السلام عليكم،
أنا شاب مسلم متدين أدرس الماجستير بإحدى البلاد الأوربية اقتربت من الانتهاء من دراستي، تعرفت على فتاة مسلمة كانت تدرس في نفس الجامعة هنا، تكلمت معها مرتين ولم تقبل أن تعطي تفاصيل كثيرة عن نفسها.
في الفترة الأخيرة لها بالجامعة كنت متواجدا بشكل طويل فيها، وحاولت أن أكون قريبا من المكان الذي تكون فيه حتى أتحدث إليها، ولكن لم تكن هناك أي فرصة للكلام لأنها كانت منشغلة مع فتاة من نفس البلد هنا، في تلك الفترة استطعت أن أشاهدها لفترة تجعلني أقبل بها كزوجة (مبدئيا)، والخلاصة أنها محجبة محتشمة ومؤدبة الطباع (طبعا هذا مبدئيا).
أرسلت لها أسألها عن أشياء عامة مرتين، وكان القصد محاولة فتح قناة اتصال معها لمعرفة تفاصيل أكثر، ولكن لم ترد وكنت أتوقع هذا. وكان عندها مناقشة بالجامعة، وقد أرسلت أسأل عن موعد المناقشة، ولم ترد، واستطعت معرفة الموعد وذهبت إلى هناك. وبعدها أرسلت لها مرة أخرى أهنئها، وهذه المرة ردت علي برسالة قصيرة تشكرني فيها وتتمنى لي التخرج مثلها.
الآن هي أنهت الدراسة ولا يوجد عندي سوى بريدها الإلكتروني كعنوان أكيد لها، ومؤخرا استطعت الوصول من الدليل لرقم هاتف هو غالبا لها، المشكلة أنني أواجه نقصا في المعلومات عنها، والسبب أنني لم أجد الفرصة المناسبة للكلام معها مباشرة؛ فقد كانت دائما مع رفيقتها، وهذا منعني من التوجه للكلام معها بسبب ملازمتهما لبعضهما البعض.
أنا أستطيع أن أطلب من أحد الإخوة أن تتكلم زوجته معها لتخبرها بأنني أريد أن أتقدم لها بشكل رسمي بحيث تقدم تفاصيل أكثر عن نفسها؛ لأنني لا أستطيع أن أقدم على ارتباط بكم المعلومات الذي أعرفه عنها، فما زلت أجهل الكثير، وبالمناسبة في أول مرة تكلمت معها سألتها عن اسمها وردت بأنه سري.
والحل الثاني هو أن أجازف وأرسل لها مرة أخرى أو حتى أحادثها بالهاتف (على الرقم الذي أظنه لها)، ولكن أرى أن هذا الخيار قد يدفعها لردة فعل غير متوقعة. لا تنسونا من دعائكم بخير الدنيا والآخرة. وبارك الله فيكم.
14/1/2023
رد المستشار
رسالتك فتحت ملفا خطيرا ذكرني برغبة أخت فاضلة تعيش في بريطانيا تقابلت معها على الشات منذ فترة للسؤال عن أشياء تتعلق بالكتابة، خاصة أنها تكتب معنا أحيانا، وبعد أن أعربت عن تقديرها لما أكتب قالت: ليتك تتصدى لملف مشكلاتنا هنا في الغرب، ولم تظفر مني ساعتها غير بعلامات الدهشة والإشفاق على نفسي لأنني أعرف حجم ملف مثل هذا وتشابكه، والسوابق التي مررنا بها على هذه الصفحة تعكس أننا محتاجون لوقت طويل، وجهد كبير حتى نستقر على معالجات عميقة لأوضاع المسلمين خارج الأقطار العربية والإسلامية، في أوربا وأمريكا مثلا.
وهذه الجاليات تعيش في أوضاع بائسة وتتخبط تحت ضغوط كثيرة هناك، واستمرارا لميراث الجهل والتخلف الذي جاءت به من أقطارها الأصلية، وبالتالي فإن هذه الجاليات كما هي إمكانية رائعة مذخورة تحتاج إلى تفعيل واستثمار، فإنها أيضا تبدو أحيانا كقنابل موقوتة يمكن أن تنفجر جزئيا أو كليا إذا لم تصادف جهودا صادقة ودءوبة للتغيير والتطوير.
