وسواس الكفرية: من و.ذ.ت.ق إلى و.ت.غ.ق × و.ل.ت.ق! م
ساعدوني3.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. كنت قد قلت لنفسي أنني لن أُرسل استشارة أخرى لأنني أعرف مدى انشغالكم، ولكنني شعرت بحاجة للحديث، فاعذروني.
كنت قد لاحظت منذ أن دخلت الجامعة العام الماضي أن أفكار الشك في الدين والوسوسة في الطهارة وصحة الصلاة وكل الوساوس والشكوك التي تراودني قد خفّت حتى أكاد أقول أنها اختفت، وعشت حياةً طبيعية ما شاء الله لي أن أعيش، وربما كنت أوسوس بأمور الدنيا لا الدين، كأن أغلق ورقة الامتحان فأعود للتأكد مِن أن إجاباتي لم تختفي (هذا الإحساس بأن الحبر يتبخر عن ورقة الامتحان يراودني منذ المرحلة المتوسطة!).
خلال العام الذي عشت فيه بدون وساوس الدين، كانت تتخلل حياتي مراحل غريبة مِن السعادة المفاجئة الشديدة مع طاقة عجيبة ونشاط وخفقان بالقلب وأحيانًا أبكي مِن شدة الفرح وكل هذا للمفارقة يحدث بلا سبب! أكون جالسة وفجأة تتصاعد المشاعر وكأن برأسي فوهة بركان وقد انفجر! وتستمر لمدة دقائق أو ساعات ثم تنتهي ويحول محلها حزن غريب واكتئاب وفقدان للطاقة وكراهية للنفس! ومع هذا فقد كانت تلك المرحلة مِن حياتي رائعة بدون أي شكوك دينية أو ما شابه.. خلال شهر شعبان الأخير مِن هذا العام قمت بتأجيل الدراسة للجامعة حتى العام القادم بإذن الله لأسباب عائلية ولأنني أريد التركيز على نفسيتي فقد كنت أحس بالضغط المستمر مما يؤثر على قولوني العصبي أحيانًا.
وكانت بداية إجازتي تسير على مايرام ومِن ثم ومِن حيث لا أدري، راودتني مشاعري القديمة وشكوكي ووساوسي بالدين، ومالبثت أن حاولت دفعها بالبحث بالمواقع عن ردود الشبهات وبالصلاة والدعاء ولا أعرف عند أي مرحلة توقفت وساوس الشك في صحة الدين بحمد الله ورجعت أتذكر ذنوبي القديمة والتي قد تُعتبر مِن المكفرات، مِنها ما كنت أرتكبه قبل أن تبدأ وساوسي وشكوكي أصلاً ومِنها سماع الأغاني التي تحتوي الكفر وبعضها أغاني شيطانية (ونفسي تحدثني أنني بسماع الأغاني الشيطانية بالماضي قد أكون عبدت الشيطان والعياذ بالله أستغفر الله) وقد تبت عن الأغاني جملةً عامة، وأسأل الله أن يثبتني.. وهناك أمور أخرى وجملة القول أنني أسرفت على نفسي بالذنوب حتى أحس أنني أهلكتها، ولكن ورغم توبتي تراودني خواطر غريبة أن الله قد لا يغفر لي لأنها كانت قبل الوسوسة وأنني -ربما- كنت عالمة بحكمها وأنها كفر أو شرك حتى وإن لم أعتقد بما أفعل وإنما أفعله هكذا فقط غفلةً مني.. مثلاً مَن كان يسمع أغاني كفرية، ولكن هو لا يعتقد بما يقال وإنما يسمعه هكذا فقط.. هل هو كافر؟
وخلال هذه الليالي، أنا أقضي صيام رمضان الفائت، رغم أني أتذكر أنني قد قضيت الصيام، لكن نفسي تحدثني أنني لم أفعل رغم أن عندي ذكريات تثبت أنني على الأقل قضيت يوم أو اثنين ومع ذلك فقد اغتسلت غُسل دخول الإسلام وكررت الشهادة مرات عدة قبل أن أشرع في الصيام لأن نفسي حدثتني أنني قد أكون بأفعالي المكفرة السابقة والتي قد تبت واغتسلت منها ألف مرة لم تُغتفر وأنني قد أكون والعياذ بالله لست مسلمة من دون أن أدري، فأنا كل يوم أكتشف أنني في السابق خلال سنوات المراهقة وخلال غفلتي أنني كنت أرتكب أفعال شنيعة بعضها يصل للكفر والعياذ بالله ولكن عن غفلة مني! قلبي يعتصرني مِن الندم والألم على الماضي وعلى نفسي.
