لقد اكتشفت موقعكم بالصدفة مؤخرا وأعجبني هذا الركن كثيرا، ولن تكفي كلمات شكري نظيرا للجهد الذي تبذلونه لمساعدة كل من يحتاج إلى مساعدة، ولا أملك غير الدعاء لكم كي يسدد الله خطاكم ويجزيكم عنا خير جزاء. أنا فتاة عمري 26 عاما محجبة وملتزمة والحمد لله، مقيمة في الخارج لمتابعة الدراسة
في بداية العام الدراسي الأول، تعرفت على شاب يكبرني بـ 4 سنوات كنا في نفس الاختصاص، كانت علاقتنا في البداية علاقة أخوة وصداقة؛ حيث كنا نسأل عن بعضنا، ونساعد بعضنا بحكم أننا في غربة وعلينا أن نتكاتف أكثر. مرت الأيام وأصبحت ألاحظ اهتماما زائدا منه، ولكن طوال تلك الفترة لم يبح لي بأي شيء، وأصارحكم أني كنت أنتظر منه أن يعترف لي بحبه فقد رأيت فيه كل ما تتمناه أي فتاة في عريسها؛ أخلاقا وعلما وتدينا. ولكن سرعان ما أكذب نفسي وأقول هو لا يحبني بل يعتبرني كأخت له؛ لذا فهو يهتم بي، ولقد حصلت بيننا بعض المشاكل والخلافات التي كنت أنا في أغلبها من يتعمد إثارتها، لا أعرف لماذا؟ ربما كنت ساخطة على سكوته.
في العام الثاني تعرفت على شاب آخر، وقد توسطت صديقتي بيننا لتخبرني أنه يحبني ويريدني للزواج، تقبلت الأمر وانجرفت في علاقتي معه، ولم يكن الشاب الأول يعلم بأمر علاقتنا، فكرت جديا وقررت الارتباط بالشاب الثاني. لم أدرس الأمر جيدا، فعند عرضه على أهلي عارضوني معارضة شديدة؛ لأنه ليس عربيا، مع أنه مسلم وذو أخلاق عالية، وأنبوني كيف أفكر أن أرتبط بغريب ليس من بلدي؟ كنت صريحة مع الشاب الثاني وأخبرته أن علاقتنا مستحيلة، ولكننا مع ذلك لم نوقف علاقتنا، وتسارعت الأيام حتى جاء الشاب الأول ليصارحني أنه يحبني ويريدني، لكن حزن قلبي كثيرا لأنه جاء متأخرا، وأخبرته بعلاقتي بالشاب الثاني، حزن كثيرا وعاتبني على إخفاء الأمر. في ذلك العام كنت قد ذهبت لقضاء الإجازة في بلدي، لم أفهم حالي هل أحب الشاب الأول أم الثاني؟
وفي تلك الفترة كنت قد تلقيت الأمرين من أهلي وهددوني بمجرد التفكير في الارتباط من شاب ليس من دولتي. بعد عودتي من الإجازة صممت على عدم التفكير في أي شاب يريد التقرب مني، وفي نفس الوقت كنت أرى أني قد كبرت في السن؛ إذ بقي على تخرجي 3 سنوات وحينها سأكون قد قاربت 30 من عمري، وعندما أرجع إلى بلدي من سيقبلني في هذه السن خصوصا أني سأكون قد حزت على شهادة عالية؟ أصارحكم أني أريد الزواج وأخاف من المستقبل كثيرا، خصوصا أني ألاحظ أن كثيرا من الفتيات من عائلتي قد تجاوزن 30 ولا يطرق بابهن أحد، وطوال هذه الفترة كنت أفكر في حالي وفي مشاعري، وقد اكتشفت أني أكنُّ حبا كبيرا للشاب الأول، أحب أن أراه أو أسمع صوته، وقد عادت علاقتنا كسابق عهدها مجرد سؤال بالهاتف أو لقاء بالصدفة، أحس أنه ما زال يحبني، ولكن هل سيجرؤ ثانية أن يقول إنه يريدني، إنه حتى لم يسأل عن علاقتي بالشاب الثاني هل ما زالت قائمة أم انتهت؟
أنا حائرة في أمري هل سيفكر بي مرة أخرى وبالارتباط بي؟ وهل سيوافق الأهل؟ كيف سأقنعهم؟ أهلي يرون أن المستقبل ينتظرني في بلدي، خصوصا أنه سيكون لي منصب محترم في الجامعة بعد تخرجي، ولكن قلبي ومشاعري يريدان الذهاب بعيدا متجاوزين كل الحدود وجغرافية البلاد محلقين فوق سماء ذلك الشاب، أحاول أن أكون منطقية وواقعية، لكني لا أستطيع التحكم في مشاعري. أرجوكم أريد نصيحتكم، هل الزواج من غير دولتي لا يحقق التكافؤ الاجتماعي والثقافي كما يظن الأهل؟ هل تفكيري غير صائب؟
أشكركم على رحابة صدركم وأرجو الرد السريع؛ لأن إجابتكم مهمة بالنسبة لي في تحديد عدة قرارات في شأن مستقبلي،
وشكرا مرة أخرى.
