وسواس الطهارة
السلام عليكم... أرجو أن تنقذوني فأنا فعلا أوشك أن أؤذي نفسي... تعبت، دخلت بدوامة وسواس الطهارة منذ ستة شهور وأكاد فعلا أن أجن، أعاني من مشاكل في البول ورغم العلاج لا زالت مشكلة التبول الإلحاحي فقد لا أصل للحمام وأضطر حينها للاغتسال وغسل كل ما أصابته نجاسة.
تطور الأمر فأصبحت أشك بكل شيء وكلما دخلت الحمام يتحول الأمر للاغتسال وغسل الحمام كاملا... فلابد من أن يتطاير الماء أثناء التطهر لمكان آخر ولمكان أعلى وأضطر لغسله وهكذا... البول لا أستطيع مسكه ولابد أن تتقاطر قطرات حتى مع الحفاظات لابد من أن تنزل قطرات ولم أعد أفهم كيف، ولكن لتنجسني من خلف أو تنزل من الجانب، وتنجس كل ثيابي... ونأتي لمرحلة نزعها كي أغسلها وأطهرها... ولابد من أن تأتي على شعري، ولأنه ثوب فيه عين النجاسة فكل ما لامسه نجس وينتهي الأمر بالاغتسال.
أخذت أبحث في الفتاوى وأسأل وكانت النتيجة فتاوى لعنت بها كل متشددي الدين والمذاهب لأنهم زادوا الطين بلة، يدي لا تجف من العرق فكيف يمكن أن تكون جافة حين أمسك شيئا نجس، ولكنها لا تكون غارقة به... وكل الفتاوى أن العرق ينقل النجاسة، بحثت عن فتوى في العرق الخفيف ولم يرد عليّ أحد.
في عملي أنا أشتغل بالمجارحة وأتعامل مع دم وقيح وما إليه... ومهما فعلت لابد من أن تأتي على ملابسي قطرات دم أو قيح ونجس وأما أن أغسلها ويتناثر الماء عليّ أثناء الغسل فأضطر لغسل كل شيء بسبب الماء المتناثر... وقرأت فتوى أن هذا الماء طاهر، ولكن يشترط انفصاله... فكيف لي أن أعرف أنه انفصل أم لا... لابد من أن يتناثر بالبداية مع الدم الذي يغسله، وهنا تنجست بالماء المتناثر... وإن قررت نزعها لغسلها وحدها وبهدوء في إناء... فقد تلمس جسمي ومعناها أغتسل غير أن يدي أمسكتها وأصبحت متنجسة وتنجس ماتمسك... هذا غير لو كان طفلا وتأتي أمه وتمسك الحفاظ المنجس والغارق بالبول وتمسك الطفل ومن ثم تمسكني وأكاد أجن لأني تنجست.
والأصعب أني بين الناس لست في عالم لوحدي لأوجد طقوس غسيل.. بل أن جلوسي بجانب الحنفية أو بالحمام لفترة طويلة مشكلة.. حتى دخول الحمام للتبول أصبحت أكرهه وأخشاه وأتجنبه لأني أنزع جميع ملابسي وأغتسل مع كل دخله بسبب التناثر للبول.. ومع مشاكل البول تزيد الطين بلة.
حتى الملابس أصبحت ألبس أخفها رغم برودة الجو حتى أستطيع غسلها وتجف سريعا. ولو مرضت من البرد... لا تقولوا تجاهلي ولا تعيريها اهتماما، هذا مستحيل... فقد حاولت دونما جدوى.. فأنا أحاول وينتهي الأمر بأن كل ما تجاهلته سيغسل حتى الدواليب... لم يبق إلا أن أغسل البيت كاملا بمرش... أردت فتوى تنهي الموضوع من أساسه ولم أجد... هناك من قال إن الدم طاهر استنادا على أن المسلمين كانوا يصلون بجراحهم... وقاعدة المتنجسات الثلاثة التي أنقذتني لفترة، ولكن إذا كان هناك بول على ثوب لم يجف فكل ما لامسه متنجس أول بحسب فتوى جديدة... وأخرى تقول إن ما لامسه متنجس ثاني وإن لم يجف البول.
