أعرفكم بنفسي: واعظ بالأزهر، طريقتي في الرسالة:
1- البدء بتمهيد يناقش الدكتورة سحر ويبين خلفيات آرائها- طبعا من وجهة نظري والظاهر لي، ويبين تأثرها بغريزة الأنثى، وعدم حياديتها (التي تعني عندي عدم المصداقية).
2- ذكر بعض نصوص الدكتورة في إجاباتها، استشهادا بنصوصها على صحة مذهبي.
3- أتبعت بعض هذه النصوص بتعليقات كان لا بد منها.
4- ناقشت الدكتورة سحر بنفس أسلوبها في الحوار، وهو استنكار ما عند الآخر بأسلوب ظاهره الأدب متضمن السخرية على طريقة "إنك لأنت الحليم الرشيد" (هود: 88).
5- رددت حججها في ثنايا رسالتي، ولأنني أرجو من القارئ التركيز فيما أقول فأذكر له الآن عناوين بعض هذه الحجج:
* جعلها السلبيات هي الأصل في الزواج الثاني.
* إعطاؤها الحق للزوجة الأولى في اختيار مواصفات الزوجة الثانية، حتى أنها تتحكم في إنجابها.
* اقتراحها كتابة شروط الزوجة الأولى في صورة العقد -وعليه طبعا شهود- حتى توافق على الزواج الثاني.
* الزوجة الثانية تقبل ما تمليه الزوجة الأولى من شروط، وإلا فليس من حقها الزواج.
* سخريتها من الرجل الذي يدعي أن الزواج الثاني حل لمشكلة العوانس والمطلقات والأرامل، وما أكثرهن اليوم.
* تقريرها حق الزوجة الأولى في إرغام الرجل على التنازل عن "معظم" مدخراته مقابل زواجه بأخرى.
* إثارتها شبهات (الأولاد، الوقت، الحالة المادية الصعبة...) في وجه الزواج الثاني.
6- بيان طبيعة الرجل وطبيعة المرأة المناسبة تماما لما شرع الله من حرام أو حلال؛ "ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير" (الملك: 14).
7- ملاحظات:
* أرجو عند مناقشة هذه الرسالة أن تركزوا على صلب القضية التي تناقشها.. "مش تمسكوا فروع وبعض كلام متناثر وتعملوه حكاية تردوا عليها وتسيبوا الموضوع الأصلي".
* أرجو نشر الموضوع كاملا.
وبعد هذا الإيجاز أقول:
(دائما ما تجعلون -في ردودكم- الزواج الأول عائقا للزواج الثاني، وأرى أن هذه فكرة تحتاج مراجعات ومراجعات، وقد انسقنا وراء شعارات الغرب ونسينا سنة الله في الخلق). وهناك إجابات كثيرة تحاولون فيها إعاقة الزواج الثاني بحجج أراها تكهنات ورجما بالغيب... وهذه الظاهرة مكررة "بكثرة" في إجابات الدكتورة الفاضلة سحر، ويبدو أن الدكتورة الفاضلة لا تريد أن تنسى أنها امرأة في موضع التعليم والحيادية -التي من المفترض أن تكون كاملة، فهي كثيرا ما تحكم قناعاتها الشخصية- على حد قولها هي في بعض إجاباتها، أو تجعل غريزتها الأنثوية هي أساس نصائحها الفذة التي لا أراها إلا تضييقا وخنقا للحلال المباح. ولو أن الزوج وقع في الزنا والعياذ بالله لقالت الدكتورة: على الزوجة أن تسامح وتعفو "إذا كان ربك بيسامح أنت ما تسامحيش"، ومعها الحق في ذلك.
ولكن على النقيض فالزوج لو فكر أن يتزوج ثانية فإن الدكتورة الفاضلة تعطي للزوجة الأولى الحق في أن تختار أو تشارك في اختيار هذه الثانية -على مزاجها وبشروطها يعني. "لأ وكمان إيه تعطيها الحق في أن تقرر البقاء مع هذا الزوج الخائن المفتري" (الذي خان العيش والملح، والذي بعد أن تزوجته فقيرا صعلوكا ثم أغناه الله -بفضلها هي طبعا، وبسبب تدبيرها الفذ، فهي شريكته في هذا المال- بعد كل هذا أول ما يفكر الرجل يفكر في الزواج من أخرى.. أما صحيح راجل دني)، أو تعطيها الحق في طلب الطلاق.. طبعا.. هي حرة في حياتها. لأ وبرضه إيه.. ممكن تشترط عليه أن يهب لها ولأولادها (كأنهم مش أولاده يعني) "معظم" ثروته اللي هي طبعا شريكة فيها، علشان تبدأ الزوجة الثانية من الصفر زي ما بدأت الأولى.. طبعا، محدش أحسن من حد.