وهنا مثال على هذا:
أختنا ذات الاسم السري طبعا معذورة -إالى حد ما- فهي لا تريد الظهور في المجال الاجتماعي العام بشخصيتها؛ لأنها تعتقد أن هذا يخالف الأدب والاحتشام، رغم أنها -بحكم الضرورة- تتحرك في هذا المجال، وبدلا من أن يكون لنا بين الانحلال والانغلاق سبيل ثالث -في الغربة أو في الوطن- نتعامل غالبا بثنائية الانقياد أو رد الفعل، فإما أن تصبح الفتاة مثل الأوربيات شكلا ومضمونا، وطريقة في التعامل، أو تتحول المسلمة إلى لغز غامض وشبح لا يعرف عنه أحد شيئا من المعلومات البسيطة المتاحة لأي زميل يدرس معها في نفس الصف أو المقرر!!
وقد يعجبك أو يعجبني هذا المسلك المتحفظ، وقد لا يعجب البعض، ولكن هذه ليست المسألة الأهم الآن؛ لأنك تريد أن تعرف عن هذه الفتاة المعلومات الكافية للتقدم، ولم تسعفني أفكاري إلا باقتراحين، ولعل باقي الإخوة والأخوات -وبخاصة من يعيشون في الغرب- يشيرون علينا بمقترحات أخرى قد تفيدك أكثر:
الاقتراح الأول:
أن تطلب من أحد الإخوة الذين تتحدث عنهم أن يوفر لك هذه المعلومات عن طريق زوجته، مع التشديد على التأكيد أن المسألة لا تعدو "جمع معلومات"؛ لأن صورة أخرى قد تنتقل إلى الفتاة بأنك هكذا تتقدم إليها، وسيوقعك هذا في حرج شديد، لا داعي له؛ ولذا يلزم الحرص والتشديد في التأكيد أنه مجرد سؤال لجمع المعلومات قد يتلوه تقدم أو لا يتلوه.
الاقتراح الثاني:
أن ترسل للفتاة رسالة إليكترونية رسمية في لغتها تقول لها فيها بأن زميلا لك يريد أن يتعرف على بياناتها بغية التقدم لها، وهو يسأل من أي المصادر يمكنه الحصول على هذه المعلومات في ظل سرية اسمها، وقلة ظهورها!!
هذان اختياران تفاضل أنت بينهما لتختار ما تراه مناسبا، وقد ترى أن الأنسب الجمع بينهما، ولعل أحد زوارنا أو إحدى القارئات تسعفنا بتخطيط أنجح...
وأقول فيما يتعلق بالشق العام من هذه القضية ما كررته من قبل، وهو أن الجاليات العربية والمسلمة تحتاج إلى منتديات ولقاءات تكون بمثابة ملتقيات عامة دائمة تضم الرجال والنساء في أنشطة مفيدة حتى يلتقي الناس بشكل طبيعي فيتعارفون، ثم يكون المجال الصحي للانتقاء، وبعدها السير المتصاعد المنضبط في طريق الارتباط.
لكن يبدو أن الفقه المتشدد قد أفسد علينا حياتنا، وأفسد حياة أهلنا في الغربة أيضا، وحتى أصبحنا أمام مفارقة عجيبة؛ فإما العهر والتحلل، وإما الانعزال والتقوقع، وأحيانا.. ويا للدهشة ننقلب من هذا إلى ذاك، أو نجمع بينهما في جسد وعقل واحد، ونظل حائرين بين اختيارين، كلاهما فاشل وفاسد وخطير.
إن التحدي الذي يواجهنا لا يكمن فقط في الأعداء المتربصين بنا بجيوشهم وكيدهم، ولكن يكمن أيضا في إصلاح أوضاعنا الداخلية، وعقولنا المشوهة لتتطور استجاباتنا، ونستطيع أن نحفر لحياتنا مسارا، ونبني لها صراطا مستقيما غير صراط المغضوب عليهم، وغير صراط الضالين؛ فهل ننجز هذا تحت المطارق أم سنظل نتخبط مشدوهين نخسر كل يوم المزيد، ونحن نحسب أننا نحسن صنعا؟!!
اللهم هديك وتوفيقك.