السلام عليكم ورحمة الله..
رسالة طويلة أتمنى أن يتسع صدركم لقراءتها.. ضمنتها بعض التفاصيل حتى تعينكم على فهم المشكلة.. أنا شاب عمري 26 سنة، ملتزم والحمد لله، لم أنشئ أي علاقة مع فتاة طيلة دراستي الثانوية والجامعية، وذلك لأني لا أرى مستقبلا لمثل هذه العلاقات.. ولكنني في سنة التخرج أصبحت عندي رغبة أكبر للارتباط على أساس أنه من العادي أن تستمر العلاقة سنتين أو 3 حتى أصبح جاهزا، وأن الوقت قد حان.. خاصة أنه كانت لي رغبة في الزواج من أكثر من 6 سنوات، غير أني بحفظ الله تمكنت من تغليب العقل.. إذ أصبحت أبحث بشكل جدي عن نصفي الآخر، وكانت لي قريبة جميلة ومن عائلة محترمة، ولكني لم أكن أفكر فيها لصغرها آنذاك (15 سنة).
منذ سنتين وفي يوم من الأيام كنت عندهم في بيتهم وقد عدت أنا وأبوها من صلاة الجمعة فوجدتها مرتدية للزي الإسلامي، أي أنها كانت إما تصلي معنا الجمعة أو أنها كانت تصلي الظهر، حقيقة وقعت في قلبي ورأيت أنها تصلح أن تكون الزوجة الصالحة التي أبحث عنها.. ولم أستطع أن أتخلص من هذه الفكرة برغم أني حاولت أن أقنع نفسي بأنها لا تزال صغيرة، ولكن كانت الإجابة بأني عندما أكون جاهزا للزواج فستكون قد بلغت 18 أو 19 سنة.. فقررت مفاتحتها في الموضوع فطلبت من أختي الكبرى أن تمهد لها الأمر وتعلم منها هل لها قبول بفكرة الزواج من حيث المبدأ أم لا، فإن كانت الإجابة نعم، توضح لها بصراحة رغبتي فيها، وكان ذلك، فكانت إجابتها بأنه ليس هناك سبب للرفض لأني معروف باستقامتي ومحل ترحاب من عائلتها، ولكن ليس هناك أيضا سبب للتسرع في القبول لأنها لا تعرفني جيدا، فرغم القرابة لم تعرف عني الكثير لأني أقطن في ولاية أخرى.
وطلبت مهلة للتفكير حوالي الشهر، ولكنها بعد ذلك لم تعطني أي إجابة، علما بأنها استشارت أمها في الأمر، ثم نظرا لبعد المسافة طلبت منها عن طريق أختي أن تستشير أمها في أن أتواصل معها (أي البنت) عبر هاتفها الشخصي، فوافقت الأم لثقتها فيّ وفي بنتها.. وبعد بضعة أشهر وجدتها تعلمني بأنها استشارت أستاذتها وطلبت منها الأستاذة أن تؤجل هذا الموضوع إلى ما بعد التخرج.. وقالت إنها اقتنعت بكلام الأستاذة، علما بأني قمت بصلاة الاستخارة.. علمت من خلالها بأن شابا آخر قد فاتحها في الموضوع قبلي وأنها أعلمت أمها ذلك، وهذا علمته أيضا من أختي التي أسرت لها الفتاة بذلك.. حقيقة صدمت لأني بدأت أتعلق بها ولأني لم أتخيل أن من كانت في عمرها يمكن أن يفاتحها أحد في مثل هذا الموضوع.
عندها أيقنت أن حكاية الأستاذة هي لصرفي عن التفكير فيها لا أكثر ولا أقل، وكانت الرؤى في مجملها إيجابية؛ لذلك لم أنصرف عنها، وهذا نص الرؤية بعد أن قمت بصلاة الاستخارة على فتاة أريد الزواج بها، وبعد أيام رأيت في المنام قبل صلاة الفجر بقليل أني جالس معها نتحدث، وكان بجوارنا عش عصافير متوسط الحجم لونه أخضر ويشوبه القليل من الصفرة في أعلاه، وكانت فيه عصفورة صفراء فاقع لونها هي وابنها، وكان لونه أصفر أيضا، كان قد خرج من البيضة للتو ويلتصق به سائل البيضة (علما بأني لم أر البيضة ولا قشورها)، وكانت أمه تنزع عنه سائل البيضة بمنقارها، ثم أتى طفل صغير، وهو أخو الفتاة واسمه بسام، فأراد اللعب مع العصفور الصغير وحاول دفعه للطيران، ولكن العصفور لم يستطع وخرج من العش محدثا فجوة صغيرة، وكان لا يقوى على الحراك، ثم أعلمنا الطفل بأن العصفور لا يزال صغيرا على الطيران فتركه وذهب.
فعادت العصفورة إلى ابنها بعد أن ابتعدت عنه عند قدوم الطفل، وعادت تنزع عنه سائل البيضة، وكانت بجوارنا غير بعيدة، كانت أمها (واسمها سليمة) جالسة ولا أذكر ماذا تفعل.. لعلها تطبخ الشاي. انتهى الحلم.
معلومات: الفتاة عمرها زمن الرؤية 15 سنة، كما أنها تعاني من مرض في الكلى.
سيدي الفاضل بماذا تنصحني؟؟ هل لو انقطعت علاقتها بالشاب الآخر - كما فهمت من الرؤية - هل أقدم على خطبتها؟ أخشى أن معرفتي لموضوع الشاب الآخر سينغص عليّ سعادتي معها، أخشى ألا أغفر لها ذلك، وأخشى أن أظلمها، أتراني أستطيع تجاهل الأمر؟ أتراها تستطيع أن تعطيني من عواطفها ما يقنعني بأنها نسيته تماما؟! كيف عاش غيرنا ممن كانت لهم نفس المشكلة؟! إذا ما أقدمت على الارتباط بها فهل أصارحها بعلمي بموضوع الشاب الآخر؟
في الختام تقبلوا سيدي فائق الاحترام والتقدير..
