أقف عاجزًا عن التعبير عن شكري وإعجابي بكم بما تقدمونه من خدمة كبيرة، جزاكم الله عليها خيرا، ووفقكم في الدنيا والآخرة.
لي قريب لا أستطيع وصف مشكلته، غير أنه كبير الحجم، ضخم الجثة، ثقيل الوزن، كثير الضحك، هزلي بطبعه، عنده صعوبة في التعلم، وربما فظ في المعاملة بعض الأوقات، رغم طيبة قلبه، وربما وُصف بالأبله.
أراه دائمًا فأحزن لحاله، وأخاطب نفسي: هل عنده هموم وطموح كما هو عندي وعند باقي الشباب؟ فهو يكبرني بـ4 سنوات، ورغم أن تعليمي جامعي فإن الهموم تشغل رأسي بشأن مستقبلي التعليمي والأسري والوظيفي فهل تشغل رأسه كل هذه الهموم؟
قررت مساعدته بما أستطيعه؛ فربما الظروف المحيطة به جعلته يصبح هكذا، فوجدت له برنامجا تدريبيا حكوميا لتأهيله بشغل وظيفة في فندق، يدرس في هذا البرنامج الكمبيوتر والإنجليزية، ومدته 5 شهور مضى منها إلى الآن 3 شهور.. وقد ذهبت إلى مكان البرنامج للسؤال عنه، فوجدت المدرسين مستاءين من أسلوبه، ومستواه التعليمي متدن جدا جدا؛ فهو بالكاد يعرف بعض الحروف الإنجليزية، وبالنسبة للكمبيوتر فرغم أن مستواه أفضل من سابقه فإنه لا يذاكر أو يحاول مراجعة شيء؛ لاعتماده في الامتحانات على الغش.
جلست معه لمناقشته في أموره وطريقته في الحياة، وماذا يأمل، وما هو طموحه، وهل هو مرتاح من الطريقة التي يعيش فيها، وفي أثناء المناقشة رأيت أنه يريد الزواج ويمني نفسه ببنت معينة، وأنه مستاء من حياته ويريد أن يعمل بوظيفة... المشكلة أن نجاحه في البرنامج صعب بالنسبة لطريقة حياته، هذا أولا، ثانيًا لو وفق ونجح من البرنامج فإن طبيعة الوظيفة ومكانها لا أعتقد بأنه سوف يستمر فيها ويقبل من إدارة الفندق؛ فهم يريدون معاملة لبقة للزبائن والزوار، وكذلك ممنوع التدخين، ويريدون الرائحة الذكية للموظفين (صعبة مع كثرة عرقه)، وهذا كله ليس موجودًا فيه. بالنسبة لي أصبحت لا أفكر في هذا البرنامج أو هذه الوظيفة فقط بل أفكر بالطريقة التي تغير هذا الإنسان إلى حياة أحسن مثل باقي أقرانه.
سألت أخاه ليحكي لي عن حياته منذ الطفولة إلى الآن، فأجابني بالآتي: الصفات الخلقية: متين (تخين)، طويل القامة، أبيض البشرة، عريض المنكبين، دخل المدرسة متأخرًا سنتين عن العمر المطلوب، وقد كان في المدرسة كثير المزاح والهزل والمشاغبة فيضرب رفاقه بالكراسي والطاولات، وخرج من المدرسة بعد عدة سنوات من الرسوب وهو في الصف الثالث ابتدائي، ثم عاد مرة أخرى بعد مضي عدة سنوات للدارسة ليلاً حتى حصل على شهادة الثالث متوسط (الكفاءة)، ولكن حسب معلوماتي ليس باجتهاد منه بل بمساعدة المدرسين.
وهو في البيت انطوائي نوعًا ما، يحب الوحدة، وإذا جلس مع العائلة فنادرًا ما يتكلم، ومنذ أيام طفولته كان كثير المشاكل خارج البيت وداخل المنزل حتى كان والداه يكثران من الضغط عليه بالصراخ والضرب، وربما شاركهما ذلك إخوانه. كان في صغره كثيرًا ما يضع إصبعه الإبهام في فمه، وكان نطقه لبعض الحروف غير صحيح... وهو الآن يبلغ من العمر الثامنة والعشرين، ولكن تصرفاته تختلف عمن هم في مثل سنه من الشباب، يمزح كثيراً جدًّا جدًّا جدًّا حتى تكاد حياته تخلو من الجد إلا ما ندر،
أبرز تصرفاته وصفاته وطباعه هي:
1. لا يتكلم مع الناس بأسلوب لبق متزن.
