السلام عليكم
قبل زواجي تقدم لي الكثير من الرجال ذوي العلم والدين والمال، وكنت دائمًا أقوم بعمل الاستخارة، ولم يكونوا من نصيبي، ثم تقدم لي ابن عمي، ولا يبلغ من العلم إلا المرحلة الثانوية، ورغم فقره رأى أهلي منه حسن الخلق والدين رغم أن الزواج لم يتم إلا بصعوبة بسبب هجران بيت عمي لنا (ولا أمدح نفسي فلقد كان أقربائي يتسابقون علي، وقلبي طيب فإن قال لي أهلي: هذا مناسب قمت بعمل الاستخارة، وتوكلت على الله، ولقد عملت أكثر من استخارة عند الكعبة المشرفة، وأمي وأبي طيبان جدًّا ولا يهمهما سوى سعادتنا) وأنا أعمل موظفة في إحدى المراكز الحكومية، وتزوجت من ابن عمي، ولم يقم بشراء أي شيء لي سوى ذهب بمبلغ بسيط، أما الملبس والمنزل والعمل وعفش المنزل فكان من عند أهلي لما رأوا فيه من حسن الخلق، وبحثنا له عن وظيفة فقمنا باستقدامه من وطنه ووظّفناه في أحسن مكان، والحمد لله،
وقبل زواجي كان راتبي الشهري يأتي لحساب أخي في البنك، ولقد طلبت أنا ذلك منه وفقًا لروتين العمل، والحمد لله أخي على خلق ودين ومستواه العلمي عال وعمله كذلك على مستوى عال، فطلبت من أخي أن يترك راتبي معه في حسابه ويجمعه لي وفعل ذلك؛ لأن زوجي أصبح راتبه يكفينا والحمد لله، فقلت في نفسي: أجمع راتبي البسيط لأشتري به منزلًا لي ولزوجي في المستقبل، ولكن للأسف بعد تمكن زوجي من الوظيفة وبعد أن أصبح معه ما يسد حاجته قام بالتطاول على أبي وأمي وجرحهما بالكلام، وهو الآن يطلب مني أن أرسل راتبي لأهله في وطننا فانقلب حسن الخلق إلى حمق وغباء، وأصبحت حياتي معه كئيبة؛ لأنه رجل غير صافي النية، وهمه أن يأكل الدنيا في يومين، ولقد ظهرت طباعه من الحقد والكره والحسد لأهلي، وخاصة أخي الذي لم يقصر معه أبدًا رغم أن بيده أن يفصله من العمل، ويرمي به في الطرقات، لكنه حكيم في جميع تصرفاته
فما الحل مع هذا الإنسان، وهل لم يستجب لي ربي استخارتي؛ رغم أني أقوم الليل ولا أعصي ربي أبدًا
ساعدوني ما الحل وما حكم تسلطه على راتبي؟ وجزاكم الله خيرًا.
24/3/2023
رد المستشار
الأخت العزيزة، صغيرة أنت يا أختاه على كل هذه المتاعب، ولكن على قَدْر أهل العزم تأتي العزائم.
في الطباع الإنسانية كل شيء وارد، والإنسان كان ومازال وسيظل أكبر مجمع للمتناقضات، وجوانب الخير والشر، وأعتقد يا أختي أنك تحتاجين إلى حسم أمورك مع نفسك: هل طمع زوجك في مالك أو راتبك بلا سبب غير خسة طبعه؟!! أم أن طمعه يقابله إمساك منك عن المشاركة ببعض مالك في مصاريف البيت؟!؛ والمساهمة أمر يُحمد منك إن قمت به، ولا يوجبه الشرع عليك، كما لا يوجب على زوجك السماح لك بالخروج للعمل.
وأحيانًا يرى الزوج زوجته تبعثر المال ذات اليمين وذات الشمال ويقول: أهلي أنا أولى، إن الشهادات العلمية ليست هي معيار التفاضل الوحيد بين البشر، كما إن الفقر ليس عيبًا، وزوجك قد تفضّل عليك حين منحك اسمه وعرضه، كما تفضّل أهلك عليه حين منحوه فلذة كبدهم، وبعدها أصبحتم أهلاً؛ فكل عطاء، وكل خدمة يسدونها له من وظيفة وما شابه هي في نفس الوقت خدمة لك، وعطاء يصب في مجرى سعادتك في النهاية.
أخشى أن يكون الشعور المستمر –والزائد- بأنكم أصحاب فضل على زوجك قد خلق مساحة من سوء الظن، وجوًّا من مناخ عدم الثقة والارتياح بينكما، وما هكذا تدير المرأة الحكيمة بيتها؛ فضلاً عن أن هذه المشاعر تصل إلى الزوج، وتولد عنده ردود أفعال، وتداعيات سيئة، يمكنها أن تنال من حسن خلقه وطيبته –إن كان أصلاً كذلك-
صارحي زوجك بنيتك في بناء بيت لكما بالمال الذي تدخرينه، وأشركيه معك في التخطيط والادخار والتنفيذ، وساهمي في نفقات منزلك حسب ظروف البلد الذي تعيشان فيه، وليرسل هو أموالاً لأهله إذا أراد -بما لا يخل بحاجة البيت، ومسئوليته في الإنفاق عليه- وتوقفي عن هذا الاستعلاء الضار، والفارق بينكما –علميًّا وماديًّا- ليس بالبون الشاسع، وكُفِّي عن نغمة: استقدمناه ووظفناه، ويمكننا فصله، ورميه في الشوارع؛ فتلك النغمة وتنويعاتها وأصداؤها تفسد نفوس الملائكة فكيف بالبشر؟!.
أما إن استحالت العشرة، واستحكم الخلاف، وعجزتِ عن إصلاح ما ترينه عيوبًا قادحة في زوجك فتحملي قرار الانفصال وتوابعه بشجاعة، وفكري فيه بعمق وتأني. تحتاجين –يا أختي- إلى بعض النظر في عيوبك، ودورك في التغير الذي طرأ على زوجك وأخلاقه، وتحتاجين إلى اختيار بين الصبر مع محاولة الإصلاح، أو الانفصال مع تحمل تبعاته... والله معك.
واقرئي أيضًا:
نفسي عائلي: قرار الطلاق Divorce Decision