ابنكم خالد.. ملاحظة الموضوع يؤرقني منذ سنوات.. من فرج عن مؤمن كربة.
13/2/2023
رد المستشار
لقد وضعت خطة إستراتيجية حكيمة بأهداف رائعة حقا، حددت فيها الفترة الزمنية والأفراد القائمين على العمل في ظل الإمكانيات المتاحة، ولكنك وقعت للأسف في الخطأ الشهير، وهو سوء التنفيذ!!
فصيامك عن العلاقات غير الشرعية وتفكيرك الناضج في شكل ووقت بناء أسرة تتمناها تجبرني على احترامك وتقديرك، ناهيك عن رضا الله عز وعلا عنك، إلا أنها لم تكتمل بالاختيار والتصرف الصحيح؛ فلقد قامت الفتاة بإخبار والدتها عنك وعن الشاب الآخر، كما فعلت مع عرضك تماما، ولقد أوضحت لك فتاتك بما فيه الكفاية أنها لا تعترض عليك في العموم، وكذلك هي ليست على استعداد للارتباط الآن، وقد يكون ذلك ردا دقيقا جدا، وأنها بالفعل لا تنفر من الارتباط بك، ولكنها لن تُقبل على فكرة الزواج الآن، فهي تركت لك أنت قبول فكرة الانتظار دون وعد واضح بأنها تنتظرك أو أنه رد "شيك" بالرفض، ولا أتصور أنها لا تعلم أن أختك ستخبرك بأمر الشاب الآخر؟
وفي كلتا الحالتين؛ أنت لن تفعل شيئا الآن، والقرار قرارك، فإما أن تنتظر أمر الارتباط بها بعد انتهائها من دراستها دون وعد منها بالموافقة الصريحة، أو أن تصرف النظر عن الموضوع برمته، وحتى إن كان تصورك صحيحا في أنها ترغب عنك، فهل من المنطق أن تتشبث بها مستندا لحلم!!
وتظل تتعارك مع نفسك حول نسيانها ذلك الشاب أو إعطائها لك الحب الكافي بعد أن أحبت آخر!! فأراك تفكر وحدك، وتستنتج وحدك، وتقرر وحدك، وتنسى تماما أن هناك أطرافا أخرى تفكر وتقرر أيضا، فحقيقة الأمر أنك بعد أن ظللت تقاوم فكرة التواصل مع فتيات؛ لأنه خطأ شرعي وليس مناسبا وقت ضغطه عليك لأسباب كثيرة، إلا أنك حين أردت أن تفرغ تلك الرغبة في الارتباط الشرعي والزواج أسقطت القرار على أول فتاة وقعت عيناك عليها؛ لأنك صرت أسيرا لقرارك وملأت الفكرة رأسك، وهي البحث عن عروس بعد طول صبر، وساعد على ذلك أنها قريبتك وأنها جميلة، ونسيت صغر سنها وتجاوزت تملصها من الارتباط بك، وضربت بكل ذلك عرض الحائط متشبثا بالحلم!!
وأوقعت نفسك في تساؤلات أنت في غنى عنها، فأنا لست معك في تسرعك في الحكم عليها بأنها نعم الزوجة الصالحة لك لأنك رأيتها ترتدي الحجاب في وقت نهاية صلاة الجمعة، فهي بذلك خلوقة!!
إن الحكم على الأشخاص يحتاج لتعارف حقيقي ومواقف تُظهر الجوانب الإنسانية والتعاملات الحياتية وتفاصيلها؛ لأنها ستكون هي التفاصيل الحقيقية التي ستتعايش معها والتي لا يمكن أن تتوصل إليها بحق عن طريق الاتصالات التليفونية أو الرؤى، فالحمد لله أنها تصلي، ولكن ماذا عن صفاتها؟ هل هي حليمة أم عصبية؟ هل هي قادرة على تحمل مسؤوليات الزواج والإنجاب والتربية بقدر مُرض أم لا.. حين تبلغ الثامنة عشرة؟ ما هي أحلامها؟ ماذا تحب وماذا تكره؟ كلها أمور لا تعلم عنها شيئا؛ لأنك بعيد ولم تلتق بها عن قرب، فكيف تقرر بتلك السهولة مناسبتها لك؟ فالأمر يحتاج قربا شرعيا يساعدك على معرفتها والحكم الحقيقي لمناسبتها لك ولشخصيتك، وأنها ستعطيك ما تحتاج إليه من شريكة حياتك كزوجة وأم.
أخي الكريم...
أنت شاب حافظت على نفسك من الوقوع في أمور لا يرضاها الله عز وعلا ولا ترضاها لنفسك، وحان الآن وقت الارتباط الشرعي لتكمل حياتك مع شريكة مناسبة تهواك وتهواها وتجد فيها من الخصال ما ترجوه حين تغضب أو حين تحتاج من يساندك فيما ستأتي به الحياة، تحتاج لفتاة ناضجة تطمئن لأولادك معها ولا يضمن ذلك "علامات" التدين الخارجي، وهو مهم، ولكنه وحده لا يكفي لتقرر أن تتزوج، فلا تتكاسل عن البحث والاختيار السليم "قدر الإمكان"، فكلما اجتهدت كلما حصلت على اختيار أفضل، وأسأل الله لك التوفيق وحسن اختيار زوجة تقر عينك ونفسك بها.