بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله.. أما بعد:
لقد ترددت كثيرا قبل أن أكتب لكم، وأسأل الله عز وجل أن تكون كتابتي لصفحتكم بداية لحل مشكلتي التي أرقت عائلتنا الصغيرة، وتكاد تشتتها لولا رحمة العزيز الحكيم. في البداية أعرض عليكم قصتي، وأرجو منكم أن تتسع قلوبكم الكبيرة لي؛ لأن قصتنا تكاد تكون شبه معقدة.
أبدأ قصتي من التعريف بعائلتي المكونة من ثلاثة أفراد، تضمني أنا (طالب جامعي) ووالدتي وأخي الوحيد رامي الذي يصغرني بثلاث سنوات (18)، وقد أنهى الثانوية العامة قبل شهر من الآن، ووالدتي تلك الإنسانة الفاضلة التي نفتخر بها؛ لأنها ضحت بشبابها وعمرها من أجل أن ترانا رجالا بعد وفاة والدي، لتعمل في محل ألبسة النسائية كي تعيلنا أنا وأخي لنكمل تعليمنا والمشوار الذي بدأته على الرغم من تلك المحن التي عصفت بنا، ومنها موضوع اعتقالي عند اليهود لمدة عام لأخرج بعدها لأرى حياتنا وبيتنا الصغير قد تغير؛ فرامي أخي الذي أعرفه قد تغير لأنه تعرف على امرأة تبلغ من العمر 43عاما، وهي أخصائية في علم النفس، في إحدى المحاضرات التي كانت تعطيها تلك المرأة لتبدأ المأساة، حيث تعلق أخي بها لدرجة الجنون، وهي كذلك تحت مسمى الأمومة (لأنها لا تنجب) وأنا أصفها بعلاقة الحب المغلفة بعاطفة الأمومة.
المهم أصبحت تلك المرأة الآمر الناهي في حياته، وأخذت حيزا في حياته يكاد يشبه الزوجة أو أكثر من ذلك، أصبحت العلاقة بينهما فوق المعتاد، وخرجت عن كونها صداقة، حيث نشعر أنا ووالدتي أنها لا تعوض نفسها عن عاطفة الأمومة بأخي، نحن نشعر أنها تريد أن يكون لها وحدها؛ فوالدتي تعمل من الصباح وحتى المساء، وأنا كنت في السجن، وأخي وحيد في المنزل لا يوجد من يملأ وقت الفراغ الموجود عنده، وإن سألتم عن أصحابه (أقول إنه بسبب بعدنا عن مكان سكننا القديم أصبح من الصعب أن يصلوه يوميا أو يصلهم بحكم المسافة أو ارتباطه بالدراسة).
المهم دخلت تلك المرأة حياته وملأت الفراغ الذي يعيشه، وأصبحت تعتبره كابنها حسب ما تزعم، وعندما من الله علي بالفرج ووجدته متعلقا بهذه المرأة لدرجة لا توصف، وبدأ بالخروج معهم في رحلات والنوم عندهم واشتروا له موبايل، وأصبحوا يعطونه مبلغا ماليا، وأصبحت تتصل به كل ساعة اتصالين أو ثلاثة، وحتى أيام الثانوية العامة تقوم بزيارته وحدها في البيت، حيث أنا في الجامعة ووالدتي في العمل وهو يستعد لامتحانات الثانوية، وهي تقوم بزيارته وتكون بينهما خلوة ((مع أنها متدينة وقد حجت بيت الله وزوجها أيضا)) أنا لا أشكك في أخلاقها ولا أخلاق أخي لأنه ملتزم أيضا وهو يخاف الله، ولكن المشكلة هو دخول هذه المرأة إلى حياة أخي، حيث أصبح منطويا على نفسه عصبيا ومزاجيا لدرجة أنه لا يستطيع أن يتحمل أي كلمة ضد هذه الإنسانة، وحتى لو من باب ذكرهم بالخير.
فهو يقدس هذه المرأة لدرجة الجنون وأصبح غير قادر على أن يعيش بدونها، حاولت أنا ووالدتي أن ننبهه، وأن نقول له إن الذي تفعله لا يجوز لأنك تهمل والدتك وأخاك من أجل الغرباء، ولكن كالعادة الباب مقفل في وجوهنا، وخصوصا أنا، حيث إنه لا يستطيع أن يتقبل نصيحة مني، فهذه المرأة أصبحت كل حياته، آسف على الإطالة، ولكن أحاول أن أضعكم بالصورة، بالرغم من ركاكة الجمل.. وسامحوني على ذلك.
