السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكركم على هذا الموقع الرائع الذي استطاع أن يفتح أبوابا في حياة الشباب والفتيات لم تكن مفتوحة من قبل بدافع التقاليد والعادات. وحتى لا أطيل عليكم سأبدأ بعرض مشكلتي.
مشكلتي بدأت منذ ثلاث سنوات وهي فترة تعتبر طويلة جدا إذا قورنت بلب المشكلة، فمنذ ثلاث سنوات سافر أخي الوحيد وتزوج في غربته وأصبحت وحيدة ولم أكن أستخدم الإنترنت رغم وجود الكمبيوتر من سنوات طوال، ولكن بعد أن سافر أحسست بالملل فتطرقت للتعلم عليه وللأسف أول ما تعلمته هو استخدام غرف الدردشة.
أعرف ما تطرق لأذهانكم وهو أني تعرفت على شاب وتطورت علاقتي به ولكن لم يحدث هذا تفصيلا حقا تعرفت على شاب ولكن لم تتطور علاقتي به وذلك لأنه لم يكن الوحيد الذي تعرفت عليه فتعرفت على الثاني والثالث واتفقت على ألا أتدخل في نقاش أية مواضيع تتعلق بالجنس أو الزواج أو الحب أو أي شيء يماثل هذا وفعلا سارت العلاقة كما أرغب تماما ولكني بعد فترة أحسست بدافع المراهقة بإعجابي نحو أحدهم وأحسست بمبادلته لي نفس الإعجاب عن طريق كلمات بسيطة توقعت أني ربما أكون فهمتها خطأ ولكنها سرعان ما تكررت وتكررت فتيقنت من تبادله فقررت الامتناع عن محادثة غيره وحقا امتنعت برغم حب الآخرين لي الشديد والذي تجرأ أحدهم وأباح به ولكن جاء الأول وطالب بمقابلتي حتى يتقدم لخطبتي وأنا رفضت بشدة نظرا لحرمة هذا الطلب وحدث سوء تفاهم كبير بيننا نتج عنه فصال ومقاطعة بضعة شهور في نفس الوقت أرسل لي الآخر برسالة مليئة بكلمات الحب والإعجاب فحدثته عما حدث لي في فترة غيابي وأهمل الأمر وطالب هو الآخر بنفس الطلب.
وبدأت أيضا بدافع المراهقة أشعر تجاهه بمشاعر الإعجاب مشاعر المراهقة التي تنجذب لأرق الكلمات حين تسمعها، ولكني وقعت في مأزق مرير فعاد الأول وأراد الصلح والاعتذار عما حدث وعادت مشاعري تتيقظ تجاهه وفي الوقت ذاته لم أستطع أن أترك الآخر بعد أن -أخيرا- أذقته إعجابي به الأمر الذي جعله في أسعد أيامه فظننت أن كلها مشاعر إعجاب ولا تتعلق بالحب ولكن كيف هذا وأنا أسمع الإهانات وأسامح وأنتظر بالساعات حتى ألقى أحدهم فكيف أكون أحب أحدهم وأنا أحب الآخر فهل تلك كلها مشاعر إعجاب؟
ظننت أن السبب بعدي عن الله عز وجل، ولكن كيف وأنا حفظت ثلث المصحف أثناء معرفتي بهم فمشكلتي الأولى أيهما اختار؟ الأول وهو أول من أحب وأكثر من رأيت من تدين وكرم الأخلاق أم الثاني الذي انتظرني سنتين كاملتين دون جدوى مني وعندما سردت له ما حدث لي نسي وسامح أيهما اختار؟
أعرف أنكم سوف تقولون الآن:
وهل أنت متأكدة من أنهما يريدان الزواج بك حقا فأجيب نعم فكلاهما طلب مني حتى أن يحدث والدي هاتفيا ويطلبني منه دون حتى أن يراني ودون سماع صوتي فهذا أحد مآزقي أيهما اختار؟؟؟
والآخر كيف أرى الشخص الذي يقع الاختيار عليه وكيف أتحدث معه وأنا محرمة على نفسي كل شيء ودائما أسير على نهج الحرام والحلال، ولا أبغض هذا لا سمح الله، ولكن فهذا ديننا وهذه شريعتنا فلم أملك المحرم الذي يحلل مقابلتي به وكيف أواجه به عشيرتي وأهلي؟ أقول عرفته من الدردشة؟؟؟ كيف؟ أهلي ليسوا بالأشداء في معاملتي، على العكس فأنا في رفاهية مريبة، كل شيء مباح وكل شيء جائز ولكن لن أستطيع تحمل رد فعلهم عند قولي عرفته من الدردشة.
حقا افتقدت أخي الذي تركني وحيدة دون حتى السؤال علي افتقدت الأخ والصديق والحبيب، ولكن أدعو الله بأن يسعده فمشكلتي الجديدة هي الوحدة التي أعيشها دون أخي أسألكم الإجابة على مشاكلي وإن تكن لا تذكر بجانب المشاكل الأخرى، ولكن أنا وحيدة ولم أجد أمامي سواكم. يجزيكم الله خيرا.
2/3/2023
رد المستشار
عندما تأتيني رسالة من فتاة في مثل سنك الجميل، فإن الابتسامة لا تفارقني من أول سطر إلى آخر سطر فيها.
