السلام عليكم
أنا شاب في السابعة والعشرين من عمري، لي جار رجل فاضل يعاملني مثل ولده، أولاده كلهم متزوجون إلا ابنته الصغيرة.
ويوجد جار لنا في نفس المنطقة كان يدعي أن هذه الفتاة التي هي الآن في عامها الثالث الجامعي، وهو أنهى تعليمه المتوسط (دبلوم) كانت على علاقة حب به عندما كانت في الصف الأول الثانوي، وكانت ترسل له الخطابات، وقد أراني أنا وأخي صور 3 خطابات ادعى أنها منها عندما كانت تحبه، ولكنه أرسل الأصل لها عند انقطاع العلاقة، ولكني لم أعر الموضوع أهمية لما أعرفه عن ذلك الشخص من سوء السلوك ووهمه بأنه معبود الفتيات.
ويشاء القدر منذ 7 شهور أن أتصل بهذه الفتاة دون ترتيب مني بذلك، ولكني كنت معجبا بها وبشخصيتها منذ فترة بعيدة، وفجأة وجدتني أتصل بها، ووجدت منها معاملة سيئة في بادئ الأمر، إلى أن عرفتها بنفسي، وبأني أرغب في الارتباط بها، ولكن بعد أن أتعرف عليها أكثر وتتعرف هي علي؛ فوافقت، على أن يكون ذلك في مدة وجيزة، ومن خلال عدة مكالمات تليفونية.
وأول ما سألتها كان عن هذا الشخص، فاعترفت أنها كانت تقف وهي صغيرة في مكتبة والدها بعض الوقت، وكان ينتهز هو هذه الفرصة، ويحاول التقرب منها عن طريق ادعائه شراء أشياء من المكتبة، واعترفت أنها تحدثت معه ثلاث أو أربع مرات خلال أسبوع واحد، مدة معرفتها به، وبعد اكتشافها مدى تفاهته فضلا عن مستواه التعليمي ابتعدت عنه، ولم تعد تقف في المكتبة، ولكنه جُن جنونه وادعى أمام الكل أنها تحبه، ولكنه هو الذي تركها وابتعد عنها، وبعد فترة وهي في عامها الثاني الثانوي فوجئت به يرسل لها 3 خطابات يدعي أنها هي التي كتبتها له (وهي التي أراني صورها أنا وأخي الأكبر)، ولكنها لم تعر الموضوع أهمية وانتهى الموضوع.
وبصراحة صدقت كل حرف قالته لي، وعند ذلك قالت لي: هل تعرف عني أشياء أخرى؟ فأنكرت، فصارحتني هي أنها سوف تحكي لي ما لا أعلمه عنها قبل أن تبدأ حياتها معي، ولي الحرية في القبول أو الرفض.. فصارحتني أنها كانت تحب ابن عمتها، وظل هذا الحب قرابة العام، وذلك كان وهي في عامها الأول الجامعي، ولكن لخلافات عائلية بين والدها وزوج عمتها اضطرت للبعد عنه بعد علم والدها، وكذلك عندما علم والده أيضا أبعده عنها، واعترفت لي أنها عانت كثيرا إلى أن استطاعت أن تتخلص من هذه الذكرى. وكان عندها مذكرات تكتبها وهي في فترة ثانوي -أي منذ عهد قريب- أهدتها لي، وقالت لي: إن ماضيها ومستقبلها ملك لي، وهذه المذكرات من حقي أن أقرأها وأتصرف فيها كيف يحلو لي.
وبعد فترة اكتشفت فيها مدى تدينها، وكيف دفعتني إلى الصلاة في المسجد وقراءة القرآن وصيام التطوع، وكذلك وضعنا برنامجا لحفظ القرآن، كنا نطبقه سويا، وغير ذلك من الأفعال الحميدة. اكتشفت أيضا مدى ثقافتها وحسن أخلاقها، وكثيرا مما كنت أريده في شريكة حياتي.. ولكن عند مفاتحة أهلي رفض أخي الأكبر بشدة -والدي متوفى- وأقنع أمي بذلك، وهذا بسبب هذا الشخص الذي كان يدعي حبها له، وحاولت بشتى الطرق، ولكن دون فائدة، إلى أن انتهى الأمر أنهم مقتنعون بكلامي، ولكن "الباب اللي يجيلك منه الريح...".
ومع ذلك زاد إصراري على فتاتي، ولكن عملي مع أخي الأكبر الذي هدد إن تمسكت برأيي فلن أعمل معه، فاتفقت مع فتاتي على أن الحل هو أن أجد عملا في الخارج (أنا من مصر)، ووقتها أستطيع أن أرتبط بها دون الخوف من أحد، ومن المحتمل أن تقتنع والدتي بالأمر الواقع وقتها. وبالفعل حولت مبلغا من الريالات أخذتها من والدتي إلى أحد أصدقائي في السعودية وهو بصدد شراء فيزا حرة لي لدخول المملكة وسيساعدني في إيجاد عمل هنا.