هذه الأيام أيضًا حدث موقف أنني كنت أشرب الماء استعداداً للصيام وراودتني فكرة أنني إن شربت الجزء المتبقي فأنا والعياذ بالله أُعتبر كافرة.. وأنا خائفة أن أكون قد كفرت بينما أكتب لكم هذا الكلام لذا سأتشهد.. ومِن تلك الساعة حتى الآن، تراودني نفس الفكرة ولكن على أفعال مختلفة.. وكما أنني كنت أقرأ قصيدة منذ ساعات باللغة الإنجليزية وحدث أن مرتني جملة لا أعرف معناها بالكامل ولكني قرأت فيها كلمة "عبد" وأنا منذ وقتها وأنا خائفة أن قراءتي للكفر قد تكون والعياذ بالله قد أخرجتني من الملة.. تحدثني نفسي أنني لست موسوسة وأنني إنسانة طبيعية جدًا جدًا وأنني أمثل هذا وأفتعله.. فما رأيكم؟ وما دليل أن مابي غير طبيعي؟ أريد أن أرتاح ولا أجد الراحة مع نفسي، حتى صرت أخاف أن أبقى مستيقظة لوقت طويل وأهرب مِن نفسي بالنوم فأنا خائفة.
حدث موقف قديم قبل إصابتي بالوسواس حيث كنت أسمع لما يسمونه السبليمنال في مراهقتي وقد تبت عن هذا والحمدلله ولكنني كنت قد نشرت في أحد المواقع تجربتي لأنني توهمت أن شعري وعيوني كانوا قد تغيروا فعلاً ولكنني الآن أدرك أنني كنت واقعة تحت أوهام وأن شعري وعيوني هذه طبيعتهم.. المشكلة هي أنني أشهدت الله على شيء لم يحدث.. وعرفت قبل أيام أن هذا حكمه كبير ولا أذكر الآن ما الحكم ولكني ندمت ولا أستطيع حذف تجربتي أبدًا وتبت وتشهدت كثيرًا.. وكنت قد نشرت في مراهقتي تجربة عن شيء ورغم معرفتي أنه حرام وأن أصوله تعود للتبت والبوذية وقتها كنت غافلة وكأن قلبي مختوم عليه والعياذ بالله فاكتفيت بالتعليقات أنني بلغتهم عن أنني عرفت أن الحكم حرام وكذا وكذا وإلخ.. ولم أفعل شيء بعدهار.. والآن أخاف أنني أحمل أوزارهم إلى أن أُبعث رغم توبتي وإعراضي عن الأمر. وقد كنت وقتها ربما في ١٤ مِن عمري، أي قبل أن تبدأ الشكوك والوسوسة في سن ١٦.. الغريب أنني عندما أقرأ وأبحث في ذكرياتي عن تصرفاتي في سن المراهقة أجدني إذا أذنبت كنت أتوب فقط ولكن لم يحدث أن راودتني تلك الشكوك والوسوسة وكنت أعيش على نحو لا أفهمه الآن، يشبه ما كنت أعيشه سنة أولى جامعة وكيف أن حياتي طبيعية تقريبًا. شيء غريب لا أفهمه.
هناك شيء آخر وهو أنني كنت أوسوس بطهارتي وطهارة المكان وقت الصلاة ووساوس الاستنجاء ووساوس الريح ووسواس التكبير ووسواس النية ووسواس العد للخمسة ووسواس الحلف قبل أي شيء ووسواس الموت ووساوس أخرى لا أذكرها الآن قبل فترة دخولي الجامعة وقد اختفت وربما عاد بعضها الآن.. لقد تحدثت مع شيخ أكثر مِن مرة حتى بدأت أخشى أنني إن أرسلت مجددًا فهو لن يجيب، سألته عن حكم أشياء كثير قد أكون ذكرتها وقد أكون نسيت، وكان يخبرني في كل مرة أن علي التوبة والاستغفار والعمل الصالح. وأرتاح قليلاً ثم أتذكر ذنب آخر قد يكون فيه ردة وأرسل مجددًا ويرد نفس الرد وأرسل مجددًا.. حلقة مستمرة.. منذ أيام كنت أتصفح الموقع وكنت أقرأ في حالات الوسوسة بسب الله عز وجل والأنبياء عليهم السلام، وصرت للمفارقة أكون جالسة وفجأة تحدثني ذاتي بمسبة داخلية لله والعياذ بالله.
