السلام عليكم
أنا فتاة في الـ25 من العمر، ولست متزوجة، وأشعر برغبة قوية في مسألة الشهوة الجنسية؛ وهو ما جعلني أفكر بالزواج وبالرجل الصالح الذي سأكون زوجة له والذي هو في علم الغيب، وهذا الأمر يأخذ جل تفكيري، مع العلم بأني فتاة ملتزمة والحمد لله، ولكن أحيانا يغلبني الشيطان فأضطر للقراءة فيما يخص أوضاع الجماع عند الزوجين، مما يجعل الشهوة الجنسية تتأجج في صدري.
أريد الزواج، ولكن لم يتقدم أحد لخطبتي، فماذا أفعل؟ وهذا الأمر يجعلني أبكي ليلاً؛ لأن أمي تتمنى أن ترى بناتها متزوجات.
أرجوكم، أريد منكم النصح والإرشاد، فما لي بعد هدى الله سبحانه وتعالى إلا مشورتكم، وأتمنى ألا تتأخروا عليّ بالرد.
ابنتكم الفقيرة إلى عفو ربها.
1/3/2023
رد المستشار
الأخت الكريمة: من رسالتك ومن سنك يمكنني أن أستنتج أنك قد انتهيت من تعليمك، وأنك لا تعملين، أو أنك تعملين عملا لا يستهلك جل طاقتك، ولهذا فقد بدأ الإحساس بالملل يتسرب إليك من رتابة حياتك وخلوها من الأهداف.
وخلو حياتك من أي هدف جعلك تركزين جل اهتمامك على انتظار العريس والتفكير في أمور الزواج والعلاقات الجنسية، مما أيقظ نيران الشهوة عندك، ولن يكون الحل إلا بتغير الأوضاع والظروف التي تعيشين فيها، وبتحويل تفكيرك نحو أهداف يمكنك تحقيقها حتى يأتي العريس المنتظر، فللأسف لا يوجد سوبر ماركت للعرسان.
والمشكلة التي تعانين منها تعاني منها كثيرات من فتياتنا في مختلف بلدان الوطن العربي بسبب صعوبة ظروف الحياة، فلم يعد العريس في انتظار الفتاة حتى تنتهي من تعليمها. والكثيرات من فتياتنا يتخرجن ولا يأتي العريس حتى الثلاثين أو ما بعدها، فهل من العقل أو الحكمة أن تظل الفتاة سنوات وهي تضع يدها على خدها في انتظار فارس الأحلام؟ وهل من العقل والحكمة أن تهدر سنوات الشباب بكل ما فيها من طاقة وحيوية في الاكتئاب والحزن أو في الانتظار؟!!
الدنيا حولنا تتحرك وتتقدم، ونحن "محلك سر"؛ لأننا نهدر الكثير والكثير من الطاقات والأوقات، فهل لنا أن نفيق من سباتنا، وأن يحاول كل منا -كل حسب قدراته وإمكانياته- أن يجد له مكانا على خريطة العالم؟
ويفيدك أن تقرئي مشاكلنا السابقة التي تناقش هذه القضية ومنها:
الاسترجاز القهري ... بناتنا على مشارف الـ 30
البراح م
واحدة من بناتنا عل يحفظها الله م
الاسترجاز بالوسادة :مشكلة بناتنا المعتادة مشاركة
أنا قليلة الأدب: راغبة في الزواج وبسرعة م
ومع سعيك لاستغلال كل طاقتك المهدرة، ووضع أهداف بعيدة وأخرى مرحلية لحياتك، عليك دور هام في تجنب كل ما يثير شهوتك، سواء أكانت قراءات أو غير ذلك من الصور والمواقع الإباحية.
أما بالنسبة لموضوع زواجك فأهم ما في الموضوع أن تدركي أن الزواج رزق، وأن رزقك سيأتيك في أوانه وميعاده ولن يخطئك، وما عليك إلا الدعاء والسعي في دروب الحياة "فلا حيلة في الرزق إلا بالدعاء". على أن تضعي في اعتبارك تيسير أمر الزواج على من يتقدم لك إذا لمست منه متانة الدين وحسن الخلق، وإذا وجدت أنه يتوافق مع اعتبارات عقلك وقلبك، مع دعواتى أن يرزقك الله بالزوج الصالح الذي تسعدين معه وبه، وتابعينا بالتطورات.
ويضيف د. أحمد عبد الله: إضافة إلى ما تفضلت به الأخت د. سحر أحب أن أعيد التأكيد على حقائق كررناها كثيرا من قبل لتكتمل الصورة وتتضح آفاق الحل بمشئية الله: أولا: ما تشعر به أختنا من شهوة جنسية، وبالتالي رغبة في الزواج، هو أمر طبيعي وفطري لا يدعو إلى الاستغراب أو الاستقذار أو الشعور بالإثم.
ثانيا: القراءة في أمور الجنس بغرض التعلم أمر محمود للرجال وللنساء، ولكن استخدام هذه القراءات في إشعال الشهوة أكثر، هو نوع من جلد الذات، وحرق الطاقة الذهنية والبدنية، وهذه النار عندئذ إما أن تشتعل وتشتعل فتطلب الإطفاء خارج الحدود المشروعة، أو تزيد وتزيد ولا تترك النفس إلا رمادا منثورا.
ثالثا: لا عيب أن تنتظر الفتاة الزواج وتتطلع إلى هذا، وقد تبكي شوقا لاكتمال الأنس بالشريك، وتبادل المودة والرحمة كما أخبرنا الله سبحانه، ولا يعيبها هذا، ولا تحتاج إلى أن تعتذر بـ (أبكي ليلا؛ لأن أمي تتمنى أن ترى بناتها متزوجات)!!!
رابعا: العيب والعار والإثم الحقيقي إنما يقع على الأوضاع التي نعيشها في الخليج وغيره بحيث يشتعل الرجال، وتشتعل النساء، ولا سبيل إلى أن يلتقي الماء بالنار بسبب الأوضاع الاقتصادية أو عوامل التخلف الاجتماعي، أو غيرها من الإعاقات التي نعاني منها، وسيسألنا الله سبحانه جميعا يوم القيامة عما فعلنا لتغيير هذه الأوضاع المقلوبة والمخزية، فالحرام سهل ميسور أما الحلال فنحلم به ونبكي في انتظاره!!!
خامسا: من لا تعجبه أوضاعنا الحالية يجب عليه تغييرها، وعلى كل منا دور، ولا مستقبل لنا إلا بعشرات ومئات وآلاف الاستشهاديين والاستشهاديات في مجال تفجير كل الألغام والعقبات وجميع الأسس التي يستقر فوقها عذابنا وتخلفنا ولا بد للتغيير من جهد ووقت وتخطيط وثمن، أو سنظل نبكي ليلا، ونتألم نهارا!!!
سادسا: لا بد من إيجاد "المجال العام" الاجتماعي الصحي المنضبط بالشرع الذي يتفاعل فيه الرجال والنساء ولا يتعارفون بالمعنى الواسع والجاد للتعارف، هذا الإيجاد أو الإنشاء لهذا المجال -"الغائب" في أغلب مجتمعاتنا، ويحتاج إلى استحداث من عدم في بعضها، ويحتاج إلى إصلاح وترميم ودعم وضبط في البعض الآخر- هو من واجبات الوقت، ليس من أجل حل المشكلات الزواج فقط، ولكن لأن وجوده أصبح فريضة وضرورة، والله أعلم.