بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أنا عمري 25 سنة ومخطوبة، وقد عقد قراني قبل 6 أشهر، وكان من المفترض أن يكون فرحي في عيد الأضحى السابق، ولكن تم تأجيل كل شيء لظروف خارجة عن إرادتنا. المشكلة أنه يوجد فرق مادي كبير بيني وبين خطيبي وهو متحسس من هذه الناحية رغم أني دائما أقول له ألا يهتم بهذا الموضوع وإن الله سيرزقنا فيما بعد. المهم كان يخطط لنتزوج في الصيف المقبل لأنه لا يملك كل المستلزمات الآن.
أبي اقترح علي أن يساعدنا ونتزوج هذا الشتاء مع أختي الكبرى، ولكن خطيبي رفض ذلك عندما قلت له، وقال لي لكي لا يحزن عمي -أي أبي- وأجعله يفرح بك سنتزوج في العيد، وأستدين مهرك من صديق لي، وقال لي ألا أخبر أحدا من أهلي لكي لا يظنوا أنه محتاج، أو أنه طمعان، وأنه سيعطيني كل ما أرغب به وأتمناه، وأن لا ينقص علي شيئا كباقي أخواتي اللاتي تزوجن من قبلي، ولكن صديقه الذي أخذ منه الدين طلب دينه، ولكي يرد خطيبي له المبلغ اضطر للاستدانة من شخص آخر ليس مقربا له كصديقه السابق، وسد حساب صديقه الأول ولكن الشخص الجديد احتاج لنقوده أيضا فجأة رغم أن خطيبي قال له منذ البداية إنه سيسدد له لاحقا ولكنه غضب عندما ذهب لخطيبي وقال له إنه لا يملك شيئا الآن وعليه أن يتمهل قليلا لكي يعطيه جزءا من الدين، ولكنه ذهب لمنزل أهلي وكذب على لسان خطيبي وقال لأخي إن خطيبي قام بإرساله لهم لكي يقوم أهلي بالدفع عنه وأهلي صدقوا كلام هذا الرجل وكرهوا خطيبي كثيرا أولا لأنه أنكر أنه استدان من أحد، وثانيا لأنه أرسل الرجل لهم.
أنا أعرف أن خطيبي استدان، ولكن ليسعدني وقال لي ألا أخبر أحدا لكي لا يعرفوا أنه محتاج وأنه مقصر من ناحيتي ليس لأنه يريد خداع أهلي كما يقولون، وخطيبي أنكر كلام الشخص أنه قال إنه قام بإرساله إلى أهلي وأنا أصدقه وقال لي أنا مستعد للمواجهة.. أنا أصدقه حتى لو من غير مواجهة ولكن إذا أهلي لم يصدقوا خطيبي فسأقول لهم أن يواجهوا، ولكن المشكلة أن أهلي الآن لا يريدون خطيبي ويحاولون إقناعي بتركه ولكني لن أتركه، ولن أتخلى عنه، خاصة أنه ارتكب الأخطاء لأجلي وليس لأجل أحد آخر، ولكني في نفس الوقت لا أريد إغضاب أهلي مني وهم الآن يمنعوني من مقابلته أو الخروج معه، حتى إنهم يقومون بإحداث مشاكل لي عندما يروني أتحدث معه على الهاتف.
والله لا أعرف ماذا أفعل؛ فهذا زوجي ومن حقي ومن واجبي أن أتحدث معه، حتى لو لم يكن زوجي أيضا من حقي أن أختار شريك حياتي. أنا لا أريد إغضاب أهلي ولا حتى هو، وهو ندمان، ويريد إصلاح كل شيء، واتفقت أنا وهو على ألا نتحدث في موضع الزواج أو الزفاف بالمعنى الأصح قبل أن يسدد كل ديونه ويكون نفسه ويحضر كل مستلزمات البيت والفرح.
أنا لا أريد سوى رضا والدي وأهلي، ولكني في نفس الوقت لا أريد ترك زوجي، بالله عليكم دلوني ماذا أفعل؟ فلو بعد كل هذه المحاولات مني ومن خطيبي في إصلاح الأمور وأهلي حاولوا إجباري أو منعي منه هو يمكنه طلبي في بيت الطاعة، خاصة إذا قام بتحضير كل المستلزمات، ولكن هو لا يريد إلا المعروف مع أهلي، ولا يريد مشاكل، ولا يطلب سوى رضاهم، ولكن إذا اضطررنا أنا وهو بعد كل المحاولات لهذه القضية فلا لوم علينا على ما أعتقد، وأنا كنت على علم بكل شيء وعن الديون وأنا لم أخبر أحدا بناء على طلبه، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، وعرفوا بكل شيء ولكن بطريقة غير متوقعة عن طريق الشخص الذي استدان منه، وكذب على لسان خطيبي، ولكنه الآن يسدد له الدين قدر الإمكان، وقد قام خطيبي بالسفر للعمل بالخارج ليحسن أمره، ويسدد ديونه، ويحسن صورته أمام أهلي، ولن يتكلم عن أي زواج أو غيره قبل أن يقوم بإصلاح كل الأمور.
