السلام عليكم ورحمة الله
سيدي، لقد أحببت فتاة حبًّا شديدا، ولكن هناك عوائق كثيرة في الأمر، تتلخص في الآتي:
1- إنها تعتبرني أخًا لها.
2- نفس السن تقريباً.
3- الأهل غالباً لن يوافقوا على زواجها ممن في نفس سنها، لكنهم لن يعترضوا عليّ كشخص.. بل يرحبون، ومن الصعب مناقشتهم في أمر كهذا لتغيير وجهة نظرهم.
4- في حالة رفض هذه الفتاة لي رفضاً تاماً؛ فإني أنوي التقدم لخطبة إحدى أخواتها؛ لأن البيت كله ملتزم، ويشجع أي شخص ملتزم على التقدم لأي من بناتهم؛ لأنهم ممتازون في التربية والشكل والأخلاق والالتزام الديني.
5- هي لا تعلم شيئاً عن حبي لها.
فكرت في أن أبعث لها بخطاب أشرح لها فيه مشاعري تجاهها، وكتبت لها الخطاب بصدق دون مبالغة أو كذب، ونص الخطاب كالآتي، لكنى لم أبعث لها هذا الخطاب حتى الآن:
"بسم الله الرحمن الرحيم، سوف أبدأ من البداية.. منذ بداية معرفتي بأخيك، وتوطدت العلاقة بيننا في الثانوية العامة، والدروس الخاصة التي كنا نأخذها معاً، وتكرار رؤيتي لك لم أكن أشعر تجاهك وأخواتك سوى بشعور أخ تجاه أخوات، ربما لا يعرف عنهن شيئًا، لكنه يشعر أنهن أخوات له. وأخذ هذا الشعور يزداد شيئًا فشيئًا حتى أخذت أشعر أنك أخت لي بشكل كبير، ربما لا أستطيع وصفه.. يأتي هذا الشعور ويأخذ في الازدياد كلما علمت شيئا عنك، أو سمعت موقفا مررتِ به أو صفة معينة من صفاتك، ثم بدأت أشعر بشعور غريب لم أشعر به من قبل.. بل ويناقض ما كنت أشعر به، وهو الشعور بحاجة شديدة لأن يكون لي أخت بنت، مع العلم أنني كثيرًا ما كنت أحمد الله -خاصة قبل التزامي- على أنني ليس لي أخوات بنات؛ حيث إني لم أتخيل أن يكون لي أخت بنت لا تكون كما أحب، أو تكون غير محجبة، أو ملتزمة، وأن ذلك سوف يكون مبعثا متكررا للمشاكل بيني وبينها، وربما بيني وبين والديّ بسببها.
بدأ هذا الشعور داخلي، وأخذت أغبط أخاك على أن له أختًا مثلك، وطبعا ليس هذا واقعيا في هذا الوقت.. فلو حدث المستحيل، وكانت لي أخت ستكون أشبه بعلاقة أب بابنته أكثر منها علاقة أخ بأخته؛ حيث إن هذا القرب في السن بينك وبين أخيك كان من الأشياء التي أعتقد أنها زادت العلاقة بينكما لذلك الحد الذي أعجبت به كثيرا.. وظل هذا الشعور داخلي لفترة طويلة ربما لثلاث سنوات أو أكثر، وربما تمنيت في بعض الأحيان أن تزول الحواجز الاجتماعية، وأن تكون الحواجز الشرعية أقل مما هي عليه حتى يتسنى لي معاملتك كأخت حقيقية دون التفكير في أي شيء آخر.. منذ التزامي تغيرت شخصيتي بشكل لم أكن أنا نفسي أحلم به أو أتخيله، وتزامن ذلك مع التفكير في بناء شخصية فتاة الأحلام بالنسبة لي، ومما رأيته وسمعت عن الفتيات في مثل عمري كنت أجدهن تافهات على الأغلب، وأنه حتى الالتزام ربما فقط يجعلهن ملتزمات في التصرفات، ويتحددن بالحدود الشرعية، لكنه لا ينمو عادة بصفاتهن الشخصية بالدرجة الكبيرة التي عادة ما تحدث للرجال.
