وسواس قهري
السلام عليكم، أتمنى منكم الإجابة على مشكلتي وأخص بالذكر الدكتور وائل أبو هندي. منذ أربع سنوات عندما كنت أبلغ من العمر 14 عاما حاولت تغيير حياتي وبدأت أتقرب من ربي جل جلاله، ولكن في يوم من الأيام سمعت في داخلي كلاما كفريا وكان يقول لي وما أدراك أن الله موجود والعياذ بالله حينها شعرت بشعور خوف ورهاب أو لا أدري ما أسميه لا يمكن وصفه.
وكنت أشعر أني سأموت حينها وبدأت أرتجف وشعرت أن العالم من حولي غير حقيقي وكنت جاهزة للموت، وبدأت أصلي النافلة بين العصر والمغرب الوقت الذي جاءتني فيه الفكرة من شدة خوفي منها وعدم تقبلي ولكم أن تتخيلوا مدى الخوف لأنه لا توجد نافلة في ذلك الوقت ولكن أتمنى لو كنت مت حينها لقد مرضت كثيرا ولم أنعم بالراحة مدة أربعة أشهر قليلا ما أنام وتهجم علي أفكار لكم أن تتخيلوا مدى سوءها تشكيك سب وشتم وكل شيء وكنت خائفة جدا جدا ولا أنام ليلا وأطلب ربي المغفرة كل وقت وأتساءل إن كان أصلا سيغفر لي كل هذا وأشعر بأني أسوأ شخص في العالم
وعندما أسمع كلاما عن الدين يبدأ السب والتشكيك وأشعر بثقل في رأسي أو صداع أو لا أعرف كيف يشعرني أني غير قادرة على استيعاب تلك المعلومة الدينية أو أني غير حقيقية أو أن العالم من حولي غير حقيقي، ولقد تواصلت معكم حينها وأخبرتموني أني مصابة بوسواس قهري وأن دواءه التجاهل ثم التجاهل وبدأت أتجاهل حينها رغم الصعاب وما أجده داخل نفسي، كنت أخاف كثيرا أن أكون كافرة أو أن ينتهي بي الوسواس إلى الكفر ولقد انتهت الأفكار حينها
ولكن منذ السنوات الأربع إلى الآن لم أسترجع نفسي الطبيعية لا أدري إن كان الله غاضبا مني أنني لم أزر طبيبا نفسيا وأتسبب في الشفاء أم أنني فعلا لا زلت مريضة أصلا لا أدري لا أدري لا زلت إلى الآن أشعر بذلك الشعور أني غريبة عن العالم والصداع المستمر، لقد خفت الأفكار، ولكن عندما أحاول أن أصلي أو أقوم بأي فعل ديني أشعر أني غير مصدقة بالإسلام وبالله والعياذ بالله. لقد حاولت بشتى الوسائل أن أسترجعه، قرأت الكتب وشاهدت المقاطع لكن كل هذا دون جدوى فلا زلت عاجزة عن الاستيعاب، سأحاول أن أصف لكم شعوري أشعر أني متبلدة من الداخل فاقدة للإحساس وعندما أسمع معلومة دينية لا أستطيع الاستيعاب أشعر أني مغلقة من الداخل والخارج.
رغم أني أعلم أن الله حق والإسلام حق، ولكن قلبي يأبى أو داخلي كأني غير متحكمة به، وعندما أحاول أن أصل إلى اليقين لا يمكنني وهذا الشعور يقتلني وتبدأ الأفكار ماذا لو كان كذا؟ وماذا لو كان كذا؟ أشعر بتبلد شديد وأحاول أن أتقرب من ربي وكأني نسيت أو أشعر بفقدان ذاكرة عن كيف كنت قبل الوسواس؟ ورغم كل هذا لا زلت أصلي وأسبح وأقرأ الأذكار رافضة لكل هذا لا أريد الاستسلام للكفر. إني أشعر بأسوأ شعور في الحياة فلا أشعر بالتحكم في نفسي وعندما أحاول تبدأ الأفكار وعدم الاستيعاب للدنيا والخلق وكل شيء، وكأن عقلي متوقف! ولا حول ولا قوة إلا بالله، أنا أعلم أن نهايتي ستكون بشعة وأني لن أثبت عند السؤال، ولكني تعبت والله تعبت أربع سنوات من العذاب لم أذق طعما لمراهقتي ولا حياتي.
