السلام عليكم ورحمة الله
لم أكن أتصور أن يتعلق قلبي برجل، فقد كنت أمقت ذلك جدًّا، إلا أن ذلك حدث مع مشرفي في المدرسة، كان ذلك عندما كنت في المرحلة الأولى، وكنت حذرة منه كعادتي مع بقية الرجال إلا أنه كان يعاملني بشيء من "التمييز"، وإذا ما أجبت يلاحقني بنظراته، والآن أصبحت أفكر فيه بالرغم من أنني دائمًا ما أظهر الجفاف له مما يلفت انتباه الآخرين.
كيف أتخلص من هذا الهوى، مع العلم أنني تبت أكثر من مرة، ولكنني أعاود التفكير فيه، وهل يحاسبني الله -جلَّ وعلا- على هذا؟
لا أريد أن أتخطى
8/12/2022
رد المستشار
الأخت الكريمة، لو أنك تتابعين صفحتنا باستمرار؛ فستعلمين أن الظن بعدم إمكانية تحرك القلب أو تعلقه بإنسان من الجنس الآخر هو مجرد "ظن" لا يقوم عليه أي دليل أو برهان، وفارق كبير بين الظن والتصور، وهو أمر مدهش حقيقة أن يمقت الإنسان الفطرة التي فطر الله الناس عليها، ولكن قلة الخبرة، وضعف المعرفة ينتج هذا وأكثر، وربما بسبب هذا "المقت" و"عدم التصور" – على حد تعبيراتك - تكون المقالب الساخنة حين تمارسين الأصل الفطري الذي يصيب كل بشر صحيح سليم، ولكن في المكان غير السليم أو في الوقت غير السليم، أو مع الشخص غير المناسب، أو بالأسلوب الخاطئ، فانظري إلى المفارقة!!
هذه المقاومة الساذجة لميل هو فطري وطبيعي في أصله تحيل هذا الميل إلى شيء "أسطوري" يشبه الديانات السرية بطقوسها الغريبة ومعتقداتها العجيبة؛ فنصل إلى هذا الالتباس المدهش حين يجري التفكير والتعبير في اتجاه خيالات أن الإعجاب الصامت –مثل حالتك- هو هوى مستنكر، أو أن الإشارات المحايدة- ربما- هي علامات هيام و"تمييز"، ونسقط في مهاوي الشعور بذنب فظيع دون مبرر حقيقي، أو سبب موضوعي لهذا، وإمعانًا في التشويش لا بد أن يتضمن هذا المركب المختل إشارة إلى أن السائل أو السائلة من الملتزمين أو الملتزمات كما في مشكلات سابقة، وكأن الملتزمين والملتزمات غير البشر في مشاعرهم أو تكوينهم.
يا أختي الفاضلة، تطلبين النصيحة، ونرجو أن نكون أهلاً لثقتك بنا، يا أختي، الحب ميل طبيعي، ويقع للناس مثلما تحدث لهم كل الأقدار السعيدة أو المؤلمة، لا إرادة للبشر في وقوعه، ولا سلطان لهم على قلوبهم فيه، وهو بالتالي ليس من الأفعال الإرادية مما يستوجب حكماً شرعياً؛ لأن الأحكام الشرعية تتعلق بأفعال المكلفين الإرادية، وهذا في أصل عاطفة الحب، فلا حاجة لك أن تتوبي عن أصل الميل- لأنك لم تذنبي أصلاً... واضحة هذه؟ أما ما يتعلق بهذا المشرف، فإن ما في قلبك نحوه هو التفات عابر أنت تصرين على تثبيته تارة بمقاومته وتارة باستعادة التفكير فيه، وتأويل أفعاله أو نظراته بما يخدم وجهة نظرك أن هذا المشرف معجب بك، أو ينظر إليك نظرة "ذات غرض"، ولو صح ما تظنين من أن هذا المشرف متعلق بك، وأنت متعلقة به، فإن السؤال الصحيح عندها يكون: هل هذا هو الشخص المناسب لك من كل النواحي والاعتبارات؟
وإن اتضح عدم تعلقه بك، وأن ما في ذهنك هو محض خيال مثل ما يدور في أذهان الفتيات ممن هن في مثل سنك، فلا بأس بذلك على كل حال، فإن إحداكن تعتقد أول ما تعتقد في الحب حين تهوى المدرس في المدرسة، وهي تظن أن هذا هو الحب الذي تسمع عنه وما هو بذاك.
إذن تحتاجين للنظر إلى المسألة بهدوء وعمق أكبر، ونحن معك في هذه المهمة، وتحتاجين إلى تصحيح تصورك وموقفك، وفهم طبيعة الأمور فيما يتعلق بالحب، وما يتعلق بوضع العواطف في مرحلة "تحت العشرين"، وكيف أن من طبيعتها بعض التخبط وعدم الوضوح، والميل إلى الجنس الآخر، والطموح إلى جذب الانتباه في إطار البحث المتواصل عن الذات والتحقق.
وأهلا بك يا أختي، وكوني معنا، فمعًا ننمو ونتعلم ونتطور.