على أي حال بدأ يظهر لي أنى سوف أواجه مشكلة في الزواج؛ حيث إن تلك الفتاة التي سوف تعجبني غالباً ما ستكون أكبر مني في السن، وربما بفارق كبير. وهذا بالطبع عكس الشائع والمتعارف عليه عند الجميع، لكني لم أشغل نفسي كثيرا بهذا الأمر، وتركته للظروف؛ حيث إني ما زلت طالبا، وليس من أولوياتي التفكير في هذه الأمور، لم يدُر بذهني للحظة واحدة أي ربط بين هذا الأمر والأمر السابق بأي حال من الأحوال.. في أثناء الدراسة تعرفت على الكثير من الإخوة، وأُعجبت بأشخاص معينة منهم إعجاباً كبيراً، كان هؤلاء أكبر مني سنًّا بالطبع، وتخرجوا في الجامعة قبلي. وعندما كنت أعرف أن أحدهم تخرج، ويفكر في الزواج، وأنا أحبه، وأريد أن أهديه هدية، كنت أفكر في أن أدله عليك ليتزوج بك ما بين التلميح أو التصريح، وربما عاصرت أنت إحدى هذه التجارب. وكنت أتمنى أن تنجح إحدى هذه التجارب، وكنت متأكداً أن هذا الأخ سوف يستمر في الدعاء لي بقية حياته على هذا المعروف الذي أسديته له، كنت أتخيل سعادة لا توصف بنجاح هذا الأمر. وعلى الجانب الآخر فإن هذا يلبي رغبتي كأخ في أن يهدي لأخته زوجاً يرى فيه الكثير من الصفات التي تستحق الإعجاب، ويتخيله زوجا مثاليا لها.
لم تدم هذه الفترة طويلاً.. ربما سنة أو أقل؛ حيث أصبحت أنا في أواخر السنة الثالثة للمرة الأولى أو بداية المرة الثانية بدأت أشعر بشيء غريب داخلي تجاهك لم أعهده من قبل، وأخذت أشك فيه لفترات وفترات، وأحاول تأويله على أنه امتداد للشعور الأول بالأخوة، وأن ما يمكن أن أفكر فيه بشكل آخر ليس إلا أوهامًا، وليس علي أن أعطي هذا الشعور أكثر مما يستحق. وفي الحقيقة لم يأتِ هذا الشعور فجأة، لقد كان ثمرة أساسية لكثرة حديث أخيك عنك؛ حيث كانت مع تشكل صفات الزوجة التي أحلم بها يعاجلني هو بقصة عنك، أو موقف بينكما، يروي تفاصيل لما أريده أنا من صفة معينة أو ما شابه ذلك. فكان كل مرة يحكي لي فيها شيئاً من هذا القبيل تقع في قلبي موقعاً لم أعلمه إلا بعدها بفترة، وأخذت تلك المواقع واحد تلو الآخر تترك أثرا ربما لا يمحى لسنوات من الإعجاب المجرد لهذه الجزئية التي يدور حولها الحديث حتى باتت تشكل ذلك الإحساس الغريب.
وتطور الأمر معي حتى أخذ شكلا خطيرا بالنسبة لي، ووجدتني لا أجد مفرا من الإجابة على سؤال: هل هذا هو الحب؟ وبعد مرات ومرات من الإجابة المتسرعة مني على نفسي بأنه ليس هذا بالطبع وجدتني أقف وأفكر، وأحلل كل ما مررت به من مشاعر وأحداث حتى أعرف ما ذلك الشعور بالضبط الذي يدور بداخلي.. حتى وصل أنني أفكر فيه ليل نهار، وربما لا أريد الانقطاع عن التفكير فيه؛ حيث أشعر في هذا التفكير بشيء من المتعة الوهمية، ولكن بشيء من العناء والتعب النفسي الرهيب أيضاً.
وهنا ربما يجدر الذكر أني لم أكن أتخيل بحال من الأحوال أني سوف أكون في هذه السن أو في هذه المرحلة الدراسية وأنت لم تتزوجي بعد.. فقد كان لدي يقين أنك سوف تُخطبين في السنة الثانية من الكلية على الأكثر. فأنا متأكد أنه لن يكون لك أمثال أو أنداد كثيرون، وأرجعت تأخر هذا الشعور داخلي في الظهور بسبب من الأسباب أن قرب تخرجي من الكلية وتأخر خطبتك ربما أيقظ هذا الشعور داخلي؛ حيث بات الأمل له رصيد من الواقع يمكن الاستناد عليه.. وبدأ الأمر يزداد في أيام امتحانات السنة الثالثة في أواخر الامتحانات؛ حيث وصل الأمر للحد الذي أصبحت فيه لا أستطيع المذاكرة؛ حيث إنني أجدك تطاردين كل جزء في عقلي وتفكيري، ولا أكاد أقرأ سطرين حتى أنصرف إلى التفكير فيك، وفى مصير هذا الشعور الذي لم أتفاءل كثيرا بإمكانية تحقيقه.