أظن واضح أن الحلول دي -وخاصة الأخير- تعكس مدى خضوع وانقياد الدكتورة الفاضلة لغريزة الأنثى؛ من أنانية وحقد على بنات جنسها، مع أن المفترض أنها تحكم بناء على أحكام الشرع والحلال والحرام وليس على مدى قبولها الشخصي من عدمه.. والخلاصة أن الدكتورة -بحكم الأنوثة- تريد أن تضيق الحلال في موضوع الزواج. وعلى فكرة.. أنا لا ألومها على هذا الشعور فهي امرأة في النهاية مثل كل النساء، ولكن ألومها لأنها تحاول إثناء من قبلن هذا الوضع من النساء. "وكل اللي أنا عاوزه أنها تسيب الملك للمالك.. مالهاش دعوى بحد.. سبحان الله، الناس راضية، أنت زعلانة ليه".
وإليكم أمثلة من مشكلة: (تعدد الزوجات: وكيفية تحقيق المعادلة الصعبة!!) تقول الدكتورة:
((... وخلاصة ما أريد قوله أن الحياة في ظل التعدد هي حياة لها مشاكلها وتوابعها وسلبياتها وكذلك بها جوانبها الإيجابية...)) وكأن الأصل هو السلبيات... ولولا مخافة اللوم ما ذكرت جملة "وكذلك... ثم تقول: ((المهم أنكما لا بد أن تزيحا هذه الفكرة الحالمة وتتعاملا مع الواقع بكل معطياته، وليعترف زوجك لنفسه صراحة أنه يريد الزواج من أجل التغيير والتجديد والتنوع أو من أجل مزيد من المتعة، على أن يكون مدركا لتبعات هذه المتعة (وكما يقولون في المثل الشعبي المصري: مفيش حلاوة من غير نار)) وكأنها تريد أن تقول -من طرف خفي- للزوجة: "ما تصدقيهوش.. دا بيضحك عليكي.. دا عاوز متعة نفسه وبس.. وعلى رأي المثل الفلاحي المصري "أهل الميت صبروا والمعزون كفروا". ولنفرض أن الزوج فعلا يريد التجديد والمتعة فهل هذا حرام؟ أم أنكم تعتبرونه جرما وقد أحله الله عز وجل الخبير بعباده وبنفوسهم... أقول لك أيتها الفاضلة: من أراد أن يتزوج للمتعة فـ"هو حر.. ما حدش شريكه.. ربنا أحله أنت مالك أنت بقى.. شيء غريب والله".
وتقول: ((رابعا: حتى تنجح حياتكما في ظل تعدد الزوجات لا بد من أن تتفاهما من البداية على كل الأمور، ولا بد من وضع النقاط فوق الحروف، ويجب بأي حال من الأحوال ألا تتركا حياتكما للظروف والأحوال وللرياح تتقاذفها حسبما تريد، ولا بد أن تكون من سترشح للزواج الثاني على علم بكل بنود هذا الاتفاق على أن يترك لها حرية الموافقة أو الرفض أو الاعتراض، ولا يعني هذا أبدا أن الزوجة الثانية ستكون في مرتبة أدنى وليس لها حق الاختيار أو أن الأطراف الأخرى تفرض عليها ما تريده، ولكن هذا الوضع مؤقت لأنها حتى الآن لم تصبح عضوة في الشركة ويحق للعضوين الأصليين في الوقت الراهن أن يقررا وعليها هي أن توافق من البداية أو ترفض الانضمام لهذه الشركة، ولا بد من الاتفاق حول كيفية تقسيم الوقت والمسؤوليات والتعامل مع الأمور المادية، من هي الزوجة الثانية وما الشروط الواجب توافرها فيها؟ وهل مسألة الإنجاب من الزواج الثاني مطروحة أم لا؟ وفي هذه الحالة قد يكون من الأفضل أن تكون زوجة عقيما؟ ولا يفوتني أن أؤكد أن العدل المطلوب لا يعني المساواة المطلقة، فأنت زوجة ومعك الآن ثلاثة أطفال صغار، وتقسيم الأموال والأوقات والجهد بالتساوي بين الأسرتين يحمل في طياته ظلما لك ولأسرتك، والتفاهم حول كل أمر من الأمور وحبذا لو كان من خلال بنود مكتوبة بوضوح كصورة من صور العقد الذي توافق كل الأطراف عليه بمن فيهم الزوجة الثانية وأهلها)).
علام يتفاهمان أيتها الفاضلة، وأي نقاط هذه التي توضع على الحروف (أنت بتكبري الموضوع شوية وبتعملي هيصة علشان تخوفيها.. مش كده.. بتتمني أنها تقول لأ.. سبحان الله في الستات) ثم من أين أعطيت الزوجة الأولى حق التدخل في اختيار الزوجة الثانية؟ وهي ما لها هي؟.. هو حر، يتزوج من شاء.. أو هاتي أنت دليلا (شرعي الله يخليكي، سيبك من العقلي ده) على هذا الكلام.. ومن أين أيضا أعطيتها الحق في أن تتدخل في موضوع إنجاب الثانية؟ .. "مش جرأة زايدة من حضرتك دي؟ مش على الرجال، بل على الشرع.. ولا أنا غلطان". ولا حكاية العقد المكتوب دي.. أهي دي كمان شغلانة.. اقتراح جميل والله.. وممكن نسميه "عقد بيع الزوجة الثانية للزوجة الأولى" .. اسم جميل وفيه دلالة.. مش على قصد حضرتك طبعا.. لا، بل على اللي هتعمله الزوجة الأولى.
وإليكم أمثلة أخرى من مشاركة على نفس المشكلة السابقة تقول: ((... حتى لا يتصور كل زوج أنه سيدخل الجنة وسينال كل أسباب السعادة بزواجه الثاني أو يقنع نفسه واهما أنه الفارس المغوار الذي يحارب بمجهوده مشكلات من تأخر بهن سن الزواج أو الأرامل والمطلقات، فالأفضل في كل الأحوال أن يواجه نفسه بالحقيقة وهو أنه يبحث عن التجديد، ويريد دفع الملل، ويريد أن يشعر أنه ما زال محط أنظار الفتيات...))
سيدتي، هل أنت تقسمين رحمة الله؟ أم أنك تسيرين في نفس الطريق -وهو إساءة الظن بالناس والسخرية منهم؟.. والرجل يا سيدتي لو صدقت نيته في زواجه الثاني، بل والثالث والرابع، لدخل الجنة، والله –يا دكتورة- أعلم بالنوايا. ثم ما أدراك -سيدتي- أنه لن ينال السعادة بزواج ثان وثالث ورابع؟! هل اطلعت الغيب أم اتخذت عند الرحمن عهدا؟ والله أنت بتتكلمي بلسان المرأة الغيورة وليس كلامك حياديا.. مش قادرة تنسي أنك امرأة.. ولك العذر.
وقلنا يا سيدتي لنفرض أنه (ولا بلاش نفرض.. هو فعلا) يبحث عن المتعة؛ فإيه اللي مزعلك.. هو مش حلال؟!!. ثم إيه هو الحل العبقري عندك -غير التعدد طبعا- الذي يقضي على مشكلة العوانس والأرامل والمطلقات؟؟!. وتقول: ((والبداية ارتباط بين رجل وامرأة (هي في قصتنا الزوجة الأولى)، هذه الزوجة تقدم كل ما تملك لحبيب العمر (الزوج)، تقدم شبابها وعمرها ومالها ووقتها وجهدها وصحتها لهذا الإنسان الذي ارتضته شريكا لحياتها ولأولاده، تسهر الليالي، وتبذل كل ما تستطيع من جهد لإسعاد أسرتها، تقف بجوار زوجها... تتحمل معه صعوبات البداية... تضع مالها على ماله... تحرم نفسها من الكثير من الضروريات لتوفر له ولأولاده ما يحتاجون... الزوج غائب معظم الوقت؛ لأنه يسعى لتكوين نفسه وحتى عندما يعود... عندما يتواجد في المنزل فهو مكدود... يلقي بجسده على الفراش، قد تكون هي أيضا متعبة مرهقة مكدودة، ولكنها تعودت على أن تتعب ليرتاح من حولها.. تعودت على إنكار الذات والتعالي على آلامها... تسهر بجوار المريض... تحمله إلى الطبيب... ترضع الصغير وتحنو عليه.. وتراقب الكبير وتحاول أن تقوِّم ما فيه من اعوجاج.. والزوج في معظم الأحوال هو الحاضر الغائب... وهي تتحمل عنه عبء تدبير شئون البيت والأولاد... يكبر الزوج ويرتقي وتزداد أمواله؛ لأن هناك من تراعي الله في هذا المال وتدبر وتوفر.. لقد بدأ الزوج صغيرا وتحملت معه صعوبات البداية، وتحملت أيضا أن يتعلم فيها ومعها طرق وفنون التعامل مع الأنثى... فهو يخطئ مرات ومرات وهي تتحمل لأجل أسرتهما ولأجل عيون من تحب، الآن أصبح الزوج أكثر نضجا وأكثر تفهما، وزادت قدراته المادية بفضل تعاونها معه ووقوفها بجواره.. فهل يعقل أن تأتي أخرى لتشاركها وتشارك أولادها في جني حصاد العمر؟!! ألا يعتبر هذا ظلما وبخسا لحق الزوجة الأولى التي قدمت كل ما تملك لحبيب عمرها؟!! لماذا لا تبدأ الزوجة الثانية مثلما بدأت هي من الصفر؟!! لماذا لا ترضى بالقليل وتتحمل صعوبات الحياة مع من تحب؟!! أسئلة أعتقد أن على الزوج والزوجة الثانية أن يجيبا عليها... ألا تعتقدين أنه من الأولى بالزوج إذا أراد أن يتزوج من أخرى أن يهب لزوجته الأولى وأولادها معظم مدخراته التي شاركت هي في صنعها، وأن يعطي لزوجته الجديدة فرصة أن تثبت أنها لم تسع للزواج منه رغبة في ماله، وأنها على استعداد أن تبدأ معه من الصفر مثلما فعلت الأولى، ويكفيها أنها ستستمتع بعشرة زوج ناضج يجيد فنون التعامل مع النساء)).
تتكلمين يا سيدتي كأن المرأة هي فقط المضحية.. ولن أعلق على هذه؛ إذ دور الرجل لا ينكره إلا جاحد بالحق. أما أن المرأة شاركت الرجل في جمع ثروته فهذا محض افتراء.. فالمال ينمو طبيعيا بوسائله المعروفة.. والمرأة كانت تأخذ منه نفقتها وجميع متطلباتها.. نعم قد تصبر إذا كان المال قليلا، لكن ذلك ليس معناه أنها شريكة فيه، بل على العكس يمكنني أن أقول: إن المرأة سبب في عدم سرعة نماء المال بما تنفقه على نفسها وحاجاتها. (وطبعا أنا أناقشك بطريقتك التي أراها سفسطة، وممكن ندخل في حوار لبكرة وبرضه ما يخلصش؛ لأن كلامك بصراحة ارتجال يحتاج إلى دليل من واقع أو عقل سليم) .. ومع هذا فلا أنكر دور المرأة الصالحة العاقلة، وإنما فقط أردت أن أوقفك على أرض الواقع التي تشيرين على الناس بالوقوف عليها. ثم ما معنى أن الأولى بالرجل أن يهب لزوجته الأولى معظم مدخراته.. إلخ .. مش حاجة غريبة والله، عاوزين تشاركوا الراجل في ماله بالقوة.. دا لو ارتكب حراما –مش حاجة ربنا أحلها- مش هتعملوا معاه كده، بلاش تعصب أعمى للغريزة وإظهار مبررات مالهاش معنى. ونفرض أنه رفض هذا العرض تعمل إيه الزوجة الأولى.. أظنك عاوزة تقولي: يبقى هي حرة لو حبت تطلب الطلاق، أو تعيش ذليلة بقى وخلاص. الموضوع كله يا سيدتي هو حب النفس والحقد على الآخرين –فيما أحل الله لهم- وتمرد الأنثى وغيرتها من بنات جنسها.. صارحي نفسك يا أستاذة زي ما بتطالبينا بأن نعترف بالواقع.
وبعدين إيه حكاية أن الثانية لازم تبدأ من الصفر زي الأولى.. ألا يكفي الأولى أنها تزوجت شابا بكرا قويا، وأنها أول حب وارتباط في حياته.. كفاية عليها قوي (وطبعا بكلمك بمنطقك) .. وحسب الثانية من نقص الحظ أنها تتزوج رجلا وهي تعلم أنها لن تملكه كله، وإنما هي شريكة فقط، وما أرغمها على ذلك إلا الواقع المرير الذي تعيشه، والذي لو عاشته الزوجة الأولى لقبلت أن تكون الثانية، وسامحيني فلو عشته أنت أيضا لقبلت أن تكوني حتى الرابعة.. كفاية أنانية وحقد على النساء أمثالكن.
ثم يا سيدتي، حلي مشكلة العوانس والأرامل والمطلقات بعبقرية وبدون زواج ثان.. واطرحي علينا ما جادت به قريحتك من حلول!!! يا سيدتي، الذي شرع للعباد أعلم بمن خلق وبما شرع.. فلا تحاولي أن تضيقي الخناق على الحلال بحجج واهية ليس لها دافع إلا الغرائز التي تحكم النساء. والله حين أحل للرجل التعدد كان يعلم تَوَقَانَهُ لذلك، وكان يعلم أيضا أن المرأة تستطيع تحمل ذلك.. وأظن بعد كلام ربنا مفيش كلام. وهناك أمثلة أخرى كثيرة لم أحب أن أذكر نصها حتى لا أطيل، مثل أنها (الدكتورة سحر) تقرر أن الزوجة الثانية تتزوج ربع أو خمس رجل حسب عدد الأولاد.. وتحذر أشد التحذير من هذا.. وأعود فأقول هذه سفسطة لا معنى لها. ثم تقرر أن وقت الرجل بالكاد يكفي واحدة فعليه –إن كان عادلا- أن يقتطع من نومه.. برضه سفسطة. ثم تقرر الحالة المادية الصعبة.. قال يعني هيبقى مش لاقي ياكل ويروح يتزوج ثاني.. كل واحد يا أستاذة أدرى بنفسه من غيره.. ثم أنت مالك؟!
والعجيب الذي ذكر قبل ذلك هو تقرير حق الأولى في اختيار الثانية.. وقد علقت عليها من قبل. وأخيرا سيدتي عاوز أقولك: دعي الملك لله.. سيبي اللي عاوز يتزوج يتزوج.. وسيبي اللي راضية بكده سواء أكانت الأولى أو الثانية راضية.. متحاوليش تصبغي كل النساء بدماغك أنت.. أنت مش راضية أنت حرة، لكن هتقعدي تخوفي كل النساء فهذا ما لا يطاق. ومش كل من أراد الزواج فلابد عليه أن يأتي بالمبررات، وإلا يبقى إنسان غير سوي.. طالما حلال فكل واحد حر.. والعدل بين النساء ربنا اللي بيحاسب عليه مش حد تاني. وأذكرك بمشكلة العوانس والأرامل والمطلقات التي تنكري دور التعدد في حلها.. فلا تنسي أن تخبرينا بحلول حضرتك العبقرية للمشكلة.
أرجو منكم الموضوعية في المناقشة، وعدم الخروج إلى أمور جانبية. أرجو نشر الرسالة كاملة إن أمكن.
أرجو سعة الصدر وعدم الضيق؛ فنحن نتحاور لله عز وجل، وجزاكم الله خيرا.
30/3/2023
رد المستشار
الأخ الكريم،
منذ فترة تساءل أحد المتدربين في مجانين، عن أهم ما يميز صفحة استشارات مجانين، رددت عليها أن أهم ميزات هذه الصفحة أنها خلقت جمهورا واعيا يناقش ويحاور ويرفض تعطيل العقل الذي ألفناه لسنوات طويلة، ورسالتك من هذه الرسائل التي تحاور وتناقش وتنتقد الآراء والأفكار، وقبل أن أبدأ معك في مناقشة ما طرحته من آراء واعتراضات أدعو الله سبحانه أن يجعل تحاورنا هذا رغبة في الوصول إلى الصواب، وأن يجنبنا الرغبة في الانتصار لآرائنا وأنفسنا، كما أذكر نفسي وأذكرك بأن: "رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب".
والمهم أن النقاشات والحوارات الدائرة بيننا وبين القراء تثري وتعمق الأفكار، وقبل أن أناقش معك ما أوردته من أفكار أو اعتراضات على ردودي السابقة أجدني مضطرة للتعجب من ظاهرة خطيرة... هذه الظاهرة هي قدرتنا أو قدرة معظمنا على القراءة الانتقائية، فيبدو أننا نبدأ القراءة ونحن نحمل أفكارا مسبقة، ثم نستخدم مصفاة في عقولنا تحجز وتسقط عنها كل ما لا يتفق مع هذه الأفكار المسبقة، وقد تؤول الكلمات وتلوى أعناق الجمل لإثبات مجموعة الأفكار المسبقة، ولا أدعي أن هذا يتم إراديا أو عن عمد، ويظهر هذا الانتقاء بكل وضوح في تعليقك السابق؛ فلقد وضعت فرضية مسبقة معطياتها أن كوني أنثى يعني بالضرورة أنني أرفض فكرة تعدد الزوجات، وبالتالي فكل كلمة أنطق بها أو أكتبها تؤيد هذه الحقيقة، وفي المقابل تم إغفال اعتراضي على كل امرأة تتصور أن زواج زوجها يعني نهاية العالم أو يعني دخولها جحيم الدنيا، وتم إغفال ثنائي ودعمي للأخت التي وافقت على زواج زوجها من أخرى، ووصل الأمر لحد تصور الاطلاع على ما في صدري: "بتتمني إنها تقول لأ" والله وحده هو الأعلم بما في الصدور.
* تركيزي على توضيح سلبيات تعدد الزوجات لا يعني أنني أقر أن السلبيات هي الأصل في التعدد، فلو عزمت أن تسلك سبيلا معينا فقلت لك احترس فبهذا الطريق العقبات الآتية... فهل معنى هذا أنني أثنيك عن المضي في عزمك؟!! ولو أراد أحدهم أن يلتحق بكلية الطب أو بتخصصي الطبي وواجهته بالصعوبات التي تعترض طريقه فهل معنى هذا أنني أبغي إثناءه عن المضي قدما فيما عزم عليه؟!! ولماذا لا يكون دافعي لهذا أن يكون الاختيار عن بينة، بحيث يؤهل الفرد نفسيا لمواجهة المصاعب والمشاكل المحتملة بدلا من أن يفاجأ بها وهو غير مستعد لها، ولو كنت متابعا لصفحتنا لأدركت أننا دوما نوضح لكل سائل سلبيات وإيجابيات كل اختيار وتركيزنا ينصب بالأساس على توضيح السلبيات؛ لأن السائل عادة يغفلها ولا يضعها أبدا في حسبانه.
* إذا دعوت الرجل أن يصارح نفسه بحقيقة دوافعه للتعدد فهل معنى هذا أنني أسخر منه؟!! أنا لم أنكر على الرجل أن تكون رغبته في التجديد والمزيد من المتعة هي دافعه للتعدد، وكل ما أطالبه به أن يكون صريحا مع نفسه وليواجهها بهذه الحقيقة: "أنا أريد متعة وتجديدا ودفعا للملل... فما هو الثمن الذي سأدفعه أنا شخصيا وستدفعه أسرتي الأولى مقابل الحصول على هذه المتعة؟ وهل المتعة التي سأحصل عليها تستحق فعلا هذا الثمن المدفوع؟!!" وهدفي في النهاية من هذه المصارحة أن يختار كل منا عن بينة، وأن يتحمل نتيجة اختياره كاملا.
* نهجنا في الصفحة أننا نجيب عن مشكلات أو تساؤلات بظروف وملابسات محددة وإجابتنا هذه تنطبق على هذه الحالة بعينها وعلى الحالات المشابهة لها في الظروف والملابسات، وفي مشكلة "تعدد الزوجات.. وتحقيق المعادلة الصعبة" ذكرت الزوجة أن علاقتها بزوجها طيبة جدا، وأنه صارحها برغبته في الزواج الثاني، وأنه حتى الآن لم يستقر على واحدة بعينها، من الواضح أننا أمام أسرة متفاهمة ومترابطة يجمع أفرادها الحوار المتزن، وأننا أمام زوجة ناضجة ومتفهمة، وفي هذه الظروف نصحْتُ الزوجة أن تتحاور هي وزوجها حول الاختيارات الأنسب له ولأسرتهما، وأظنك تتفق معي على أن دفع الضرر مقدم على جلب المنفعة، وأن مصلحة الأسرة القائمة فعليا أولى بالاعتبار، وأثناء هذه الحوارات قد يجد الزوج أنه لن يستطيع تحمل الأعباء المادية والمعنوية لأطفال جدد... وهنا يفضل البحث عن امرأة لا تنجب، إذن معنى كلامي أن الزوج هو من يحدد مواصفات الزوجة الثانية بناءً على إدراكه لطبيعة قدراته، وبما يحقق مصلحة أسرته الأولى، وقد تعاونه في وضع هذه المواصفات الزوجة الأولى إذا اتسمت بالعقل والحكمة، وهذا الأمر ينطبق على ما اقترحته من شروط، هذه الشروط لا ينبغي أن تكون شروطا مجحفة أو مضيعة لحقوق الزوجة الثانية، ولكنها في الأساس توضع لحفظ حقوق الأسرة الأولى، يضعها الزوج بمفرده أو بالتعاون مع زوجته الأولي إن لمس فيها حكمة وتعقلا، أو بالتعاون مع عقلاء القوم من حوله، وهو بهذه الشروط يضمن أن لا تجور الزوجة الثانية وتحرم أسرته الأولى من حقوقها الأساسية تحت ضغط تأجج العاطفة أو تحت ضغط الشروط المادية التي وضعتها الزوجة الثانية وأهلها، وأذكر لك من الواقع قصة توضح لك أهمية هذه الشروط حيث قرر أحدهم الزواج من امرأة أخرى؛ لأن زوجته الأولى لا تنجب، رضيت الزوجة الأولى بهذا الواقع، ولكنها فوجئت بأن زوجها يطلقها بعد حوالي عشرين سنة من زواج مستقر نسبيا وذلك إرضاء لزوجته الثانية.
ألا تتكرر هذه القصة بصور مختلفة في واقعنا؟ وهل أكون مخطئة لو حاولت وضع الضوابط التي تحفظ حقوق الأسرة الأولى؟!! والحرص على مصلحة الأسرة الأولى هو الذي دفعني أيضا للحديث عن مدخرات الأسرة، ولاحظ أن سياق كلامي كان ينصب حول الزوجة التي دعمت اقتصاديات أسرتها بكل الوسائل الممكنة، الزوجة التي يرى زوجها بنظرته المنصفة أنها فعلا شاركت بالنصيب الأوفر في رعاية وحفظ ماله، وأنها لم تبخل يوما ما لا بمال ولا بجهد ولا بفكر في دعم اقتصاديات هذه الأسرة.. لم تقل يوما ما نقودي ونقودك.. كل ما عندها وكل ما تملك يذهب ضمن مدخرات الزوج على اعتبار أن مدخرات الزوج هي مدخرات للأسرة.. زوجة بهذه المواصفات ويشهد لها زوجها بهذا.. زوجة كانت بتوفيق الله لها السبب الأساسي في دعم اقتصاديات هذه الأسرة.. وهي أسرة كما يتضح من كلامي متوسطة المستوى المادي أو فوق المتوسط.. أسرة كل مدخراتها من جهد وكد الزوج والزوجة... ألا تستحق أن يهب الزوج (ولاحظ أنني قلت يهب لأسرته الأولى، ولم أفرض عليه ولم أجعلها تفرض عليه) معظم مدخراته وخصوصا لو كانت هذه المدخرات شيئا مما تعتمد عليه الأسرة الأولى في حياتها (سكن مثلا أو سيارة)، وقد يكون هذا الإجراء لحماية الزوج نفسه ممن لا ترغب فيه إلا طمعا في ماله، ولا أخفيك سرا أن بعضا من فتياتنا تفضل العريس الغني حتى لو كانت زوجة رابعة على أن تبدأ حياتها مع شاب وتعاني معه صعوبات البداية، فهل يمكن أن يقام زواج ناجح وأساسه الطمع؟!! ورغم أن هذا هو ما قلته في ردي السابق فإنني مقتنعة أن شرع الله الذي كفل للمرأة ذمتها المالية المستقلة يفرض على الزوج أن يقدر بكل عدل – وأن يعاونه في هذا التقدير عقلاء القوم بعد الاطلاع على اقتصاديات الأسرة - مقدار ما لزوجته الأولى من مال ضمن مدخراته، وأن يعطيها حقها كاملا قبل أن يقدم على خطوة الزواج من أخرى.
* الأصل أن تحاول الزوجة الأولى أن تتعايش مع زوجها بما يرضي الله وفي ظل الوضع الجديد، وأن يدعمها كل من حولها للاستمرار في حياتها والتأقلم مع الوضع الجديد وتبصيرها بعواقب وتبعات الانفصال؛ والأصل أن تنتظر حتى تهدأ فورة الغضب الأولى، والأصل أن يحاول الزوج أن يسترضي زوجته الأولى، وأن يتقبل بعضا من انفعالاتها السلبية حتى تمر هذه الأزمة، والأصل أن يؤكد لها دوما أنها ما زالت تحتل مكانتها السابقة في قلبه وفي حياته، وغالبا ستمر هذه الأزمة الأولية بسلام وستتعافى الزوجة... ولكن ماذا تفعل إذا لم تتمكن بعد كل هذه الجهود من التأقلم مع هذا الوضع الجديد؟ ووجدت أنها في ظل هذه الظروف النفسية لن تتمكن من القيام بحقوق زوجها عليها... هل هي مطالبة بالاستمرار؟ هل أنا التي أعطيتها حق الطلاق؟!! أم أن الشارع هو الذي كفل لها حق الخلع؟!!
* أنت وغيرك من الرجال تعتبرون أن الخلل الحادث في عقل المرأة المسلمة هو الخلل الأوحد، وقناعتي أن الخلل أعمق من مجرد رفض المرأة المسلمة لفكرة التعدد تطبيقا حتى وإن قبلته عقلا، نحن نحتاج لنشر ثقافة التعدد بكل جوانبها الشرعية والاجتماعية، ونحتاج لوضع الضوابط التي تنظم هذا التشريع الحكيم، وأحسبك ستعترض على كلمة ضوابط وتقول لي: "اتركي كلام العقل هذا وهاتي دليلا شرعيا على ما تقولين" وأقول لك إن مقتضى علمي وحسب سياق الآية الكريمة أن التعدد لا يتجاوز كونه مباحا أو حلالا، ومن العلماء من يعتبر أن الآية الكريمة قد جاءت لتقنن وتنظم الوضع في المجتمع الجاهلي الذي تميز بالفوضى في مسألة الزواج، فهي لم تأت لتوسع ضيقا على الرجال، ولكنها جاءت لتضيق واسعا، ومن العلماء من يعتبر أن ورود الآية في هذا السياق (أول ثلاث آيات من سورة النساء) يعني أن التعدد يرتبط بالخوف من الجور وعدم القسط مع الأيتام، وهذه الآراء أعتقد أنك أدرى مني بها وأنت الباحث في العلوم الشرعية؛ ولكن ما يعنيني في الأمر هو أن التعدد لا يعتبر واجبا ولا مندوبا، ولكنه فقط مباح.
ومقتضى علمي أننا لا يجوز أن نعتبر الشرع أحكاما منفصلة عن سياقها الاجتماعي... فالشرع أحكام وأوضاع، وفي ظل هذه الثقافة البائسة التي تعيشها مجتمعاتنا يجب ألا تنطلق الدعاوى بفتح باب التعدد للرجال بدون أن ترتبط هذه الدعوات بضوابط تقنن هذه الممارسة... ضوابط تضمن تحقيق العدل... ضوابط تضمن ألا يعدد الزوجات من لا يقدر على العدل... ضوابط تمنع من لا يقدر على الوفاء باحتياجات الأسرتين المادية والمعنوية من التعدد... ضوابط تضمن حقوق الأسرة الأولى... ولن يتأتى هذا إلا بشبكة (أو شبكات) اجتماعية قوية من العقلاء والحكماء وأصحاب الكلمة المسموعة... تكون ملاذا للرجل... يلجأ إليهم... يعرض عليهم ظروفه وأوضاعه بالتفصيل... يشاورهم في أمره (وأمرهم شورى بينهم) .. حتى يتأكدوا بالفعل من قدرته على العدل وعلى الوفاء باحتياجات أسرتين... يساعدونه في اختيار مواصفات الزوجة الثانية، أما أن يرغب الرجل في الزواج.. فيطبق ما يريد بدون أي تعقل وبدون أي دراسة فهذا يعطي الفرصة للمغرضين لذم شرع الله، ويسيء لصورة شرع الله بين العامة.
وأذكر في هذا المقام أن إحداهن قد تضررت من ممارسات زوجها غير العادلة، وظلمت أيما ظلم؛ لأنه ببساطة لا يصلح حتى للرعاية والوفاء باحتياجات أسرة واحدة... هذه الزوجة كادت تنطق بأن شرع الله قد ظلم المرأة (وحاشاه أن يكون ظالما) لولا إيمانها وخوفها من ربها... فهل نسكت نحن عن هذا ونترك الرجال يمارسون التعدد كما يحلو لهم ويسيئون لشرع الله؟ أم نضبط الأمر بضوابطه؟
* كما قلت لك نحن نحتاج لنشر ثقافة التعدد في مجتمعاتنا وبين الرجال والنساء على السواء، ولا أعتقد أن هذا يمكن أن يتأتى إلا ببحوث ودراسات اجتماعية تدرس مجتمعاتنا العربية المختلفة، المجتمعات التي ترفض تعدد الزواج تطبيقا والمجتمعات التي يشيع فيها التعدد، وهذه الدراسات تهدف للتعرف على المعوقات التي تمنع المجتمعات من تقبل فكرة التعدد، وكذلك التعرف على تجارب التعدد عن قرب.. للتعرف على أسباب المشاكل.. جوانب الضعف وجوانب القوة.. السلبيات والإيجابيات.. وهذه الدراسات هي التي تمكننا من ممارسة وتطبيق التعدد بصورة لا تسيء لشرع الله الحكيم.
* التعدد أحد الحلول المطروحة لمشكلة العوانس والمطلقات والأرامل، ولكنه لا يعتبر الحل الأوحد... فنشر ثقافة الزواج المبكر وتيسير الزواج والاكتفاء بالضروري من متطلباته، وكذلك تغيير نظرة المجتمع للمطلقة، وتشجيع القادرين والموسرين على المساهمة في نفقات زواج الشباب، وبدلا من أن يعف فتاة بزواجه منها فالأولى به أن يعف شابا وفتاة يحتاجان لنفقات الزواج، ويمكن أن تقوم هيئات العمل الأهلي بدور أكبر في تقنين هذه المساهمات وبحيث تذهب لمستحقيها بالفعل.
* أعتقد أنني رددت على كل ما أثرته، ولكنني أدعوك للقراءة المعمقة في الآراء الشرعية المختلفة التي تناقش مسألة التعدد، كما أدعوك وأدعو غيرك من القراء لقراءة مبحث تعدد الزوجات بموسوعة تحرير المرأة في عصر الرسالة (بالجزء الخامس) للأستاذ عبد الحليم أبو شقة، مع التنويه لأهمية أن تطلع ويطلع غيرك من علماء الشرع على واقع مجتمعاتهم بعمق.
ولن أعلق على أسلوب الرسالة وما تضمنته من ألفاظ أو تجريح شخصي، وإن كنت أجد أنها تلفت الانتباه لأهمية أن نتعلم جميعا آداب الحوار وضوابطه.
مرة أخرى أشكرك على إيجابيتك، وأنتظر منك المزيد من المشاركات، ودمتم جميعا سالمين.
واقرأ أيضًا:
الزواج الثاني.. احتواء الغيرة وتحمل الحرمان!
حكاية جديدة عن الزواج الثاني
نفسي عائلي: زواج ثاني Second Marriage
ويتبع>>>>>>: بهدوء.. الزواج الثاني.. وحوار ساخن م