2. يحاول جميع من حوله الضحك عليه بشتى الطرق وحتى لو كان ذلك فيه إهانة له.
3. ميله الشديد إلى اللعب ومصادقة صغار السن؛ فأصدقاؤه الذين يمشي معهم كلهم أصغر منه سنا، ومنهم من هو سيئ الأخلاق.
4. لا يهتم بمظهره الخارجي أبدا (ملابسه - حلاقة ذقنه وشعر رأسه- الطيب).
5. كثرة المزاح الثقيل مع الجميع.
6. خروجه من المنزل لفترة طويلة جدًا تكاد تفوق نصف اليوم، وأيضًا السهر خارج المنزل.
7. لا يهتم بالاطلاع والقراءة بل هو بالكاد يتهجى الكلمات.
8. لا يطبق النصيحة، رغم أنه يبدي لك اهتمامًا في سماعها للفائدة.
9. يحترم إخوانه الكبار ويعطف على الصغار.
10. رغم ما فيه من سلبيات فإن هناك نقاطًا إيجابية فيه، ويحسن التصرف في بعض الأمور.
والسؤال هنا عن كيفية تأهيله وجعله يتغير للأحسن ليشغل وظيفة ويكّون نفسه ليتزوج ويعيش مثل بقية أقرانه من الشباب؛ فأنا أرى المشكلة في:
1. حجمه الكبير وكيفية تخسيس جسمه (حاول عدة مرات ولم يستمر).
2. جعله يقرأ ويتثقف (قراءته بطيئة جدًّا جدًّا فهو يتهجى الكلمات، وأرى أنه يجد صعوبة في التعلم).
3. أسلوبه وطريقته في الكلام ومعاملته غير جيدة. (كثيرًا ما نصح من هذه الناحية).
وعذراً على الإطالة، ولكن أردت أن أصف الحالة من جميع الجهات ليكون الجواب شافيًا إن شاء الله،
وجزاكم الله كل خير.
6/3/2023
رد المستشار
شكرًا على مراسلتك الموقع.
ما يستحق التقدير فعلاً حرصك وعطفك على قريبك والتفكير في مساعدته وتأهيله للتنافس بين أقرانه والتواصل بصورة سليمة مع الآخرين. ما هو واضح في رسالتك بأن قريبك يعاني من صعوبات تعليمية وربما من اضطرابات عصبية تطورية. اندفاعه للعمل وتطوير شخصيته دون المعدل المتوقع في أقرانه٬ وما يقوى على إنجازه في الحياة لا يعتمد إلا على قدرته العقلية وكفاءته الذاتية.
لا يوجد في الرسالة ما يشير إلى أن قريبك يعاني من اضطراب نفسي جسيم وبحاجة إلى عقاقير أو علاج نفساني. في نفس الوقت لا يستطيع أحد إجباره على تنظيم حياته وتطوير تعليمه لأنه لا يفتقد القدرة العقلية على اتخاذ قرار وهو الآن يقترب من العقد الثالث من العمر. بعبارة أخرى مسؤولية تنظيم أموره وسلوكياته هي مسؤوليته هو ولا أحد يستطيع اتخاذ قرار بالنيابة عنه.
نصيحتي لك أن لا تتحمل أنت نفسك مسؤولية تغيير نمط حياته ويجب أن يكون ذلك من واجبات ذويه وإخوانه. في نفس الوقت ما هو بحاجة إليه تنظيم إيقاعه اليومي من فعاليات بدنية واجتماعية وتشجيعه على التدريب للقيام بأعمال يدوية بدلا من ثقافية وتعليمية تتوازى مع قدرته العقلية.
كذلك ما يمكن عمله هو تشجيعه أولا على مقابلة طبيب نفساني لتقييم حالته العقلية وتشجيعه على الاتصال مع الخدمات الاجتماعية والعمل على سد احتياجاته الناقصة. دون ذلك من الصعب أن تتحمل أنت مسؤولية تنظيم حياته وسد احتياجاته.
وفقك الله