وبعد مداولات أصبحت الإجابة واضحة تماماً بشكل لا لبس فيه لأدنى درجة؛ حيث إن الحب لا يمكن أن يكون أكثر مما أشعر به، إنه ليس فقط الحب، بل الحب القوي.
لا أريد الاستطراد في بيان كيفية اكتشافي لذلك، لكن يكفي أن أخبرك أنى أصبحت أشعر بالضعف الشديد تجاه هذا الشعور الذي أصابني وتجاهك بالتالي. فلم أتخيلني أوافق على التنازل عن شيء ما لشخص آخر، فأقول: (لا بأس) حيث يجب أن أقول: (لا)، أو أقول: (ممكن)؛ حيث يجب أن أقول: (مستحيل) إلا عندما تخيلتك أمامي.. لقد كنت أسمع من أخيك أنك تحبين كذا، فأجد نفسي أحب هذا الشيء الذي لم أحبه من قبل قط. لقد أحسست في فترة من الفترات في هذه الامتحانات أنني سوف أرسب فيما تبقى لي من مواد.. فلم يعد لدي القدرة على التركيز بحد أدنى يسمح لي بفهم أو حفظ أي شيء، حتى أنني أثناء اللجنة في الامتحان عندما أقف قليلا للتفكير في الإجابة عن سؤال، وتقف يدي عن الكتابة أفاجأ بأنني سرحت، وأني أفكر فيك.
لكني رغم كل هذا لم أحسم أمر هذا الشعور في هذه الفترة؛ حيث كان لي تجارب في أمور أخرى مختلفة تتفاقم في الحجم أيام الامتحانات نتيجة للفراغ والتوقف عن العمل الذي يشغلني كثيراً، ثم لا تلبث أن تتلاشى، وتذهب أدراج الرياح بمجرد انتهاء الامتحانات وعودتي للعمل مرة أخرى، لكن للأسف لم يكن هذا الشعور من ذلك النوع، مع أني تمنيت أن يكون مثلهم، وهنا ظهر هذا الأمر بشكل متعب للأعصاب مرة أخرى لم أحتمله، وكنت قد صارحت أخاك بحقيقة شعوري في أثناء الامتحانات.
وأذكر أنني بكيت بإحساس لم يسبق لي أن شعرت به من الضعف؛ حيث إني شعرت كأنني أطرح كل ملابسي جانباً، وأقف أمامه عرياناً، وكان عندي بصيص أمل أن يكون لديك إما شعور شبيه أو تقبُّل لما أشعر به تجاهك، ولكنه صرح لي بأنك تعتبرينني كأخ، وهنا ظهرت لي مشكلة أخرى، وهى كيفية التأقلم مع هذه الحقيقة، وإيجاد طريقة لقتل هذا الشعور داخلي وبسرعة حتى لا يُتلف شيئا ما بداخلي ربما لا أستطيع إصلاحه.. وهنا بدأت أتصرف تصرفات مجنون؛ فأصبحت لا ألتزم بغض البصر مثلاً حتى أعجب بأي فتاة أراها في الكلية أو في الشارع أو حتى في التليفزيون حتى أثبت لنفسي أنني يمكن أن أعجب بأخرى، وحتى ينال ذلك من مقدار إعجابي بك الذي أحسست أنه يأسرني داخل قضبان، وأنه ينال من كرامتي بعض الشيء؛ حيث أرغب فيمن لا ترغب فيَّ، لكنى في كل مرة أجد فيها فتاة جميلة بالمقاييس العادية المعروفة، وربما كان هذا الشكل يعجبني قبل ذلك، أجدني لا أعيره أي اهتمام. فجأة أصبحت أشعر أن كل فتيات العالم لا يعجبنني كزوجات، ولا يناسبني إلا أنت.
