بسم الله الرحمن الرحيم
تقدم لخطبتي شاب كان متزوجا من قبل وانفصل عن زوجته؛ لأن سلوكها -كما قال لي- كان غير مهذب في التعامل معه، وبعد انفصاله عنها بسنة تقدم لخطبة فتاة أخرى ووافقت هي وأهلها عليه، وقد طلب منه والد الفتاة أن يعقد عليها؛ لأنه لا يريد أن تخرج ابنته معه بدون عقد القران، وكما قال لي كان والد الفتاة رجلا مستغلا، لكنه لم يفهم ذلك في البداية، وبعد فترة طلقها، وهو ليس مقيما في مصر، إنما يعمل ويقيم في أمريكا، وعندما تقدم لي شعرت بارتياح تجاهه، وهو أيضا.
أبي وافق، وطالبه بأن يكتب لي مهرا ويضعه باسمي في البنك، لكنه رفض ذلك، وقال لأبي: ولماذا أضع هذا المال في حين أني سوف أقوم بتجهيز منزل الزوجية في أمريكا، وسوف أقوم بشراء شبكة لها؟ فكان رد أبي عليه أن هذا حقي وضمان لي؛ لكي أشعر بالأمان، ولكنه رفض ذلك.
والسؤال الذي أريد أن أطرحه: ما هو الصواب؟ أنا أعلم أن الدين يقول إن العروس من حقها المهر والجهاز، أنا أوافق ومقتنعة بذلك، ولكن المشكلة أنه طلق مرتين، كيف لي أن أضمن أو حتى أعلم أنه لن يفعل ذلك معي أنا أيضا. وكما تعلم أنه عندما يدفع الشخص المال يشعر بأنه بذل جهدا، وأكون غالية في عينه.
أعلم أن هذا المال ليس هو الأمان، ولكنه شيء يجعلني أشعر بأنه متمسك بي.
أرجو منكم الإفادة في هذا الموضوع بالرأي الصواب؛ لأني مترددة جدا في ذلك، وأريد أن أعرف ماذا أفعل؟ مع العلم أنني قد تكلمت معه في هذا الموضوع، ووجدته غير موافق عليه تماما، وهو مقتنع بكلامه جدا، ويقول: أنا رسمت هكذا لحياتي، ولست على استعداد لأن أخسر مرة ثانية.
14/3/2023
رد المستشار
الأخت الكريمة، في الواقع أنت تسألين السؤال الخطأ؛ حيث تستفسرين عن كون المال هو الضمان الذي يشعر هذا الإنسان أنك غالية في عينيه؛ فهل المال بالصورة التي يريدها والدك هو الضمان فعلا؟ إنك سوف تتزوجين وتسافرين مع هذا الإنسان، ويمكنه إن كانت نيته سيئة أن يذيقك الأمرّين حتى تضطري للتنازل عن هذا المال، بل وعن أي مستحقات أخرى لك عنده، ويمكنه أيضا أن يطالب بالمزيد من الأموال من أجل أن يطلقك ويعيدك إلى بلدك.. فهل المال هنا كان ضمانا؟!!
للأسف الشديد، إن فكرتك وفكرة والدك هذه عن المال شائعة جدا في مجتمعاتنا، وتدفع الأهل دفعا للمغالاة الشديدة في الطلبات المادية من الشباب بحجة تأمين مستقبل بناتهم، وهنا قد يكون من المفيد أن أحكي لك قصة رجل تقدم لإحدى الفتيات، وكانت نيته في البداية الزواج من أجل الاستقرار وتكوين الأسرة، ولكن أهل العروس ظلوا يضغطون عليه ليقدم الضمانات المادية لابنتهم، حتى وصلت هذه المبالغ لعشرات الآلاف من الجنيهات، وقبل الزفاف بأيام قابله أحد أصدقاء السوء وأخذ يلومه على أنه "ورط" نفسه هذه "الورطة"، وسأله سؤالا محيرا وهو: ماذا تفعل لو عكرت عليك زوجتك هذه حياتك؟ هل ستضطر لدفع هذه المبالغ الطائلة؟!
وعندما أسقط في يد هذا الشخص وجد له صديقه الحل السحري وهو أن يذيق زوجته العذاب ألوانا، ومن أول يوم للزواج حتى تطالب هي بالطلاق وتتنازل عن كل مستحقاتها، مع الحرص كل الحرص على ألا ينجب منها، ونفذ هذا الزوج النصيحة بحذافيرها، وبذلك أصبحت هذه الأموال -التي تصور الأهل أنها ستكون سببا في سعادة ابنتهم- مصدرا لشقائها وسببا مباشرا في طلاقها.
المال يا بنيتي لا يصلح أن يكون ضمانا لحياة زوجية سعيدة ومستقرة، والضمان الوحيد هو أخلاق هذا الإنسان ودينه، فكريم الأخلاق لا يظلم ولا يهين زوجته، والملتزم بروح وجوهر الإسلام سيكرم زوجته إذا أحبها، ولن يظلمها إن كرهها، وهذه الأمور يمكن معرفتها بالسؤال والتحري بدقة عنه في مكان سكنه ومقر دراسته أو عمله، وبين جيرانه وأصدقائه، فاطلبي من والدك أن يقوم بهذا الدور.
ومع السؤال والتحري عليك أنت أيضا محاولة التعرف عليه وعلى طباعه أكثر قبل إتمام الارتباط؛ فمن الواضح أنه قد حدث قبول فيما بينكما، ولكن عليك أن تتعرفي من خلال التعامل معه على عيوبه وميزاته، وتتأكدي أنك قادرة على التعامل معه وتقبل هذه العيوب، ولا تنسي استخارة المولى عز وجل، والتضرع إليه أن يعينك على حسن الاختيار، مع دعواتي أن يقدر لك الله الخير.. وتابعينا بالتطورات.