وأنا الآن مقبلة على الامتحان النهائي وسأدخل الجامعة إن شاء الله، وأتمنى دراسة الطب، ولكن أشعر أن الله لن يوفقني أستغفر الله العظيم لماذا لست مثل البشر الطبيعيين لماذا؟؟؟ أنا أشعر بالضيق وكل وقت أسأل ربي أن يثبتني رغم ما أجد في داخلي، ولكن حاولت وحاولت
أرجوك أن تجيبني يا دكتور وائل وأرجوك ألا تقول لي أني كافرة لأني لا أعرف كيف أرد نفسي إلى ذاتي القديمة حتى وإن حاولت
أرجوك أن تكون متلطفا معي رغم أنني لا أستحق ذلك.
4/1/2023
رد المستشار
الابنة الفاضلة "فاطمة" أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك ومتابعتك خدمة الاستشارات بالموقع.
على رسلك يا ابنتي كيف تظلمين نفسك إلى هذا الحد القاسي؟ فترين نفسك لا تستحق التلطف في حين هي تستحق الشكر برأينا على دقة وصفها وسديد تعبيرها عن خبراتها النفسية أثناء الوسوسة الكفرية التشكيكية، كيف راحت تفتش عن مشاعرها الدينية ثم لما أصبحت لا تجد في نفسها ما كان موجودا من إيمان وعاشت تفتقد مشاعر الإيمان بشدة وتتعذب في حين أن إيمانها وشعورها الديني موجودان كما كانا قبل الوسوسة وإنما يكمن الخلل في قدرتها على استبطان إيمانها.. منا لك الشكر ومن الله عز وجل لك أجر عذابك بإيمانك، أما سبب هذا العجز عن استشعار مشاعرك القديمة فهو ما نسميه عمه الدواخل، وهي نقيصة في قدرة المريض على النفاذ إلى إدراكاته الداخلية ومنها الإيمان، واليقين، لذلك فأنت غير مطالبة باليقين في أي شيء لأنك لا تدركينه في شيء توسوسين فيه.
للأسف لم أستطع الاهتداء إلى استشارتك القديمة، لأن فاطمات كثيرات وسوسن على مجانين، لكن يظهر من سطورك هنا أن استجابتك الأولى للوسواس الكفري التشكيكي وصلت إلى حد نوبة هلع من شدة خوفك وحرصك على إيمانك، وكان من بين أعراض النوبة ما نسميه بتبدل الواقع (وشعرت أن العالم من حولي غير حقيقي) وهو خلل -عابر مع النوبة- في قدرتك على استشعار دواخلك بما فيها انعكاس إدراكك للأشياء داخلك.
تقولين في وصف بدايات معاناتك (عندما أسمع كلاما عن الدين يبدأ السب والتشكيك وأشعر بثقل في رأسي أو صداع أو لا أعرف كيف يشعرني أني غير قادرة على استيعاب تلك المعلومة الدينية أو أني غير حقيقية أو أن العالم من حولي غير حقيقي) هذا معتاد أن يشتكي منه الموسوس وعندنا تفسيران غير متعارضين يتعلق الأول بعدم القدرة على الاستيعاب كشكل من أشكال اللا اكتمال، إذ يحول الوسواس بينك وبين الشعور بتمام الاقتناع من خلال شعور اللا اكتمال وإدراكات ليس صحيح تماما إ.ل.ص.ت NJREs وهي حالة خاصة تجعل الموسوس يفتقد الشعور باكتمال الخبرة الحسية أو الشعورية أو انتهاء ما يفعل... إلخ، وأما التفسير الثاني لعدم القدرة فهو الإحساس المزعج للاستغراب أو التغير غير المريح لإدراكك لنفسك أو الواقع هذه أعراض اختلال الإنية و/أو تبدل الواقع المرتبط بالوسواس القهري، ويمكن أن يفسد إحساسك بالاقتناع أيضًا.