وكنت قبل قليل أقرأ عن التوبة ومررت بحديث قدسي وراودتني فكرة فيها شتيمة شنيعة والعياذ بالله وأنا والله لا أدري هل هي نابعة مِن نفسي وأنني أعتقد فيها والعياذ بالله أم لا. أحاول أن أعرف بتذكر الموقف هل قصدت أم لم أقصد، هل كنت راضية أم لا هل وهل وهل ولا أصل لنتيجة.. ولكنني أتشهد للاحتياط ومع ذلك نفسي تخبرني أنني "أقلد" الموسوسين وأنني إنما شتمت لأنني قرأت عن ذلك.. تعبت مِن نفسي ومِن أفكاري وتعبت مِن ذنوبي السابقة حتى بعد توبتي مِنها تعبت مِن تأنيب الضمير وأخشى أن حتى كتابتي لهذا يجب علي أن أستغفر عنه وأتوب وأتشهد.. لا أعرف هل جاهرت بالمعصية أو خرجت عن الملة خلال ذكري لأي شيء في الاستشارة أم أن ما فعلته جائز؟؟؟
أحس أنني في دوامة وأحيانًا أشك أن بي وسواس قهري ولكن نفسي تجزم لي بأنني طبيعية وأني أتصنع كل شيء.
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
17/3/2023
ثم أرسلت مرة أخرى تقول:
أريد استشارة الدكتورة رفيف الصباغ.
السلام عليكم. بعد إذنكم، أريد أن تجيب على استشاراتي السابقة بعنوان ساعدوني بثلاث أجزاء، أستاذة رفيف الصباغ لأن كلامها يريح قلبي كثيرًا، وشكرًا لكم لجهودكم.
17/3/2023
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته يا "Gh" وأهلًا وسهلًا بك على موقعك مرة أخرى
أتدرين... لقد أرسلت رسالة كاملة عن الوسوسة، لكن أهم ما فيها ليست الوسوسة!!!
أهم ما فيها يتجلى في قولك: (خلال العام الذي عشت فيه بدون وساوس الدين، كانت تتخلل حياتي مراحل غريبة مِن السعادة المفاجئة الشديدة مع طاقة عجيبة ونشاط وخفقان بالقلب وأحيانًا أبكي مِن شدة الفرح. وكل هذا للمفارقة يحدث بلا سبب! أكون جالسة وفجأة تتصاعد المشاعر وكأن برأسي فوهة بركان وقد انفجر! وتستمر لمدة دقائق أو ساعات ثم تنتهي ويحول محلها حزن غريب واكتئاب وفقدان للطاقة وكراهية للنفس!)
هذا الكلام يستدعي زيارة الطبيب حتمًا وبسرعة، لمعرفة فيما لو كنت تعانين من الاكتئاب ثنائي القطب أم لا؟ وفيما لو أصبحت منه في أمان الآن أو لا؟ وهذا الكلام سيحدد الأدوية التي ستأخذينها في علاج الوسواس أيضًا.
محور الكلام يدور حول: (هل هو الوسواس أم هو مني؟). نعم، إنه الوسواس.. إنه الوسواس.. إنه الوسواس... كم مرة تريدين أن نكررها لتقتنعي؟ مئة؟ ألف؟ مليون؟!! وتسألين عن الدليل على أن ما بك غير طبيعي!!! وهل ترين الناس الطبيعيين يعيشون مثلك، ويفكرون مثلك؟ أعراض الوسواس منطبقة تمامًا عليك، وأنت نسخة عن غيرك ممن لديهم وسواس الذنب والكفر، ومختلفة تمامًا عن طبيعة غير الموسوسين، فعن أي دليل تسألين؟ ومتى كان الموسوس لا يشك في كونه موسوسًا؟؟
اسمعي يا عزيزتي، عندما يكون الإنسان موسوسًا في أمر ما، ينطبق حكم الموسوسين على كل أفعاله التفصيلية، ولا نبحث عن كل فعل على حدة هل هو وسواس هذه المرة أم لا؟ أنت موسوسة بالكفر مثلًا، فكل ما تفكرين فيه، أو تفعلينه مما يتعلق بالكفر، يشمله حكم الوسواس بأنه لا مؤاخذة عليه. أحكام الموسوسين جاءت مراعاة لمرض الموسوس ودفعًا للمشقة التي يعانيها، وأيّ مشقة أكبر من أن يمحص الموسوس كل خاطر وكل فعل هل هو وسواس أم لا؟ ما الذي نستفيده من أحكام الموسوسين إذا كنا سنوسوس بها؟!!!
