السلام عليكم ورحمة الله
بداية، أود أن أشكر لكم جهودكم في تقديم الاستشارات النفسية وتقديم العون لكل شاب مؤمن وشابة مؤمنة يخشون الوقوع في الحرام في زمن كثرت فيه الشبهات، نسأل الله أن يثبت أجركم.
أنا شاب شرقي أعيش في الغربة منذ سنوات في بلاد إسلامية غير شرقية، دفعني حنيني إلى أناسي وشرقيتي وتمسكي بعاداتنا إلى التحدث عبر الإنترنت (الشات من خلال الكتابة فقط) إلى أهل الشرق، وكنت أشعر بالمتعة لمجرد الشعور بوجودي في المجتمع الذي أحبه والذي ولدت فيه.
تعرفت منذ 3 سنوات على فتاة متدينة، كنا نتحدث في البداية في مواضيع عامة بغاية التسلية التي لم تخرج عن إطار الاحترام، ومع مرور الوقت أخذ حديثنا يتطرق إلى مواضيع أكثر جدية تتعلق بحياة ومشاكل كل منا فاكتشفنا تطابقا وانسجاما كبيرين في معتقداتنا ونظرتنا إلى الحياة والدين.
بعد مرور ما يقارب العام أخذت أفكر بموضوع الزواج فأخذت علاقتنا بالتطور، وبدأنا نتحدث بالهاتف، شعرنا بعدها بأن الله قد لا يرضى عن هذه العلاقة؛ لأنها بغير علم الأهل فقررنا إعلامهم، وعندما أعلمت والدتها كان ردها سلبيا دون السؤال عن تفاصيل بشأني.
قد يتبادر إلى الذهن هنا أن أتقدم لخطبتها بالشكل التقليدي، إلا أن الظروف لم تكن تسمح لي بالسفر آنذاك، كان حال الأمر مخيبا لأملنا إلا أن علاقتنا استمرت، وبعد أشهر علم والدها بهذه العلاقة بصورة مشوهة بعيدة عن الواقع، ونتاجا لذلك واجهت فترة صعبة جدا أقسمت أثناءها بطلب من والدها أن تقطع علاقتها بي.
وقد أعلمتني بعدها بما حصل من خلال الإنترنت وانقطعت عن مراسلتي عملا بما أقسمت، وقررت مهاتفة والدها بعد فترة لتوضيح المسألة، إلا أن الفكرة لديه كانت لا تتجاوز كوني أخدع ابنته بغية التسلية فطالبني بالابتعاد عنها.. بعد أشهر قليلة عدنا للاتصال من خلال البريد الإلكتروني؛ لأني كنت أصر على معرفة تفاصيل ما يجري بعد حديثي إلى والدها، وشيئا فشيئا عدنا إلى التحدث بالهاتف.
في العشر الأواخر من شهر رمضان الفضيل ذهبت إلى العمرة، وأثناء ذلك علم والدها باستمرار العلاقة ومرت بظروف صعبة لا أعلم تفاصيلها، منذ ذلك الوقت لم أتحدث إليها لكني أرسل إليها رسائل إلكترونية دون أن أحصل على ردود، إلا أني أعلم أنها تقرأ ما أكتب وعلمت منها بشكل غير مباشر بأنها متمسكة بما اتفقنا عليه من قبل.
أنا الآن بحاجة لمعرفة بعض الأمور منها لأعرف كيف أتصرف بشأن خطبتها بعد دراستها التي أوشكت على نهايتها، وفي نفس الوقت كلانا لا يرغب في أن يعصى والديه.
أرجو النصح في هذا الأمر بما يرضي الله، كما أرجو أن تفتوني بنظرة الإسلام إلى هذه العلاقة.
أشكر لكم جهودكم، وجزاكم الله خيرا.
1/3/2023
رد المستشار
أهلا وسهلا بك زائرا لموقعنا، وأشكرك على حسن ثقتك بنا، سأحاول أن أعرض لك الموضوع من زاوية أخرى، محاولة أن أساعدك في تفهم ما يحدث لدى أسرة فتاتك، ثم أتناول طبيعة علاقتك بها:
أولاً: أسرة الفتاة:
أنت تعرف أن الإنترنت وسيلة حديثة للتعارف والاتصال بين الشباب، وأنها لم تكن معروفة في الوقت الذي تزوج فيه آباؤنا وأمهاتنا، ومن ثم فهم يستغربون حينما يسمعون بعريس/عروسة قادم عن طريق الإنترنت. وقد يرى والدي فتاتك أن هذا يقلل من شأنها، وكأنها لا تجد عريسا أو لا يوجد من يتقدم إليها لعيب ما فيها... وكلما كانت الأسرة محافظة وتقليدية زادت لديهم مثل هذه الأفكار!