أنا تهت بين الفتاوى... وأكاد أقسم أن هذا ما هو بطهارة ولا هذه الفتاوى صحيحة وأن كل المفتيين مجرمين بحق الدين... فكم من شخص بسبب فتاواهم يصل لما أنا فيه الآن. والمشكلة أني كلما بدأت أعالج الوسواس تدريجيا أرجع لنقطة الصفر... حتى أني صرت ألعن الدين وأخشى أن أخرج منه... فهذا ما هو بدين هذا عذاب ... لم أعد أحتمل... ولو كنت وحدي لظللت بالنجاسة وتركت التطهر لوقت الصلاة فقط... ولكن أخشى أن أسبب تنجس أشياء أهلي... فأضطر للتطهير... ولهذا الجنون.
أصبحت حتى أهدأ قليلا وأبعد فكرة أذية نفسي أضرب رأسي حتى الألم لكي أهدأ... وأبعدت الأشياء الحادة عني كي لا أفعل شيئا بنفسي، وأظل أبكي ولا أتحدث مع أحد وعصبية باستمرار، وأصبحت أهرب للنوم وتوقفت عن جميع الأنشطة التي أعملها إلا بطلوع الروح... هناك من قال إنه سحر... وهناك من قال إنه جن... وأنا تائهة وأحاول أن أظل ممسكة بزمام عقلي... وكلما هدأت أتوه في الفتاوى باحثة عن مخارج.
أنا لست بخير، لدي من المشاكل الصحية والعملية والضغط النفسي ما يكفيني لكي يزيد فوقها الوسواس
أرجوكم.. قد أجد بين يديكم من ينقذني قبل أن أصل لنقطة تفلت الأمور من يدي.. لست قوية لأحتمل كثيرا.
5/2/2023
رد المستشار
الابنة المتصفحة الفاضلة "..."أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، واستعمالك خدمة الاستشارات بالموقع.
أقدَّر غضبك وأعرف أسبابه جيدا وأهمها عدم معرفتك أنت شخصيا بما يخصك من أحكام، وإغفال أكثر من يفتي بأمور الطهارة والنجاسة لاستثناء الموسوسين من تشددهم... علما بأن المتشددين المشددين موجودون حرصك المفرط على التطهر أحال حياتك إلى عذاب مستمر، لأن الوسواس استغل هذا الحرص ليفعل بك ما فعل... ولا أظن اضطراب التبول أو ما تسمينه بالبول الإلحاحي إلا ثانويا لمشكلتك النفسية، حتى لو كان بدأ بسبب عضوي عابر.
بالنسبة لحالة رهاب النجاسة (أي فرط الخوف منها وفرط تحاشيها) سواء كان النجس بولا أو دما أو غير ذلك، فسأضع لك ما يكفي من الارتباطات لتعرفي ما يجب عليك فعله، ولعلك تتعرفين على ما لم تعرفي عن فقه الطهارة أو التطهر، بداية من اليسير الذي يعفى عنه وهو قدر العملة المعدنية المعتادة، مرورا باشتراط أن تفرض النجاسة نفسها على الشخص بعلامة تظهر له كشرط للحكم بنجاسة شيء فلا نجاسة إلا بعلامة، ولا يصح الحكم بنجاسة شيء بناء على الشك فلا تنجيس بالشك (ومعنى التنجيس بالشك هو الحكم بنجاسة شيء مع عدم وجود علامة ظاهرة أو مشمومة) ... مرورا بالمشقة توجب التيسير وصولا إلى قول المالكية بأن تحري النجاسات والتنظف منها لا يجب على الموسوس وهو ما اشتهر على الموقع بسنية إزالة النجاسة للموسوس، وستجدين بين الاستشارات الكثار التي ستأخذك لها الارتباطات أدناه عناوين مباشرة في موضوعك مثل كيفية الاستنجاء ومشكلات رذاذ البول المتطاير وغسالة النجاسة المتطايرة عليك قراءتها جيدا ومطالعة ما فيها من ارتباطات، وستجدين عناوين تشير إلى مشكلات تتعلق بالنجاسة لكنك لا تعانين منها هذه يفيدك أن تقرئيها إن أردت عدم الانتكاس مستقبلا (رغم أنها مواضيع محتملة لوسوسة جديدة من جانبك) لأن هذا يفيد في العلاج.