واستمر هذا الحال فترة، وأنا لا أعقل أو أدري ما هذا التصرف الأحمق الذي أفعله، وتدور بيني وبين نفسي حوارات لا تنقطع، أو إن شئت قولي بين عقلي وقلبي؛ فالأخير يبكي، والأول لا يرحم، ويكاد يعتصره، ويسخر منه، ولا يرعى فيه رحمة ولا رأفة، حتى أني عندما أبكي أقول لنفسي: هذا قلبي يبكي من قسوة عقلي؛ فقلبي يقول: يا أحمق إنك لم يعجبك فيها شكلها؛ فأنت لا تكاد تتذكر حتى ملامح وجهها تفصيلاً، ولكن ما أعجبك فيها لا يمكن أن ترى مثيله في الأخريات وإن وجد فيهن، إنه شيء في الروح لا يُرى بالعين، ولو كان الأمر مسألة جمال لكان أهون بكثير، ولو ظللت طوال عمرك تنظر لنساء الدنيا كلهن ما وجدت ضالتك.
والثاني يرى المشكلة، ولكنه عاجز تماماً عن إيجاد حل واقعي، ولكنه يقترح دائماً حلولاً أشرع في تنفيذها واحداً تلو الأخر، ثم لا ألبث أن أكتشف مدى حمق هذا الحل.. بالمناسبة في منتصف الطريق قبل التخرج نجحت مرة في أن أجعل إحساسي بك عاديًّا، وأن أقضي على هذا الشعور بالإعجاب بك، ولا يمكنك أن تتخيلي كم كنت سعيداً بذلك، لقد شعرت حينها كم أنا قوي، وأستطيع التغلب على مشاعري التي لا تتوافق مع عقلي، أو التي لا يمكن تحقيقها.
ومرت فترة لم أشعر فيها بالشك في أن ثمة جذورًا لهذا الشعور كامنة في نفسي لا تظهر على السطح، ومع أول موقف ذُكرتِ فيه أمامي لم أستطع النوم ذلك اليوم من التفكير والإحساس بالسذاجة. كيف توهمت بهذه البساطة أني لست في خطر من أن أعود لما سبق؛ حيث في الوقت السابق كنت أقول في نفسي قبل أن أفاتح أخاك في الأمر كنت أقول له في نفسي عندما يتحدث عنك: "كفى"، وأكاد أصرخ فيه: "يا غبي اصمت، لست في حاجة لما تقول، دعني وما أنا فيه". كان مجرد ذكر اسمك أمامي يفعل بي ما لا أشعر به من السحر.. عندما مرت هذه المرحلة برمتها أيام الامتحانات، وكانت حالتي يرثى لها، أخذت ألجأ إلى الله أطلب منه الشفاء والعون والهداية. فأنا في موقف لا أعرف ماذا أفعل فيه؟ هل أفاتح أخاك أم لا؟ وكيف أفاتحه وهو أخوك؟ تمنيت ساعتها ألا تكوني أخته حتى أبوح له بكل ما في صدري دون حرج كما أفعل في أي قضية أخرى... لكن كيف؟ لم أستطع ذلك بالطبع، أخذت أصلي وأصلي وأدعو الله، لكن حتى وأنا أدعو الله لم أكن أعرف بماذا أدعوه بالتحديد!! هل أدعوه بأن تكوني لي؟ فأقول: يا له من دعاء غبي! ماذا لو لم تكن هذه رغبتك؟ كيف أرضى هذا الأمر على نفسي؟ هل أدعوه بأن يرحمني من هذا الإحساس بالعذاب؟ فأقول: ماذا لو كان هناك أمل؟
فأخذت أدعوه استخارة إن كان هذا الأمر فيه خير لي أن ييسره، وإن كان فيه غير ذلك أن يبعده، ولكن للأسف لم يحدث هذا ولا ذاك. وهنا أخذت أستحضر صورة الشاب التائه في قصة حب فاشلة مثل التي تظهر في الأفلام، وسخرت منها كثيراً، هل يجوز هذا؟ ماذا أفعل؟! المسلمون يواجهون ما يواجهون في فلسطين وفى أفغانستان، بل وفى مصر.. أناس يعملون لهذا الدين بكل جهدهم، وأنا أعاني من تجربة فاشلة في إحساسي بإنسانة لا تعلم عن ذلك كله شيئًا! ما هذا التخلف؟ بل ما هذه التفاهة؟ ماذا لو أن هذا التفكير في زوجتي؟ إنه بلا شك سيكون زائداً عن الحد، لكن المشكلة الكبيرة في التوفيق ما بين المنطق والإحساس صعبة.. صعبة جدًّا.
