أخي يعاني دائما
هذه المشكلة لا أجد لها حلا، الكآبة تخيم على منزلنا الذي كان دائم السعادة من أثر مشكلة يعاني منها أحد أفراد أسرتي وهو أخي الأكبر (مهندس 38 عاما) الذي كان وما زال رمز الحب والعطاء والحنان الذي لا ينضب.
في بعض الأحيان يهيأ للإنسان أنه يقوم بعمل لكي يسعد به من يحب، وللأسف كلنا قد شاركنا في صنع هذه المشكلة التي سببناها لأخي الحبيب دون أن نشعر، ومن منطلق الحب واعتبارات لا يمكن التغاضي عنها في مجتمعنا هذا.. المشكلة ببساطة أننا ضغطنا على أخي ليتزوج ابنة عمه التي كنا نرى فيها أنها تتمتع بصفات مثالية في نظرنا (الأصل الطيب الجمال الشهادة العليا)، لكنه لم ير فيها ما يريد، ولم يحس تجاهها بالقبول، ولا يستحسن أي رد فعل لها؛ فهي أنانية ولا تعينه على طاعة الله.
وعمي للأسف هو الذي نوه إلى الموضوع بالرغم من خطابها الكثيرين فأحرج أبي للغاية، ونحن نقول إنهم لبعض من زمان، واستمرت الخطوبة لمدة شهور بضغط قوي على أخي منا جميعا، اعتبارا لعمي الكبير والعائلة المترابطة، وبعد هذه الفترة إذا بأخي يحتج وندعمه لأول مرة، ونعلن أسبابا واهية وشروطا كنا واثقين أنهم سيرفضونها.
ورغم شخصية عمي القوية وتمسكه برأيه وافق حبا في أخي المثالي الذي يأتمنه على ابنته الحبيبة إليه، وظل أخي ثابتا على رفضه، فإذا بأبي يمرض مرضا شديدا ونخاف عليه وكذلك والداها فنلتف حوله ونضغط عليه بشتى الطرق فيوافق بعد عناء ويستمر مرة أخرى ويتزوجها مع عدم قبوله المستمر لها لدرجة الكره.
ومن أول شهر إذ بها حامل وتلد وهو لا يطيق الجلوس معها، ويمثل أمامها عكس ذلك ويفيض به الكيل، فيتغير تجاهنا ويصبح كئيبا وسلبيا وصامتا بعد أن كان دائم الضحك، وكلنا في حزن دائم عليه، وهو يرى أننا أتعسناه وفقد حياته ويعيش مع من لا يحب بسببنا جميعا، ويريد أن نتعس ونعاني مثلما يعاني، وقد استنفدنا كل الكلام معه، ولا ندري ماذا نفعل؟
وهي بالفعل لها بعض الأفعال الملتوية غير المريحة، مثل أنها تريد أن تبعده عن عائلته وتستأثر به لنفسها وتصر على رأيها حتى لو كان غير صائب، ماذا نفعل؟ وماذا يفعل أخي؟ أرجو موافاتي بالرد سريعا، وجزاكم الله كل خير.
17/12/2022
رد المستشار
الأخ الكريم، قد يكون من المفيد أن نؤكد على أن معرفتنا بأسباب المشكلة التي نعانيها وتعرفنا على الأخطاء التي ارتكبناها في التعامل مع هذه المشكلة يساهم بشكل إيجابي في حل هذه المشكلة.
وبالمناسبة أخطاؤكم التي أنتجت ما تعانونه من مشكلات يمكننا أن نعتبر أنها أخطاء شائعة في مجتمعاتنا ولا تقتصر عليكم فقط، ولكنكم لمستم نتاجها وتألمتم من هذا النتاج، وأول هذه الأخطاء هو ما نرتكبه كثيرا، والشائع في مجتمعاتنا أن البنت لابن عمها؛ نتصور أننا نحن من سنتزوج ونتجاهل تماما رغبة طرفي العلاقة، ومن هذا المنطلق تظل تتردد مقولة "أن فلانة لابن عمها" حتى وهي ما زالت "في اللفة"، وقد تعكس هذه الكلمات حلما أو رغبة دفينة للأهل في إتمام هذا الزواج من منطلق "اللي نعرفه أحسن من اللي ما نعرفوش"، وقد تقال على سبيل المزاح ونتناسى أن الرسول الكريم قال: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة" أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة.
ولقد رددتم كثيرا أن ابنة عمتكم ستكون من نصيب أخيكم حتى صدقتم جميعا هذه المقولة، فكان من المستحيل على الآباء تصديق أن هذا الحلم لن يتحقق، ومع أول بادرة لصعوبة تحقيقه يمرض الآباء ويستمر مسلسل الضغط على أخيكم حتى يتزوجها، وليتكم لم تضغطوا وليته لم يطاوعكم، لأن ضغطه منعه من تقبلها وزاده نفورا لأنها ببساطة فُرضت عليه فرضا، ولكن ما كان في قدر الله قد كان، والأولى بنا أن ننظر إلى الحاضر ونحاول التعامل مع معطياته، ولتقتصر نظرتنا للماضي فقط على محاولة تعلم الدروس والاستفادة من الأخطاء.
وأولى خطوات التعامل مع مشكلتكم هي أن تحاول أن تقترب من أخيك، تحدث إليه وافتح له قلبك، اطلب منه أن يحاول محاولة أخيرة للتواصل السوي مع زوجته على أن ينسى تماما أنه أُجبر على الزواج منها؛ لأن تذكره لوقائع هذه المرحلة يزيد من نفوره، وقد يكون مفيدا أن تعينه على محاولة اكتشاف ما في زوجته من جوانب إيجابية.
ومن وصفك لحال أخيك يمكنني أن أتوقع أنه مصاب بدرجة من درجات الاكتئاب، وهذا الاكتئاب قد يعيق تواصله مع زوجته ويزيد من حدة نفوره منها، ولذلك يلزم عرضه على أخصائي نفساني ليحدد مدى احتياجه للعلاج.
هذه المرحلة قد تستغرق شهورا، ويفضل في هذه الأثناء أن يحتاط حتى لا تتكرر حادثة الإنجاب ويزداد عدد الضحايا، أما إذا تعذر على أخيك -بعد هذه الفترة التجريبية- أن يتواصل مع زوجته فقد يكون الانفصال هو الحل، ولكن لا بد من إدارة هذا الأمر بحكمة حتى لا تحدث عواقب عائلية وخيمة، وعلى أن يتم هذا التسريح بإحسان.
أخي الكريم، زوجة أخيك هي ابنة عمكم قبل كل شيء، وعلاقتها بكم قد توطدت أكثر عندما أصبحت أما لابنة أخيكم، وهي ككل البشر لها عيوبها ومحاسنها، وصلتكم بها لن تنقطع سواء ظلت زوجة لأخيكم أو انفصلت عنه، ولذلك فمن الحكمة أن تدار علاقتكم بها بدبلوماسية تحمي أواصر الرحم بينكما من التمزق، ودعواتي أن يفرج الله كربكم جميعا، وأن يشرح صدر أخيك لزوجه، وأن يرزقه الرضا عن أحواله.
ويتبع>>>: أخي يعاني.. ونحن السبب!! م