فهل إن وفقني الله وعملت واستقللت بحياتي وتمسكت بفتاتي هذه -دون رغبة أهلي- أكون عاقًّا لوالدتي؟ وهل أنا على صواب فيما أفعل أم لا؟ أرجو سرعة الرد فأنا في حيرة شديدة من أمري.. وآسف على الإطالة.
25/3/2023
رد المستشار
الأخ الكريم،
أريد منك أن تسأل والدتك وأخاك سؤالا واحدا محددا وصريحا:
هل سيقبلان من الناس أن يعاملاهم بمنطق "الباب اللي يجيلك منه الريح..." إذا كانت الفتاة التي أرسل لها هذا الفاسد هذه الخطابات محاولا أن يشهر بها وأن يسيء إلى سمعتها هي أخت لكم.. فهل سيقبلان أن يعرض الرجال عن زواجها؟!! أم أنهما سيلعنان المجتمع وتقاليده البالية ليل نهار؛ لأنه حاسب ابنتهما البريئة بجريمة ارتكبها في حقها شاب منحل لم يردعه دينه ولم يمنعه ضميره من الخوض في أعراض البرءاة افتراءً وبهتانا؟!
أي منطق غريب هذا الذي يفرض علينا أن نعرض عن زواج كل فتاة أطلق عليها من عُرف عنه الفساد أكذوبة ما بهذه الحجة الواهية وهى حجة "الباب اللي يجيلك منه الريح..."؟ فهنيئا للفاسدين ومروجي الشائعات بعيشهم الرغد والسعيد في مجتمعات تعلي من شأن كلامهم الذي لا يساوي المداد الذي يكتب به، وهنيئا لهم بعيشهم في مجتمعات لم تستمع لقول الحق عز وجل وهو يهتف بنا من فوق سبع سماوات قائلا: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقُ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ".
أخي الكريم، منطق أهلك ليس له أي أساس من الصحة، ولن يصمد لأي نقاش هادئ ومتعقل؛ ولذلك فعليك أن تعيد الكرة مرة ومرات، ولتبدأ بوالدتك؛ لأنها قد تكون الأسهل في الإقناع، ناقشها بهذه الطريقة، واسألها: هل تقبل أن يعرض الخطاب عن بنت من بناتها لمجرد أن فاسقا أطلق عليها شائعة يعلم الكل أنها بريئة منها؟ وحادث أخاك بنفس الأسلوب.. هل يقبل أن يحدث هذا مع بنت من بناته؟!! حدد لهما ووضح مزاياها، وأعلمهما أنك لن تقبل الزواج بغيرها. ولا تنس أن تسأل العون من الله.
فإن اقتنعا برأيك فهنيئا لك رضا أهلك عن زواجكما، وإن لم تتمكن من إقناعهما فتوكل على الله، وحاول أن تستقل بعملك سواء أسافرت أم لم تسافر، وتزوجها على بركة الله. فالإسلام كفل للرجل والمرأة حق اختيار شريك حياته، وكلنا يعلم قصة المرأة التي جاءت للرسول صلى الله عليه وسلم تشكو له أن والدها زوجها بدون إذنها، فأحضر الرسول صلى الله عليه وسلم والدها، وأمره أن يطلقها من زوجها إن أرادت، فأقرت المرأة الحكيمة فعل والدها، وقالت: إنها ابتغت من شكواها هذه أن تعلم من ورائها من النساء أن حق الاختيار مكفول لهن، فإذا كان الإسلام قد كفل هذا الحق للمرأة... فهل يحرم منه الرجل؟!
فإذا بذلت قصارى جهدك لإقناع والدتك ثم أعيتك الحيل ولم تجد فائدة ترجى من محاولة إقناعها، وصممت على اختيارك.. فلن تكون عاقا لوالدتك، فالبون شاسع بين البر بالوالدين وطاعتهما الطاعة العمياء غير المتبصرة. على أن تستمر الآن وبعد الزواج في الإحسان إلى والدتك وأهلك وودهم ووصلهم، ولا تقاطعهم مهما فعلوا بك، وكلي ثقة أنك لو أحسنت التوكل على الله فلن يخذلك، وسيرزقك رضا والدتك عن زواجك إن عاجلا أو آجلا.
أخي الكريم، من كلماتك يتضح مدى رجاحة عقلك وحكمتك، ولكن قد يكون من المفيد أن ألفت انتباهك لأهمية ألا تجعل رفض الأهل لزواجك من هذه الفتاة يعميك عن ضوابط الاختيار الأخرى، وكل ما أطلبه منك أن تتأكد أن هذه الفتاة هي الأكثر ملائمة لك قبل أن تقدم على أمر الارتباط بها، كما أنه من المفيد أن تراجع مشاعرك نحو قصة هذا العاطل أو قصة حبها لابن عمتها، وهل ستدفعك هاتان الحادثتان إلى الشك بها، والغيرة المبالغ فيها عليها التي يمكن أن تحول حياتكما إلى جحيم مقيم؟ فإذا وجدت أن مشاعرك متزنة تجاه هاتين القصتين، وأن هذه الفتاة هي الأنسب لك ولظروفك فلا تتردد وتوكل على الله، واستخره، واسأله التوفيق والسداد،
ونسأله سبحانك أن يقدر لك الخير، حيث كان. وتابعنا بالتطورات.