قبل فترة كنت أناقش أنا ووالدتي وأخي بعض الأمور فتطرقنا لموضوع تلك المرأة فاحمر وجهه غضبا وطلب مني ومن أمه ألا نذكرها بالخير أو الشر، وإن حاولنا أن نقلل من هذه العلاقة فإنه سيفعل بنفسه شيئا لا يحمد عقباه، نحن في حيرة من أمرنا لا نريد أن تستمر العلاقة بهذه الصورة السيئة؛ لأنها انعكست عل حياتنا وأصبحنا نرى أن أخي قد وجد البديل عن أسرته متمثلا في هذه المرأة نحن نحاول أنا وأصدقاء لي ولأخي أن نتدخل بالموضوع من أجل تقنين هذه العلاقة، ولكي تعود الأمور لطبيعتها ويرجع أخي لحضن أمي الدافئ لا أعرف ماذا نفعل، كل الأبواب مقفلة في وجوهنا ولا نستطيع فتح الموضوع مع أخي أو مع المرأة أو زوجها لأنهم سيخبرونه، وبالتالي سيخرج أخي من المنزل، وقد يعيش معهم.
لا نعرف ما الحل؟
أفيدونا وجزاكم الله كل خير.
8/12/2022
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما رأيك أن تنظر للأمر بطريقة محايدة. شاب يتيم ووحيد وعائلة متعلمة غنية متدينة لم تنجب أي ابن لا بأس إن تبنت هذا الصغير معنويا، حيث إنك ذكرت أنها ملتزمة، وأخوك كذلك، وأنها متزوجة وزوجها يشاركها العلاقة مع أخيك فلا يوجد شبهة واضحة لاستغلال الفتى، والآن أسألك ما السوء الذي ترتب على علاقة أخيك بأسرة هذه السيدة. تقول إنه أصبح عصبيا وغالبا يرجع هذا لمهاجمتكم المباشرة وغير المباشرة لعلاقة تعطيه ما يريد من تفهم ودعم ونموذج يقتدي به، سواء كان مهنيا أو اجتماعيا أو حتى دينيا.
أعتقد أن السبب الحقيقي لغضب والدتك بارك الله فيها وجزاها خيرا على قيامها بتربيتكم وحدها هو ميلها للسيطرة وتملك أولادها. أحد أشكال الأسر المضطربة تسمى الأسرة المغلقة التي ترفض خروج أو استقلال أحد أطرافها، كما ترفض دخول أي غريب لها، وكل من يحاول تحدي حدودها الصلبة يتعرض للمهاجمة والرفض والتشكيك في أخلاقه وإخلاصه وأهدافه، وقد يكون المعالج النفسي لهذه الأسرة موضع هذا الهجوم، وكما ترى هذا ما يحدث مع أخيك والأسرة التي تعطيه ما يحتاجه في هذه المرحلة من حياته من قدوة وتشجيع دون انتقاص من قيمة ما توفره والدته من حضن دافئ كما تقول، إلا أنه لم يعد طفلا ليلتصق بهذا الحضن.
جملك ليست ركيكة، ولكنك مشتت بين ولائك لوالدتك بضرورة اتباع ما ترى وقناعتك بألا ضرر فعليا يلحق بأخيك من هذه العلاقة، بدليل حرصك على تبرئة ساحتها الأخلاقية، يزعجك تخصصها بسبب ما له من سمعة سيئة، ولكن صدقني إنه مفيد في تنشئة الشباب.
من تحتاج للتوجيه هي والدتك كي توقن ألا أحد إطلاقا يحتل مكانة الأم في نفوسنا مهما بعدنا عنها وإن غابت عن الحياة، إلا إن كانت أما قاسية مسيطرة، ومع ذلك لا ننساها، ولكن نسعى للابتعاد عنها.
سأقترح عليك ووالدتك أن تفتحا قلوبكما لأسرة هذه السيدة وتقدرا لها ما تفعل لمصلحة أخيك، واعتبراها عمة أو خالة له؛ فسلوكها بالصورة التي ذكرت فيه تكافل اجتماعي مرغوب فيه، بينما تزعجون ابنكم وتهددون شعوره بالاستقرار وحتى علاقته بكم في أثناء صراع السلطة مع هذه السيدة حوله. تحتاج لتجلس وتفكر في الأمر من مختلف النواحي بطريقة منطقية محايدة بعيدا عن عاطفة السيطرة والتسلط، فترى مقدار الفائدة التي تعود على أخيك من هذه العلاقة مقابل ما كان قد يلحق به لو تعلق في أثناء انشغالكما عنه بمجموعة من الشباب الطائش، ثم تعمد لإقناع والدتك بوجهة النظر هذه حتى يعود الاستقرار للأسرة وحتى تتجنبوا خسارة ابنكم.
ومرحبا بك