أخذت أفكر في الجنة وما فيها من نعيم، لكن يبدو أنني كنت إيمانيًّا في انحدار، وما زلت.. فلم أشعر بالرضا وأنت بعيدة عني، وتخيلت لو أني أضمن أن تكوني لي في الجنة لما أحسست بهذا الهم في الدنيا، وربما لم أبالِ بأي امرأة أتزوج في الدنيا.. فما هي إلا أيام معدودات، وتكون جنة الخلد الأبدية. لكني تذكرت حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- أن المرأة تكون لمن تختار من أزواجها في الدنيا، وعلمت أن الله بإذنه سيرزقك زوجاً خيراً مني، وأنه سيكون إن شاء الله زوجًا لك في الجنة؛ فلم أستطع أن أتحمل هذا الإحساس، شعرت معه بقلة الإيمان في الحور العين اللاتي وعد الله عباده المؤمنين في الجنة؛ لأن الزوجة تكون أجمل منها في الآخرة.. فما أجمل أن يجمع الإنسان كل ما يتمنى في آن واحد. وأتى هذا الشعور على ما تبقى لي من قوة في مقاومة الشعور بك.
فكرت أيضا في الحكمة من الله في أن يصيبني ما أصابني.. فسألت نفسي: هل ارتكبت خطأ ما؟ هل لم أكن أغض بصري؟ هل تجاوزت في تصرفاتي معك في أي مرة؟ لكن الإجابة كانت بالنفي، وإن كان هناك مخطئ فهو أخوك بكثرة حديثه عنك أمامي، ولكني أعلم أيضاً أن ذلك لم يكن بسوء نية، وأنه لم يكن يتصور أن يفعل بي هذا الحديث ما فعل...
وفي النهاية خلصت إلى أن هذا ابتلاء من الله في القلب كما يكون في الجسد، وكما يكون في الأهل، وكما يكون في المال، لكني الآن أحاول الخروج منه بأقل قدر ممكن من الخسائر، وأنا هنا أكتب هذا الخطاب، ولا أدري إن كان سيُكتب لك أن تقرئيه أم لا، ولكني أعلم تمام العلم أنك ليس لك ذنب من قريب ولا بعيد في هذا الأمر، وليس لك شأن بنتائج أو تبعات هذا الإحساس. فلم يكن لكِ فيه يد ولا حتى علم.
والآن المهم هو لماذا هذا الخطاب؟ وما هو الهدف منه؟ إنه آخر قشة ستقصم ظهر البعير كما يقولون؛ فأكون قد بُحت لك بكل ما في صدري على نحو ليس فيه تجاوز شرعي، وأنتظر ردك عليه، لكني سأجعل ردك صعبًا فوق صعوبته. فأنا لا أريد منك رداً بالموافقة في حالة اعتبارك لهذا الأمر مجرد أي زواج والسلام. فلن أرضى في مقابل هذا الشعور بشعور اللامانع.. فما أتعس الزواج الذي يميل فيه أحد الطرفين على الآخر بهذا الشكل، ولكن فقط في حالة تقبل حقيقي لهذا الأمر والمشاركة فيه بشكل مُرضٍ.. ولا أقول بنفس الدرجة، ولتعطي نفسك فرصة كافية للتفكير في هذا الأمر، وأذكرك أيضاً بأني إذا كنت سأخسرك كزوجة.. فلا أريد أن أخسرك كأخت.. وعليك أن تتيقني أنه بمجرد ردك بالرفض سينتهي هذا الأمر من فوره، وسيكون كأن لم يكن من قبل، وأستطيع أن أقسم على ذلك.. فقد أدركت آخره.. وليس بعد ذلك ما يمكن أن يكون.