23/2/2023
رد المستشار
الأخت السائلة،
أول خطوة تجاه تحريك أمورك أن تحسمي اختيارك بين الشخصين، وهذا الحسم على صعوبته لن يكون نهاية الأمر كما سأشرح لك كيف يمكن الحسم! أحضري ورقة وقلما، واكتبي بوضوح كل ما ترينه من مميزات وعيوب في كل واحد منهما، واسألي نفسك: هل تستطيعين تحمل عيوب هذا الشاب أم ذاك... لاحظي أن العيوب الشخصية لا تتعدل كثيرا مع التقدم في السن بل ربما تزداد، ولكن مع أخذ عامل النضج في الاعتبار. انظري إلى المميزات، واسألي نفسك: هل مميزات هذا الشاب أم ذاك تبدو أهم بالنسبة لك، ولا تستطيعين الاستغناء عنها؟!
وتذكري أن أحدهما قد يكون ممتازا، ولكنه ليس الأنسب لك، أو أن أحدهما قد يكون معيبا، ولكنك ترضين بعيوبه في مقابل مميزاته... هذا عن حسابات العقل، والورقة والقلم. أما عن العاطفة فيمكن اختبارها بأن تنقطعي تماما لمدة شهر مثلا عن الاتصال بهما معا تماما وتنظري إلى من ستشتاقين؟! وسيساعدك الانقطاع على أن تتبيني نوعية مشاعرك ودرجاتها فقد تكون مشاعرك تجاه أحدهما مجرد ود وأقرب إلى الأخوة منها إلى الأحاسيس تجاه زوج المستقبل. وتذكري أنك لا تختارين فقط لنفسك ولكن أيضا لأسرتك ولأولادك، وهنا تدخل الثقافة والأعراف كعوامل مهمة، ولكنها ليست كل شيء سواء اتفقت أم اختلفت.
إذا تكاملت لديك الصورة ورجحت الكفة لصالح أحدهما فتذكري أنه ستبقى أمامك خطوات أخرى. بالنسبة للأول سيكون عليك التواصل معه لإعادة مركبة العلاقة إلى مسارها، ولاحظي أنه تأخر في المبادرة، وقد تكون هذه طبيعة شخصية فيه بأن يكون غير مبادر، وقد تكون له أسباب أخرى يمكنك تخمينها، ويهمك معرفتها. أما الثاني فيكون عليك إقناع أهلك به، وبأن الاختلاف الثقافي في حالتكما سيكون مدخلا لإثراء العلاقة بالتنوع بين أطرافها، لا بالتناقض والنزاع، وهنا سيكون عليك تقديم حجج مقنعة في بقية نواحي شخصيته، وفرص مستقبلة... إلخ.
أرجو ألا يطول ترددك كثيرا، وأرجو ألا تتسرعي أيضا بسبب رغبتك المشروعة في الزواج؛ لأن قرار الزواج من طبيعته أنه خطير، وهو من الاختيارات التي نظل ندفع ثمنها طوال حياتنا، فاختاري لحياتك جيدا، وعلى مهل، ولا تحرمي نفسك من استشارة من تطمئنين إلى آرائهم،
ولا تنسي الاستخارة فهي إلى جانب التخطيط، وحسابات العقل والمشاعر عُدة كل من يختار للزواج وغيره.. وتابعينا بأخبارك.