بسم الله الرحمن الرحيم،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، الحمد لله الذي جعل من المسلمين من جعل الدين غايته والمسلمين همّه. أنا فتاة عشت طفولة لا أحب أن أتذكرها، كانت سيئة بالنسبة لي، كان والداي طيبين جدا إلا أنهما لم يدركا حجم المعاناة التي كنت أعانيها؛ حيث كنت عديمة الثقة في نفسي، أحتقرها وأزدريها، وأعد نفسي من أسوأ الأطفال.. شكلي المضحك ساعد على الحط من مكانتي في نفسي.
أدى هذا إلى مزيد من الانطواء والخجل.. لم يعودني والداي على الاختلاط بالمجتمع في صغري؛ وهو ما أدى إلى توطيد هذه الخصلة المدمرة في نفسي، ورغم علاقتي الجيدة مع زميلاتي، ومحبة المعلمات لي وتفوقي المتميز في المدرسة.. فإن ذلك لم يساعد على إنقاذي من الغرق.
أمي لم تكن تعلم ما بي، وأنا لم أكن أبوح بما في داخلي بدافع الخجل، وخوفًا من تحقير ما أقول فلا أريد ازدراء أكثر.. إلا أنني كنت دائمة البكاء لأتفه الأسباب رغم أني أعلم في داخلي أني متميزة جدا، لكني كنت أحتاج إلى من يقدر مكانتي ويلاحظني.
كبرت وبدأت في سن المراهقة.. ظهرت أعراضها لتزيد الوضع سوءًا، لم أعد أحتمل أكثر؛ فبدأت في تغيير نفسي، وصممت على رمي كل ما عانيته وفتح صفحة جديدة في حياتي.. جاهدت وجاهدت حتى نسيت كل شيء، وانقلبت 180 درجة، أصبحت أكثر ثقة وجمالا –روحيا وخُلقيا وخَلقيا– سبحان الله فكأن جمال النفس ينعكس على جمال الشكل!! وطهرت نفسي مما كنت أعانيه.. لا أقول إني أصبحت ملتزمة فهذا لا يعلمه إلا الله، إلا أنني أحاول الوصول، أصبحت اجتماعية أكثر حتى إن أختي الصغرى (تصغرني بـ7 سنوات) أصبحت أكثر حبا وتعلقا بي.
وظننت أن كل شيء قد انتهى، ولكن ما زلت أعاني من بعض الأمور لا أعلم مدى علاقتها بما حدث:
1- الوسواس القهري (سأبعث لكم تفصيلا عنه إن شاء الله)، وعادة نتف الشعر.
2- جفاف العاطفة.. لا أعلم إن كان وصفي لنفسي بهذا صحيحا.. فأنا لا أكره الناس، بل على العكس أحبهم، وعلاقاتي مع زميلاتي جيدة جدا وكذلك مع أفراد أسرتي، إلا أنني أَظهر كأني جافة المشاعر، وأُتَّهم بذلك من قبل صديقاتي (لأني أكره التقبيل، وأنا بصراحة أشمئز من التقبيل، ولا أطيق أن يقبلني أحد) لا أدري لماذا؟ (وأكره الملامسة الجسدية مع أي شخص إلا أختي وأمي). ولا أحب أن يقترب مني أحد في نومي.
أمي تضحك مني وتقول: وكيف ستتزوجين إذن؟ لا أخفي عليكم تعمدت أن أتخيل أني متزوجة لأعرف هل أحتمل هذا أم لا؟ فلم أجد صعوبة في تقبل الأمر في نفسي، وهذا ما يدعوإلى العجب.. فلم هذا التناقض؟ .... وأنا الآن بصراحة متعلقة بشاب في الجامعة يكبرني بـ 4 سنوات –لكن لم يحدث شيء يغضب الله تعالى– فتيقنت أني أملك عاطفة، ولا أجد صعوبة في تخيله زوجا لي.. لا أدري.. أنا فعلا حائرة.
أفيدوني جزاكم الله خيرا..
وآسفة على الإطالة.
10/1/2023
رد المستشار
الابنة المتصفحة الفاضلة "حلا" أهلا وسهلا بك على مجانين وبكل أهلنا المرابطين في فلسطين الأبية، شكرا على ثقتك، واستعمالك خدمة الاستشارات بالموقع.
يعني عندما تسيرين عبر ما تسمينه أنت طفولة "سيئة" .. ولنقل غير محظوظة، عندما تسيرين عبره إلى وضعك الحالي ألا يعني ذلك أنك إنسان قوي استطاع بمفرده أن يتغير من محتقر لنفسه إلى واثق بها ومن منطوٍ إلى اجتماعي ومن مكتئب إلى قادر على السعادة ... هذا لا شك يستحق التحية.
طبعا كنت غامضة ومقتضبة بشكل واضح في وصفك لما كان سيئا فعلا في حياتك كطفلة ولا وضحت لنا ما الذي غرقت فيه! ولعلها سرية الموسوسين المؤلمة هي السبب الذي كان يمنع من طلب المساعدة... وعلى كلٍّ أنت بالنسبة لنا وبقدر ما وصلنا منك كنت طفلة غير محظوظة لكنها ذكية متفوقة وكتومة، كثر الخوف في حياتها والخجل والانطواء... وربما حول فترة البلوغ حدث اكتئاب بدرجة ما... ثم انقشع ... وكبرت وازددت ثقة وجمالا وتفوقا لكن بقيت لديك مشكلات هي الوسواس القهري ونتف الشعر القهري وجفاف المشاعر مع فرط التقزز (الاشمئزاز أو القرف).
طبعا سننتظر تفاصيل المشكلتين اللتين وعدت بإرسال تفاصيلهما، وأما موضوع أنك تظهرين جافة رغم مشاعرك الجياشة فلعل له علاقة بكونك إنسانة جادة حازمة تشعر من حولها بضرورة الانضباط ولهذا علاقة بسمات الشخصية القسرية (الوسواسية) أو ربما هو فقط ناتج عن فرط التقزز (الاشمئزاز) من ملامسة الآخرين والذي يدفعك إلى التحفظ أكثر من المعتاد بين الفتيات، وعليك أن تردي على تخميناتي هذه من فضلك في متابعتك.
النقطة الأخيرة تتعلق بما تسمينه تناقضا أي كيف استطعت تخيل زوج يعاشرك ويقبلك ويفعل ربما أكثر؟ هذا يا "حلا" هو مفتاح الحل ذلك أن عاطفة الحب هي الحل السحري الذي يجعل الإنسان لا يشعر بالتقزز من المحبوب، كمثال الأم التي تتعامل مع مفرزات طفلها دون أي تقزز... في حين هي فائقة التقزز من مفرزات غيرهم، وبالمناسبة فإن كل مفرزات الجسد البشري يمكن أن تكون سببا لتقزز بعض الناس على الأقل ما عدا مفرز واحد لا يجد إلا التعاطف وهو المرتبط بالحب والحزن ... لا أظنني أحتاج أن أفسر!
ننتظر المتابعة، وأهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.