أسرة فتاتك والأسر العربية عموما يرغبون ويرحبون بعريس يتقدم إلى ابنتهم في منزلهم يرونه ويتحدثون معه ويسألون عن أسرته، يريدون رجلا يثبت حسن النوايا وليس مجرد كتابة على الإنترنت أو صوت يأتي عبر الهاتف. وربما كان رفضهم لأسباب أخرى منها أن علاقتك استمرت بابنتهم فترة طويلة جدا دون أن تفتح موضوع الزواج... وربما هذا إشارة إلى عدم جديتك!! وحتى حينما فكرت في الزواج اتصلت بها عبر الهاتف دون التقدم أو الاستئذان من والدها!! ورغم الرد السلبي من والدتها أيضا استمر الاتصال، ومن جانب آخر بعد رفض والديها لك وبعد انقطاع اتصالها بك –بناء على رغبتهما- عدتما مرة أخرى إلى الاتصال عبر الإنترنت ثم عبر الهاتف!!! أين الجدية في الزواج إذن؟ هذه هي المسألة من وجهة نظرهم.
ثانياً: علاقتك بالفتاة:
من وجهة نظري مرت علاقتك بالفتاة بمراحل بدأت بمجرد التسلية والرغبة في الحديث مع أفراد من نفس مجتمعك –على حد قولك- واستمرت هكذا لفترة طويلة، بعدها فكرت في الزواج، وأعتقد أنها فكرت في الزواج منك قبل ذلك بوقت طويل!! ما أريدك أن تفكر فيه وأن تكون متأكدا منه هو أنك لا تعرف تلك الفتاة بما يكفي؛ لأن الإنسان على النت يكون في الأغلب مختلفا ومتجملاً ومحاولاً إظهار محاسنه وإخفاء عيوبه، وأنا أقلق عليك من اتخاذ قرار الزواج بناء على معرفة من خلال الشات والهاتف فقط، فكي تحكم على أي إنسان الأنسب والأدق أن تحكم على أفعاله ومواقفه وليس على كلامه فقط، فما أسهل الكلام!! فموقف واحد قد يهدم تصورات كثيرة متخيلة عن فتاتك.
ثم أريدك أن تسأل نفسك:
إلى متى ستستمر هذه العلاقة؟ هل أنت جاد في الزواج بشكل عام؟ ثم هل أنت جاد في الزواج من هذه الفتاة؟ واضعا في اعتبارك أن ما قد تقابله من عقبات في الزواج منها بسبب أسرتها واختلاف بلد الإقامة ووجود بعض الاختلافات الثقافية...
فكر جيدا قبل أن تجيب وصل استخارة، وإذا كانت الإجابة بـ"نعم أنا جاد"، فاتخذ موقفا عمليا، ففي إحدى الفترات كان السفر صعبا بالنسبة لك، إذن السفر الآن متاح، لماذا لا تتصل بهم وتخبرهم بنيتك ورغبتك في السفر إليهم وزيارتهم والتقدم إلى ابنتهم؟
وأخيراً.. أطلب منك قراءة الروابط التالية على "موقع مجانين" حتى لا أكرر لك ما كتب بشأن مشاكل مشابهة لموضوعك إلى حد كبير:
من النت إلى الجوال: عجائب الخليج العصري
36 عاما من التعميم: على مشارف العنوسة
لا أتزوج فتاة إنترنت! جولة مع فقه الرعب م
وفي انتظار رسائلك
ويضيف د. أحمد عبد الله:
إضافة لما تفضلت به أختنا داليا مؤمن أقول وأكرر إن رفض الأهل كثيرًا ما يخفي وراءه المشكلات الأجدر بالنظر، ومنها ما ذكرته د. داليا من عدم كفاية المعلومات والانطباعات والمشاعر الهاتفية والإلكترونية أساسًا لزواج ناجح.
وأقترح أن تزور الفتاة في مكانها، وتقابلك هي في حضور طرف تعرفه هي وتضمن ثقته من أقاربها أو أصدقائها، وفي ضوء ما ينتج عن هذا اللقاء الذي أرجو أن يكون كافيًا -ولو اقتضى الأمر تكراره- ليعرف كل طرف منكما الآخر على أرض الواقع، وتقررا الاستمرار في العلاقة أصلا، أو تقررا أنكما لستما الأنسب لبعضكما البعض "بغض النظر عن رفض الأهل أو موافقتهم"،
وإذا حصل هذا اللقاء الواقعي فأخبرنا بالنتائج، لنتابع معك الخطوة القادمة، ونتحاور كيف ستكون؟!!!