هذه الابتسامة لا تحمل سخرية أو استهزاء – بالطبع – تجاه أي كلمة من كلماتها، ولكنها تحمل شيئًا من الحنو وربما التعاطف مع هذه الزهرة المتفتحة التي تبدأ رحلتها مع الحياة وما زالت ترى الأشياء من حولها بعينيها البريئتين وتتلمس ما حولها بجلدها الرقيق الحساس الذي لم تترك فيه التجارب والخبرات بعد آثار الصلابة والخشونة.
أساس المشكلة هو شعورك بالوحدة لمجرد سفر أخيك الوحيد؟! وهل الحياة هي أخوك؟ وهل الوحدة هي غيابه عنك؟
الحياة أوسع وأرحب مما تتصورين، وهي تعج بالأنشطة الاجتماعية والاهتمامات والعلاقات التي إذا ما التقطتِ أول خيوطها لوجدت نفسك في أعماق شبكة عنكبوتية عملاقة تحيط بك من كل جانب فلا تترك لك فرصة للشعور بالوحدة.
دعيني أستطرد في هذه النقطة قليلاً...
تقولين إنك من مصر.. وأقول لك إني قد حضرت في الأسبوع الماضي لقاء يضم ثلاث جمعيات أهلية من مصر وهي رسالة وفتحة خير ومصر شريان العطاء، ينشط بها شباب وشابات في مثل سنك، ولم يترك لهم العمل الخيري فرصة للشعور بالوحدة الذي تتحدثين عنه، فعقولهم ونفوسهم وأرواحهم منشغلة برسالتهم الخيرية التي يقومون بها، وحياتهم تملؤها الحركة والنشاط والسعي من أجل تحقيق أهدافهم التي يسعدون بها وبثمرتها التي يرونها في عيون يتيم يكفلونه أو مريض سرطان يدعمون أهله، أو فقير يقدمون له قرضًا ليبدأ مشروعه الصغير.... وهم يلتقون ويتجالسون، وتجمع بينهم علاقات الزمالة والمودة، ويربط بينهم حب الخير والتنمية الذي يحصدون ثوابه في الدنيا والآخرة.
أخوك ليس هو كل الكون..
عندما تكون الحياة في عينيك حجرة صغيرة وضيقة فإنك ترين كل شيء في هذه الحجرة أكبر من حجمه الحقيقي!!.
ولكن عندما ترين الحياة الواسعة فإن كل شيء يلزم حجمه وقدره!!
عندما تكون الحياة حجرة ضيقة فإنك ترين كل شيء ضخمًا!! تعجبين بشاب في غرفة الشات، وتتصورين أن هذا الإعجاب أو هذه الطريقة في التعارف تقوم عليها البيوت، ثم سرعان ما يتحول شعورك في اتجاه شخص آخر ثم تعودين للأول!!
تقولين إن الأول قد رأيت منه التدين وكرم الأخلاق.. فأين رأيت هذا؟؟ رأيته كلامًا في الفضاء الإلكتروني؟؟ وهل التدين والأخلاق يُعرفان إلا بالاحتكاك والمواقف والمعاملة؟!
تقولين إن الثاني قد انتظرك سنتين كاملتين وإنه سامح ونسي؟ أين انتظرك يا ابنتي؟ في شارع مايكروسوفت المتفرع من "بيل جيتس"؟ وماذا كان يفعل في هاتين السنتين؟ كان يتسلى مع أخرى على ناصية شارع آخر؟
تقولين إن كليهما مستعد للزواج بك – حتى دون سماع صوتك – وأقول لك إن كان كل منهما يريد حقًا الزواج بك دون أن يراك فهو ساذج!! لأن التعارف وإقامة العلاقات خلال الإنترنت شيء ومن خلال الواقع والاحتكاك ورأي العين شيء آخر.
وهل تطلبين مني أن أصدق أن شابًا في زمننا هذا يمكن أن يرتبط بفتاة دون أن يراها كما كان يفعل أجدادنا وجداتنا؟؟!
لقد تناولنا هذا الأمر في مشكلات سابقة تحت تصنيف: نفسي عاطفي: حب إليكتروني Electronic Love
على أية حال، لنكن عمليين.. أقترح عليك اقتراحًا محددًا، بما أني أؤمن – من أعماقي – أنك لا تحبين هذا ولا ذاك حبًا حقيقيًا، وإنما كل ما بينك وبينهما هو مجرد إعجاب أو تعلق، فكما نقول في مصر: "الماء يكذب الغطاس" اسألي نفسك سؤالاً: أيهما أكثر توافقًا معك في المستوى الاجتماعي والفكري والديني؟ وأيهما تشعرين تجاهه بدرجة أعلى من الميل "المبدئي"؟
لا شك أن كفة أحد الشابين سترجح عن الأخرى، عندئذ اطلبي منه أن يدخل البيت من بابه.
ومن الممكن أن تفتعلا أي مناسبة حقيقية يراك فيها تبرر للأهل معرفته بك كحفل مثلاً أو مناسبة في الجامعة أو أي شيء من هذا القبيل.. ثم دعي التعاملات والاحتكاك تمحص ما بينكما في فترة الخطبة؟ فإن كان حقيقيًا دام واستمر؟ وإن كان وهمًا سقط وانهار.
هذا الحل العملي أقترحه عليك، وإن كان ليس هو بيت القصيد؟ وإنما أهم ما في الأمر – كما أتصور – هو أنت شخصيًا.. وهذا الجزء الذي بدأت به حديثي معك.
لا تنسى الدعاء والاستخارة ولا تحرمي نفسك من طلب الهداية والعون من الله تعالى.