بعد ذلك تواصلت معنا ونصحناك بالتجاهل ووفقك الله فعلا.. وخفتت الأفكار الكفرية بالتدريج، لكنك لم تعودي "فاطمة" الطبيعية التي تعرفين من الناحية الإيمانية وربما بشكل أعم تشعرين بقدر طفيف من الاستغراب وليس واضحا تماما ما إن كان ذلك مرتبطا فقط بأي فعل أو خبرة دينية أو هي نوبات من مشاعر الاستغراب أم أنها مشاعر مستمرة؟ .. هذا مطلوب منك أن تعرفينا به من فضلك.
اقرئي على مجانين:
التفتيش في الدواخل : آفة الموسوس !
نطقت بالكفر أو لم تنطق : الموسوس بالكفر لا يكفر !
الموسوس بالكفر لا يكفر ولو ظن أن أراد!
وسواس الكفرية : الموسوس لا يكفر ولا يرتد
أشعر أنها مني! وسواس الكفرية!
وسواس الكفرية حيل كالمعتاد عديدة!
أرجو أن يكون واضحا من كلامي أعلاه وما تلاه من إحالات، أنك لا كفرت ولا يمكن أن تكفري لأن الموسوس بالكفر لا يكفر والوسوسة تسقط التكليف فلا يطلب منه لا رد الكفر ولا إنكاره وإنما تجاهله لأنه ليس كفرا إنما وسواس، وبالتالي فقد أحسنت وجاهدت ووفقت وأجرت أحسن الأجر يا "فاطمة" لأنك (رغم كل هذا لا زلت أصلي وأسبح وأقرأ الأذكار رافضة لكل هذا لا أريد الاستسلام للكفر) .. أنت لا يمكن أن تستسلمي للكفر .. لكنك تحتاجين بشدة إلى تتفيه الوسواس وتجاهل مشاعر الاستغراب والاستمرار في حياتك موفقة إن شاء الله في امتحاناتك.
إلا أن من المهم التنبيه إلى أن وجود الاكتئاب قد يستنتج من عباراتك (أشعر أني متبلدة من الداخل فاقدة للإحساس وعندما أسمع معلومة دينية لا أستطيع الاستيعاب أشعر أني مغلقة من الداخل والخارج.) وأيضًا (أشعر بتبلد شديد وأحاول أن أتقرب من ربي وكأني نسيت أو أشعر بفقدان ذاكرة عن كيف كنت قبل الوسواس؟) وكذلك (أشعر بأسوأ شعور في الحياة فلا أشعر بالتحكم في نفسي وعندما أحاول تبدأ الأفكار وعدم الاستيعاب للدنيا والخلق وكل شيء، وكأن عقلي متوقف!) ثم عندما حدثتنا عن أمنية دخول كلية الطب أتبعتها (أشعر أن الله لن يوفقني أستغفر الله العظيم لماذا لست مثل البشر الطبيعيين لماذا؟؟؟) وهذا يعني وجود اكتئاب جسيم مواكب للوسواس القهري ... والاكتئاب هو الأولى دائما بالعلاج .. أرجو في حال لم يكن ما عرفته بعد قراءة ردنا هذا كافيا لتتحسن حالتك بما يسمح لك بالدراسة بمستواك المعتاد فإن عليك أن تسارعي بالتواصل مع طبيب نفساني لتأكيد التشخيص ووصف العلاج.
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات