السلام عليكم
أنا قرأت لكم ردودا لعدة مشاكل، وأتابعكم دائما، وبصراحة تعجبني طريقتكم في حل المشاكل؛ من أجل ذلك أحببت أن تساعدوني في حل المشكلة التي أنا فيها، هي ليست مشكلة بالمعنى الصحيح بقدر ما أنها تضغط على أعصابي ومشاعري ويئست منها ولا أعرف كيف أخرج منها بدون أي إصابات معنوية؟ طبعا سوف أحكي لكم المشكلة، وأحاول أن تكون بالتفصيل حتى أضعكم في الصورة معي وتحاولوا فهم الوضع الذي أنا فيه من أجل التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف، وبدون أن يسبب أي مشاعر حزن أو ألم.
أنا فتاة عمري 28 سنة على قدر عالٍ من الثقافة والأخلاق والعلم، والحمد لله أواجه مشاكلي بنفسي، وأحاول حلها بنفسي وأنجح بذلك في معظم الأحيان، لكن هذه المشكلة أنا محتاجة فيها لاستشارة بصورة خاصة:
تعرفت على شاب وكانت البداية علاقة عابرة إلى أن توطدت العلاقة، وأصبحت حبا؛ لأن كلا منا وجد كل ما يبحث عنه في الآخر، وبعد تمحيص عقلي شديد لا دخل للمشاعر فيه، وبعد ذلك بدأت المشاعر في التحرك، وتعلق كل منا بالآخر ولحد الآن القصة جميلة، فهو شاب متعلم مثقف ملتزم خلوق، يعني بمعنى أصح كل شيء بحثت عنه وجدته فيه كأنه خرج من عالم أحلامي إلى أرض الواقع، وهو كذلك كل منا وجد ضالته المنشودة حتى قررنا الارتباط فعليا على أرض الواقع، وهنا بدأت المشكلة.
أمه ترفضني، ليست ترفض شخصي بقدر ما ترفض أن ابنها يرتبط بأخرى خارج نطاق العائلة، وهي تريد أن تختار عروسه بنفسها، وحاول أن يقنعها بشتى الوسائل بأنه وجد الإنسانة التي تفهمه ويفهمها، لكنها أبدا صممت على موقفها أكثر، استعمل معها كل الوسائل المشروعة من أجل أن يقنعها، ولم تقتنع، أدخل كل الأوساط في العائلة وهي لا زالت على عندها!! وبصراحة أنا كنت معه في المشكلة أولا بأول، وأشير عليه بما يفعل أو لا يفعل، وكلما وصلنا لحل تقف أمه بالمرصاد، وتفشل كل شيء، أكيد سوف تقولون إنه عمل ما عليه، وإنه يمكن أن يخطبك بدون موافقة أهله، وعندما أراد أن يقدم على هذه الخطوة طبعا فهو يحتاج للمال وكل ماله موجود مع أمه.
طبعا هو يعيش الآن في ضغط أعصاب رهيب وحالة نفسية متردية، ولن أقول لك إني لم أحاول الابتعاد عنه كي يرضي أمه ويتزوج بمن تريد، لكن كلما ابتعدت عنه تعلق بي بزيادة، وازدادت حالته سوءا لأنه إنسان حساس جدا.
بصراحة فكرت في كل الحلول الممكنة وغير الممكنة، ويئست جدا، وكلما يغلق باب أمامنا نبحث عن باب آخر إلا موضوع افتراقنا عن بعضنا فهذا ما لا نتحمله؛ لأننا بصراحة لسنا أطفالا، يعني أنا وهو بالغان وعاقلان، وكل شخص فينا قادر على تحديد ما يريد بدون أن يكون هناك أي تهور أو طيش في المشاعر، آمل أن تفهموا ما أريد قوله، ومع ذلك الأم غير مهتمة بمشاعر أولادها، المهم عندها هو تنفيذ رغبتها مهما كانت النتائج حتى ولو على حساب تعاسة أبنائها.
المشكلة أن الوضع المادي للشخص الذي أعرفه لا يساعده على الزواج بدون مساعدة أهله. أنا تعبت من التفكير في طريقة للحل والخروج من هذه المشكلة؛ لذلك أرجو منكم مساعدتي بأقصى وقت ممكن لأني بجد تعبت.
9/2/2023
رد المستشار
الأخت الفاضلة، لقد لمست فيك نضجا لم أعهده في كثير من فتياتنا؛ فاختيارك لمن تحبين جاء متسقا مع اعتبارات العقل والقلب معا، ولم تحكّمي أحدهما، وتجنبت السير علي غير هدى تبعا لأوامر القلب، وكان كل ما حولكما يبشر بالسعادة، ثم واجهتما رفض والدته لزواجكما، وجاء تعاملكما مع هذا المعطى الجديد أيضا متسقا مع ما لاحظته من نضجكما، فتدرجتما سويا في استعمال كل السبل الممكنة من محايلة واستعطاف وضغط عن طريق الواسطة،وسلكتما كل السبل التي ننصح بها من يواجهون برفض الأهل وتعنتهم في مسألة اختيار شريك الحياة.