كذلك أعرفك وأنصحك تعليقا على عبارتك (ولو كنت وحدي لظللت بالنجاسة وتركت التطهر لوقت الصلاة فقط...) بأن تفعلي هذا بالضبط وأنت وسط أهلك وصديقاتك واتركي التطهر للعبادة فقط، أما الجنون تعليقا على قولك (ولكن أخشى أن أسبب تنجس أشياء أهلي.. فأضطر للتطهير.. ولهذا الجنون...) فهو أن تخشي التسبب في تنجيس الآخرين أو المكان!! هداك الله يا "..." افترضي معي أن الله هداك وأخذت بسنية إزالة النجاسة، بمعنى أنك غير مكلفة بالتعامل معها ... أي نظفي نفسك في الاستنجاء دائما كأنك في أيام الحيض فقط وقومي... ستسألين أنا بهذا الشكل سأنجس كل شيء فأرد عليك قائلا أنت لا تتنجس ولا تنقل النجاسة شرعا لأنك غير مكلف بأمر النجاسة من بابه!
عيب وأنت في هذه المهنة أن تقولي (هناك من قال إنه سحر... وهناك من قال إنه جن..) ما تعانين منه هو أعراض وسواس التلوث الغسيل القهري ... وربما في بداية الاكتئاب تكونين، وهذا مرض يحتاج إلى علاج وأنت زميلة وتعرفين الطريق إلى الطبيب النفساني ويفضل المعالج النفساني المتخصص بعلاج الوسواس القهري، وأما قولك (وأنا تائهة وأحاول أن أظل ممسكة بزمام عقلي.. وكلما هدأت أتوه في الفتاوى باحثة عن مخارج...) مخارج لماذا هذه الفتاوى لا علاقة لها بك إلا إن كنت تبدئينها بأنا موسوسة يا مولانا والوضع كذا ... أما الفتاوى لعامة المسلمين فربما تفعل ما فعلته معك وربما تؤذي أكثر من ذلك... فتوى واحدة للمستنكح بالشك (أي مريض الوسواس) على المذهب المالكي هي لا تجب عليك إزالة النجاسة ولا تكليف بأمرها.
أما ما تصفه هذه العبارة (أصبحت حتى أهدأ قليلا وأبعد فكرة أذية نفسي أضرب رأسي حتى الألم لكي أهدأ) .. فواحدة من أسوأ القهور التي قد يوقع الموسوس نفسه فيها وأغلب الأحيان سرية يبقيها!! وهي قهور إيذاء الذات عقابا على الوسوسة! .. حمدا لله أنك صرحت بها، ونصيحتي أن توقفيها بأي ثمن قبل الدخول فيما لا تحمد عقباه.
الخبر الطيب حقا يا أستاذة "..." هو أنك والحمد لله (دخلت بدوامة وسواس الطهارة منذ ستة شهور) وإذا نفذت ما نصحناك به سريعا سينتهي كل شيء حتى قبل أن يشتد الاكتئاب.
اقرئي على مجانين:
استشارات عن وسواس النجاسة
استشارات عن وسواس الاستنجاء
ومرة أخرى أهلا وسهلا بك دائما على موقع مجانين فتابعينا بالتطورات.