فجأة يجد عقله قد أغلق في أحد الامتحانات فلا يعرف الإجابة!! وما هذا إلا رسالة من الله تعالى إلى هذا الطالب ليذكره أن الفضل لله في نجاحه، وليس لذكائه واجتهاده.
فعدم الاعتماد ليس في قولك: توكلت على الله، أو استعنت بالله... وإنما أن تأخذي بالأسباب لأن الله تعالى أمرك بذلك، مع معرفتك أن الله تعالى هو الفاعل لكل شيء، واعتمادك عليه لتحقيق ما تريدينه، وعدم التعامل مع الأسباب على أنها هي التي ستحقق مرادك. ويمكنك أن ترجعي إلى مدونة: خرافة العصر الحديث ففيها ما يفيدك بإذن الله تعالى
-إمساك المصحف بيدك الملوثة بالزيت: أي إنسان يفعل ذنبًا وهو جاهل، ففعله معفو عنه، لا يوصف بحل ولا حرمة، أي أنه غير مؤاخذ. ولكن إن علمت بحرمة تلويث المصحف والزيت ما زال عليه، ليس عليك إلا أن تمسحي الجلد، حتى يزول الأثر والرائحة، وإن علمت بعد أن زال أثر الزيت لوحده فلا شيء عليك... ثم أرأيت أن كل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده؟! ظننت أنك كفرت، فانهارت قواك وتحطمت وتركت أخاك يلعب بكراسة التربية الإسلامية! كلنا نتعرض لهذه المواقف، ونقوم برفع ما يخشى عليه من الأطفال، وإذا وقعت بين أيديهم نسحبها منهم وفقط! ولا أحد يخطر في باله أنه مذنب فضلًا عن أن يكون كافرًا!!
-تسألين: (هل إذا شك شخص ما إن فعله رياء وتراجع عنه يكتب عنه ذنبه أم يعفو عنه الله لأنه تراجع؟) والجواب: من شك في الرياء فليس عليه أن يترك ما يفعله، ولا أن يتراجع عن شيء، وإنما عليه أن يذكر نفسه أن الناس لا ينفع مدحهم ولا يضر قدحهم، ويحاول قدر الإمكان أن يوجه قصده ونيته إلى الله تعالى، ولا يفكر في رأي الناس وما يقولونه عنه. ثم إذا غلبه حب نظر الناس إليه، فلا يضره ذلك، ما دام يحاول تصفية نيته.
-إخفاء وسوستك في الصلاة وغيرها عن أهلك ليس شركًا، وإنما هو فعل طبيعي يصدر من كل موسوس يخجل من وسواسه، ويعلم أنه غير طبيعي في تصرفاته تلك. الموسوس لا يحب وسوسته، ويعجز عن تركها، وانتقاد الناس يشعره بالعجز والذنب، ولا يساعده على الشفاء، ولهذا يحاول إخفاء وساوسه عن الناس قدر المستطاع، تجنبًا للحزن والألم وهذا فعل طبيعي
لا تتعجبي من ثبات الناس على إيمانهم، فأنت ثابتة أيضًا على إيمانك؛ ولكنك اخترعت مكفرات من عندك حكمت على نفسك بالكفر من خلالها.
فاطمئني، أنت لست كافرة، ولكنك تشددين على نفسك وتضيقين ما جعله الله واسعًا. الدين يسر، والكفر لا يحصل بهذه السهولة
عافاك الله وأعانك على تجاهل وسواسك