أخي الكبير يقول لي: عليك بعدم التعلق به، ودعيه يحسن أموره، ولا يتحدث معك إلا بعد أن يجهز كل شيء، ولكنه متفهم للغاية، ويساعدني كثيرا، ويحاول مساعدتنا بكل طريقة... أما أخي الأصغر منه فهو متهور كثيرا ولا يعرف كبيرا، وإذا رأى خطيبي أتوقع أن تحدث مشكلة، وآخر أخ لي عصبي جدا، ويظن أن خطيبي سارق، ولكنهم لا يعلمون أني أعرف بالدين، ولكننا أخفينا الأمر عنهم عن قصد لوجود الفرق المادي بيننا ولكننا لم نرد إظهار ذلك لهم.. أبي يتأثر كثيرا برأي وكلام إخواني كثيرا وهم يقولون لي لن تعيشي سعيدة مع هذا الوضع، ولكنني سأنتظر زوجي كي لا يتضايقوا مني لكي يسدد ديونه وأرتبط به، وإن شاء الله سنعيش سعداء حتى لو لم يوفر لي كل ما كان متوفرا عند بيت أبي لأن قلبه كبير، ويحبني كثيرا، وفعل ما فعل فقط من أجلي.
في انتظار ردكم،
والسلام ختام.
8/12/2022
رد المستشار
الابنة الكريمة،
مما لا شك فيه أن الأزمة التي تمرين بها الآن تحتاج منك للهدوء والتعامل مع الأمور بحكمة وروية؛ فوالدك أتم زواجك بكامل إرادته وبرضاه، وهو بالتأكيد يدرك جيدا الفارق المادي بينك وبين زوجك، ولأنه يدرك هذا فقد عرض عليكما أن يساعدكما من أجل الإسراع في إجراءات الزواج، ولكن حساسية زوجك جعلته يرفض مساعدة والدك، ولجأ للاقتراض حتى يتم الزواج، ولا أدري كيف كان يخطط لتسديد القرض بعد الزواج بما يعنيه الزواج من أعباء اقتصادية جديدة، وخصوصا وهو ينوي أن يحضر لك كل ما تريدين حتى لا تشعري أنك أقل من أخواتك؟!
المهم أن هذه الخطوة غير محسوبة العواقب من قبلكما قد أدت لهذه الأزمة بين زوجك وأهلك، وهنا تبرز مشكلة قد تكون أخطر على حياتكما المستقبلية -إذا لم تجيدي التعامل معها- من رفض أهلك الحالي.. هذه المشكلة هي أن شعور زوجك بضعف مستواه المادي يدفعه للمغامرات غير المحسوبة من أجل إسعادك وتحقيق كل ما تحلمين به، وهذا أمر محمود لزوجك ولكنك في المقابل لا بد أن تتعاملي مع الأمور بصورة مختلفة.. فلقد قبلت الزواج ممن هو دونك في المستوى المادي، وهذا يعني ضمنا قبولك لمستوى حياة أقل بكثير من الحياة التي تتمتعين بها الآن في منزل أسرتك أو التي تعيشها أخواتك الأخريات.. فهل أنت قادرة بالفعل على تحمل هذه الحياة؟!
لا تخدعي نفسك بأن الله سيرزقنا، ولكن واجهي نفسك بالحقيقة وبكل صراحة بأن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، وأن تغير الأمور للأفضل قد يستغرق سنوات وسنوات.. فهل أنت على استعداد لتحمل هذه الحياة بصعوباتها؟ هذا الأمر لا بد أن يحسم بداخلك قبل أن نناقش سويا الحلول المطروحة لمشكلة زوجك مع أهلك؛ لأن رضاك عن حياتك مع زوجك على أي وضع يقلل كثيرا من الضغوط الملقاة على عاتقه والتي تدفعه دفعا لتصرفات غير محسوبة العواقب، وأرجو ألا يفهم كلامي على أنني أرغب في إثنائك عن الارتباط بزوجك مع ضعف مستواه المادي؛ فقناعتي أن المال وحده لا يصنع السعادة، وكل ما أطلبه منك أن يكون اختيارك لزوجك ولحياتك معه نابعا من اقتناع داخلي وبعد روية وتفكير متأنٍّ.
ووصولك لهذه الدرجة من الوعي والاقتناع سيمكنك من إقناع أسرتك بما تريدين دون الدخول في مهاترات غير مأمونة العواقب مثل طلبك في بيت الطاعة؛ فالأصل أن تجاهدي أنت وزوجك لكسب رضا أهلك بدلا من الإصرار على الدخول في صراعات لا طائل منها، ولتكن البداية مع أخيك الأكبر، اشرحي له موقف زوجك ولماذا استدان؟ اشرحي له مواصفات الموقف بصدق، ووضحي له أنك كنت على علم بالقصة كلها منذ البداية، وأظهري له تفهما وتقبلا لطبيعة حياتك المقبلة، واسأليه أن يكون عونا لكما في إقناع والدك وباقي إخوتك، ويقيني أنه بالإصرار والإلحاح ستتمكنين من إقناع أهلك بما تريدين.
ولا تنسي الاطلاع على ملفات زواجية وعلى تصنيف "اختيار شريك الحياة"؛ لأن فيه الكثير مما يعينك على التعرف على زوجك والتعرف على عيوبه بحيث يكون اختيارك نابعا عن اقتناع تام، مع دعواتنا أن يقدر لك الله الخير حيث كان وأن يجمع بينك وبين زوجك دوما على الخير.