في البداية جزاكم الله عنا خير الجزاء،
أنا فتاة متزوجة منذ ثلاث سنوات، وعندي طفلة عمرها الآن عامان، وأنا وزوجي الحمد لله علاقتنا طيبة للغاية، والحمد لله نحاول أن نجعل بيتنا بيتا إسلاميا صغيرا نربي فيه ابنتنا على حب الله وطاعته، والله المستعان.
ولكن مؤخرا ظهر لي ما يؤرقني؛ فأنا أسكن في مدينة بعيدة عن أهل زوجي وأهلي، ولا يوجد علاقة مباشرة مع أي أحد سوى جارتي التي أشعر أننا متفقتان مع بعضنا البعض في أشياء كثيرة، وزوجي وزوجها يعملان معا في نفس الشركة. ولكن نتيجة لكلامنا مع بعضنا عن زوجينا كان هناك أشياء كثيرة كنت أنتقد فيها زوجها في أسلوب التعامل معها ومع أولادهما، هذا في بادئ الأمر، ولكن بعد ذلك رأيت في زوجها بعض الأشياء غير الموجودة في زوجي.. أعترف أن هذه الأشياء من الممكن أن تكون مظهرية، ولكنها تعجب النساء، ولا سيما في تزين الرجال لزوجاتهم وفى اهتمامهم بمظهرهم عند الخروج من المنزل.
لا أقول بذلك بأن زوجي غير مهندم، ولكنه لا يهتم ببعض الأشياء التي تسعدني، سواء معي أو عند خروجه، على سبيل المثال لا يهتم مثلا برائحة فمه عندما يكون يرغب في الجماع، ولكن أقوم أنا بطلب ذلك منه وبشكل رقيق لا يؤذيه، ولكن هذا بشكل مستمر تقريبا ونادرا ما يفعله من نفسه.
وقد حدثت مشاجرة بيني وبينه اليوم بسبب هذا الموضوع عندما بدأت أضع له البرفان عند خروجه من المنزل، وبدا وكأني أضع له ماء نار، فعنفني لذلك فتألمت وشرعت في البكاء فأتى يصالحني، فقلت له لا بد أن تتذكر أن المرأة من الممكن أن تنظر لرجل آخر إذا رأت زوجها غير مهتم بمظهره كما أن العكس يحدث.
ولا أعلم إن كنت محقة في هذا الموضوع أم لا، ولكن ما جعلني أقوم بذلك هو أنني في بعض الأوقات أشعر بإحساس غريب أكرهه ناحية زوج جارتي ألوم نفسي عليه وأستعيذ بالله من الشيطان ومن نفسي كثيرا حتى ينصرف هذا الإحساس، ولكني أريد أن أرى زوجي مهتما بنفسه كما يفعل هو، حتى لا أشعر بذلك ثانية دون أن أحدث بذلك شرخا في علاقتنا الجميلة التي أدعو الله أن يحميها من شر أنفسنا ومن همزات الشيطان.
أريد منكم أن تسدوا لي النصيحة، وجزاكم الله خيرا،
والسلام عليكم ورحمة الله.
12/12/2022
رد المستشار
الأخت الكريمة،
هل لي أن أسألك عدة أسئلة على أن تجيبي عليها بكل صراحة وصدق؟
هل أنت خالية من العيوب أم أن بك بعضا من العيوب التي تضايق زوجك وتؤثر عليه؟ ما هو رد فعلك إذا علمت أن زوجك يفكر في أخرى غيرك لأنها تخلو من نفس عيوبك؟!! هل تدركين أن الوقوع في براثن تضخيم عيوب شريك الحياة ومقارنته بآخر تعتبر من أقسى المخاطر التي تهدد الحياة الزوجية وتوشك أن تقتلعها من جذورها؟
حل مشكلتك بيدك، ولن يحلها غيرك فاجتهدي في اتباع ما يلي:
• كفي تماما عن التطلع لمحاسن زوج صديقتك، فإذا مر بخاطرك فاستعيذي بالله من الشيطان الرجيم، وركزي تفكيرك كله في عيوبه التي كانت حتى يوم قريب تضايقك منه، وحددي قدر المستطاع علاقتك بزوجته مع الكف تماما عن الحديث حول زوجيكما.
• احرصي مع زوجك على أن تركزي على ميزاته وكلما طافت بذهنك عيوبه فأمسكي ورقة وقلما وعددي محاسنه... ويكفي أنه لا يكابر عندما تطلبين منه شيئا (كغسل فمه عند الجماع) وغيره يكابرون، ويكفيك أنه يأتيك معتذرا عندما يضايقك أو يغضبك ويستمع لعتابك بصدر رحب ولا يضيق به ذرعا وغيره لا يفعلون ولا يتحملون كلمة لوم واحدة أو عتاب.
• تقبلي زوجك الآن كما هو.. واعتمدي استراتيجية طويلة الأجل لتغييره.. لا تلوميه على الأفعال التي تضايقك، ولكن امتدحي فيه ما يسعدك من أفعال.. فمثلا إذا غسل فمه أو وضع البرفان بناء على طلبك فلا تلوميه على أنه لم يفعل ذلك من نفسه، ولكن فقط اشكريه على اهتمامه بسعادتك وبما تحبين، وبيني له كم أنت سعيدة وممتنة وأيضا مقبلة عليه.
• تقولين إنك تقطنين في مدينة بعيدة عن أهلك وأهل زوجك وليس معك إلا طفلتك الصغيرة، وهذه الحياة الفارغة من كل شغل واهتمام هي المرتع الأمثل لشياطين الإنس والجن وهي البيئة الملائمة لنمو أهواء النفس السيئة، وهذه الحياة الفارغة من كل شغل ومن كل اهتمام جاد أصبحت للأسف الشديد خبزنا اليومي، فهل أكون مخطئة أو مبالغة إذا قلت بأن الخوض في التفاهات أصبح شغلنا الشاغل.. وبجدارة؟ وهل أكون مخطئة إذا قلت بأنه لا عاصم لنا من أنفسنا إلا بتغيير هذا الواقع المرير؟
فابحثي لك يا حبيبتي عن دور يمكنك أن تلعبيه في المدينة التي تقطنين فيها، دور يناسب قدراتك وهواياتك، دور يمكنك ممارسته من خلال مراكز الثقافة أو النوادي المحيطة بكم أو المساجد أو الجمعيات الخيرية، وشجعي جارتك على أن تحذو حذوك، انشغلا عن حياة اللهو والفراغ المملة بحياة كلها حركة وحيوية.. بحياة كلها إنتاج.. وكلي يقين أنك مع كل يوم جديد ستكتشفين روعة زوجك.. وروعة وجمال ما بداخلك.