السلام عليكم
أود بداية أن أعبر لسيادتكم عن تقديري واحترامي لما تبذلونه من جهد ملموس في محاولة جادة للتخفيف من أزمات ومشاكل الناس، بل توجيههم ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم.
أنا ليس لدى مشكلة معينة، ولكنى أرغب في أن تشاركوني الرأي بما تعتقدون من وجهة نظركم.. أنا آنسة على مشارف الـ"33 عاما"، خريجة إحدى كليات القمة الأدبية، وأعمل في مركز مرموق، وأحضر للدراسات العليا، على قدر من الجمال، متدينة وملتزمة ومن أسرة محافظة، لم يسبق لي إقامة علاقات عاطفية مع أحد، وإن كنت شعرت بعاطفة تجاه أحدهم ولكن من طرفي أنا وكان هذا منذ زمن ولم يحدث أي تطور.
تمت خطبتي مرة واحدة ولم يستكمل المشروع نظرا لاكتشافي عدم مسؤوليته واتكاله عليَّ من الناحية المادية، ولم نوفق فتم فسخ الخطبة وهذا منذ ما يقرب من عامين.. الآن كمثل باقي الفتيات أنتظر القسمة والنصيب، ولأن العمر يجري ومشكلة تأخر سن الزواج تتفاقم حاولت عن طريق مواقع الزواج على النت، وحيث إن هذا العالم غريب وواسع ولا تعرف من الصادق فيه من الخادع فقد تعرفت على البعض من خلاله، ولكن للأسف أغلب الداخلين عليه يقصدون إخفاء بعض المعلومات، لست أقول ثانوية، ولكنها أساسية ومهمة لبدء أي مشروع ارتباط.
آخر تلك المرات كانت التعرف بشاب حاول أن يُصغر عمره عشر سنوات كاملة، فبدلا من 39 عاما اكتشفت خلال مقابلته أنه 48 عاما، أنا لا أنكر أنه إنسان طيب خفيف الظل ذو مركز علمي ووظيفي مرموق حاصل على الدكتوراه في تخصص مهم، عاش بالخارج فترة، ولكن لماذا الكذب؟!
سبق المقابلة الشخصية عدة تليفونات ولم يحدث أن حاول أن يصحح هذا الخطأ اعتقادا منه أنه ينظر إلى نفسه على أنه صغير السن وشكله يعطي سنا أصغر، ولكن يا سيدي تبقى الحقيقة مهما حاولنا تجميلها، هذا الشاب ليس لديه أي إمكانيات مادية على الرغم من امتلاكه لها في الخارج (عاش فترة المراهقة ودرس وعمل هناك وأكمل دراسته العليا حتى حصل على الدكتوراه وكان وجوده هناك نتيجة وجود والده بالخارج الذي طلق زوجته وتركها وهم صغار وتزوج من أجنبية واستقر بالخارج) إلا أنه كان بارا بوالدته فصرف عليها كل أمواله لعلاجها ورعايتها والآن توفاها الله.
لكن هناك أيضا عيبًا فيه ألا وهو أنه لا يصلي إلا الجمعة على الرغم من زعمه أنه متدين ويتقي الله في كل شئونه ويحفظ بعضًا من القرآن، بصراحة أنا كنت على استعداد للوقوف بجانبه إذا لم يكن فرق السن كبيرا.. هكذا فكرت في الأمر وأشركت معي والدي وكان على نفس الرأي.. أنه كبير وليس عنده أي موارد يستطيع أن يبدأ بها مشروع الزواج، فليس لديه غير مرتبه فقط وهو مديون نتيجة علاج والدته وهو يرى أنه مطلوب في سوق العمل بما لديه من شهادات ومؤهلات خاصة ومستقبله واعد والحالة المادية ستتحسن في رأيه.
فهل ترى يا سيدي أن رفضي لهذه الأسباب منطقي، لأنني بصراحة كنت أضع شروطا بالنسبة للسن على ألا يزيد عن 10-12 عاما على الأكثر، وأخشى يا سيدي من الفارق أن يظهر بعد سنوات ضئيلة حين يدخل في الخمسين من عمره وأنا ما زلت في أوائل الثلاثينات.. هل ممكن أن تشاركوني برأيكم كما لو كنتم مكاني؟ أريد أن أعرف هل أنا على صواب أم خطأ؟
ولحضراتكم جزيل الشكر والاحترام
أرجو الرد في أسرع وقت لأني أريد أن أستريح نفسيا وأتمتع براحة البال.
5/12/2022
رد المستشار
يبدو أنه ليس وحده من صدق أنه ابن التاسعة والثلاثين من عمره، فأنت كذلك تعيشين هذا الوهم حين تقولين إنه يرى أنه مطلوب في سوق العمل، وحين تقولين إنه ذو مستقبل واعد!
ذكرتني كلماتك بقصة ثور كان يسير على حافة نهر فانزلقت قدماه ووقع بالنهر وصار يغرق، وكان هذا الثور يؤمن بالله كثيرا فظل يدعو الله أن ينجيه من الغرق، وبينما هو يغرق مر عليه "تيس" فقال له أساعدك لتخرج من النهر، فقال له الثور: "لا... أريد ربي أن يساعدني"، وهكذا مر عليه ثلاثة تيوس أخرى وظل يرفض مساعدتهم الواحد تلو الآخر، فلم يدرك أن هؤلاء التيوس قد أرسلهم الله سبحانه وتعالى له ليكونوا سببًا في نجاته.
هذا تمامًا ما ينطبق على حالتك، فلقد أرسل الله لك عدة رسائل لنجاتك فلا ترفضيها.. منها كذبه.. ضياع ماله المزعوم فكيف نتأكد من صدق روايته عن ماله المفقود تحت أقدام أمه؟ .. انتظاره غير المنطقي حتى الثامنة والأربعين من عمره دون أن يستغل تخصصه النادر على الرغم من احتياج سوق العمل له.. عدم انتظامه في لقاء ربه.. فارق السن.. والرسائل كثيرة فلماذا الإصرار على الغرق؟
هل هو استسلام لسوط العنوسة؟ أم لحظات يأس خادعة؟ أعلم أن الحرمان من رفيق لحياتنا نأنس به، ويأنس بنا أمر شاق مؤلم، لكن الأكثر ألما أن نتورط مع شريك للحياة يجعلنا نتمنى العودة للوحدة دون جدوى... فاستعيدي قوتك من جديد وانتبهي لنفسك فهي "غالية" فما أقسى أن نغدر بأنفسنا، وتذكري أن غدًا -وإن تأخر- سيأتي من يستحقك فالله سميع مجيب وكذلك "مقيت".