وفى النهاية أقول لك: لقد عانيت كثيراً في اختيار الألفاظ حتى تكون مقبولة نوعاً ما، وربما خرج الخطاب به الكثير من الجمل غير المفيدة بسبب مشكلة الألفاظ، وأدعو الله ألا أكون قد جرحت أحداً في كلمة من الكلمات، وأستغفر الله إن كنت قد أغضبت ربي في هذا الخطاب أو جزء منه.. لكن حسبي أني فعلت ذلك، وليس عندي سوء نية أو جهل كامل بما أفعل، والله يغفر أكثر من ذلك، إنه هو الغفور الرحيم"
والمشكلة الآن فيما سيتركه هذا الخطاب من حساسية عندها في حالة رفضها لي، وفي حالة زواجي من أختها في التعامل، ولا قدر الله في حالة فشلها في زواجها بعد ذلك أن يأتي لها الشيطان، فيقول لها: "كم كان يحبك، وتركتِه كي تتزوجي بمن فعل بك كذا وكذا"؛ فأكون عوناً للشيطان عليها، ونحن سنتقابل كثيراً بحكم أخوتها لزوجتي... وأعتقد أنك فهمت كل التفاصيل من خلال قراءتك للخطاب... فأشر علي: هل أوصل لها هذا الخطاب أم لا؟ ولتعلم فقد فكرت في الزواج من أختها؛ حيث لا توجد عقبات في طريق زواجي منها، وهى أيضاً أخت فاضلة، ولكني أخشى ألا أكون راضياً بهذا الزواج، وأتخيل تلك التي أحبها في مكان زوجتي، وكم كنت سأكون سعيداً لو تزوجت بالأخرى، وتنقلب حياتي إلى جحيم بهذا الشيطان.
وأنا أرى أن هذا الخطاب هو الذي سيحدد موقفي من شعوري تجاهها إذا وافقت على ارتباطي بها، وهي في رأيي نسبة لا تتعدى 5%، وإما بالرفض، وهو الاحتمال الأغلب سيقضي على ما بداخلي من شعور تجاهها؛ حيث إن المسوغ الأساسي لهذا الشعور الآن أنه ربما غيرت رأيها تجاهي إذا علمت بمقدار حبي لها، فإذا لم يحدث ذلك فسوف ينتهي أي مسوغ لإحساسي هذا، وأكون قادراً على حب من أخطب دون أي هواجس من ذلك النوع... هناك نقطة أخرى مهمة، وهي أنه لن يعرف بهذا الخطاب أحد سواها، وأنا واثق من أنه لن يصل لأحد من أخواتها، وليس عندي أدنى شك في ذلك. وسيتم حرقه بمجرد قراءتها له، كما أحب أن أوضح أنني جاهز تقريباً للتقدم لأي فتاة خلال أقل من سنة وربما ستة أشهر، ولا أتكلم عن شيء بعيد.
وهناك مشكلة في حالة موافقتها على الارتباط بي ومعارضة الأهل فسوف تكون المشكلة أكبر؛ حيث إنني إذا تقدمت رسميًّا لها فلن أستطيع التقدم لأحد من أخواتها بعد ذلك، كما أن ذلك سوف يجعلني أكرههم، وربما أقع معهم في صدام، مع العلم أن علاقتي بهم قوية جدًّا الآن، وأنا أحبهم، وهم يحبونني كابن لهم. وجدير بالذكر أيضا أن حبي لهذه الفتاة لم يعد متعلقاً بالصفات التي من أجلها أحببتها، ولكنه أصبح لذاتها... فلو وجدت نفس الصفات في فتاة أخرى ليس هناك مشاكل في ارتباطي بها فلن يغير ذلك من حبي لها، ولو اكتشفت عدم وجود صفة معينة أحببتها من أجلها فلن يغير ذلك من حبي لها شيئاً.
وهذا على العموم اعتقادي، ولكن الله أعلم؛ فالقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.
اللهم ثبت قلوبنا على دينك.
12/2/2023
رد المستشار
عزيزي .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا كونك صديق لأخيها وصديق لعائلتها فلن يكون لائقا أن تبعث لها بخطاب مثل هذا، ولكن الأصح إذا أردت أن تعرف موقفها أن تطلب ذلك من أخيها، وإذا حدث ورفضتك فلن يكون من اللائق أن تطلب أختها، وأنا لا أوافق أصلا أن تتزوج أختها بينما أنت تحبها فسيكون ذلك فتنة لك أن تعيش عمرك قريبا ممن أحببتها، وإذا كنت كما ذكرت تعرف أنها تعتبرك أخا لها وأنك في نفس سنها، والبنت في أغلب الأحيان تهفو لمن يكبرها سنا وأهلها كذلك،
فالأفضل أن تتقدم حتى لا يحدث حرج يجعل استمرار علاقتك بأخيها وأسرتها أمر صعب، أما إذا كان حبها لك يغلب عليك وتريد أن تغامر باحتمالات القبول التي ذكرت أنها لن تزيد عن 5% فليكن ذلك من خلال أخيها الذي هو صديقك، وعليك أن تتقبل النتيجة أيا كانت وتتعامل معها بنضج وعقل وتسأل الله أن يوفقك لما فيه الخير "وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم، وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون"