أنا مسلم ملتزم وكذلك عائلتي ولله الحمد، عمري 26 سنة، وعلى درجة من الثقافة العامة يشهد لها الجميع .. لدي مشكلتان لا شك أنكم تملكون حلهما بإذن الله وهما:
1) أنا خجول من الجنس الآخر بشكل غير طبيعي ، وكان هذا معروفًا عني منذ دراستي الجامعية، وبعد أن استلمت عملًا عانيت من نفس المشكلة .. يحمر وجهي عند الحديث مع أي فتاة من غير المحارم؛ إحدى الزميلات اشتكت لشقيقتي مني، وقالت لها: إن أخاك خجول أكثر مما يجب، وعندما يتحدث مع الفتيات يحمر وجهه ويكون متحفزًا، ولقد صدقت الفتاة في وصفها؛ فكيف أقضي على الخجل الزائد عن حده؟
2) أمي ولله الحمد ربتني تربية سليمة وغمرتني بالحنان والعاطفة، فوالدي استُشهد منذ صغري، ولكني أرغب في الجنس بشكل مخيف، ولا أرتكب الفواحش الكبيرة، ولكني أمارس العادة السرية أحيانًا، وأصوم وأقرأ كثيرًا؛ لأخفف من ذلك، المهم هو أنني لا أشعر بعاطفة الحب تجاه أي فتاة، والسبب هو شبعي من حنان أمي على ما أظن، وعندما أفكر في فتاة كزوجة يكون تفكيري جسديًّا واجتماعيًّا وعلميًّا، أي أنظر لجمالها وكيف سأمارس الجنس معها، ومن أي عائلة هي، وما هو مستواها التعليمي، وعن تدينها بطبيعة الحال..
فكيف أفكر في الحب والعاطفة، فأنا معروف لدى أصدقائي كماكينة بشرية لا عواطف أو أحاسيس لديها رغم علم الجميع بحقيقة حبي لديني وأهلي وأصحابي ووطني، لكن لا حظ لأي فتاة في قلبي فما العمل؟؟
1/4/2023
رد المستشار
أخي العزيز، حديثك يخلط الطبيعي بالمرضي، وتربيتك يتيماً، وعدم اختلاطك بأقرانك، وأسباب أخرى ربما تكمن وراء خجلك الزائد من الجنس الآخر، ولا حل لذلك إلا بالتدريب التدريجي مع التشبع بقناعات صحيحة عن حدود العلاقة بين الرجل والمرأة في إطار الشرع الحنيف لتتضح الفوارق بين الحياء المطلوب والمحمود، والخجل المذموم، وجزء مهم من تعديل سلوكك أن يعتدل ويتوازن تفكيرك تجاه النساء بشكل عام فمن الطبيعي أن تفكر في زوجة المستقبل بوصفها جسداً وعقلاً وديناً وأسرة، ولكنها أيضاً لها قلب يخفق، وعاطفة تتحرك، وللقلب أحكام، وللعاطفة مكان ودور، وقد كان المصطفى الكريم -صلى الله عليه وسلم- يحب السيدة خديجة -رضي الله عنها- طوال حياتهما الزوجية، وظل حبه لها مستمراً حتى بعد موتها، الأمر الذي أثار غيرة أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها- ، ثم إنه كان يحب عائشة أكثر من الباقيات، ويقول حين يعدل بين زوجاته في الماديات: اللهم إن هذا قسمي فيما أملك، فاغفر لي ما لا أملك "يقصد الميل القلبي" .. وبعض الناس تتغلب عنده العاطفة على العقل، وآخرون يحدث لهم العكس، والتوازن أسلم، والسلامة لا يعدلها شيء.
لقد اختلطت دوائر الحب في نفسك وأدت إلى ما تعانيه، ونقصد بذلك أن الكثيرين يعتقدون أن الحب هو نوع واحد فقط يعطونه للناس حولهم بنفس الشكل وبنفس القدر، وعليه فإن أعطوه لأحد فربما لا يجدون ما يعطونه للآخرين، ولتوضيح الأمر بالنسبة لك فإنك لم تفرق بين عاطفتك وحبك لأمك، وعاطفتك وحبك لأي فتاة.. اختلط النوعان في نفسك، وأضفت من كل نوع بعض صفات النوع الآخر عليه.. إن أمك قد غمرتك بالحب والحنان على حد وصفك، وتعلقت أنت بها وأحببتها واعتبرت أن أي حب أو عاطفة ناحية أي فتاة أخرى هو انتقاص من هذا الحب الكبير الذي تشعر به، وأنه ولا بد وأن يكون خصماً من رصيد حبك لأمك؛ ولذلك فأنت تشعر بالقلق عندما تتعامل مع أي فتاة وهو ما يترجم في صورة الخجل واحمرار الوجه.. إنك في الواقع تخاف أن تنجح هذه الفتاة في أن تحصل على حبك، وبذلك تكون قد خنت حب أمك؛ فتحتمي وراء الخجل وحمرته حتى لا تعطي لنفسك فرصة الحب.. ويترتب على ذلك أن تقوم بعملية قمع لأي عاطفة تحاول أن تنمو ناحية أي فتاة، ولكنك بعدما قمت بعملية القمع هذه وجدت نفسك لا تفكر إلا بالطريقة الجسدية التي ذكرتها وهو تفكير طبيعي؛ لأنه يمثل الجناح العقلي في المسألة، ولكنك تحرمه من جناحه العاطفي الذي لا بد منه التحليق بطائر الزواج إلى عالمه الصحيح.
والحل ببساطة أن تدرك أن الحب أنواع وأشكال مختلفة، فهناك حب الأم أو الوالدين، وهناك حب الزوجة أو رفيقة الحياة، وهناك حب الأصدقاء، وهناك حب الأولاد، وهناك حب الله ورسوله، وحب القيم العليا.. إنها دوائر مختلفة من الحب تتكامل وتتآلف ولكن لا تتنافر.. قد توجد مساحات مشتركة ونقاط تماس بين هذه الدوائر، ولكنها تؤدي إلى تقوية باقي الدوائر وليس إلى الخصم منها، وفي حالتك أيضاً نقول: إن حبك لأمك شيء ودائرة خاصة، وحبك لزوجتك أو لمن سترتبط بها نوع آخر وطعم أخر له مصدره الخاص به، وله منشطاته ومستوياته البعيدة تماماً عن دائرة الأم.. إن الأم قد أعطتك وتعطيك أشياءَ لا تستطيع الزوجة أن تعطيها لك، وتترجم في نوع خاص من الحب، لا يجب ولا يصح أن يقارن بحب الزوجة التي تعطي أشياء أيضاً خاصة لا تستطيع الأم أن تعطيها لابنها، ويترجم هذا الحب في صور وأشكال لا يمكن أن يترجم لها حب الأم.
هذه هي المسألة نوع ونوع.. دائرة ودائرة.. صورة وصورة؛ فلا تخشى على حبك لأمك من حبك لفتاتك وشريكة حياتك.. بل العكس هو الصحيح، فعندما تحب فتاتك وشريكة حياتك فيكون هذا هو النمو الطبيعي، ونحب الآخرين لأننا تعلمنا الحب من ذوينا وممن أحبونا، فإذا لم يترجم الحب الذي حصلنا عليه من الآخرين إلى حب جديد في اتجاه أناس جدد فإنه حب عقيم، وما استحق أن يوصف بالحب بل يوصف بأنه عاطفة أنانية؛ لأنها لم توطد الحب للآخرين.
أعتقد أنك محتاج إلى اختلاط أوسع بالحياة، وفي حاجة إلى بذل بعض الجهد للتخلص من هذا الخجل المرضي عبر التدريب المتواصل في وجود آخرين، أو فيما يتعلق بشئون عملك، وحين تبرأ من هذا الخجل سيكون بإمكانك الدخول في علاقة طبيعية مع من تعتزم الارتباط بها، ويومها ستتحرك العاطفة مع العقل والشهوة فلا تستعجل، وتابعنا بأخبارك.
ومن ناحية أخرى نلفت انتباهك إلى أننا تناولنا مسألة الانشغال الشديد بالجنس، وممارسة العادة السرية في أكثر من إجابة سابقة ومنها:
نفسجنسي: العادة السرية ذكور، استمناء Masturbation
نفسجنسي : فَرْطُ الجنس Sex Addiction