وأما الوسواس الذي يؤرقك، أعني وسواس الذنب، فهو وسواس كاوٍ، لا تتفاعلي معه أرجوك وتجاهليه قدر الإمكان، فالله يحب أن يظن العبد فيه خيرًا، وهو الغفور الرحيم وليس كالبشر يحقدون ولا يغفرون، هو الله..، وليس غيره لتظني فيه هذا الظن
هناك أسئلة تحتاج إلى رد جزئي:
-من كان يسمع أغاني كفرية ولا يعتقد معناها: فعله هذا ليس بكفر ولكنه محرم.
- قولك: (كنت أشرب الماء استعداداً للصيام وراودتني فكرة أنني إن شربت الجزء المتبقي فأنا والعياذ بالله أُعتبر كافرة... وأنا خائفة أن أكون قد كفرت بينما أكتب لكم هذا الكلام لذا سأتشهد). أولًا هي فكرة، والفكرة غير مفطرة. ثانيًا: من قال بأن من أفطر عمدًا كفر؟! هذا لم يرد في الشرع أبدًا، من أفطر عمدًا مع إقراره بفرضية الصوم، إنما هو مسلم عاصٍ فقط. ثالثًا: كيف سيتعلم الإنسان إذا كان سيكفر عند سؤاله عن حكم شيء فعله؟!!! أنت تسألين عن حكم شيء فعلته، فلماذا التشهد ولماذا تخافين الكفر؟! هذا وسواس أهبل درجة أولى
-تجربتك مع السبليمنال وقولك للآخرين إن لون شعرك وعيونك قد تغير: أنت عندما كتبت كنت تظنين أنه تغير، أي لم تكوني كاذبة، ولم تشهدي إلا بما تظنين صحته، فأين الكفر في الموضوع؟ بعض المذاهب فسرت اليمين اللغو بمن حلف على شيء يظنه صحيحًا فبان غير ذلك، فكيف لا يكون كلامك هذا لغوًا؟!! ولن تحملي آثام من سيقرأ كلامك، أولًا أنت لا تستطيعين إزالة الكلام. ثانيًا الإنسان له عقل وكل الآراء موجودة ومطروحة أمامه على الإنترنت ولم تزيدي فيها شيئًا جديدًا، وعلى الإنسان أن يحكم عقله، وأن يختار ما هو منطقي ومعقول وهناك دليل على صحته، فهو المحاسب على اختياره لا أنت، خاصة أنك لا تستطيعين إزالة ما كتبت من قبل. على أن تعليقك بعد ذلك بمعلومات معاكسة صحيحة، كاف لمحو كل ما سبق، فكفي عن إضاعة وقتك في تذكر الماضي.
-الشيخ الذي تسألينه نصحك بالتوبة والاستغفار والعمل الصالح، ويبدو أنه لم ينتبه إلى أنك موسوسة لا تحتاجين إلى توبة ولا استغفار من أفكارك الوسواسية هذه، وكلنا محتاج إلى العمل الصالح.
-أنت لا تكفرين بالسب لا في نفسك ولا على لسانك، وكثيرًا ما يقرأ الموسوس عن وسواس جديد فيصاب بعدوى، والدواء أن يقرأ ويتجاهل، أنت لا تقلدين الموسوسين، ولكنك أضفت وسواسًا جديدًا إلى جعبتك!
من الضروري جدًا أن تذهبي إلى الطبيب للسبب الذي كتبته لك في أول إجابتي، فأرجوك لا تهملي نفسك.
عافاك الله
ويتبع>>>>: وسواس الكفرية: من و.ذ.ت.ق إلى و.ت.غ.ق × و.ل.ت.ق! م2