السلام عليكم
أنا في الحادية والعشرين من العمر، متزوجة وأعيش حياة أستطيع أن أصفها بأنها سعيدة مع زوجي.
المشكلة هي أن زوجي عندما يغضب لا يعرف ما أمامه ولا ما وراءه، ويقوم بتحطيم الأشياء ويسمعني كلاما يجرحني كثيرا. بعد أن تنطفئ ثورته يعود كل شيء على ما يرام، ولكنه تدريجيا يترك أثرا سيئا في نفسي بالرغم من أني أحب زوجي كثيرا.
وقد عجزت عن التعامل مع ثورته هذه، فكيف أمنع زوجي من إيذائي بهذا الشكل عندما يغضب؛ فقد تحدثت معه كثيرا في هذا الموضوع وهددت بالكثير، ولكن دون جدوى؟
أما هو فقد قال لي يوما إذا رأيتني قد غضبت فاتركيني وشأني ولا تهتمي بي وسأعود بمفردي لحالتي الطبيعية، ولكني فشلت في ذلك أيضا؛ فأنا لا أستطيع الجلوس في زاوية وأغض الطرف عما أرى وأسمع، أفيدوني ما الحل؟
14/4/2023
رد المستشار
سأبدأ من جملة مهمة ذكرتها في سؤالك.. تقولين: "تدريجيا يترك أثرا سيئا"، أؤكد لك أن هذا الأثر السيئ سيزداد يوما بعد يوم حتى يصل لدرجة الكراهية واستحالة العشرة، وعندئذ ستنفجرين انفجارا مروعا يهدم البيت فوق رءوس الجميع: أنت وزوجك والأولاد المساكين.
أردت أن أبدأ بهذه المقدمة -ليس لكي أخيفك أو أرهبك- ولكن لأؤكد لك أن الأمر خطير، ويستلزم قدرا أعلى من المقاومة والمواجهة.. وأعتقد أن المقاومة يجب أن تسير في خطين على التوازي:
الخط الأول: هناك باقة من المعاني والمفاهيم يجب أن تصل لزوجك، إما عن طريقك أنت شخصيا أو بالاستعانة بشخص مؤثر في زوجك.. وهذه المعاني هي:
هذا الأسلوب في "الغضب" لا يرضى عنه الله تعالى، وهو سبحانه يحاسب ويعاقب عليه، كما أنه يثيب من زكى نفسه ونهاها عن هذا الإثم.
تغيير هذا السلوك ليس مستحيلا، يقول صلى الله عليه وسلم: "إنما الحلم بالتحلم"، ولكن يحتاج لإرادة ولرغبة داخلية في هذا التغيير: (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
الزوجة ليست مستباحة الكرامة، بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلها أحق الناس بحسن المعاملة.. يقول صلى الله عليه وسلم "خيركم خيركم لأهله".
أقول هذا لأن من الواضح أن زوجك مستسلم لهذا "الطبع" أو يشعر أنه لا إرادي ولا سبيل لتغيره، وبالتالي فهو يطلب من المحيطين به التأقلم على هذا الوضع، والأولى بهذا التأقلم هم أقرب الناس، وعلى رأسهم الزوجة التي يجب أن تتحمل زوجها.. هذا المنطق لا يقبله عقل أو شرع، وهذه المفاهيم لا بد أن تتغير ليتغير معها سلوك الزوج، وهذا هو ما يسمى العلاج المعرفي السلوكي.
وكما ذكرت لك هذه المعاني يمكن أن تصل عن طريقك أو بالاستعانة بشخص مؤثر فيه، ولكن في كل الأحوال أنت لك دور؛ فالمفترض أنك أنت الأدرى بمفاتيح زوجك ومداخله وطرق التأثير فيه.
الخط الثاني: وهو التوازن بين التهديد والصبر الجميل؛ فالأصل هو الرفق "ما كان الرفق في شيء إلا زانه"، وكلما رأى زوجك منك صبرا وحرصا عليه ساعده ذلك على التغيير، ولكن ليس معنى الصبر أن تسمحي له بالاعتداء عليك دون أن يكون هناك رد فعل وتغير في المعاملة، كما أن التهديد "العملي" مطلوب أحيانا وليس بالكلام فقط.
وأنهي كلامي معك بسؤال ونصيحة:
أما السؤال فهو: ما هي المميزات الأخرى في زوجك؟! وما هي العيوب فيك؟
حاولي أن تتذكري دائما مميزاته الأخرى التي تعينك على الصبر عليه حتى يتغير هذا الطبع، وحاولي أيضا أن تتذكري عيوبك التي يتحملها هو كما تتحملين عيوبه.
وأما النصيحة فهي: حاولي ألا يتدخل أهلك في الموضوع، ولا تشركيهم إلا إذا فشلت في حل الموضوع بمفردك، ووصل التجاوز لدرجة لا يمكن السكوت عنها... وهذا كله بشرط أن يتميز الأهل بالحكمة التي تؤهلهم للإصلاح وليس للهدم.. ولا تنسي الدعاء وطلب العون من الله.