ونضجكما هذا يشجعني على أن أتحدث معك بنفس القدر من التعقل، لننظر في كل الاحتمالات المتاحة أمامكما، وسلبيات كل اختيار، فاعرضي عليه كل الاختيارات وليحاول كل منكما أن يتخذ قراره بعيدا عن تأثير الآخر. فإذا نظرنا للأمر برمته لوجدنا أنه لم يعد أمامكما إلا أحد حلول ثلاثة:
* الاستمرار في محاولة كسب رضا الأم أو على الأقل تحييد موقفها، مع التأكيد على رفض الزواج من أي إنسانة أخرى، ومحاولة توضيح وجهة نظره للأم والتأكيد على أنه لن يقبل إلا بمن اختارها قلبه، وإظهار ضيقه وامتعاضه من رفض أمه، مع تجنب الوقوع في إثم عقوق الوالدة، وطبعا لا تتوقعي الحصول على موافقتها بين عشية وضحاها، ولا يعلم إلا الله متى يحدث هذا، والمهم في الأمر أن يصبر هو حتى تيأس من أنه سوف يرتبط بغيرك. وصعوبة هذا الحل تتمثل في أنه يحتاج لتصميم وإصرار منكما معا (فسوف تواجهين أنت أيضا عروضا متكررة للزواج، وسوف تواجهك ضغوط الأهل والسؤال عن مبرراتك لرفض هذا العريس أو غيره).
* اتخاذ قرار الارتباط بدون الحصول على موافقة الأم، وهنا ستواجهكما عقبة تدبير الأموال اللازمة لإتمام الزواج.. لا بد من تضافر جهودكما سويا، لم يتضح من رسالتك هل تعملين أم لا؟ ويفيدك أن تبحثي من الآن عن عمل وتساهما سويا من دخلكما في تدبير نفقات ما هو ضروري جدا لزواجكما (والتنازل عن حلم الشقة الواسعة وغرف المنزل المتنوعة والأجهزة الكهربائية المتعددة)، وتحتاجين في نفس الوقت لجهود جبارة لإقناع أسرتك باختيارك، ولا بد من بحث وتدبير أمر نفقات ما بعد الزواج، والتأكد من أن دخلكما سوف يفي بمتطلبات الحياة المتزايدة.. فهل تستطيعان أنت وهو تحمل شظف العيش من أجل حبكما؟ وهل جذور حبكما راسخة لتتحمل أنواء الضغوط الاقتصادية؟ وهل يمكنكما التنازل عن الكثير من المظاهر من أجل الحب؟ والثابت في التجارب المشابهة أنه إذا تحمل الزوجان صعوبات البداية؛ فإن ضغط ورفض الأهل تقل حدته رويدا رويدا وذلك بعد انتهاء مرحلة الغضب الأولى، ولكن هذا الأمر لا يعلم إلا الله متى يتم؟ ومتى تنعم الوالدة على حبيبك برضاها؟ فهل ستتحملان سويا صعوبات البداية لتنعما معا فيما بعد - سواء طالت المدة أم قصرت – برغد العيش في ظل الحب؟
* إذا وصلتما إلى استحالة الصبر حتى تحصلا على موافقة السيدة الوالدة، وكذلك تأكدتما من صعوبة القبول بالبداية المتواضعة فلن يكون أمامكما إلا إنهاء العلاقة فورا وبدون تأجيل؛ لأن الاستمرار يزيد من حدة ارتباطكما، أنا أدرك صعوبة هذا القرار ولكن من رحمة الله بنا أن كل شيء يبدأ صغيرا ويكبر إلا الحزن والألم؛ فالبداية تكون عظيمة ومروعة وتتضاءل حدتها مع الأيام؛ والزمن كفيل بمداواة الجراح، فلا تترددي في التعبير عن ألمك بكل الوسائل الممكنة... ابكي ما وسعك البكاء، وعبري كتابة عن مقدار ألمك، وبثي ألمك وحزنك لخالق السماوات والأرض، أو راسلينا، وحذار من التورط في مشروع ارتباط آخر حتى تنتهي صدمة فقد الحب الأول.
أختي الكريمة، كلامي هذا لا يعني أنني أرجح أي اختيار من هذه الاختيارات، فالأمر متروك لك ولخطيبك، وأنتما أدرى بما يمكنكما احتماله وبالظروف المحيطة بكما.. ويعينكما على حسن الاختيار الاستعانة بصلاة الاستخارة والتضرع إلى الله سبحانه أن يقدر لكما الخير حيث كان، وتابعينا بالتطورات.
ونرجو منك مراجعة إجابات سابقة شبيهة لنا، منها :
القصة المكررة تحبه وأهلها يرفضون
أحبه.. وأهله يرفضون
ويتبع >>>>>: قلبه معي .. وأمواله مع أمه .. نهاية وبداية م