بعد أربعين سنة اعتراف صارم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا أختكم رشيدة من الجزائر: كلفتني أمي للتحدث عن مشكلتها، وهي تقول:
أنا امرأة تجاوز عمري الـ 70 عاما، ولدي قريبة لي كنت أعزها بشدة، حيث كنا مع بعض في البقاع المقدسة لأداء مناسك الحج، وبعد مرور 11 سنة من أداء فريضة الحج صارحتني بأنها هي التي اتهمتني بالتهمة بعد مرور أربعين سنة من حدوثها، وهذه التي كانت ستؤدي بي إلى الموت. كانت تهمة شديدة الخطورة تمس شرفي، وأنا التي كنت يضرب بي المثل في قوة الشخصية وإقامة الصلاة منذ صغري.
والمشكلة الآن هي أني منذ أن عرفت هذه الحقيقة، وهذا لمدة 7 سنين، وأنا أفكر لماذا فعلت بي هذا؟ وأنا التي كنت أعزها بقوة، ولماذا لم تصارحني حتى ونحن نؤدي مناسك الحج جنبا إلى جنب؟
قلت لها إني سامحتك، لكن قلبي تغير من ناحيتها، حيث لم يعد يهمني أمرها.. وفي الصلاة تأتيني هذه الحيرة، وأحيانا أبكي لقدرتها على هذا، وهي التي كانت الأخت الوحيدة.. وسؤالي هو كيف أنزع من قلبي هذا الشعور، وخاصة في الصلاة؟ وهل آثم على هذا الشعور علما أني امرأة طيبة وجد حساسة وحنون؟
جزاكم الله خيرا شيخنا الكريم، وضح خطورة القذف في؟
وعدم طلب السماح من المعنيّ إلا بعد مرور سنين عدة.
23/12/2022
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته،
أهلا وسهلا ومرحبا بكِ أختنا "رشيدة"، قرأت رسالتك التي لا شك أنها توجع أي شخص بهذا القدر العميق إذا صارت معه، وبالأخص الاتهامات التي تخص الشرف، وإذا كانت من قريب فإنها فعلا تحدث ضربات قاتلة لا ينساها الإنسان أبدا، لذا أتفهمك جيدا، وأدرك قسوة الأمر الذي وقع عليك، ولا أحد يستطيع أن يلومك على تغير قلبك تجاه من فعلت بك هذا، ولا حتى الدين، طالما لم يتحول إلى ردات فعل قلبية متطرفة كالحقد أو إرادة الانتقام، لأن ذلك يؤذي نفس الإنسان قبل أن يؤذي غيره، وما فهمته من رسالتك أن تغير قلبك لم يأخذ هذه الجهة، وإنما فقط ما صار هو انقطاع للعلاقة العاطفية داخل قلبك، وهذا طبيعي فنحن بشر، هوّني عليك، فلقد كظمتِ غيظك، وعفوتِ عنها حين أخبرتها أنك قد سامحتها، أما ما في قلبك تجاهها فطبيعي وبيد الله أيضا فقلوبنا بين يديه، لذلك لا تقسِ على نفسك في هذه النقطة، وتقبّلي أن قلبك تغير تجاهها ولا تلومين نفسك على هذه المشاعر، لأنك إنسان، وعندما تتقبلين مشاعرك ستهدأ حدة الحيرة التي تخالجك.
- لا تحزني لأجل أنها لم تخبرك من قبل حين كنتما في الحج، فلربما أراد الله بك خيرا فلا ندر وقتها كيف كانت ستكون العواقب، وانظري هي لم تستطع أن تصمت للنهاية، لقد ظل ذنبها يؤرقها ويأكل عمرها، حتى انفجر بداخلها فأخبرتك، غفر الله لها ولنا أجمعين، فهوّني على نفسك، واعلمي أن كل مجازى من صنع عمله، فأبشري، فقد كظمتِ وعفوتِ عنها، وأراك الله عذاب ضميرها، وكيف أن عذاب الضمير عندما يتسلط على قلب صاحبه فيكون أقسى عقاب.
-في النهاية أدعو الله جل جلاله لك بأن يطيب خاطرك، ويجبر كسركِ، ويسقيك من حوضه البارد، وتصبحين مشفية من هذا الأمر بلا أوجاع.
- ونحن في انتظارك دائما هنا على موقعك موقع مجانين، كلما أردت أن تفضي بشيء فنسمعك بأذن صاغية.
- دمت سالمة.